![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَصِيَّةٌ جَديدةٌ بِمِثالِها يَجِبُ عَلَى التَّلامِيذِ أَنْ يُحِبُّوا بَعضَهُم بَعضًا، لِأَنَّ يَسوعَ قَد أَحَبَّهُم. فَالمَحبَّةُ الأُخَوِيَّةُ هِيَ وَصِيَّةٌ قَديمَةٌ وَرَدَت في شَريعَةِ موسى: "أَحبِبْ قَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفسِكَ" (الأَحبار 19: 18). وَمَعَ ذلِكَ، فَإِنَّ وَصِيَّةَ المَسيحِ جَديدةٌ في نَوْعِيَّةِ الحُبِّ، فَقَد أَحَبَّ يَسوعُ إِلى أَقصى الحُدودِ: "لَيسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعظَمُ مِن أَنْ يَبذُلَ نَفْسَهُ في سَبيلِ أَحِبَّائِهِ" (يُوحَنَّا 15: 13). فَالمَحبَّةُ وَصِيَّةٌ جَديدةٌ لأَنَّهُ مَطلوبٌ مِنَّا أَنْ نُحِبَّ كَما أَحَبَّنا الرَّبُّ يَسوعُ، وَنَحنُ نَعلَمُ كَم أَحَبَّنا الرَّبُّ حَتَّى آخِرِ نُقطَةٍ مِن دَمِهِ عَلَى الصَّليبِ. لَقَد أَحَبَّ الرَّبُّ يَسوعُ تَلامِيذَهُ بِكُلِّ نُكرانٍ لِذَاتِهِ، فِي أَسمَى دَرَجاتِ المَحبَّةِ الإِنسانيَّةِ، وَفِي أَسمَى دَرَجاتِ التَّضحِيَةِ. فَالمَسيحُ جَسَّدَ الحُبَّ. فَبِصِفَتِهِ إِنسانًا، عاشَ يسوع في حُبٍّ بُنُوِيٍّ مَعَ اللهِ، مُكَرِّسًا نَفسَهُ لِلآبِ (لوقا 2: 49)، وَعاشَ فِي جَوٍّ مِنَ الصَّلاةِ وَالشُّكرِ (مرقُس 1: 35)، خُصُوصًا فِي تَتْمِيمِ الإِرادَةِ الإِلهِيَّةِ (يُوحَنَّا 4: 34)، وَكانَ في حالَةِ الإِصغاءِ الدَّائِمِ إِلَى اللهِ (يُوحَنَّا 5: 30). وَأَحَبَّ تَلامِيذَهُ حُبًّا مَجَّانيًّا، وَبَرْهَنَ عَلَى حُبِّهِ بِالخِدمَةِ وَالتَّواضُعِ، فَغَسَلَ أَقدامَ التَّلامِيذِ، وَمَسَحَها بِالمِندِيلِ (يُوحَنَّا 13: 5)، وَبَذَلَ ذاتَهُ عَلَى الصَّليبِ لأَجلِ أَحبَّائِهِ كَما يَصْرِّحُ إِنْجيلُ يُوحَنَّا: "يَبذُلُ يَسوعُ نَفْسَهُ في سَبيلِ الخِرافِ" (يُوحَنَّا 10: 12). فَالصَّلِيبُ الّذِي حَمَلَهُ يَسوعُ لَمْ يَكُن نِهَايَةَ الرِّسَالَةِ، بَلْ مَفْتَاحَ الحَيَاةِ الجَدِيدَةِ. وَكَمَا قَالَ: "إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ، فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ، تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ" (يوحنّا 12: 