كان موسى في أسعد لحظات عمره وهو في حضرة الرب يتسلم نيابة عن الشعب كله، بل وعن البشرية، شريعة الرب، في جوٍ رهيبٍ للغاية. يقف صائمًا لا يأكل ولا يشرب أربعين يومًا، في عزلة كما عن العالم كله، على الجبل المتقد نارًا، يلتقي مع خالق السماء والأرض، الذي ينقش بإصبعه الإلهي الشريعة على لوحين من الحجارة. كان يود أن ينزل إلى الشعب ليقدم لهما اللوحين كلوحي عهد بين الله والإنسان، لكنه عاد ليجد العهد قد انكسر بسرعة لم يتوقعها.
ألقى بلوحي العهد على الأرض فانكسرا، ليُدرك الكل أنهم كسروا العهد بإغاظتهم الرب.
عبّر موسى النبي عن فزعه الشديد لا بالتقائه مع الرب وسط النار، بل بإدراكه السخط الإلهي الذي حلّ عليهم لإبادتهم تمامًا.
لقد صام للمرة الثانية أربعين يومًا أخرى وتوسل عن شعبه، وسمع له الرب تلك المرة أيضًا. إذن أين هو برّهم الذي يفتخرون به؟!