منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 22 - 08 - 2014, 02:45 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,285

كرامة الإنسان البشري


مقدّمة

تمثل الكرامة الإنسانية الأفق الأخلاقي الذي يجب أن يصبو إليه أي سلوك إنساني ينظر حقاً إلى الناس كأشخاص، بمعنى أن احترام الكرامة الشخصية تعتبر ترجمة واقعية وعملية للنظرة الشخصية إلى الإنسان. وكرامة الشخص البشري متأصلة في خَلْقه على صورة الله ومثاله، وهي تكتمل في دعوته إلى السعادة الإلهية. ويعود إلى الإنسان أمر حمل نفسه بحرية على هذا الاكتمال. والشخص البشري، بأفعاله الحرة، يقبل أو يرفض الامتثال للخير الذي يَعِد به الله ويشهد به الضمير الأخلاقي، والكائنات البشرية تبني نفسها وتكبر من الداخل. وتجعل حياتها كلها، الحسية والروحية، مادة نمّوها. فتنمو بمؤازرة النعمة، في الفضيلة. وتتجنب الخطيئة، وإذا ما ارتكبتها فوّضت أمرها، كالابن الشاطر إلى رحمة أبينا الذي في السماوات، فتبلغ هكذا إلى كمال المحبة.

وفي هذا الصدد، يجدر بنا أن نذكر المجمع الفاتيكاني الثاني في عرضه للكرامة الإنسانية، فهو يؤسسها في الابن الذي منح الإنسانية كرامتها فيقول: "إنه في صورة الله غير المنظور (قول1/15)، إنه الإنسان الكامل الذي أعاد إلى ذرية آدم المثال الإلهي الذي شوهته الخطيئة الأولى. لأنه هو الذي أخذ الطبيعة البشرية من دون أن يلاشيها، فرفع أيضاً هكذا طبيعتنا إلى مرتبة وكرامة لا مثيل لهما. فبتجسده اتحد ابن الله نوعاً ما بكل إنسان. ولقد اشتغل بيدي إنسان، وفكّر كما يفكرّ الإنسان، وعمل بإرادة إنسان، وأحبّ بقلب الإنسان. لقد وُلد من العذراء مريم وصار حقاً واحداً منّا شبيهاً بنا في كل شيء ماعدا الخطيئة" (الكنيسة في عالم اليوم 22/2).

أولاً- الإنسان على صورة الله

في المسيح "صورة الله غير المنظور" (كو1/15)، خُلق الإنسان على "صورة" الخالق و"مثاله" وفي المسيح الفادي والمخلص، أعيدت الصورة الإلهية التي شُوّهت في الإنسان بالخطيئة الأولى، إلى جمالها الأول وشُرّفت بمعرفة الله. فصورة الله حاضرة في كل إنسان، وهي تتألق في وحدة الأشخاص على مثال وحدة الأقانيم الإلهية في ما بينها. والشخص البشري الذي مُنح نفساً "روحانية خالدة"، هو "الخليقة الوحيدة التي أرادها الله لذاتها على الأرض". وهو منذ الحبل به مُعدّ للسعادة الأبدية؛ ويشترك في نور الروح القدس الإلهي وقوته، وهو قادر بعقله أن يفهم نظام الأشياء الذي أقامه الخالق، وهو قادر بإرادته أن يحمل نفسه نحو خيره الحقيقي وهو يجد كماله في "السعي إلى الحق والخير وفي حبهما". ولَقد مُنح الإنسان بمقتضى نفسه وقواه الروحية العقلية والإرادية، الحرية "علامة مميزة لصورة الله"، وأُعطي أن يدرك بعقله صوت الله الذي يحضه "على فعل الخير وتجنب الشر". وعلى كل واحد أن يتبع هذه الشريعة التي تُسمع صوتَها في الضمير، وتكتمل في محبة الله والقريب، وممارسة الحياة الأخلاقية تدّل على كرامة الشخص. إلاَّ أن الشرير أغوى الإنسان منذ بدء التاريخ فأساء استعمال حريته وسقط في التجربة وارتكب الشر. إنه يحتفظ بالرغبة في الخير، ولكّن طبيعته مجروحة بجرح الخطيئة الأصلية فأصبح ميالاً إلى الشر، ومعرضاً للضلال: "فالإنسان يعاني من انقسام في ذاته. ولهذا فحياة البشر كلها سواء كانت فردية أو جماعية، تبدو صراعاً، وصراعاً مأسوياً، بين الخير والشر، بين النور والظلمات" (ك ع13). إلاَّ أن المسيح أنقذنا بآلامه من الشيطان والخطيئة، واستحق لنا الحياة الجديدة في الروح القدس. وجَدَّدت نعمته ما أفسدته الخطيئة فينا. ومن يؤمن بالمسيح يصبح ابناً لله. وهذا التبني يُغيّره بتمكينه من الإقتداء بمثل المسيح، في اتحاده بمخلصه كمال المحبة أي القداسة. فتنضج الحياة الأخلاقية في النعمة وتتفتح حياة أبدية في مجد السماء.

