![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نظرة القدِّيس غريغوريوس أسقف نيصص للعبوديَّة: يرى بعض الدارسين أن القديس غريغوريوس أسقف نيصصهو أول لاهوتي قام بثورة فكريَّة ضد العبوديَّة. قدم في منتصف عظته الرابعة على سفر الجامعة أساسًا لاهوتيًا لمقاومة العبوديَّة يتلخَّص في النقاط التالية. أن يظن كائن بشري إنَّه سيِّد لجنسه، إنَّما يحسب في نفسه إنَّه مختلف عن الخاضعين له (كأنَّه من طبيعة غير طبيعتهم). الطبيعة البشريَّة التي خلقها الله حرَّة، لكل منهم حق أخذ قراراته المصيريَّة بنفسه. يجب التمييز بين الممتلكات والخليقة غير العاقلة، وبين صورة الله ومثاله الكائن العاقل الحرّ. استحالة السيادة على صورة الله الحرة، فإنَّه لا يقدر إنسان أن يدفع ثمن آخر! اللقب (سيِّد) لا يُعطي سيادة على الخاضعين له. مَنْ أنت يا من تظن أنَّك سيِّد لكائن بشري؟ فيما يلي فقرات ممَّا وردد في كتاباته: 1. كلُّنا متساوون بالطبيعة: * جميعنا متساوون بالطبيعة. * ليست الطبيعة بل (حب) السلطة هو الذي قسم البشريَّة إلى عبيد وسادة. * وهب الله البشريَّة حق تقرير مصيرها (ليس للسيِّد أن يتحكَّم في حياة العبد). * هذا الذي يخضع لك بالعادة والقانون هو مساوي لك في كرامة الطبيعة. * (خلقت البشريَّة في الأصل متكاملة) لكل واحدٍ سلطان أن يدير حياته بلا سيِّد، وأن يمارس حياة بلا حزن ولا تعب؛ فماذا يعني أن تُقاد إلاَّ أن تُستعبد؟! * أن تُقسَم الخليقة التي تحتفظ بحق الطبيعة في المساواة إلى عبيد وقوَّة حاكمة، قسم يأمر والآخر يخضع، هو طغيان واغتصاب للنظام الذي وضعه الله. * (العبوديَّة هي) خصي لتكامل الكائن الحي. * حالة الاستقلال والحرِّيَّة هي استدعاء الحكمة لإرادة الإنسان. * أكبر مشكلة للحرِّيَّة هو أن يكون الإنسان سيِّد نفسه. 2. الله سيِّد الكل: * يقول (السيِّد): لقد اقتنيت لي عبيدًا وجواري، وقد ولد عبيد في بيتي لأجلي. اُنظر مدى بشاعة العجرفة؟ مثل هذا النوع من الحديث هو تحدِّي لله. إذ نسمع من النبوَّة أن كل الأشياء عبيد للقوَّة التي تفوق على الكل. لذلك عندما يحوِّل أحد ممتلكات الله ليجعلها ممتلكاته، وينتحل لنفسه سلطانًا على جنسه ظانًا أنَّه يملك رجالًا ونساء، فإن ما يفعله ليس إلاَّ تخطِّي لطبيعته بالكبرياء، ظانًا في نفسه أنَّه شيء مختلف عن الخاضعين له. 3. الطبيعة البشريَّة حرَّة: * [اقتنيت عَبِيدًا وَجَوَارِيَ]. ماذا تُعني؟ تلزم إنسانًا بالعبوديَّة بينما طبيعته حرَّة وله إرادة حرَّة (له حق تقرير مصير نفسه)، وأنت تقدِّم تشريعًا فيه منافسة مع الله، محوِّلًا شريعته إلى شريعة بشريَّة. لقد وضع سمات معيَّنة ليكون الإنسان هو ملك الأرض، وأن تُدار حياته بواسطة الخالق، هذا الذي أنت تأتي به إلى نير العبوديَّة، وكأنَّك تتحدَّى القانون الإلهي وتحاربه. 4. لماذا تتعدَّى حدود سلطانك؟ * لقد نسيت حدود سلطانك، قانونك هو أن تسيطر على الأشياء غير العاقلة، فقد كتب: "لتتسلَّطوا" على الطيور والأسماك وذوي الأربعة أرجل والزحافات. لماذا تتعدَّى الحدود في ما يخضع لك وتقيم نفسك فوق من هم أحرار، حاسبًا من هم من جنسك كمن في مستوى ذوي الأربعة أرجل بل وفي مستوى من لا أرجل لهم؟ أخضعت كل الأشياء للإنسان، هكذا تعلن كلمة النبوَّة، وجاء في النص الأشياء الخاضعة: الغنم والثيران والقطيع. حقًا لم يولد الإنسان من قطيعك! لم تحبل البقر بقطيع بشري! الكائنات غير العاقلة هي وحدها العبيد للإنسان. بتقسيمك البشر إلى "عبيد" و"مُلاَّك" تجعل من البشريَّة تَستعبد نفسها، وتملك نفسها!. 5. أي ثمن دفعته لشراء عبيدك؟ * "اقتنيت لي عبيدًا وجواري" اَخبرني بأي ثمن؟ ماذا وجدت في المسكونة ما يُضاهي الطبيعة البشريَّة؟ أيّ ثمن تقدِّمه مقابل التعقُّل (لأن العبد إنسان عاقل)؟ كم obole يمكن دفعه مقابل التشبُّه بالله (لأن العبد على شبه الله)؟ كم staters أخذت عندما بعت كائنًا شكَّله الله؟ يقول الله: "لنصنع الإنسان على صورتنا ومثالنا". فإن كان على شكل الله ويسيطر على الأرض، ووُهب سلطانًا على كل ما على الأرض من قبل الله، فمن يكون المشتري؟ أخبرني! من بائعه؟ الله لا يريد أن ينزل بالجنس البشري إلى العبوديَّة، إذ هو نفسه - عندما صرنا عبيدًا للخطيَّة - تلقائيًا دعانا إلى الحرِّيَّة. إن كان الله لا يستعبد ما هو حرّ، من هو ذاك الذي يجعل سلطانه فوق الله؟. 6. هل يُباع العبد مع ما يمتلكه؟ الأرض كلّها! يرى البعض أنَّه بحسب القانون الروماني عندما يُباع عبد لا تشمل عمليَّة البيع ممتلكات العبد (مثل ثيابه)، لكن القديس غريغوريوسوهو يوبِّخ من يشترك في عمليَّات بيع أو شراء العبيد يتحدَّث بلغة الإنسان الروحي والواعظ لا المحامي ورجل القانون، إذ يرى من العار أن يباع الإنسان وهو كائن حرّ مع ما يملكه، فقد أقام الله الإنسان ليُسيطر على الأرض كلّها. * كيف يُعرض للبيع صاحب السلطان على كل الأرض وكل الأمور الأرضيَّة؟ فإن ما يملكه الشخص المبُاع يرتبط به ويُباع معه أيضًا. ما هي قيمة الأرض كلّها؟ كم قيمة الأشياء التي على الأرض؟ إن كانت لا تقدَّر بثمن، فأي ثمن يُقدَّم عن ذاك الذي فوق الكل؟ اخبرني... ذاك الذي يعرف الطبيعة البشريَّة بحق يقول إن كل العالم لا يستحق أن يُقدِّم مقابل نفسٍ بشريَّة. لذلك عندما يُقدَّم كائن بشري للبيع فإن مالك الأرض يُقدَّم إلى مزاد للبيع. لنفرض إذن أن الأشياء التي يمتلكها تُقدَّم أيضًا للمزاد. هذا يعني أن الأرض كلَّها، والجزائر، والبحار وكل ما فيها مقدَّمة للبيع. ماذا سيدفع المشتري؟ ماذا يقبل البائع واضعًا في حساباته بالتفصيل كم هي الممتلكات موضوع الصفقة. 7. كيف يُكتب عقد بيع العبد؟ يرى القديس غريغوريوس أن الله الذي وهب الإنسان أن يسيطر على العالم كلُّه كيف يُمكن لورقةٍ وقلمٍ أن يُسجِّلا بيعه وشراءه! * هل قطعة من الورق، والعقد المكتوب، وعدّ العملة يخدعك ظانًا في نفسك أنَّك صرت سيِّدا على صورة الله؟ أيَّة غباوة هذه؟! فإن فُقد العقد، إن أكل العث الكتابة، أو سقط عليها نقطة ماء فأفسدتها، أيّ ضمان لك من جهة عبوديَّتهم؟ ما الذي يُعضِّد لقبك كمالكٍ. لم يتحدَّث القديس غريغوريوس صراحة عن الثمن الذي دُفع عن كل نفسٍ بشريَّة، وهو دم السيِّد المسيح الذي اشترانا، ولن تستطيع قوَّة أن تنتزع هذا الصك أو تفسده أو تمحيه. لقد اشترينا جميعًا بثمنٍ، ولا يستطيع أحد منا أن يشتري أخاه! 8. اختلاف في اللقب لا غير: يرى القديس غريغوريوس أن الاختلاف بين السيِّد والعبد هو في اللقب لا غير، لكنهما شريكان في كل شيء. * لا أرى أن لك سمو على الخاضعين لك سوى اللقب وحده. ماذا يقدِّم لك هذا السلطان كشخص؟ لا يهبك طول عمرٍ ولا جمالًا ولا صحَّة، ولا سموًا في الفضيلة. أصلك من نفس الأسلاف التي ينسب إليها، وحياتك من نفس نوع حياته، آلام النفس والجسد تحوط بك يا من تملكه وبالذي يخضع لملكيَّتك: من آلام ومسرَّات، مرح ومصائب، أحزان ومباهج، ثورات ومخاوف، أمراض وموت. هل يوجد خلاف في هذه الأمور بين العبد ومالكه؟ ألم ينسحب إلى ذات الهواء الذي يتنسمه؟ ألا يصير الاثنان ترابًا واحدًا بعد الموت؟ أليست دينونة واحدة للاثنين؟ ملكوت واحد وجهنَّم واحد! إن كنتما متساويين في كل مثل هذه الأشياء ففي أي شيء أنت أعظم منه؟ أخبرني وأنت بشري تظن أنَّك سيِّد لكائن بشري؟ ويقول: "قَنَيْتُ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ"، وكأنَّهم قطيع من الماعز أو الخنازير. 9. دعوة لعتق العبيد: في عظة له على عيد القيامة المجيد حثَّ القديس غريغوريوس أسقف نيصص السادة على تحرير عبيدهم كما حرَّرنا السيِّد المسيح بقيامته من عبوديَّة الخطيَّة. [الآن هل تحرَّر المسجونون، وعُفي عن المدينين، وعتق العبيد بإعلان صالح ولطيف من قبل الكنيسة؟! لقد سمعتم أيُّها السادة، أعطوا اهتمامًا لقولي كقولٍ صادقٍ. انزعوا الألم عن النفوس المتضايقة كما ينتزع الرب الموت عن الأجساد، وحوِّلوا عارهم إلى كرامة، وضيقهم إلى فرح، وخوفهم من أن يتحدَّثوا إلى انفتاح. احضروا المطروحين في الزوايا كما من قبورهم، اجعلوا جمال العيد يزهر كزهرة فوق كل أحدٍ. في موضع آخر يقول: [اللطف يزهر في... تقديم يدٍ سخيَّة لعبيدٍ نالوا سعادة قليلة في بدء عبوديَّتهم، وعانوا مرارة في حياتهم بعد]. وفي حديث آخر يعتقد القديس غريغوريوس أن المجتمع المسيحي يلزمه أن يلتزم بالمساواة، لذا يجب انتزاع العبوديَّة وكل ظلم من الجماعة الكنسيَّة. [لتُمحى الاختلافات الاجتماعيَّة، فلا يوجد خضوع وسلطة، فقر وغنى فاحش، عامي منحط وأسرة مكرمة، ولا مجال لعدم المساواة... لنحكم بالمساواة السياسيَّة والتشريعيَّة، وتوزَّع على كل واحدٍ في كمال الحرِّيَّة وبطريقة مملوءة سلامًا ليختار ما يريده] |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تصميم | القديس غريغوريوس أسقف نيسس |
القديس غريغوريوس أسقف نيصص |
صورة القديس غريغوريوس أسقف نيصص |
أبونا الجليل في القديسين غريغوريوس أسقف نيصص |
أيقونة للقديس غريغوريوس أسقف نيصص |