منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 23 - 10 - 2025, 11:47 AM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,381,723

يَطْلُبُ مِنْهُمْ أَنْ يَتَعَامَلُوا دُونَ رِيَاءِ العَيْنِ


التَّعَامُلُ دُونَ رِيَاءِ العَيْنِ



أَعْطَى يَسُوعُ رِسَالَةً لِلتَّلَامِيذِ أَنْ يُصْبِحُوا القَادَةَ وَالمُعَلِّمِينَ الرُّوحِيِّينَ لِلْأَرْضِ كُلِّهَا: "اِذْهَبُوا فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا وَأَعْلِنُوا البِشَارَةَ إِلَى الخَلْقِ أَجْمَعِينَ" (مَرْقُسَ 16: 15). وَهُنَا يَطْلُبُ مِنْهُمْ أَنْ يَتَعَامَلُوا دُونَ رِيَاءِ العَيْنِ، مُوَضِّحًا ذَلِكَ بِمَثَلٍ: "أَيَسْتَطِيعُ الْأَعْمَى أَنْ يَقُودَ الْأَعْمَى؟ أَلَا يَسْقُطُ كِلَاهُمَا فِي حُفْرَةٍ؟" (لُوقَا 6: 40).



أ) التَّمييز



المُعَلِّمُ يَكُونُ أَعْمَى البَصِيرَةِ إِذَا لَمْ يُمَيِّزِ الحُرِّيَّةَ مِنَ الإِبَاحِيَّةِ، والنُّورَ مِنَ الظَّلَامِ، لِأَنَّ خَطِيئَةَ الكِبْرِيَاءِ وَالسُّلْطَةِ وَالمَالِ أَعْمَتْ عَيْنَيْهِ. فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ العَمَى، يَكُونُ الإِنْسَانُ لَهُ عَيْنٌ فِعْلًا، وَلَكِنَّ الشِّرِّيرَ خَدَعَهُ، وَدَخَلَ مِنْ خِلَالِ إِرَادَتِهِ وَاسْتَعْبَدَهَا، وَبِالتَّالِي أَصْبَحَ أَعْمَى العَيْنِ، أَعْمَى البَصِيرَةِ؛ لَهُ عَيْنٌ وَلَا يُبْصِرُ، وَلَا يَرَى كَمَا يَقُولُ إِرْمِيَا النَّبِيُّ: "اِسْمَعُوا هَذَا أَيُّهَا الْأَغْبِيَاءُ، الشَّعْبُ الفَاقِدُ اللُّبِّ، الَّذِي لَهُ عُيُونٌ وَلَا يُبْصِرُ، وَلَهُ آذَانٌ وَلَا يَسْمَعُ" (إِرْمِيَا 5: 21).



فِي حِينٍ يَتَمَتَّعُ المُعَلِّمُونَ الحَقِيقِيُّونَ بِالتَّطْوِيبِ الإِلَهِيِّ: "طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لِأَنَّهَا تُبْصِرُ، وَلِآذَانِكُمْ لِأَنَّهَا تَسْمَعُ" (مَتَّى 13: 11-16). وَأَضَافَ يَسُوعُ قَائِلًا: "مَا مِنْ تِلْمِيذٍ أَسْمَى مِنْ مُعَلِّمِهِ، كُلُّ تِلْمِيذٍ اكْتَمَلَ عِلْمُهُ يَكُونُ مِثْلَ مُعَلِّمِهِ" (لُوقَا 6: 40). فَيَتَوَجَّبُ عَلَى المُعَلِّمِينَ أَنْ يَعْتَادُوا عَلَى طَرِيقَةِ العَيْشِ حَسَبَ الإِنْجِيلِ، وَيَسْتَعِدُّوا لِلْقِيَامِ بِأَيِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَأَنْ يُنْقِلُوا العَقِيدَةَ الصَّحِيحَةَ، حَوْلَ الخَلَاصِ، وَالمُطَابِقَةَ تَمَامًا لِلحَقِيقَةِ، لِلَّذِينَ سَيُعَلِّمُونَهُمْ، بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا قَدْ تَأَمَّلُوهَا هُمْ نَفْسُهُمْ أَوَّلًا، وَتَرَكُوا النُّورَ الإِلَهِيَّ يُنِيرُ عُقُولَهُمْ، وَإِلَّا يَكُونُوا عُمْيَانًا يَقُودُونَ عُمْيَانًا.



