منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 08 - 11 - 2013, 06:50 PM
الصورة الرمزية sama smsma
 
sama smsma Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  sama smsma غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

"الإسْتقَامَةُ بين اللَّفْظِ و مَا وراء اللَّفْظِ"
في فكر و كتابَات الآباء

فيما يُظَن عند الكثيرين أن الأرثذوكسيَّة هي مجموعة تعبيرات تسلَّمها الآباء القدِّيسين من الرُسُل و تناقلوها كما هي على مر الأجيال، و رُبّما في نظر آخرين هي طُقوس و ترتيبات أُنزلَت بالروح من السماء. بينما الواقع يختلف كثيراً عن هذه النظرة السطحيَّة، فالأرثذوكسيَّة هي النظرة المُستقيمة في شتى الأمور، هذه النظرة التي تتمحور في الإيمان بالله الواحد مُثلَّث الأقانيم و تجسُّد الكلمة الذاتي و سُلطان الكنيسة، و من هذه المحور تنطلق قُدماً نحو الآخر أيَّاً كان مُعتقده أو لونه أو جنسه. هذه الإستقامة لا تنحصر في حدود اللفظ بل اللفظ هو مُحاولة للتعبير عن الإستقامة، و بالتالي فلا حرمان يقع على لفظ بقدر ما يقع على المُعتقد المُنافي للإستقامة التي بحسب تقليد الإيمان و الكتاب بعهديه.

و على مر التَّاريخ الكنسيّ إستخدم الآباء تعبيرات هرطوقيَّة و أعادوا "تعميدها" بحسب الإيمان الإرثذوكسيّ، بداية من التعبير النيقوي "من نفس الجوهر ὁμοούσιος" مروراً بالطبيعة الواحدة المُتجسِّدة و إندماج الطبيعتين [1]. و نُلاحظ أن التعليم الأرثذوكسيّ المُستمر حتىّ القدِّيس ساويرس الإنطاكي قد تجلَّى في تقديمه التعليم المُتحرر من حدود حروف اللَّفظ، و قد كثُرت إقتباساته من كتابات الرسولي أثناسيوس و عمود الدين كيرلُّس و غريغوريوس الناطق بالإلهيَّات.

كما أن التعبيرات الأساسيَّة في التعليم اللاهوتي لجميع الآباء قد مرَّت أيضاً بمراحل تطوُّر عديدة، فنجد أن تعبيرا "الأقنوم" و "الطبيعة" قد أشارا للجوهر بينما أشار الشخص للأقنوم، و إستغرق تفسيرها قروناً، فمثلاً يصف الآباء الجوهر بأنه "الحقيقة المُشتركة بين الكائنات [2]"، "الكيان الداخلي الحقيقي الفائق لكل إدراك [3]" أو "ما يكون بذاته، و يتحدد بالأقنوم [4]" بينما يراه الآباء الكبادوك "كُل ما هو عام [5]" و يُلخِّص القدِّيس ساويرس كل ما سبق فيقول "الجوهر يُشير إلى العام، و الأقنوم يُشير إلى الخاص، و لكن الكيان و الطبيعة تُشير أحياناً إلى معنى العام، و أحياناً أُخرى (معنى) جزئي أو مُحدد [6]". كُل هذه التطورات و الإستخدامات جائت لتخدم الإستقامة لا لتحصرها في حرف الكلمة، فالآباء أنفسهم قد إستخدموا هذه التعبيرات للإشارة إلى معاني أخرى أيضاً !، يقول القدِّيس غريغوريوس اللاهوتي "إعترفوا يا أصدقائي أن الثَّالوث واحد اللاهوت، أو إن أردتُم واحد في الطبيعة [7]" و هُنا يستخدم تعبير الطبيعة للإشارة للجوهر لأن الطبيعة هي صفات الجوهر، و هذا ما أشار إليه القدِّيس ساويرس في "الرسالة إلى مارون". كما لم يُهرطق القدِّيس كيرلُّس الأورشليمي حين رفض تعبير "من نفس الجوهر ὁμοούσιος" الذي أقرَّه مجمع نيقيَّة بل كان من الواضح جداً أنه يقبل العقيدة التي وراء اللَّفظ أما اللَّفظ فخشي أن يُستخدم بواسطة الهراطقة أتباع سابيليوس في الإدعاء بالأقنوم الواحد و بأن الإبن و الروح القُدُس هي ظهورات و صفات أُخرى للآب.

