«فِي ٱلْبَدْءِ خَلَقَ ٱللهُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ»
ٱللهُ هو في العبرانية «إلوهيم» جمع «الوه» ولم يأت المفرد إلا في الشعر. فجاء في المزامير «مَنْ هُوَ إِلٰهٌ غَيْرُ ٱلرَّبِّ» (مزمور ١٨: ٣١). وفي العبرانية «من هو إلوه غير يهوه» وهو في السريانية «الوهو» وفي الكلدانية «اللها» وكلها متفرع من العبراني. ومعنى «الوه» قوة أو قدرة. وجاء «إلوهيم» بصيغة الجمع لا لمجرد التعظيم بل لحمل الأفكار البشرية على تصور كل القوى في وحدانية ذي الصفات الحسنى والأفعال العظمى الحي الأزلي. فحصروا في ذلك الاسم الأعظم كل القوى والفواعل والحركات التي كونت بها البرايا أولاً وتضبط وتحفظ بها الآن. ونُسبت هذه كلها في أشعار الفيد الهندية والمكتوبات السامية والأكادية إلى آلهة كثيرة مختلفة. ونُسبت في كتاب الله إلى ألوهيم الإله الواحد. ويرى المسيحيون في هذا الاسم دليلاً على تثليث الأقانيم في اللاهوت ولكن جل المقصود منه هو أن العالم واحد وعمله واحد مهما تعدد عمل القوى الطبيعية في العالمين.
وجاء في (ص ٢: ٤ - ص ٣: ٢٤) «يهوه إلوهيم» أي الرب الإله. ومعنى يهوه أو يهفه في العبرانية الآتي أو الذي سيكون. وندر مجيء هذا التركيب ولكنه جاء في هذين الموضعين عشرين مرة وفي سائر أسفار موسى الخمسة مرة واحدة وذلك في قوله «لَمْ تَخْشَوْا بَعْدُ مِنَ ٱلرَّبِّ ٱلإِلٰهِ» (خروج ٩: ٣٠). وجاء في قول المرنم «إِلٰهُ ٱلآلِهَةِ ٱلرَّبُّ تَكَلَّمَ» (مزمور ٥٠: ١) لكنه مقلوب الترتيب كما ترى. فلماذا كثر وروده في هذا النبإ الوجيز.
قال بعضهم في الأصحاح الأول من هذا السفر بيان إن الله هو الخالق ورب الكل وفي الأصحاح الثاني بيان أنه إله العهد مع الإنسان. ومما يجب الانتباه له هنا قوله في نهاية كل يوم «رأى الله ذلك أنه حسن» وقوله بعد خلق الإنسان «فإذاً هو حسن جداً» أي إن الإنسان أحسن كل المخلوقات وتاجها (ص ١: ١٢ و٣٠). ولكنه سقط وزال حسنه فانفصل عن الله فتنازل سبحانه وتعالى ووعده بمخلص يسحق لرأس الحية (ص ٣: ١٥).