ثانياً- دعوتنا إلى السماء

يستعمل العهد الجديد تعابير عدة لإعطاء السعادة، التي يدعو الله الإنسان إليها، طابعها المميّز: مجيء ملكوت الله (متى4/17)، معاينة الله (متى5/8)، الدخول في فرح الرب (متى25/21،23)، الدخول في راحة الله: "هناك نستريح ونعاين، نعاين ونحب، نحب ونسّبح. ذلك ما سيكون في النهاية بلا نهاية، وأية غاية أخرى تكون لنا سوى البلوغ إلى الملكوت الذي لا نهاية له ؟" (القديس اغسطينوس، مدينة الله 22،30). فالله قد وضعنا في العالم لنعرفه ونخدمه ونحبه ونبلغ هكذا الفردوس. والسعادة "تجعلنا مشاركين في الطبيعة الإلهية" (2بط1/4) وفي الحياة الأبدية. بها يدخل الإنسان في مجد المسيح والتمتع بحياة الثالوث.

إن سعادة كهذه لممّا تفوق الإدراك والطاقات البشرية وحدها. فهي ناجمة عن عطية مجانية من الله، ولذا يقال عنها أنها فائقة الطبيعة، كالنعمة التي تهيّئ الإنسان للدخول في التمتع بالله.

يرغب الإنسان في سعادة كهذه، وهذه رغبة طبيعّية، وهي من أصل إلهي، وضعها الله في قلب الإنسان ليجتذبه إليه، وهو القادر وحده على إشباعها. والتطويبات التي هي في القلب من كرازة يسوع، تلبي هذه الرغبة الطبيعية في السعادة؛ وتكشف عن هدف الوجود الإنساني، عن الغاية القصوى للأعمال الإنسانية، وهي أن الله يدعونا إلى سعادته الخاصة. وهذه الدعوة موّجهة إلى كل واحد شخصياً. وترسم التطويبات وجه يسوع المسيح وتصف محبته، وتعبّر عن دعوة المؤمنين المشتركين في مجد آلامه وقيامته وتنير الأفعال والمواقف التي تميّز الحياة المسيحية.

وهذه السعادة الموعودة، في عيش التطويبات، تضعنا أمام خيارات أخلاقية حاسمة، تدعونا إلى تنقية قلبنا من الغرائز الشريرة، والتماس محبة الله فوق كل شيء. وهي تعلمنا أن السعادة الحقيقية ليست في الغِنى أو الرفاهية أو المجد البشري أو السلطة، وليست في أي عمل بشري مهما كان مفيداً، إنما هي في الله وحده ينبوع كل خير وكل ومحبة: "إن الغنى في يومنا هو الإله الأكبر، وله يؤدي الجمهور بل كل الجماعة البشرية إكراماً عفوياً. إنما يقيسون السعادة بمقياس الغِنى، وبمقياس الغنِى أيضاً يقيسون الكرامة." (نيومن، خطاب 5، في القداسة).

ثالثاً- حرية الإنسان

ترتكز الكرامة الإنسانية في أن الله خلق الإنسان عاقلاً، ومنحه كرامة شخص يمتلك المبادرة وله السيطرة على أفعاله: "ترك الله الإنسان في يد اختياره" (سي15/14)، فيتمكّن من أن يبحث هو بذاته عن خالقه، حتى إذا التصق به يبلغ بحريته كماله مليئاً وسعيداً، (ك ع17).

