خلال اختفاء ملاك الرب علم جدعون يقينًا أنه الرب، وأنه رآه وجها لوجه، فحسب أنه لن يعيش، كقول الرب لموسى: "لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش" (خر 33: 20). لكن الرب طمأنه، أنه وإن كان قد رآه إنما من قبيل تنازله الإلهي، كشف له ذاته في رؤيا قدر ما يحتمل حتى لا يموت.
وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم
في مقاله "عدم إدراك طبيعة الله" على لسان الله: [لا أعلن جوهري ذاته، إنما أتنازل (في رؤى) بسبب ضعف هؤلاء الذي يرونني].
أمام هذا الحب الإلهي أقام جدعون مذبحًا تذكاريًا للرب، دعاه "يهوه شلوم" أي "الله سلام"، لأن الرب وهبه السلام، إذ حسب كلماته الإلهية "سلام لك" ليست تحية مجردة وإنما عطية إلهية تملأ أعماقه في الداخل، وتمس حياته بل وحياة كل الجماعة المقدسة.
ليت قلبنا يكون كعفرة الأبيعزريين والتي تعني (أبي معين)، فيه نلتقي مع جدعون بخطايانا الفعلية وأفكارنا الخفية على الصخرة لكي بالصليب يحرقها كما بنار إلهية، ونسمع صوت الرب [سلامًا أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب] (يو 14: 27). وليقم فيه مذبحًا إلهيًا يذكر أعماله الخلاصية على الدوام.