![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَصِيَّةٌ جَديدةٌ بِمِقياسِها تَطلُبُ وَصِيَّةُ المَحبَّةِ الوارِدَةُ في سِفْرِ الأَحْبارِ مَحبَّةَ القَريبِ (أَحبار 19: 18)، كَما يُحِبُّ الإِنسانُ نَفسَهُ، حَيثُ أَنَّ مِقياسَ المَحبَّةِ عِندَ اليَهودِ يَكمُنُ في عَدمِ الخُروجِ عَن وَصايا اللهِ، وَعَدمِ إِيذاءِ القَريبِ. أَمَّا مِقياسُ المَحبَّةِ في العَهدِ الجَديدِ، فَهُوَ مَحبَّةُ القَريبِ كَما أَحَبَّنا المَسيحُ وَبَذَلَ نَفسَهُ في سَبيلِنا (يُوحَنَّا 13: 1). فَوَصِيَّةُ المَحبَّةِ قَديمَةٌ، وَلَكِنَّ الصَّليبَ قَدَّمَها لَنا بِأَبعادٍ جَديدةٍ. وَيُعَلِّقُ الكاردينالُ اللّاهوتِيُّ شارل جُورنيِه: "حينَ يَكبُرُ الحُبُّ، فَإِنَّ مِقياسَ الحُبِّ يَكبُرُ أَيضًا." لِذلِكَ، فَإِنَّ أَنْ نُحِبَّ كَما أَحَبَّنا المَسيحُ، يَعني أَنْ نُحِبَّ نَفْسَ مَحبَّةِ اللهِ الآبِ لِلاِبْنِ يَسوعَ المَسيحِ، كَما جاءَ في صَلاةِ يَسوعَ الكَهنُوتِيَّةِ: "عَرَّفتُهُم بِاسمِكَ، وَسأُعَرِّفُهُم بِهِ، لِتَكونَ فيهِمِ المَحبَّةُ الَّتي أَحبَبتَني إِيَّاها، وَأَكونَ أَنا فيهِم" (يُوحَنَّا 17: 26). يُذَكِّرُنا يُوحَنَّا الإِنْجيليُّ:"فإِذا أَحَبَّ بَعضُنا بَعضًا، فَاللهُ فينا مُقيمٌ، وَمَحبَّتُهُ فينا مُكتَمِلَةٌ" (1 يُوحَنَّا 4: 12). وَبِذلِكَ تَكونُ وَصِيَّةُ المَحبَّةِ جَديدةً، لأَنَّها تَدعُونا لا أَنْ نَعكِسَ صُورَةَ هذِهِ المَحبَّةِ فَحَسْب، بَل أَنْ نُمارِسَ عَمَلِيًّا مَحبَّةَ اللهِ الآبِ لِابنِهِ — وَهيَ مَحبَّةٌ لَم تَظهَرْ بِمِثلِ هذِهِ القُوَّةِ قَبلَ تَجَسُّدِ الرَّبِّ يَسوعَ المَسيحِ وَمَوتِهِ لأَجلِنا على صَليبِ الجُلجُثَّةِ. فَيَقومُ مِقياسُ المَحبَّةِ عِندَ المَسيحِ على بَذلِ الذَّاتِ: "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظَمُ مِن أَنْ يَبذُلَ نَفْسَهُ في سَبيلِ أَحِبَّائِهِ" (يُوحَنَّا 15: 13). لَيْسَتِ الوَصِيَّةُ الجَدِيدَةُ جَدِيدَةً فِي شَكْلِهَا، فَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الشَّرِيعَةِ: "تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ" (أحبار 19: 18)، وَلَكِنَّهَا جَدِيدَةٌ فِي مِقْيَاسِهَا: "كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا". فَالمَحَبَّةُ المَسِيحِيَّةُ لَيْسَتْ مَجَرَّدَ مَشَاعِرَ أَو عَوَاطِف، بَلْ هِيَ عَطَاءٌ حَتَّى بَذْلِ الذَّات، كَمَا أَحَبَّ يَسوعُ حَتَّى الصَّلِيبِ. بِهَذَا المِقْيَاسِ الجَدِيدِ، يَصِيرُ الصَّلِيبُ مِعْيَارَ المَحَبَّة، وَيُصْبِحُ التَّلَمُذُ لِيَسوعَ مَرْهُونًا بِالاقْتِدَاءِ بِهِ فِي خِدْمَةِ الإِخْوَةِ، حَتَّى النِّهَايَة. يَكمُلُ هذَا المِقياسُ فِي أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ لِلآخَرينَ ما يُحِبُّونَ لِأَنفُسِهِم، وَأَنْ يُحِبُّوا في النَّاسِ المَسيحَ الَّذي أَحبَّهُم، وَأَنْ يُحِبُّوا بِلا قُيودٍ وَبِلا حُدودٍ. فَمَنْ يُحِبُّ المَسيحَ وَيُحِبُّ مِن أَجلِهِ النَّاسَ أَجمَعينَ، لا يَعرِفُ البُغضَ وَلا الحَسَدَ، وَلا يَتَمَنّى الشَّرَّ لأَحَدٍ، وَإِنَّهُ لا يَتَباهى، وَلا يَنتَفِخُ، وَلا يَأتي قُباحَةً، وَلا يَسعَى وَراءَ مَكسَبٍ خاصٍّ على حِسابِ اللهِ وَالقَريبِ، وَلا يُخاصِمُ أَحدًا، وَلا يُنافِقُ مَعَ أحد. "إِنَّهُ لا يَظُنُّ بِالسُّوءِ، وَلا يَفْرَحُ بِالظُّلْمِ." (1 قورنتس 13). هيَ وَصِيَّةٌ جَديدةٌ بِقَدْرِ ما تَقْتَضِي تَواضُعًا وَرَغْبَةً فِي الخِدْمَةِ، تَحْمِلانِ عَلَى اخْتِيارِ الْمَكانِ الأَخِيرِ، وَعَلَى الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ الآخَرِينَ؛ وَتَذْهَبُ الْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ إِلَى أَقْصى حُدودِ الْبَذْلِ وَالْعَطاءِ. وَلَيْسَتِ الْمَحَبَّةُ مُجَرَّدَ مَشَاعِرَ حَارَّةٍ، لَكِنَّهَا سُلُوكٌ وَعَمَلٌ. وَالْمَحَبَّةُ الأَخَوِيَّةُ فِي نَظَرِ بُولُسَ الرَّسُولِ هِيَ خِدْمَةٌ مُتَبَادَلَةٌ، كَما يَقُولُ: "بِالْمَحَبَّةِ اخْدِمُوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا" (غلاطِيَّة 5: ١٣). أَخيرًا، فِي الْمَحَبَّةِ، يُنْكِرُ الْمَرْءُ ذَاتَهُ مَعَ الْمَسِيحِ الْمَصْلُوبِ، كَمَا عاشَ بُولُسُ الرَّسُولُ: "مِن أَجْلِ الْمَسِيحِ َسِرْتُ كُلَّ شَيْءٍ، وَعَدَدْتُ كُلَّ شَيْءٍ نُفَايَةً لِأَرْبَحَ الْمَسِيحَ." (فيلبِّي 3: 1-11). وَيُؤَكِّدُ بُولُسُ الرَّسُولُ أَنَّهُ لا قِيمَةَ لِشَيْءٍ بِدُونِ مَحَبَّةِ الْغَيْرِ، كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ: "وَأَدْعُو اللهَ أَنْ تَزْدَادَ مَحَبَّتُكُمْ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ فِي الْفَهْمِ وَكُلِّ فِطْنَةٍ، لِتُمَيِّزُوا بَيْنَ الأَفْضَلِ، فَتَكُونُوا أَنْقِيَاءَ بِلا عَيْبٍ لِيَوْمِ الْمَسِيحِ. (فيلبِّي 1: 9-11). يُمْكِنُنَا الْقَوْلُ بِاخْتِصَارٍ: إِنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ يُوصِينَا أَنْ نُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا بِقَدْرِ مَحَبَّتِهِ لَنَا. وَلَكِنْ، كَمْ أَحَبَّنَا؟ يُجِيبُنَا الْقِدِّيسُ بُولُسُ الرَّسُولُ قَائِلًا: "سِيرُوا فِي الْمَحَبَّةِ سِيرَةَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَحَبَّنَا وَجَادَ بِنَفْسِهِ لِأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً لِلَّهِ طَيِّبَةَ الرَّائِحَةِ"(أفسس 5: 2). فَالصَّلِيبُ هُوَ قِيَاسُ حُبِّ يَسُوعَ لَنَا. وَيُبَيِّنُ بُطْرُسُ الرَّسُولُ كَيْفَ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضًا، فَيَقُولُ: "فَطَهَّرْتُمْ نُفُوسَكُمْ فِي طَاعَةِ الْحَقِّ، لِتُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مَحَبَّةً أَخَوِيَّةً بِلا رِيَاء، فَلْيُحِبَّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا مَحَبَّةً ثَابِتَةً بِقَلْبٍ طَاهِرٍ"(1 بطرس 1: 22). فَعَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّ بِنَفْسِ الْمَحَبَّةِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي أَحَبَّنَا بِهَا يَسُوعُ، كما يوضَّح يوحنا الرسول قائلاً: "أَمَّا نَحنُ فإِنَّنا نُحِبّ لأَنَّه أَحَبَّنا قَبلَ أَن نُحِبَّه" (1يوحنا 4: 19). فَيَسُوعُ أَعْطَى وَصِيَّتَهُ الْجَدِيدَةَ لِلرُّسُلِ بَعْدَمَا غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ:"أَتَرَى أَخَاكَ الْجَالِسَ مُقَابِلَكَ عَلَى الْمَائِدَةِ؟ أُرِيدُكَ أَنْ تُحِبَّ هَذَا الشَّخْصَ، وَبِنَفْسِ الطَّرِيقَةِ الَّتِي بِهَا أَحْبَبْتُكُمْ، أُوصِيكَ الآنَ أَنْ تُحِبَّ أَخَاكَ هَذَا. |
![]() |
|