في عام 1982، كانت هناك فتاة صغيرة اسمها سامانثا سميث، تبلغ من العمر عشر سنوات فقط، تعيش في الولايات المتحدة. في تلك الفترة، كان العالم يعيش في ذروة الحرب الباردة، والتوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي يملأ شاشات الأخبار بالحديث عن سباق التسلح النووي والخوف من الحرب.
سامانثا، ببراءة طفل لا يعرف الخوف السياسي، جلست في غرفتها تقرأ عن الأخبار اليومية، وسألت نفسها: "لماذا أعداؤنا؟ لماذا نكره بعضنا البعض؟" لم يكن الفضول مجرد سؤال عابر؛ كان سؤالها يحمل قلبها الطيب ورغبتها الصادقة في السلام.
وبخط يد صغير ومرتجف من التوتر، كتبت رسالة إلى يوري أندروبوف، زعيم الاتحاد السوفيتي، تسأله فيها: "لماذا نكون أعداء؟ هل يمكن أن نكون أصدقاء؟"
العجيب أن الرسالة وصلت اليه، والأعجب من ذلك كله، أن أندروبوف رد شخصيًا على رسالة الفتاة الصغيرة. كتب لها رسالة حانية، طمأنها أن الاتحاد السوفيتي لا يريد الحرب، ودعاها لزيارة موسكو لترى بعينيها الحقيقة بعيدًا عن الشائعات والخوف.
في صيف عام 1983، سافرت سامانثا مع والديها إلى روسيا، وفور وصولهم، انطلقت في جولة ساحرة عبر موسكو. التقت بالأطفال المحليين، تبادلت معهم القصص والألعاب، وزارت المدارس، وتحدثت للصحافة العالمية عن رغبتها في السلام بين شعوب العالم. براءة سامانثا وقلبها الطيب جعلت منها رمزًا عالميًا للأمل والتقارب بين الأمم، فتاة صغيرة بعمر العاشرة استطاعت أن تمس قلوب قادة العالم.
انتشار قصتها عبر الصحف ووسائل الإعلام جعل الأمريكيين والسوفييت على حد سواء يتذكرون أن خلف كل خلاف سياسي هناك بشر قادرون على التفاهم والمحبة، وأن التواصل البسيط والمخلص يمكن أن يخلق جسورًا من الأمل بين أمة وأخرى، بل وجعل العلاقات بين الدولتين أقوى من أي وقت مضى.
لكن قصة سامانثا كانت قصيرة المدى، فقد فقدت حياتها في حادث تحطم طائرة عام 1985 وهي بالكاد في الثالثة عشرة من عمرها، تاركة وراءها إرثًا خالدًا:
أن قوة الكلمات الطيبة والنية الصافية يمكن أن تغير العالم، مهما كان حجمنا صغيرًا أو عمرنا قصيرًا.