1 - الحرية والمسؤولية:

ما هي الحرية ؟ هي القدرة، المتأصلة في العقل والإرادة، على الفعل أو عدمه، على فعل هذا أو ذاك، وعلى القيام هكذا، من تلقاء الذات، بأفعال صادرة عن روّية. وبالإرادة الحرّة يسيّر كل واحد نفسَه. فالحرية في الإنسان هي قدرة على النمو والنضج في الحقيقة وفي الخير، هي تبلغ كمالها شطر الله، سعادتنا. وطالما لم تلتصق الحرية نهائياً بخيرها الأقصى الذي هو الله، فهي تنطوي على إمكان الاختيار بين الخير والشر. وبالتالي إمكان النمو في الكمال أو الخطأ. وكلّما فعل الإنسان خيراً ازداد حرية، وليس من حرية حقيقية إلاَّ في خدمة الخير والعدالة واختيار المعصية والشر يعود بالإنسان إلى عبودية الخطيئة.

هذه الحرية تَجعل الإنسان مسؤولاً عن أفعاله مادامت بإرادته، ويُنمي التقدمُ في الفضيلة، معرفة الخير، والجهاد الروحي، سيطرة الإرادة على أفعالها. وتمارس هذه الحرية في العلائق بين الكائنات البشرية. فكل شخص بشري مخلوق على صورة الله له الحق الطبيعي في أن يُعترف به كائناً حراً ومسؤولاً. وواجب الاحترام هذا واجب على الجميع لكل إنسان، والحق في ممارسة الحرية مطلب ملازم لكرامة الشخص البشري، خصوصاً في الشأنين الأخلاقي والديني.

2 - الحرية البشرية في التدبير الخلاصي:

حرية الإنسان محدودة ومعرضة للزلّل. وفي الواقع زلّ الإنسان وخطِئ حراً. وعندما رفض مشروع محبة الله، خدع نفسه وأصبح عبداً للخطيئة، وتاريخ البشرية شاهد على كل ما أنتجه قلب الإنسان من مصائب ومضايقات نجمت عن سوء استعمال الحرية.

وممارسة الحرية لا تضمن الحق في أن نقول ونفعل كل شيء. ومن الخطأ الإدعاء أن "الإنسان الحائز الحرية يكتفي بذاته إذ تكون غايته ابتغاء مصلحته الذاتية في التمتع بالخيرات الأرضية" (م ع إ، حرية الضمير). ومن جهة أخرى هناك مراراً كثيرة تجاهل للشروط المطلوبة لممارسة حرية صحيحة، فتضع الجميع على السواء في تجربة الخطيئة بالإساءة إلى المحبة، وبالابتعاد عن الشريعة الأخلاقية يُضر الإنسان بحريته ويتقيد بذاته ويعصي الحقيقة الإلهية.

لكن المسيح نال بصليبه المجيد الخلاص لكل البشر وفداهم من الخطيئة التي كانت تستعبدهم، وفيه نشترك في الحقيقة التي تجعلنا أحراراً: "حرّرنا المسيح لكي نتنعم بالحرية" (غل 5/1)، ولقد أُعطينا الروح القدس، وكما يعلّم بولس الرسول "حيث يكون الروح فهناك الحرية" (2كو3/17)، ونحن منذ الآن نفتخر بحرية أبناء الله. وبفعل النعمة، التي تتوافق مع حس الحقيقة والخير في قلب الإنسان، يربيّنا الروح القدس على الحرية الروحية، ليصيّرَنا مساعدين له أحراراً، في عمله في الكنيسة وفي العالم.

رابعاً- أخلاقية الأفعال البشرية

تجعل الحرية من الإنسان كائناً أخلاقياً، والأفعال البشرية التي يختارها الإنسان بحرية، بعد أن يُحكّم فيها الضمير، هي ذات صفة أخلاقية، إنها صالحة أو سيئة. وأخلاقية هذه الأفعال البشرية منوطة: بالموضوع المختار، بالغاية المقصودة أو النية، بظروف الفعل.