ب) عدم التباهي



أَرَادَ الرَّبُّ أيضًا أَنْ يُوقِفَ المَيْلَ إِلَى التَّبَاهِي الَّذِي نَجِدُهُ عِنْدَ الكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ، وَأَنْ يُثْنِيَهُمْ عَنْ مُنَافَسَةِ مُعَلِّمِيهِمْ. فَقَالَ لَهُمْ: "مَا مِنْ تِلْمِيذٍ أَسْمَى مِنْ مُعَلِّمِهِ". حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ البَعْضُ مِنْ بُلُوغِ دَرَجَةِ فَضِيلَةٍ مُسَاوِيَةٍ لِمُعَلِّمِيهِمْ، عَلَيْهِمْ خَاصَّةً أَنْ يَتَّبِعُوا تَوَاضُعَ المَسِيحِ. وَيُعْطِينَا بُولُسُ الرَّسُولُ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: "اِقْتَدُوا بِي كَمَا أَقْتَدِي أَنَا بِالمَسِيحِ" (1 قُورِنْتُسَ 11: 1).



وَإِذَا لَمْ يَسِرِ التِّلْمِيذُ عَلَى خُطَى المُعَلِّمِ يَسُوعَ المَسِيحِ يُصْبِحُ أَعْمَى البَصِيرَةِ، خَاصَّةً إِذَا أَخَذَ يُدِينُ إِخْوَتَهُ الآخَرِينَ. فَيَسُوعُ المُعَلِّمُ الإِلَهِيُّ لَمْ يَأْتِ لِيَدِينَ العَالَمَ، بَلْ لِيُخَلِّصَهُ (يُوحَنَّا ١٢: ٤٧)، فَإِذَا أَخَذَ تِلْمِيذٌ يُدِينُ، فَإِنَّهُ مُذْنِبٌ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي يُدِينُهُ. وَمِنْ هُنَا جَاءَ سُؤَالُ يَسُوعَ مُوَبِّخًا: "لِمَاذَا تَنْظُرُ إِلَى القَذَى الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ؟ وَالخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ أَفَلَا تَأبَهُ لَهَا؟" (لُوقَا 6: 41). وَفِي هَذَا الصَّدَدِ قَالَ الشَّاعِرُ المَشْهُورُ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ:

"لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ - عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ

اِبْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا -فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ"



لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَوْقِفَ الإِنْسَانُ عِنْدَ خَطَايَا النَّاسِ، وَيُغْمِضَ عَيْنَهُ عَنْ خَطَايَاهُ. لْيُصْلِحِ الإِنْسَانُ نَفْسَهُ أَوَّلًا، قَبْلَ أَنْ يُصْلِحَ غَيْرَهُ.



ج) التركيز عَلَى خَطَايَا الأنسان نفسه



مَنْ يُرَكِّزُ عَلَى خَطَايَاهُ سَيَرَاهَا كَبِيرَةً "الخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ"، فَيَهْتَمُّ أَنْ يُخْرِجَهَا. وَلَكِنْ مَنْ يَنْسَى نَفْسَهُ وَيُرَكِّزُ عَلَى خَطَايَا الآخَرِينَ، يُدِينُهُمْ وَيَنْسَى أَنْ يُخْرِجَ الخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِهِ. وَالقَذَى هُوَ الذَّرَّاتُ المُتَطَايِرَةُ مِنَ الخَشَبِ عِنْدَ نَشْرِهِ بِالمِنْشَارِ، وَهَذِهِ إِشَارَةٌ لِلْخَطِيئَةِ الصَّغِيرَةِ، فَكَيْفَ نُدِينُ النَّاسَ عَلَى خَطَايَا صَغِيرَةٍ، وَنَحْنُ مُلَوَّثُونَ بِخَطَايَا كَبِيرَةٍ؟ وَلِذَلِكَ يَتَوَجَّبُ عَلَى المُعَلِّمِ أَنْ يَهْتَمَّ بِنَفْسِهِ أَوَّلًا، فَيُصْلِحَ نَفْسَهُ قَبْلَ إِصْلَاحِ تَلَامِيذِهِ. إِذْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ المُرَائِي أَنْ يَنْزِعَ مِنْ عَيْنِهِ الخَشَبَةَ الَّتِي تَمْنَعُهُ مِنَ النَّظَرِ، فِي حِينِ أَنَّهُ لَا يُفَكِّرُ إِلَّا فِي نَزْعِ القَذَى مِنْ عَيْنِ قَرِيبِهِ؟ فَمَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ أَهَمُّ وَأَفْضَلُ مِنْ قَرِيبِهِ، فَهُوَ مُرَاءٍ وَدَجَّالٌ.



