![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في ربيع عام 1942، وبينما كانت الحرب العالمية الثانية تلتهم كل شيء، حلق الطيار السوفيتي أليكسي مارييسيف بطائرته المقا*تلة في مواجهة العدو الألماني. لكن فجأة، أصيبت طائرته بنيران كثيفة، واحترق محركها، وبدأت تتهاوى من السماء. أليكسي لم يستسلم، حاول السيطرة على الطائرة حتى آخر لحظة، لكنه اضطر للهبوط الاضطراري خلف خطوط العدو. عندما اصطدمت الطائرة بالأرض، كان جسده محطمًا، وساقاه ممزقتين. الألم لا يوصف، والبرد القارس ينهش عظامه. ومع ذلك، لم يفكر أليكسي في الاستسلام. زحف على الثلج، يجر جسده المثقل بالجراح، متشبثًا بخيط حياة رفيع. يومًا بعد يوم، وثلجًا بعد ثلج، استمر في الزحف لمسافة عشرات الكيلومترات. ثمانية عشر يومًا كاملة ظل يقاتل الجوع، والبرد، واليأس، محاولًا النجاة. حين وصل أخيرًا إلى منطقة يسيطر عليها السوفيت، كان جسده شبه ميت. حمله الجنود إلى المستشفى، وهناك اكتشف الأطباء أن ساقيه مصابتان بالغرغرينا وبرديات قاتلة. حاولوا إنقاذهما، لكنه كان قد فات الأوان. جرى بتر ساقيه الاثنتين، ليُحكم عليه - كما اعتقد الجميع - بالنهاية المبكرة كطيار. لكن أليكسي لم يكن إنسانًا عاديًا. كان بداخله إيمان لا ينكسر بأن مستقبله لم ينتهِ بعد. على الرغم من الألم والمعاناة، بدأ يتعلم المشي بالأطراف الصناعية. سقط مئات المرات، لكن في كل مرة كان ينهض. تحدى المستحيل، وتدرب ليلًا ونهارًا حتى أعاد التوازن إلى جسده، ثم طلب العودة إلى مدرسة الطيران. هناك، خضع لاختبارات قاسية. تعلم من جديد كيف يقود طائرة وهو بلا ساقين حقيقيتين، كيف يضغط على الدواسات بأطراف معدنية، وكيف يثبت نفسه في الجو كأن شيئًا لم يتغير. وبعد أشهر من التدريب المستمر، حصل في يونيو 1943 على الموافقة الرسمية للعودة إلى القتال. عاد أليكسي إلى السماء التي أحبها. لم يعد مجرد طيار، بل أصبح رمزًا حيًا للإصرار. قاد سربًا مقاتلًا، وفي إحدى الطلعات الجوية استطاع وحده إسقاط ثلاث طائرات ألمانية في معركة واحدة. وفي 24 أغسطس 1943، وقف أمام قادة الاتحاد السوفيتي وتُوّج بأعلى وسام عسكري: بطل الاتحاد السوفيتي. في النهاية، لم يكن إنجازه مجرد 86 طلعة جوية أو 11 انتصارًا قتاليًا. إنما كان إنجازًا إنسانيًا أعظم: إثبات أن الروح البشرية أقوى من العجز، وأن الجسد قد يُهزم، لكن الإرادة لا تُهزم أبدًا. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
احضنيني أيتها السماء |
أمطري أيتها السماء |
السلام عليك أيتها العذراء التي صارت كنيسة |
السلام لك أيتها السماء الثانية |
إلى السماء أيتها السماء الثانية |