وبعد نموه المتزايد فى الفضيلة والنسك حسده الشيطان الذى هو عدو كل صلاح فلم يتحمل ان يرى مثل هذا الشاب المثابر على الفضيلة فاخذ يشن عليه حربه الشديدة عليه لكى يثنيه عن هذا الطريق فحاربه بهمسه بالأفكار الرديئة فتارة يهمس فى فكره عن ثروته التى تركها وتارة اخرى يقوده الى الندم على تركه أخته الصغيرة وعدم عنايته بها وتارة محبة المال ومحبة المجد وملذات الطعام وغيرها من تنعمات الحياة وأخيرا صور له صعوبة الطريق الذى هو سالك فيه وهذه خزعبلات كانت فى النهار اما فى الليل فكان يحاربه ضد عفته فكان يظهر له فى شكل امرأة جميلة وقلد حركاتها لإغوائه وكان يظهر له فى صور أشباح مخوفة جدا ومرعبة للغاية كان السابق من امر الشيطان لإغواء انطونيوس وإسقاطه وإرجاعه عن هذا الطريق اما القديس انطونيوس فقد واجه كل هذه الهجمات الشرسة من عدو الخير بأسلحته ( سلاح الله الكامل ) فامتلأ عقله ووجدانه بالمسيح وقد فكر فى روحانية النفس وبصلواته الكثيرة المستمرة واخذ يردد فى فكره فردوس النعيم وايضا تهديد الله بالنار جهنم والدود الذى لا يموت وبإشهاره سلاح الله الكامل امام وجه خصمه فقد جاز التجربة دون ان يمس بأذى . ولأن الرب كان يعمل مع انطونيوس الرب الذى من اجلنا اخذ جسدا ووهب الجسد نصرة على ابليس حتى يستطيع كل من يحارب باخلاص ان يقول : ” لست انا بل نعمة الله التى معى ”
( 1 كو 15 : 1) وقد انتصر على الشيطان . واعترف الشيطان بهزيمته امامه وظهر له كولد اسود وقال له :” لقد خدعت كثيرين وطرحت كثيرين ولكننى برهنت على ضعفى اذ هاجمتك وهاجمت كل جهودك وأتعابك كما هاجمت كثيرين غيرك ” فسال انطونيوس ” من انت يا من تتكلم هكذا معى ” فأجابه بصوت حزين أسيف : انا صديق الزنى وانا ادعى روح الشهوة . وما أكثر العفيفين الذين خدعتهم باغراءاتى وانا الذى يقول عنى النبى ” روح الزنى قد اضلكم “. (هـ4 : 12 ) وانا الذى ضايقتك كثيرا وغلبت منك كثيرا .
اما انطونيوس فشكر الله وقال له ” اذ فانت حقير جدا لانك اسود القلب وضعيف كطفل ومن الان فصاعدا لن اجزع منك ” لان الرب معينى وانا سأرى باعدائى ” ( مز 118 : 7 ) فهرب الشيطان من امامه مخزيا .