ه) الابتعاد عن مُرَاءَة العِمَى



الأَعْمَى هُوَ المُرَائِي فِي مَفْهُومِ يُوحَنَّا الإِنْجِيلِيِّ، حَيْثُ يَسْتَبْدِلُ لَقَبَ "مُرَاءٍ" بِلَقَبِ "أَعْمَى"، فَخَطِيئَةُ اليَهُودِ فِي نَظَرِ يُوحَنَّا الإِنْجِيلِيِّ تَقُومُ عَلَى قَوْلِهِمْ: "إِنَّنَا نَرَى"، فِي حِينِ أَنَّهُمْ عُمْيَانٌ (يُوحَنَّا ٩: ٤٠). وَيَتَعَوَّدُ المَرْءُ مُغَايَرَةَ مَا فِي القَلْبِ عَمَّا عَلَى الشِّفَتَيْنِ، فَيُخْفِي نِيَّتَهُ الخَبِيثَةَ تَحْتَ شِعَارِ المُهَاوَدَةِ وَالتَّمَسُّكِ بِالشَّكْلِيَّاتِ، وَهَذَا مَا نَدْعُوهُ رِيَاءً أَوْ مُرَاءَاةً.



لَيْسَ الرِّيَاءُ الدِّينِيُّ مُجَرَّدَ كَذِبٍ، بَلْ هُوَ أَيْضًا غِشٌّ لِلْغَيْرِ بِقَصْدِ كَسْبِ تَقْدِيرِهِ عَنْ طَرِيقِ مُمَارَسَاتٍ دِينِيَّةٍ لَا تَكُونُ النِّيَّةُ فِيهَا سَلِيمَةً. ويَظْهرُ المُرَائِي كَأَنَّهُ يَعْمَلُ مِنْ أَجْلِ اللهِ، فِي حِينِ أَنَّهُ يَعْمَلُ فِي الوَاقِعِ مِنْ أَجْلِ ذَاتِهِ وَالاِهْتِمَامِ "بِالظُّهُورِ أَمَامَ النَّاسِ"، كَمَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ السَّيِّدِ المَسِيحِ: "جَمِيعُ أَعْمَالِهِمْ يَعْمَلُونَهَا لِيَنْظُرَ النَّاسُ إِلَيْهِمْ" (مَتَّى ٢٣: ٥). لِذَلِكَ جَاءَ تَأْنِيبُ يَسُوعَ شَدِيدَ اللهْجَةِ تِجَاهَهُمْ: "أَيُّهَا المُرَاؤُونُ، أَحْسَنَ إِشَعْيَا فِي نُبُوءَتِهِ عَنْكُمْ إِذْ قَالَ: "هَذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَبَعِيدٌ مِنِّي. إِنَّهُمْ بِالبَاطِلِ يَعْبُدُونَنِي فَلَيْسَ مَا يُعَلِّمُونَ مِنَ المَذَاهِبِ سِوَى أَحْكَامٍ بَشَرِيَّةٍ" (مَتَّى 15: 7-8). لِذَلِكَ وَصَفَهُمْ يَسُوعُ بِالقُبُورِ: "الوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الكَتَبَةُ وَالفِرِّيسِيُّونَ المُرَاؤُونَ، فَإِنَّكُمْ أَشْبَهُ بِالقُبُورِ المُكَلَّسَةِ، يَبْدُو ظَاهِرُهَا جَمِيلًا، وَأَمَّا دَاخِلُهَا فَمُمْتَلِئٌ مِنْ عِظَامِ المَوْتَى وَكُلِّ نَجَاسَةٍ. وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ، تَبْدُونَ فِي ظَاهِرِكُمْ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَأَمَّا بَاطِنُكُمْ فَمُمْتَلِئٌ رِيَاءً وَإِثْمًا" (مَتَّى 23: 27-28).



المُرَائِي الأَعْمَى يُحَاسِبُ النَّاسَ عَلَى التَّعَدِّيَاتِ الوَاهِيَةِ، بَيْنَمَا يَسْمَحُ لِنَفْسِهِ بِارْتِكَابِ المُنْكَرَاتِ وَأَعْظَمِ الشُّرُورِ فُجُورًا. فَيُدِينُ الآخَرِينَ وَيَرْمِيهِمْ بِأَشْنَعِ المَسَاوِئِ وَالعُيُوبِ، وَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ أَعْمَى، إِذْ لَا يَنْظُرُ شَيْئًا، لِأَنَّ الخَشَبَةَ فِي عَيْنَيْهِ تَحْجُبُ الضَّوْءَ عَنْهُ. وَيَطْلُبُ مِنَّا يَسُوعُ أَنْ نُطَبِّقَ النَّصَائِحَ عَلَى أَنْفُسِنَا قَبْلَ أَنْ نُمْلِيَهَا عَلَى الآخَرِين.



