منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 08 - 08 - 2014, 01:03 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,212,412

((أمومة مريم البشرية))
((أمومة مريم البشرية))

أُؤمن بأنّ مريم هي أمّ البشر أيضاً. هذا الموضوع، سأدقّق به أيضاً ما استطعت، رغبةً منّي في تبديد مفهوم ينزع عنها هذه الصفة. والحال، كما أنّ أمومة مريم الإلهيّة تُزعج الكثيرين، كذلك أيضاً أمومتها البشرية تُزعج الكثيرين... جاء في الإنجيل بحسب القديس يوحنا (19/26-28) ما يلي: "يسوع لمّا رأى الأمّ، وبقربها التلميذ الذي كان يحبّه، قال للأمّ: "أيتّها المرأة، هوذا ابنك." ثم قال للتلميذ: "هي ذي أمّك." ومنذ تلك الساعة أخذها التلميذ إليه. وبعد ذلك، إذ رأى يسوع أنّ كلّ شيء قد اكتمل، قال... لقد تمّ." لا نُقلَّلَنَّ من قيمة نصٍّ قد منحه الكاتب الملهم ذلك المكان وتلك الأهميّة. إنّ الكثيرين لا يرون فيه، حتى اليوم، إلاّ بادرةً خاصة تتعلّق بالواجب البنويّ، من أجل حلِّ الوضع الاقتصاديّ والاجتماعيّ لتلك الأمّ الأرملة التي سوف تفقد ابنها الوحيد، فيما النصّ هو أبعد من ذلك بكثير.
لوصيّة المسيح هنا قيمة مِشْيحيّة. هذا ما يؤكدّه:
1- التسميتان:"الأمّ"و"التلميذ" (لا"أمّة"ولا "تلميذه")
ضمير الامتلاك في الآية 25("أمّه")، والعبارة الوصفية في الآية 26("التلميذ الذي كان يحبّه")، يختفيان في ما بعد، لتحلّ محلّهما عبارتا "الأمّ" و "التلميذ"، وذلك مرّتين (آية 26و27)... ذلك يعني أنّ دعوة مريم لم تَعُد في كونها "أمَّ يسوع" فحسب، بل هي "الأمّ" أمُّ البشر، أمُّ الكنيسة، أيقونة الكنيسة الأمّ...، ولم يعُد يوحنا "التلميذَ الذي كان يسوع يحبّه"، بل "التلميذ"، المؤمن في الكنيسة، أيقونة المؤمن الذي يرافق المسيح حتى الجلجلة... فكأنّ الإنجيليّ لم يَعُد مهتمّاً لتاريخ مريم ويوحنا الفرديّ، بل لدعوتهما الشخصيّة، لوضعهما اللاهوتيّ في الإنجيل، لدورهما حِيالَ الكنيسة، لعلاقتهما الصُوفيّة مع المسيح وعمله المشْيَحيّ.
2- المنادَى "أيّتها المرأة"
هذه التسمية تُحيل إلى ما سُمِّيَ "الإنجيل الأوّل" في سفر التكوين 3/15 ("وأَجعلُ عداوةً بينك وبين المرأة")، كما وإلى حادثة قانا الجليل، في يوحنا 2/4 ("أيتّها المرأة، لم تأتِ ساعتي بعد")... فلو كان الموضوع لا يتعدّى الواجب البنويّ، لكان المسيح قد اكتفى بأن يناديها: "أمّي!"، الأمر الذي يتوافق مع المعنى الأدبيّ المزعوم للنصّ، ومع العادات اليهوديّة... فلمّا ناداها، كما قيلَ عنها في سفر التكوين وكما قال لها في قانا الجليل، بكلمة "امرأة"، دلّ على نيّته اعتبار َ تلك المرأة الفريدة ليس كأمّه البشريّة، بل كتلك التي لها دور في سحق رأس الحيّة الجهنمية.
3- سياق الكلام
سياق الكلام، في مشهد الجلجلة، سياقٌ كتابيّ، أي إنّ الإنجيليّ يدعم المشاهد المحيطة بوصيّة المسيح،بتحقيقِ ما جاء في الكتاب، من اقتسام للثياب واقتراعٍ على القميص (مزمور 22/19)، وعطشِ المصلوب (مز 69/22،22/16)، وطعنه بالحربة(مز 34/21، خروج12/46، زكريا 12/10). الأمر الذي يدلّ على أن يوحنا، من خلال هذا الإطار الكتابيّ، "يرى هنا عملاً يتجاوز مجرد الواجب البنويّ ليتناول إعلان أمومة مريم الروحيّة". فإن كان سياقٌ كلُّه قد اختير بالنظر إلى إتمام نبوءة، يسعنا القول إنّ وصيّة يسوع ليست أمراً ثانوياً يتعلّق بمسألةٍ عائليّة، بل هي أمرٌ يتعلّق، مثلَ غيره من أمورِ الصلب، برسالة المسيح، ويستند إلى ما جاء في الكتاب، وإن ضمناً. وإلى ذلك، فإنّ الكلمات كلّها التي نطق بها يسوع المسيح على الصليب، تتعلّق برسالته الإلهيّة.

