منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 11 - 10 - 2025, 02:35 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,372,392

سِرُّ قُوَّةِ المُؤمِنِ


ضَرورَةُ الإِيمَانِ



يُعْتَبَرُ الإِيمَانُ ضَرورِيًّا لِنَيلِ رِضَى اللهِ، كَما جاءَ في الرِّسالَةِ إِلى العِبرانيِّينَ: «"بِغَيرِ الإِيمانِ يَستَحيلُ نَيلُ رِضا الله" (عبرانيين 11: 6). وَمِن هَذا المُنطَلَقِ، فالإِيمانُ لَيسَ أَمرًا جامِدًا قَبِلناهُ وَتَوَقَّف، وَلا فَلسَفَةً نَعتَنِقُها، بَل هُوَ حَياةٌ وَخِبرَةُ عَمَلٍ بِاللهِ الَّذي يَعمَلُ فينا بِلا اِنقِطاع. لَكِن لَيسَ الإِيمانُ ضَرورِيًّا لاِرتِباطِهِ بِأَعمالِ الشَّريعَةِ، كَما يَقولُ القُدِّيسُ بُولُسُ الرَّسولُ: "وَنَحنُ نَرى أَنَّ الإِنسانَ يُبَرَّرُ بِالإِيمانِ بِمَعزِلٍ عَن أَعمالِ الشَّريعَة" (رومة 3: 28). وَيُضيفُ في مَوضِعٍ آخَرَ: "أَمَّا أَنَّ الشَّريعَةَ لا تُبَرِّرُ أَحَدًا عِندَ اللهِ فذاكَ أَمرٌ واضِح، لأَنَّ البارَّ بِالإِيمانِ يَحيا" (غلاطية 3: 11). اللهُ بارٌّ (رومة 1: 17)، وَاللهُ يُبَرِّرُ الإِنسانَ الخاطِئَ (رومة 3: 22)، وَلا يَقتَضِي مِنَ الإِنسانِ لِلحُصولِ على التَّبريرِ إِلّا طاعَةَ الإِيمانِ، أَي قَبولَ البِرِّ بِتَواضُع (رومة 1: 5). وَالإِنسانُ المُبَرَّرُ يَجعَلُ نَفسَهُ في حَياةٍ مَقبولَةٍ عِندَ اللهِ (رومة 6: 13-20). لِذلِكَ يَجِبُ أَن نَعيشَ بِالإِيمانِ بِالمَسيحِ الَّذي أَحبَّنا وَأَعطى نَفسَهُ عَلى الصَّليبِ مِن أَجلِنا، كَما عاشَ بُولُسُ الرَّسولُ قائِلًا: "فَما أَنا أَحيا بَعدَ ذلِك، بَلِ المَسيحُ يَحيا فيَّ. وَإِذا كُنتُ أَحيا الآنَ حَياةً بَشَرِيَّةً، فَإِنِّي أَحياها في الإِيمانِ بِاِبنِ اللهِ الَّذي أَحبَّني وَجادَ بِنَفسِهِ مِن أَجلي" (غلاطية 2: 20).



الإِيمانُ ضَرورِيٌّ أَيضًا لِأَعمالِ الرَّحمَةِ الإِنجِيلِيَّةِ وَالمَحبَّةِ المَسيحِيَّةِ. لِذلِكَ يُشَدِّدُ بُولُسُ الرَّسولُ على أَهمِّيَّةِ الأَعمالِ، وَذلِكَ عَبرَ طاعَةِ المُؤمِنِ لِشَريعَةِ المَحبَّةِ، كَما يُشَدِّدُ على أَهمِّيَّةِ الأَعمالِ فيما يَتَعَلَّقُ بِالدَّينُونَةِ الَّتي يُدانُ بِها كُلُّ واحِدٍ بِحَسَبِ أَعمالِهِ (رومة 2: 5). وَيَبني بُولُسُ الرَّسولُ ثِقَتَهُ فيما يَتَعَلَّقُ بِالدَّينُونَةِ لا على أَعمالِهِ، بَل على اللهِ الَّذي يُبَرِّرُ، وَعلى المَسيحِ الَّذي ماتَ وَيَشفَعُ لِجَميعِ النّاسِ (رومة 8: 39).



