وضربهم ساقًا على فخذ ضربًا عظيمًا" [8]، أي جعلهم بضرب السيف قطعًا بعضهم فوق بعض فصار الساق فوق الفخذ والقدم فوق الرأس وما إلى ذلك. وأخيرًا "أقام في شق صخرة عيطم" [8].
يعلق القديس أغسطينوس على هذا الحديث بقوله: [قيل أن غضب شمشون قد حمى لأن صاحبه تزوج امرأته (قض 14: 19-20). هذا الصاحب هو رمز لكل الهراطقة. حقًا أنه لسرّ عظيم أيها الأخوة، فالهراطقة الذين يقسمون الكنيسة يريدون الزواج بزوجة الرب وحملها بعيدًا عنه. بانفصالهم عن الكنيسة والأناجيل يحاولون بشرهم أي زناهم اقتناء الكنيسة كنصيب لهم، لهذا يقول الخادم الأمين، صديق عروس الرب: "لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح" (2 كو 11: 2). وبغيرة إيمانه أدرك الصديق الشرير (الذي يود اغتصاب العروس له)، إذ يقول "ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح (يسوع)" (2 كو 11: 3)... الآن، لنرى كيف فعل شمشون عمله السري عندما أُصير بواسطة صاحبه في شخص امرأته. لقد أخذ الثعالب، أي أصدقاءه الزناة الذين قيل عنهم في نشيد الأنشاد: "خُذُوا لَنَا... الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ الْمُفْسِدَةَ الْكُرُومِ" (نش 2: 15). ماذا يعني بقوله "خذوا"؟ أي امسكوها، دينوها، اضغطوا عليها، حتى لا تفسد كروم الكنيسة. ماذا يعني بقوله: "خذوا الثعالب" إلاَّ إدانة الهراطقة بسلطان القانون الإلهي، لنسرع ونقيدهم بشهادة الكتاب المقدس كما بقيود! لقد أمسك شمشون الثعالب ووضع مشاعل نار وسط أذيالهم بعد أن ربطهم اثنين اثنين. ماذا يعني رباط أذيال الثعالب؟ ما هي أذيال الهراطقة إلاّ ما بلغوه من نتائج هرطقتهم (كذيل لهم). هذه تربط، أي تقيد وتدان وتُلهب النار في أذيالها، إذ أفسدوا الثمار والأعمال الصالحة للذين سقطوا تحت خداعاتهم].