1 - الموضوع: الموضوع المختار هو خير تبتغيه الإرادة عن روّية، إنه مادة الفعل البشري، وهو يحدد الفعل الإرادي من الناحية الأخلاقية؛ إن كان مطابقاً للخير أو مخالفاً له.

2 - النية: الغاية المقصودة تقع في مواجهة الموضوع. ناحية مَنْ يفعلُ الفعل. وهي عنصر أساسي في صفة الفعل الأخلاقية. والغاية تعني الهدف الذي يرمي الإنسان إليه في فعله. النية هي نزوع الإرادة إلى الغاية، إنها مطمح الخير المتقب من القيام بالفعل. ومحبة الله هي الغاية القصوى في جميع أفعالنا.

3 - الظروف: وبضمنها النتائج، وهي العناصر الثانوية في الفعل الأخلاقي، ولها أثرها في جعل أخلاقية الأفعال البشرية تزداد أو تنقص صلاحاً أو سوءاً، وبإمكانها كذلك إنقاص مسؤولية الفاعل أو زيادتها. ولا تستطيع الظروف بحد ذاتها تغيير الصفة الأخلاقية الملازمة للأفعال البشرية نفسها، فلا يمكنها أن تجعل من فعل سيء بحد ذاته صالحاً أو قويماً.

ويقتضي الفعل الصالح أخلاقياً أن يكون موضوعه وغايته وظروفه كلها صالحة. فالغاية السيئة تُفسد الفعل، إن كان موضوعه صالحاً في ذاته. وبإمكان موضوع الاختيار أن يُفسد وحده كل الفعل. فهناك أنماط من السلوك الواقعي ? كالزنى ? يكون اختيارها دائماً خاطئاً، لان اختيارها ينطوي على شر أخلاقي. فمن الخطأ الحكم على أخلاقية الفعل البشري بالاستناد فقط إلى النية التي يصدر عنها أو الظروف التي تحيط به كالتجديف والقتل والزنى، فلا يجوز فعل الشر لكي ينتج منه الخير.

خامساً- أخلاقية الأهواء

كلمة "الأهواء" هي من التراث المسيحي. والعواطف أو الأهواء تدل على الانفعالات أو حركات الإحساس التي تجعل الإنسان يميل إلى العنف أو يحجم عنه في سبيل ما يحسه أو يتخّيله صالحاً أو سيئاً. ويشير الرب يسوع أن قلب الإنسان هو مصدر حركة الأهواء ؟ وهي مكان العبور والربط بين الحياة الحسية وحياة الروح.

الأهواء كثيرة. والأعمق أصلاً بينها هو الحب الناتج من جاذبية الخير. وتكون نهاية تلك الحركة في اللذة والفرح بالحصول على الخير. محبة شخص ما، تعني إننا نريد له الخير، وكل النوازع الأخرى إنما مصدرها حركة القلب البشري الأصلية هذه نحو الخير، فالخير وحده يحب، الأهواء سيئة إذا كان الحب سيئاً وهي صالحة إذا كان صالحاً.

في الحياة المسيحية، يتمم الروح القدس نفسه عمله، بتجييش الكائن كله بما ينطوي عليه من آلام ومخاوف وأحزان، كما بدا ذلك في نزاع الرب وآلامه. ويمكن، في المسيح، أن تبلغ العواطف البشرية كمالها في المحبة والسعادة الإلهية. والكمال الأخلاقي يكون بأن يتحرك الإنسان نحو الخير لا بإرادته فقط وإنما برغبته الحسية أيضاً، بحسب كلمة المزمور: "يرنم قلبي وجسمي للإله الحي" (مز84/3).

سادساً- احترام الشخص البشري

"صيانة كرامة الشخص البشري وتعزيزها قد أودعنا إياهما الخالق، والرجال والنساء هم، في كل ظروف التاريخ، مسؤولون عنها ومطالبون بهما" (سلام على الأرض 61).

