هل "تغلث فلاسر" أعان آحاز وساعده إذ هاجم مملكة آرام وقتل ملكها رصين، أم أنه رفض مساعدة آحاز بل ضايقه؟
الحقيقة أن هناك احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يكون هناك حدثان، في أحد الحدثين جاء الهجوم من الشمال، حيث هاجم رصين ملك آرام وفقح بن رمليا ملك إسرائيل آحاز ملك يهوذا، فاستجار آحاز بملك أشور، مقدمًا له ذهب وفضة، "فَسَمِعَ لَهُ مَلِكُ أَشُّورَ، وَصَعِدَ مَلِكُ أَشُّورَ إِلَى دِمَشْقَ وَأَخَذَهَا وَسَبَاهَا إِلَى قِيرَ، وَقَتَلَ رَصِينَ" (2مل 16: 9). وفي الحدث الآخر جاء الهجوم من الجنوب والغرب، من الأدوميين والفلسطينيين: "فَإِنَّ الأدوميِّينَ أَتَوْا أَيْضًا وَضَرَبُوا يَهُوذَا وَسَبَوْا سَبْيًا. وَاقْتَحَمَ الْفِلِسْطِينِيُّونَ مُدُنَ السَّوَاحِلِ وَجَنُوبِيَّ يَهُوذَا" (2أي 28: 17-18)... فماذا فعل آحاز..؟ لم يرجع إلى نفسه، ولم يترك خطاياه وشروره، بل لجأ إلى تغلث فلاسر ليخلصه، وتغلث فلاسر هو الملك "فول" ملك أشور الذي سبق وسبى سبطي رأوبين وجاد ونصف سبط منسى من شرق الأردن، وقدم له آحاز ذهبًا وفضةً، فأخذ ما قدمه له آحاز، ولم يكتفِ بأنه لم يساعده، بل بالأكثر ضايقه وشدَّد عليه "فَجَاءَ عَلَيْهِ تِلْغَثُ فِلْنَاسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَضَايَقَهُ وَلَمْ يُشَدِّدْهُ. لأَنَّ آحَازَ أَخَذَ قِسْمًا مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ وَمِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ وَمِنَ الرُّؤَسَاءِ وَأَعْطَاهُ لِمَلِكِ أَشُّورَ وَلكِنَّهُ لَمْ يُسَاعِدْهُ" (2أي 28: 20-21).
الاحتمال الثاني: إن كاتب سفر الملوك ركز على الوقت الراهن للمشكلة التي تعرض لها آحاز وكيف ساعده ملك أشور، عندما غزا دمشق وقتل ملكها رصين. أما كاتب سفر الأخبار فقد نظر على المدى الطويل، فتغلث فلاسر الذي ساعد آحاز يومًا ما، عاد ليضايقه ويشدد عليه طمعًا في المزيد من خيرات إسرائيل، وكان هذا بمثابة عقاب إلهي ليؤكد الله لآحاز أنه يجب أن يعتمد عليه، وليس على ذراع بشر، ولكن آحاز لم يتعظ، فتحوَّلت مملكة يهوذا إلى تابع لمملكة أشُّور.