![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() عَمَلُ المَحبَّة – رِباطُ الإِيمانِ والسُّكنى الإِلَهيَّة تُنشِئُ الْمَحَبَّةُ رِبَاطًا وَثِيقًا بَيْنَ يَسُوعَ وَالتَّلْمِيذِ الأَمِينِ لِوَصَايَاهُ. غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ الآبِ، فَوُجُودُ الْوَاحِدِ لَا يُعْقَلُ دُونَ الآخَرِ، كَمَا قَالَ: "أَنَا وَالْآبُ وَاحِدٌ" (يُوحَنَّا 10: 30). لِذَا، يَعِدُ يَسُوعُ بِمَجِيءِ الآبِ وَالابْنِ مَعًا إِلَى قَلْبِ التَّلْمِيذِ الَّذِي يَحْفَظُ كَلَامَهُ: "إِذَا أَحَبَّنِي أَحَدٌ، حَفِظَ كَلَامِي، فَأَحَبَّهُ أَبِي، وَنَأْتِي إِلَيْهِ، فَنَجْعَلُ لَنَا عِندَهُ مُقَامًا" (يُوحَنَّا 14: 23). نَعَم! إِنَّ يَسُوعَ يَسْكُنُ فِي قُلُوبِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، وَيَفْتَحُونَ لَهُ أَبْوَابَ قُلُوبِهِمْ طَوْعًا، وَعَنْ حُبٍّ وَقَنَاعَةٍ وَرِضًا. لَكِنَّهُ لَا يُظْهِرُ ذَاتَهُ إِلَّا لِمَن يُحِبُّهُ بِصِدْقٍ، لِأَنَّهُ يَحْتَرِمُ حُرِّيَّةَ الإِنسَانِ، وَلَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْحُبِّ، إِذْ لَا إِكْرَاهَ فِي الْعَلَاقَةِ الْحَيَّةِ. فَالْحُبُّ يُمْنَحُ، لَا يُنْتَزَعُ؛ وَيُكافَأُ، لَا يُفْرَضُ. يُحَذِّرُ السَّيِّدُ الْمَسِيحُ مِنْ مُحَبَّةِ هَذَا الْعَالَمِ وَمُبَاهِجِهِ الْبَاطِلَةِ، لِأَنَّهَا تُحْرِمُ الإِنسَانَ مِنْ حِفْظِ كَلَامِ اللَّهِ، وَتُحَوِّلُهُ إِلَى عَبْدٍ لِلظُّلْمَةِ، لَا ابْنٍ لِلنُّورِ؛ فَيُصْبِحُ فِي شَرِكَةٍ مَعَ الشَّيْطَانِ لَا مَعَ الْمَسِيحِ. وَمَن لَا يَحْفَظُ الْوَصَايَا، يَرْفُضُ لَيْسَ فَقَطِ الْابْنَ، بَلْ الآبَ أَيْضًا. كَمَا قَالَ الْقُدِّيسُ يُوحَنَّا الذَّهَبِيُّ الْفَمِ: "مَن لَا يَحْفَظُ الْوَصَايَا لَا يُحِبُّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ فَقَطِ، لَكِنَّهُ لَا يُحِبُّ الآبَ أَيْضًا؛ وَإِنْ كَانَتْ دَلَالَةُ الْحُبِّ هِيَ الاِسْتِمَاعُ لِلْوَصَايَا، فَمَن يَسْمَعُهَا لَا يُحِبُّ الْابْنَ فَقَطِ، بَلْ يُحِبُّ مَعَهُ أَبَاهُ أَيْضًا". لَقَدْ أَدْخَلَ يَسُوعُ تَلاَمِيذَهُ فِي عَالَمِ الإِيمَانِ العَمِيقِ، وَجَعَلَ هَذَا الإِيمَانَ يَتَجَلَّى فِي الحُبِّ؛ لِأَنَّ حُضُورَ الآبِ وَالابْنِ وَالرُّوحِ القُدُسِ فِي قَلْبِ التَّلْمِيذِ هُوَ ثَمَرَةُ حُبِّهِ وَأَمَانَتِهِ. وَهَذَا الحُضُورُ لَيْسَ نَظَرِيًّا، بَلْ حَقِيقِيٌّ، وَعَدٌ إِلَٰهِّيٌّ لِلتَّلْمِيذِ الَّذِي يُحِبُّ: "إِذَا أَحَبَّنِي أَحَدٌ، حَفِظَ كَلَامِي" (يُوحَنَّا 14: 23). وَهَكَذَا الإِيمَانُ يُصْبِحُ حُبًّا، وَالحُبُّ حُضُورًا. وَجُذُورُ الحُبِّ وَالطَّاعَةِ مَوْجُودَةٌ فِي العَهْدِ القَدِيمِ. مَا يَطْلُبُهُ يَسُوعُ فِي العَهْدِ الجَدِيدِ هُوَ استِمْرَارِيَّةٌ لِمَا أَوْصَى بِهِ اللَّهُ فِي العَهْدِ القَدِيمِ: "أَحِبِّ الرَّبَّ إِلَهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَكُلِّ نَفْسِكَ، وَكُلِّ قُوَّتِكَ" (تثْنِيَةُ اشْتِرَاعٍ 6: 5). فَحِفْظُ الكَلَامِ، وَأَمَانَةُ التَّلْمِيذِ لَهُ، يَضْمَنَانِ لَهُ صَدَاقَةً حَيَّةً مَعَ اللَّهِ، لَا كَفِكْرَةٍ، بَلْ كَشَرِكَةٍ مَعَ الأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ فِي عُمُقِ حَيَاتِهِ وَسُلُوكِهِ. مَن يُحِبُّ يَسُوعَ، يُكَرِّمُ الآبَ. وَمَن يَحْفَظُ الكَلَامَ، يَسْكُنُ اللَّهُ فِيهِ. وَمَن يَرْفُضُ الطَّاعَةَ، يَفْقِدُ الشَّرِكَةَ. فَالمَحَبَّةُ لَيْسَتْ شُعُورًا، بَلْ شَرِكَةٌ حَيَّةٌ وَسُكْنَى إِلٰهِيةٌ. هَلْ نَعِيشُ فِي شَرِكَةٍ مَعَ الثَّالُوثِ؟ حِينَ نَحْفَظُ كَلَامَ اللَّهِ، يَسْكُنُ اللَّهُ فِيهِ. فَلْيَكُنْ قَلْبُنَا "هَيْكَلًا" لِلثَالُوثِ الأَقْدَسِ، لَا مَكَانًا لِعَبَثِ الْخَطِيئَةِ أَوِ الاسْتِقْلَالِيَّةِ عَنْ مَشِيئَةِ الرَّبِّ. |
![]() |
|