يقتضي احترام الشخص البشري احترام الحقوق الناتجة عن كرامته بكونه خليقة. وهذه الحقوق سابقة للمجتمع ومفروضة عليه. ولا يمكن بلوغ العدالة الاجتماعية إلاّ في احترام كرامة الإنسان السامية، فالشخص هو غاية المجتمع القصوى، وهذا إنما هو معدّ له. وإذا ازدرى المجتمع حقوق الشخص أو أبى الاعتراف بها في تشريعه الوضعي فهو يقوّض شرعّيته الأخلاقية الخاصة. ويمّر احترام الأشخاص من خلال احترام المبدأ: "ليلتزم الإنسان باعتبار القريب، أيا كان في غير استثناء." كذات أخرى له "وليحسب حساباً، قبل كل شيء لوجوده وللوسائل الضرورية التي يتمكن معها من العيش الكريم" (ك ع27). وليس من تشريع يستطيع بذاته إزالة التخوفات، والأحكام المسبقة ومواقف الكبرياء والأثرة التي تعيق إنشاء مجتمعات أخوية حقاً. ولن تتوقف هذه التصرفات إلاَّ مع المحبة التي تجد في كل إنسان "قريباً" وأخاً: "إن كل ما صنعتموه إلى واحد من أخوتي هؤلاء الصغار، فإليّ قد صنعتموه" (متى25/40).

وبما أن جميع البشر قد خُلقوا على صورة الله الأوحد، وبما أن المسيح قد افتداهم بذبيحته، فهم مدعوون إلى المشاركة في السعادة الإلهية نفسها: وهم يتمتعون بكرامة متساوية، فالمساواة بين البشر تقوم، في جوهرها، على كرامته الشخصية والحقوق الناجمة عنها:

"كل نوع من أنواع التمييز في حقوق الشخص الأساسية، سواء كان قائماً على الجنس أو العرق، أو لون البشرة، أو الوضع الاجتماعي، أو اللغة أو الدين، يجب تجاوزه على أنه مخالف لتصميم الله? إن مساواة الأشخاص في الكرامة يقتضي أن يتوصل المجتمع إلى وضع حياتي أكثر عدالة وأكثر إنسانية، فالتفاوت الاقتصادي والاجتماعي المفرط بين أعضاء الأسرة البشرية الواحدة أو بين شعوبها باعث على العثار والشك، وعقبة في طريق العدالة الاجتماعية، والإنصاف، وكرامة الشخص الإنساني والسلام الاجتماعي والدولي" (ك ع29).

خاتمة

نختتم بالقول أن كرامة الإنسان تظهر في الحرية التي تقول: "لا" لمن ينكر الحرية، وفي إرادة التضامن مع الآخر، ورفض ما يفّرق بين البشر. وتظهر الكرامة الإنسانية حين ينتبه شخص إلى حاجات أخيه الإنسان ولا يدير له ظهره أو يغمض عينيه عن بؤسه، فيحترم حاجاته الأولية كتعبير عن احترام كرامته وتقديره لإنسانيته، ومكتشفاً بالتالي أفق العلاقة الإنسانية المحيية وعمقها اللامحدود. وعلى هذا الأساس، ندرك أيضاً أن كرامة كل إنسان لا يمكن حصرها في لائحة من الحقوق، ولا يمكنها حتى أن تتحقق في احترام هذه الحقوق فقط، بالرغم من أهمية وجود هذه المواثيق ووجوب اتبّاعها، لأن احترام الكرامة الإنسانية التي تفوق كل ميثاق مكتوب يعني تطلباً مستمراً ومتجدداً لجعلها حقيقة واقعة:

يقول البابا يوحنا بولس الثاني: "إن ما يُطلب منّا هو أن نعامل بالمحبة والإكرام حياة كل إنسان وكل امرأة، ونسعى بثبات وجرأة، ونحن في زمان تسوده إمارات الموت، إلى أن تبدأ أخيراً حضارة جديدة،حضارة حياة تنبع من الحقيقة والمحبة." (إنجيل الحياة 77).


رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كرامة الإنسان بقداسته لا بعمره
إذ كان الإنسان في كرامة قد صار كالبهائم
إن الله خلق الإنسان في كرامة طبيعية
أمُّ كرامة الإنسان
كرامة الإنسان


الساعة الآن 06:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024