24). عَلَى المُؤْمِنِ أَنْ لا يَهْرُبَ مِنَ الصَّلِيبِ، بَلْ أَنْ يَحْيَا فِيهِ بِذَاتِ مَنْطِقِ المَحَبَّةِ وَالبَذْلِ. فَالصَّلِيبُ لَيْسَ عِبْئًا نَتَجَنَّبُه، بَلْ دَعْوَةٌ نَحْمِلُهَا بِحُرِّيَّةِ الأَبْنَاءِ، عَلَى خُطَى السَّيِّدِ المَسِيحِ، الّذِي "إِذْ كَانَ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ... أَحَبَّهُم إِلَى الْمُنْتَهَى" (يوحنّا 13: 1) وَبِصِفَتِهِ إِلَهًا، أَتى يَسوعُ لِيَعيشَ حُبَّهُ لِلْبَشَرِ وَبَيْنَهُم، فَقَد جاءَ لِيُعْطِيَ حَياتَهُ كُلَّها، لَيسَ فَقَط لِبَعضِ أَحبَّائِهِ (يُوحَنَّا ١١: ٣)، بَل لِلجَمِيعِ (مرقُس ١٠: ٤٥). وَقَدِ اعتَنى بِالجَمِيعِ، خُصُوصًا بِالـمَنبوذِينَ وَالخُطاةِ (لوقا 7: 36-50)، وَاخْتارَ مَنْ يَشاءُ لِيَجْعَلَهُم تَلامِيذَهُ وَأَحبَّاءَهُ (يُوحَنَّا 15: 10-16). وَعَلَى الصَّليبِ، كَشَفَ يَسوعُ شِدَّةَ مَحبَّتِهِ، لِيَسْطَعَ بِبَهاءِ طاعَتِهِ لِلآبِ (فِيلِبِّي 2: 8) وَمَحبَّتِهِ لِخاصَّتِهِ: “كانَ قد أَحَبَّ خاصَّتَهُ الَّذينَ في العالَمِ، فَبَلَغَ بِه الحُبُّ لَهم إِلى أَقصى حُدودِه" (يُوحَنَّا 13: 1). وَكَمَا أَنَّ عَظَمَةَ مَحبَّةِ الرَّبِّ يَسوعَ جَعَلَتْهُ "يَضَعُ نَفسَهُ لأَجلِ أَحبَّائِهِ" (يُوحَنَّا 15: 13)، كَذلِكَ يَنبَغي لَنا أَنْ نَضَعَ نُفوسَنا لأَجلِ إِخوَتِنا، كَما جاءَ فِي تَعليماتِ يُوحَنَّا الرَّسُولِ: "وَإِنَّما عَرَفْنا المَحبَّةَ بِأَنَّ ذاكَ قَد بَذَلَ نَفْسَهُ في سَبيلِنا. فَعَلَيْنا نَحنُ أَيضًا أَنْ نَبذُلَ نُفوسَنا في سَبيلِ إِخوَتِنا" (1 يُوحَنَّا 3: 16). وَمِن هذَا الـمَنطَلَقِ، لا يُمكِنُ لِلمُؤمِنِ أَنْ يُغْلِقَ أَحشاءَهُ أَمامَ مُؤمِنٍ آخَرَ في احْتِياجِهِ (1 يُوحَنَّا 3: 17)، بَل وَاجِبُهُ أَنْ يَبذُلَ ما يَملِكُ لِمُعاوَنَةِ الآخَرِ وَبَرَكَتِهِ. فَهذِهِ الوَصِيَّةُ جَديدةٌ بِمِثَالِها الأَعلى، وَهُوَ يَسوعُ المَسيحُ. وَيَتَّسِمُ الحُبُّ بِأَنْ نَبذُلَ الغالِيَ وَالرَّخِيصَ في سَبيلِ أَحبَّائِنا. وَبِعِبارَةٍ أُخرى، أَعْطى يَسوعُ مِثالَ مَحبَّتِنا بَعضُنا لِبَعضٍ مِثالَ مَحبَّتِهِ لَنا، وَلِذلِكَ يَدْعُونا حُبُّ المَسيحِ إِلى المُعامَلَةِ بِالمِثلِ. |
![]() |
|