المصباح لا يضيء لذاته بل للجالسين في الظلمة. وأنت مصباح، لا لتتمتع بالنور وحدك، إنما لترد إنسانًا ضل، لأنه أي نفع لمسيحي لا يفيد غيره؟! ولا يرد أحدًا إلي الفضيلة؟! مرة أخرى، الملح لا يُصلح نفسه، بل يصلح اللحم لئلا يفسد ويهلك... هكذا جعلك الله ملحًا روحيًا، لتربط الأعضاء الفاسدة أي الإخوة المتكاسلين المتراخين، وتشددهم وتنقذهم من الكسل كما من الفساد، وتربطهم مع بقية جسد الكنيسة.
وهذا هو السبب الذي لأجله دعانا الرب "خميرًا"، لأن الخميرة أيضًا لا تخمر ذاتها، لكن بالرغم من صغرها فإنها تخمر العجين كله مهما بلغ حجمه. هكذا افعلوا أنتم أيضًا. فإنكم وإن كنتم قليلين من جهة العدد، لكن كونوا كثيرين وأقوياء في الإيمان والغيرة نحو الله. وكما أن الخميرة ليست ضعيفة بالنسبة لصغرها، إذ لها قوة وإمكانية من جهة طبيعتها... هكذا يمكنكم إن أردتم أن تجتذبوا أعدادًا أكثر منكم ويكون لهم نفس المستوى من جهة الغيرة.