كما يرجع تعبير "طبيعة واحدة لله الكلمة المُتجسِّد" لأبوليناريوس (في الرسالة إلى ﭼوﭬينايانوس) و قد تسلَّمه القدِّيس كيرلُّس من القدِّيس أثناسيوس بعد تدقيق كثير [8]، و منهما إلى القدِّيس ديسقورس و القدِّيس ساويرس الإنطاكي. هذا أيضاً ما فعله القدِّيس يوحَّنا الحبيب حين إعاد تقديم تعبير اللوغوس في بشارته، و كانت كلمة (لوغوس) معروفة لدي اليهود والأمم، عرفها هيرقليتس Heracllitus حوالي 500 ق.م. بأنها العقل الجامع الذي يحكم العالم ويخترقه، وقد تبناه الرواقيون وأشاعوه. وفي اليهودية الهلينية (اللوغوس) هو أقنوم مستقل، تطورت فكرته ليكون مصاحبًا للحكمة (الحكمة 9: 1، 2؛ 18: 15). إذ ربط فيلون السَّكندري بين تعبيرات فلسفية و مفاهيم كتابية قال أن اللوغوس هو نموذج إلهي جاء العالم صورة له [9]". و في ترجوم يوناثان وردت جملة كلمة بما لا يقل عن 320 مرة، فهي ببساطة شرح لأسم الله، لكن الحقيقة تبقى أن كلمة الله صار أحد أشهر التعبيرات اليهودية. إنها الجملة التي سيتذكرها أي يهودي متدين لأنه يسمعها كثيراً في المعبد و حينما تُقرأ الكتب المقدسة، كل يهودي إعتاد نطق الميمرا، كلمة الله [10].

و بشكل عام فإن اللغة هي إجتهاد بشري كمحاولة للتعبير عن كيان و صفات الأشياء، أي أن التعبير الواحد قد يُفهم بعدَّة معانيٍ مُختلفة و رُبّما متناقضة أيضاً. فتعبير الطبيعة الواحدة قد فُهم بشكل معيَّن في التعليم السكندريّ بينما فُهم بشكل آخر مُضاد و مُناقض في إنطاكيا، هكذا تعبير "ὁμοούσιος" لم يكُن دقيقاً بالنسبة للقدّيس كيرلُّس الأورشليمي بالرغم من إجماع الآباء عليه و إدراجه في قانون الإيمان، و تعبير الإندماج الذي إستخدمه القدِّيس غريغوريوس النزيانزي الذي إن فُهم حرفياً يقع (اللفظ) تحت الحرمان إذ تشترك ليتورﭼيا الكنائس الأرثذوكسيَّة جميعاً في الإقرار بأن لاهوت الكلمة قد إتحد بالجسد بلا إختلاطٍ و لا إمتزاجٍ و لا تغيير [11].

ختاماً، لا يجب علينا أن نحصُر التعليم الأرثذوكسيّ في حدود حرف ما تناقله الآباء، بل يجب دراسة ما سبق من الكتابات جيّداً و العمل على إعادة تقديمه بما يُناسب تعبيرات العصر الحاضر و لا يُخالف إستقرار تعليم الماضي، و العمل على تجواز الخلافات التي آلت إلى الشقاق بسبب اللفظ. كما نحتاج أن نُعيد تقييم مواقف الكُتاب الكنسيين بعيداً عن حرف اللفظ و بحسب الخلفيَّة التي ينتمون إليها، فلربما نجد منهم من ظُلم بينما نال آخرون إجلالاً بغير حق.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
إيليا " يردّ قلوب الآباء إلى البنين والبنين إلى الآباء "
توافد أهالي "طليا" مسقط رأس "السيسي" على اللجان.. ويؤكدون: "نحن وراء المشير"
مفاجأة.. "طلقة طائشة" وراء كشف تنظيم "عرب شركس".. عناصر "بيت المقدس" أقنعت الأهالي بأنهم "صنايعية"..
قيادي بـ"الإنقاذ": خليفة "السيسي" وراء تأخر إعلان "المشير" خوض انتخابات الرئاسة
"أبو حامد": لا وجه للمقارنة بين "السيسي"و"حمدين".. المشير مطلب شعبي و"صباحي" يلهث وراء المنصب


الساعة الآن 09:08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024