الإيمان والأعمال: الأَعمالُ هِيَ الَّتي تُحيِي الإِيمانَ وَتَجعَلُهُ قَوِيًّا لِصُنعِ المُعجِزاتِ، بَل أَعظَمَ مِنَ المُعجِزاتِ، مِن خِلالِ تَحوِيلِ الشَّرِّ إِلى خَيرٍ، وَنَزعِ الحَياةِ مِنَ المَوتِ، وَالقِيامِ بِأَعمالِ الرَّحمَةِ الإِنجِيلِيَّةِ وَالمَحبَّةِ المَسيحِيَّةِ الَّتي نادَى بِها المَسيحُ اِكتِمالًا لِشَريعَةِ موسى. لِذلِكَ يُطالِبُ بُولُسُ الرَّسولُ بِمُمارَسَةِ الإِيمانِ في المَحبَّةِ، فَيَنصَحُ تِلميذَهُ طيموتاوس: "اِمتَثِلِ الأَقوالَ السَّليمَةَ الَّتي سَمِعتَها مِنِّي، اِمتَثِلهَا في الإِيمانِ وَالمَحبَّةِ الَّتي في المَسيحِ يَسوع" (2 طيموتاوس 1: 13).



وَيُؤَكِّدُ يَعقوبُ الرَّسولُ أَنَّ الإِيمانَ لا يُخَلِّصُ بِمَعزِلٍ عَنِ الأَعمالِ، وَأَنَّهُ مَيِّتٌ دُونَها، إِذ يَقولُ: "فَالإِيمانُ، فَإِن لَم يَقتَرِن بِالأَعمالِ كانَ مَيِّتًا في حَدِّ ذاتِه" (يعقوب 2: 17). "فَكَما أَنَّ الجَسَدَ بِلا رُوحٍ مَيِّت، فَكَذلِكَ الإِيمانُ بِلا أَعمالٍ مَيِّت" (يعقوب 2: 26). "ماذا يَنفَعُ، يا إِخوَتي، أَن يَقولَ أَحَدٌ إِنَّهُ يُؤمِن، إِن لَم يَعمَل؟ أَبِوُسعِ الإِيمانِ أَن يُخَلِّصَه؟" (يعقوب 2: 14).



الأَعمالُ الَّتي يَذكُرُها يَعقوبُ الرَّسولُ لَيسَت أَعمالَ الشَّريعَةِ الَّتي يَتَكَلَّمُ عَنها بُولُسُ الرَّسولُ في رِسالَتَيهِ إِلى أَهلِ غَلاطِيَّةَ وَأَهلِ رُومَةَ، إِنَّما هِيَ الأَعمالُ الَّتي يَبلُغُ الإِيمانُ كَمالَهُ فيها، وَلا سِيَّما في مَحبَّةِ القَريبِ وَالصَّلاةِ. فيُصَرِّحُ: "تَرَونَ أَنَّ الإِنسانَ يُبَرَّرُ بِالأَعمالِ، لا بِالإِيمانِ وَحدَه" (يعقوب 2: 24). فَمَن جَعَلَ ثِقَتَهُ في كَلِمَةِ الحَقِّ، القادِرَةِ وَحدَها على تَخليصِ الخاطِئِ، خَضَعَ أَيضًا لِمَشيئَةِ اللهِ في كُلِّ ما يَمتُّ بِصِلَةٍ إِلى حَياتِهِ. فَالأَعمالُ تُكَمِّلُ الإِيمانَ: "تَرى أَنَّ الإِيمانَ ساهَمَ في أَعمالِهِ، وَأَنَّهُ بِالأَعمالِ اكتَمَلَ الإِيمانُ" (يعقوب 2: 22). رِسالَةُ يَعقوبَ تُوَفِّقُ بَينَ الإِيمانِ وَأَعمالِ الإِيمانِ. أَمَّا بُولُسُ الرَّسولُ فَيُطالِبُ بِأَولَوِيَّةِ الإِيمانِ، مُميِّزًا إِيّاهُ عَن أَعمالِهِ.



