في إحدى ليالي عام 1797، خيّم الهدوء على معسكر الجيش الفارسي في مدينة "شوشا"، لكن داخل خيمة الملك، كان المصير يُكتب بسطور من الغدر والدم.
كان الشاه آغا محمد خان القاجاري، أول ملوك الدولة القاجارية في إيران، رجلًا شديد القسوة، لا يعرف الرحمة ولا التساهل. حتى خدمه لم يسلموا من قسوته، خاصة اثنين منهم كانا من الخصيان الذين خدموه لسنوات، وتحملوا إهاناته وتعذيبه بصمت.
في ذلك اليوم، ثار غضب الشاه عندما سمع جدالًا محتدمًا بين هذين الخادمين. وبمزاجه الدموي المعتاد، أمر بإعدامهما فورًا. غير أن شيئًا واحدًا أوقف سيفه عن أن يقطر دمًا:
كان اليوم جمعة، وهو يوم مقدّس.
فبدافع من تقواه أو حرصه على احترام الشعائر الدينية الموجودة، قرر تأجيل تنفيذ الحكم إلى صباح السبت، وأمر بإطلاق سراحهما مؤقتًا وإعادتهما إلى أعمالهما، معتقدًا أن لا أحد سيتجرأ على الاقتراب من حياته.
لكن الشاه لم يكن يعلم أن قراره ذاك كان آخر قرار يتخذه في حياته.
ففي ظلمة الليل، تسلّل الخادمان إلى خيمته، بلا قيود، بلا خوف، وبقلوب تغلي بالغضب، وسدّدا له طعنات قاتلة أثناء نومه، لينتهيا من حياة رجل حكم بالحديد والنار، لكن سقط بقرار من رحمة دينية.
وهكذا، لم تكن النهاية على يد جيش أو مؤامرة عظيمة، بل على يد اثنين من عبيده الذين قرروا أن يجعلوا من ليلته المقدسة… ليلة موته.