ألا يكون مدهشاً أن يستثنَى كلامه لأمّه ولتلميذه، فيُصبح وكأنه كلامٌ بشريّ محض لا داعي له أبداً في تلك الساعة كما سنرى بعد قليل؟ وسياق الكلام في مشهد الجلجلة سياقٌ عقائديّ. وَضْعُ اللوحة المكتوبِ عليها" يسوع الناصريّ ملك اليهود"، واقتسامُ الثياب، والاقتراع على القميص، والطعن بالحربة، كُلّها أمورٌ تتّسم بطابع لاهوتيّ عميق: إنها توحي بمَلَكِّية المسيح، وكهنوتِه، وكونه الحمل الفصحيّ عند المسيحييّن. فهل يعقل أن لا يكون لوصية المسيح، النازلة في هذا السياق للكلام، إلاّ البعدُ البشريّ العائليّ، ولا تكون مرتبطة بالعمل الفدائي الذي يتمّ على الصليب؟ لا يُعَقَل.

لا سيّما أنَّ الإنجيليّ يتابع حالاً ويقول: " وبعد ذلك (بعد الوصيّة)، إذ رأى أنَّ كلَّ شيء قد اكتمل (بها)، قال، ليتمَّ الكتاب: "لقد تمَّ." أليس في ذلك إشارة إل أنَّ وصيّة المسيح مندرجة في "اكتمال" التدبير الخلاصيّ؟ وصيّته هذه هي آخر ما قام به المسيح، قبل أن يلفظ الروح، ساعة كان يقوم برسالته الأساسية ف"يُتَمَّ" ما كان الأب قد أرسله لأجله. فلا يعْقل بالتالي أن يكون قد اختار مثل هذه الساعة المهيبة، ساعة اكتمال الفداء، لترتيب أمور أمّه الاجتماعية. هذا ولا يُعْقل، في المجتمع الشرقيّ، أن يسلّم أمور أمّه الاجتماعية إلى يوحنا، في حين أنَّ نسيبة أمّه، زوجة كليوبّا، كانت هناك. ولا أن يسلّم أمور تلميذه يوحنا إلى مريم أمّه كما لو أنَّ يوحنا كان يتيماً، في حين أنّ صالومي أمّه كانت هناك، حيّةً تُرزَق. كما وإنه لا يُعقَل – في حال أنَّ وصيّة يسوع هي، فَرَضاً، عملٌ بَنَويّ إنسانيّ لا غير – لا يُعقَل أن يسلّم يوحنا لرعاية مريم، بل يسلّم مريم لرعاية يوحنا، فيكتفي بالقول: "يوحنا! أميّ هذه، تَكفَّل بها واحمِها!" فلمّا وجّه كلامه، خلافاً لما كان متوقَّعاً، أولاً إلى أمّه وقال، مشيراً إلى يوحنّا: "هوذا ابنك"، كان ذلك منه تكريساً لها في رسالةٍ مرتبطة بالعمل الفدائيّ الذي هو، مخلّص العالم، منصرفٌ إلى أتمامه. إنْ صحّ القول إنّ أوّل عمل مِشْيَحيّ قام به الكلمة المتجسّد، يومَ البشارة، هو أن يُقِيمَ مريم أُمّاً له جسديّة، صَحّ القول أيضاً إنّ آخر أعماله المِشْيَحِيّة، على الصليب، كان أن يكرّس أُمّه أُمّاً روحيّة لجميع البشر، ويُقيمنَا نحن في البنوّة المريميّة.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أمومة مريم ما كانت بذي فائدة لها
أمومة مريم ما كانت بذي فائدة لها
عنصر جوهريّ في دور أمومة مريم
أمومة مريم الالهية
كيف تصف الليتورجيّا السريانيّة أمومة مريم؟


الساعة الآن 04:07 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024