ز) خَطَرُ المُرَائِينَ



خَطَرُ المُرَائِينَ هُوَ أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِمُ الأَمْرُ إِلَى أَنْ يَحْسِبُوا حَقِيقَةً مَا أَرَادُوا أَنْ يُصَدِّقَهُ الآخَرُونَ: إِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَهُمْ أَبْرَارًا (لُوقَا 18: 9). فيُصْبِحُ المُرَائِي أَشْبَهَ بِمُمَثِّلٍ عَلَى مَسْرَحٍ، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الكَلِمَةُ اليُونَانِيَّةُ ὑποκριτά، فَيُوَاصِلُ تَمْثِيلَ دَوْرِهِ بِقَدْرِ مَا تَكُونُ مَكَانَتُهُ ذَاتَ شَأْنٍ وَكَلِمَتُهُ مُطَاعَةً، كَمَا جَاءَ فِي تَعْلِيمِ يَسُوعَ عَنْ رِيَاءِ الكَتَبَةِ وَالفِرِّيسِيِّينَ: "إِنَّ الكَتَبَةَ وَالفِرِّيسِيِّينَ عَلَى كُرْسِيِّ مُوسَى جَالِسُونَ، فَافْعَلُوا مَا يَقُولُونَ لَكُمْ وَاحْفَظُوهُ، وَلَكِنْ أَفْعَالَهُمْ لَا تَفْعَلُوا، لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ وَلَا يَفْعَلُونَ" (مَتَّى 23: 2-3).



مِنَ المَعْلُومِ أَنَّ لِلْقَادَةِ الرُّوحِيِّينَ دَوْرًا لَا بُدَّ مِنْهُ عَلَى الأَرْضِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذُوا مَكَانَ اللهِ نَفْسِهِ. فَعِنْدَمَا يَسْتَبْدِلُونَ بِالشَّرِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ سُنَنًا بَشَرِيَّةً، يُعْتَبَرُونَ عُمْيَانًا يُرِيدُونَ أَنْ يَقُودُوا غَيْرَهُمْ، كَمَا أَوْضَحَ يَسُوعُ: "لِمَ تُخَالِفُونَ أَنْتُمْ وَصِيَّةَ اللهِ مِنْ أَجْلِ سُنَّتِكُمْ؟"(مَتَّى 15: 3). وَتَعْلِيمُهُمْ مَا هُوَ إِلَّا خَمِيرَةٌ خَبِيثَةٌ، كَمَا نَبَّهَ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ مِنَ الفِرِّيسِيِّينَ بِقَوْلِهِ: "إِيَّاكُمْ وَخَمِيرَ الفِرِّيسِيِّينَ، أَيِ الرِّيَاءَ" (لُوقَا 12: 1). هؤُلَاءِ العُمْيَانُ، وَإِذَا أَعْمَاهُمُ خُبْثُهُمْ، يَنْبِذُونَ صَلَاحَ يَسُوعَ، وَيَتَمَسَّكُونَ بِأَهْدَابِ شَرِيعَةِ السَّبْتِ لِيَمْنَعُوا عَمَلَ الخَيْرِ فِيهَا، كَمَا أَعْلَنَ يَسُوعُ: "أَيُّهَا المُرَاؤُونَ، أَمَا يَحِلُّ كُلٌّ مِنْكُمْ يَوْمَ السَّبْتِ رِبَاطَ ثَوْرِهِ أَوْ حِمَارِهِ مِنَ المِذْوَدِ، وَيَذْهَبُ بِهِ فَيَسْقِيهِ؟ وَهَذِهِ ابْنَةُ إِبْرَاهِيمَ قَدْ رَبَطَهَا الشَّيْطَانُ مُنْذُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، أَفَمَا كَانَ يَجِبُ أَنْ تُحَلَّ مِنْ هَذَا الرِّبَاطِ يَوْمَ السَّبْتِ؟" (لُوقَا 13: 15-16).



