
01 - 09 - 2025, 12:24 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
وَحْدَةُ المسيحيِّينَ شَهادَةٌ
صَلَّى يسوعُ لِوَحْدَةِ المسيحيِّينَ، لِتَكونَ شَهادَةً لِمَحبَّةِ الآبِ. وَهٰذا ما يَجْعَلُ الشَّهادَةَ مَوثوقًا بِها. فإِنَّ أَعْظَمَ رَغْبَةٍ يَطْلُبُها يسوعُ لِتَلاميذِهِ هي أَنْ يَكونوا واحِدًا، كَشَهادَةٍ قَوِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ لِمَحبَّةِ الآبِ لِلْبَشَرِيَّةِ، الَّتِي أَظْهَرَها تَعالى بِبَذْلِ ابْنِهِ الْواحِدِ: "فَإِنَّ اللهَ أَحَبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّهُ جادَ بِابْنِهِ الْوَحِيدِ لِكَيْ لا يَهْلِكَ كُلُّ مَن يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكونَ لَهُ الْحَياةُ الأَبَدِيَّةُ" (يوحنّا 3: 16). وتَتِمُّ هٰذِهِ الْوَحْدَةُ بِاشْتِراكِ التَّلاميذِ بِمَجْدِ يسوعَ الَّذِي وَهَبَهُ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ بِهِ أَبْناءٌ، ويَتَمَتَّعونَ بِالْحُبِّ الْواحِدِ، حُبِّ الآبِ: "أَنا فِيهِم وأَنتَ فِيَّ، لِيَبْلُغوا كَمالَ الْوَحْدَةِ، ويَعْرِفَ العالَمُ أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَني، وأَنَّكَ أَحْبَبْتَهُمْ كَما أَحْبَبْتَني" (يوحنّا 17: 23). فأَكْبَرُ عَثْرَةٍ تُعَطِّلُ الإيمانَ هي عَدَمُ الْمَحَبَّةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ.
إِنَّ إِعْلانَ مَحبَّةِ الآبِ لِلِابْنِ يُوَحِّدُ الْكُلَّ في كَمالِ الْوَحْدَةِ. وَبِعِبارةٍ أُخْرى، يُريدُ يسوعُ أَنْ يُظْهِرَ سِرَّ اللهِ بِوَاسِطَةِ وَحْدَةِ التَّلاميذِ: "وأَنا وَهَبْتُ لَهُم ما وَهَبْتَ لي مِنَ الْمَجْدِ، لِيَكونوا واحِدينَ كَما نَحْنُ واحِد" (يوحنّا 17: 22). فَهَلْ نَعْمَلُ على اتِّحادِ جَسَدِ المسيحِ، أَيْ الْكَنِيسَةِ، لِنَكونَ شَرِكَةً في وَحْدَةِ الآبِ والابْنِ، وَعَلامَةً لِحُضُورِ المسيحِ بَيْنَنَا، وَشَهادَةً لِمَحَبَّةِ اللهِ لِلْبَشَرِيَّةِ؟
فَكَما كانَتِ الْجَماعَةُ الْمَسيحيَّةُ الأُولى: "الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبًا واحِدًا ونَفْسًا واحِدَة" (أعمال 4: 32)، فَكَذلِكَ عَلَيْنا أَنْ نَكونَ جَسَدًا واحِدًا مُؤلَّفًا مِن أَعْضاءٍ مُخْتَلِفَة. هٰذا ما يَسْتَحِقُّهُ حَقًّا المسيحُ نَفْسُهُ، الَّذِي هو رَأْسُنا الْحَقِيقِيُّ (أفسس 1: 22). ويَحُثُّنا بولُسُ الرَّسولُ قائِلًا: "سِيرَةً مِلْؤُها التَّواضُعُ والوَداعَةُ والصَّبْرِ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُم بَعْضًا في الْمَحَبَّةِ، ومُجْتَهِدِينَ في الْمُحافَظَةِ على وَحْدَةِ الرُّوحِ بِرِباطِ السَّلام. فَهُناكَ جَسَدٌ واحِدٌ ورُوحٌ واحِد، كَما أَنَّكُمْ دُعِيتُم دَعْوَةً رَجَاؤُها واحِد. وهُناكَ رَبٌّ واحِدٌ، وإِيمانٌ واحِدٌ، ومَعْمُودِيَّةٌ واحِدَة، وإِلهٌ واحِدٌ، أَبٌ لِجَميعِ الْخَلْقِ، وفَوْقَهُمْ جَميعًا، ويَعْمَلُ بِهِم جَميعًا، وهو فِيهِم جَميعًا" (أفسس 4: 2–6). ومِن هٰذا الْمُنْطَلَقِ، يَحُثُّنا القِدِّيسُ أَغْناطيوس الأَنْطاكيُّ، بَطْرِيَرْكُ أَنْطاكِيَّةَ وَشَهِيدُ الإِيمانِ: "إِنَّهُ لِخَيْرِكُمْ إِذًا أَنْ تُحافِظُوا على وَحْدَةٍ لا تَشُوبُها شائِبَة، بِحَيْثُ تَنْعَمُونَ بِاتِّحادٍ دائِمٍ بِالله" (رسالة إِلى أَهْلِ أَفَسُس). لِذلِكَ، لا يُمْكِنُ اعْتِبارُ الْوَحْدَةِ الْمَسيحيَّةِ خِيَارًا، بَلْ ضَرورَةً واجِبَةً لِلحِفَاظِ على التَّنَوُّعِ والتَّعَدُّدِيَّةِ في الْكَنِيسَةِ الْواحِدَةِ الْجامِعَةِ الرَّسُولِيَّةِ الَّتِي أَسَّسَها السَّيِّدُ المسيحُ.
|