نَستَنتِجُ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ الإِيمانَ هُوَ سِرُّ قُوَّةِ المُؤمِنِ، لا لِمُمارَسَةِ أَعمالٍ خارِقَةٍ بِلا هَدَفٍ، وَإِنَّما أَوَّلًا لِنَيلِ حَياةِ المَسيحِ يَسوع، حَيثُ إِنَّنا نَعيشُ بِروحِ المَحبَّةِ الغافِرَةِ لِأَخطَاءِ الآخَرينَ. وَبِهِ نَطرُدُ الرُّوحَ الشِّرِّيرَ وَكُلَّ أَعمالِهِ، فَنَقلَعُهُ مِن حَياتِنا كَما نَقلَعُ شَجَرَةَ التُّوتِ، لِنُلقِيَ بِها في هاوِيَةِ البَحرِ وَأَعمَاقِ المُحيطاتِ.



اِختِصارًا، الإِيمانُ نِعمَةٌ مِنَ اللهِ، وَما النِّعمَةُ إِلَّا حَياةُ اللهِ فينا. لَيسَت شَيئًا نَمتَلِكُهُ، بَل هِيَ تَغَيُّرٌ حَقيقِيّ، مَعَ كُلِّ ما يَحمِلُهُ التَّغَيُّرُ مِن فُقدانٍ وَمِن مَكسَبٍ. أَنْ نَحيا حَياةَ اللهِ يَعني أَنْ نَستَقبِلَ روحَ القُوَّةِ في جَسَدٍ مَطبوعٍ بِالضَّعفِ، وَأَنْ نَستَقبِلَ روحَ المَحبَّةِ في قَلبٍ مُعتادٍ عَلى الأَنانيَّةِ، وَأَنْ نَستَقبِلَ روحَ الفِطنَةِ في عَقلٍ يَهوى هَناءَ الغَبَاء.



ونستنتج مِمَّا سبق أن صرخة الرسل "زِدْنَا إِيمَانًا» – هِيَ صَرْخَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا أَمَامَ ثِقَلِ الحَيَاةِ وَصُعُوبَةِ الغُفْرَانِ. يُذَكِّرُنَا يَسُوعُ بقُوَّةُ الإِيمَانِ الصَّغِيرِ. أَنَّ الإِيمَانَ، وَلَوْ بِحَجْمِ حَبَّةِ خَردَل، قَادِرٌ أَنْ يَصْنَعَ المُسْتَحِيلَ، لِأَنَّهُ يَرْتَكِزُ عَلَى قُدْرَةِ اللهِ لَا عَلَى قُوَّتِنَا. يقول القديس الذَّهَبِيُّ الفَم: "لَيْسَ حَجْمُ الإِيمَانِ بَلْ صِدْقُهُ هُوَ الَّذِي يُخَلِّصُ"

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
عَمَلُ النِّعْمَةِ فِي قَلْبِ المُؤمِنِ الَّذي يَضَعُ ثِقَتَهُ الكامِلَةَ فِي المَسيحِ
لا خَوفَ عَلى نَفْسِ المُؤمِنِ الّتي هي في يَدِ المسيح
شَعبِ المَسيحِ الحَقيقيِّ المُؤمِنِ الّذي سَلَّمَ نَفسَهُ إِليهِ طَوعًا وَاخْتِيارًا
اِنْتِصَارَهُ على قُوَّةِ المَرَضِ وَالخَطِيئَةِ
(رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس 1: 8) بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ


الساعة الآن 03:33 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025