إِنْ كَانَ الفِرِّيسِيُّونَ المُرَاؤُونَ يَجْرُؤُونَ عَلَى تَصَوُّرِ يَسُوعَ المَسِيحِ الصَّانِعِ المُعْجِزَاتِ أَنَّهُ "بَعْلَ زَبُولَ سَيِّدُ الشَّيَاطِينِ"، فَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِأَنَّ القَلْبَ الخَبِيثَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُخْرِجَ كَلِمَةً طَيِّبَةً (مَتَّى 12: 24-34). وَعَلَيْهِ، فَإِنَّ خَطِيئَةَ المُرَائِي الأَسَاسِيَّةَ هِيَ فَسَادُهُ الخَفِيُّ (مَتَّى 23: 27-28). وَكَانَ يَسُوعُ هُنَا يَسْتَخْدِمُ الكَلِمَةَ الآرَامِيَّةَ הַחֲנֵפִים الَّتِي تَعْنِي فِي الكِتَابِ المُقَدَّسِ "فَاسِقٌ، كَافِرٌ"، فَالمُرَائِي يُصْبِحُ فِي نِهَايَتِهِ كَافِرًا.



لَم يَكن خَطَرُ الرِّيَاءِ مَحْصُورًا عَلَى الفِرِّيسِيِّينَ، إِنَّمَا يَشْمَلُ الجَمِيعَ أَيْضًا (لُوقَا ١٢: ٥٦). فَالمَسِيحِيُّ هُوَ أَيْضًا عُرْضَةٌ لِأَنْ يُصْبِحَ مُرَائِيًا. فَالرَّسُولُ بُطْرُسُ نَفْسُهُ وَبَرْنَابَا وَبَعْضُ اليَهُودِ لَمْ يَنْجُوا مِنْ هَذَا الخَطَرِ فِي حَادِثِ أَنْطَاكِيَا، الَّذِي جَعَلَهُمْ فِي خِلَافٍ مَعَ بُولُسَ الرَّسُولِ، فَسُلُوكُهُمْ كَانَ رِيَاءً، كَمَا نَقْرَأُ فِي رِسَالَةِ غَلَاطِيَّةَ: "لَمَّا قَدِمَ صَخْرٌ (بُطْرُسُ) إِلَى أَنْطَاكِيَةَ، قَاوَمْتُهُ وَجْهًا لِوَجْهٍ، لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَوْجِبُ اللَّوْمَ. ذَلِكَ أَنَّهُ، قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ قَوْمٌ مِنْ عِنْدِ يَعْقُوبَ، كَانَ يُؤَاكِلُ الوَثَنِيِّينَ، فَلَمَّا قَدِمُوا، أَخَذَ يَتَوَارَى وَيَتَنَحَّى خَوْفًا مِنْ أَهْلِ الخِتَانِ، فَجَارَاهُ سَائِرُ اليَهُودِ فِي رِيَائِهِ، حَتَّى إِنَّ بَرْنَابَا انْقَادَ هُوَ أَيْضًا إِلَى رِيَائِهِمْ"(غَلَاطِيَّةَ 2: 12-13). لِذَلِكَ يُوصِي بُطْرُسُ الرَّسُولُ المُؤْمِنَ أَنْ يَعِيشَ بَعِيدًا عَنِ الرِّيَاءِ، عَالِمًا بِأَنَّ الرِّيَاءَ وَاقِفٌ لَهُ بِالمِرْصَادِ: "أَلْقُوا عَنْكُمْ كُلَّ خُبْثٍ وَكُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ أَنْوَاعِ الرِّيَاءِ وَالحَسَدِ وَالنَّمِيمَةِ" (1 بُطْرُسَ 1:2-2). لِأَنَّ الرِّيَاءَ يَقُودُ المُؤْمِنَ إِلَى الاِرْتِدَادِ عَنِ الإِيمَانِ (١ طِيمُوثَاوُسَ 4: 1-2).




رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
اللهَ لا يُخْذِلُ مَنْ يَطْلُبُ بِثِقَةٍ وَإِلْحَاحٍ
التِّلْمِيذُ الحَقِيقِيُّ يَخْدِمُ دُونَ أَنْ يَفْتَخِرَ
الرَّبُّ لَا يَطْلُبُ مِنَّا أَنْ نُكَرِّرَ الْكَلِمَاتِ بَلْ أَنْ نَثْبُتَ فِي حَضْرَتِهِ
الإيمَان هُو مَنْ يَدْفَعنَا لِلتَقَدُم دُونَ خَوْف
"مَنْ يَطْلُبُ الْخَيْرَ يَلْتَمِسُ الرِّضَا، وَمَنْ يَطْلُبُ الشَّرَّ فَالشَّرُّ يَأْتِيهِ"


الساعة الآن 02:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025