![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في صباح يوم 26 مايو 2013، كانت سفينة القطر النيجيرية Jascon-4 تمخر عباب المحيط الأطلسي قبالة سواحل نيجيريا. على متنها طاقم مكوّن من 12 رجلًا، بينهم رجل يُدعى هاريسون أودجيبا أوكين، الطباخ البسيط الذي لم يكن يعلم أن ساعات قليلة تفصله عن مواجهة الموت وجهًا لوجه... والبقاء حيًا في مكان لا يعيش فيه أحد. كانت العاصفة قوية، والأمواج عالية كجدران مائية تضرب السفينة من كل اتجاه، حتى انقلبت بالكامل في لحظة مأ*ساوية على بعد 30 كم من الساحل، وغر*قت في عمق البحر على عمق 30 مترًا تقريبًا. أفراد الطاقم، جميعهم تقريبًا، لقوا حتفهم. ارتطمت السفينة بالقاع، وغرقت في ظلمة كثيفة، لا صوت فيها إلا للتيارات وضجيج الموت. في تلك اللحظة، كان هاريسون داخل الحمام، مجرد لحظة خاطفة فصلته عن زملائه الذين ابتلعهم البحر. وبينما تنقلب السفينة وتنطفئ الأنوار، وجد نفسه محبوسًا في فراغ هوائي صغير — جيب من الهواء داخل مقصورة غارقة، محاطة بالكامل بالماء. لم يكن يعلم إن كان ما حوله واقعًا أم كابوسًا، لكنه كان حيًا. وسط ظلام دامس ودرجات حرارة تقارب الصفر، تمسك بالحياة في عزلة تامة تحت البحر، لا يرى، لا يسمع، لا يعلم كم مر من الوقت… فقط يصلي ويتشبث ببقايا الأمل. ثلاثة أيام كاملة قضاها هاريسون في أعماق البحر، لا طعام، لا ماء، لا نور… فقط أنفاسه، وصوت قلبه، والخوف الذي لا يرحم. كان يسمع أصوات الأسماك تسبح حوله، وشعر بوجود جثث زملائه في نفس المكان، لكن لم يكن يجرؤ حتى على التفكير. ثم حدثت المعجزة. فريق من الغواصين التابعين لشركة الإنقاذ الهولندية (DCN Diving) نزل لتفقد الحطام وانتشال الجثث. لم يكونوا يتوقعون وجود أي ناجين. أثناء تنقل أحد الغواصين بين المقصورات، ظهر يد بشرية من العدم، تمتد ببطء وسط الظلام، لتلمس ذراعه. الغواص صرخ مرعوبًا… ظنها جثة تحركت فجأة، كما يحدث في بعض الظروف. لكن اليد قبضت عليه. كانت دافئة… وحيّة. عندها، وثّق الغواص المشهد الذي أصبح واحدة من أكثر اللحظات الصادمة والإنسانية التي التقطتها الكاميرا تحت الماء. في الفيديو الذي انتشر لاحقًا كالنار، يظهر الغواص يتحسس اليد، ثم يسمع صوتًا يرتجف يقول: “Thank you, thank you… oh God!” “الحمد لله... شكرًا، شكرًا!” وجه هاريسون كان مبللًا، متجمدًا، ومليئًا بالدهشة والخوف والرجاء. وجه لم يرَ النور منذ ثلاثة أيام. أخرجه الغواصون بحذر شديد، فقد كان جسده في حالة صدمة حرارية. وُضع في غرفة ضغط عالي لإعادة توازن النيتروجين في جسده، وعاش… رغم أن كل شيء حوله كان يقول إنه ميت. سُئل هاريسون لاحقًا عن كيف نجا. قال بصوت خافت: "كنت أصلي، أتمسك بالله... لم أتوقف عن الإيمان، حتى وأنا في أعماق القاع." رغم الرعب، رغم البرد، رغم الجثث من حوله، لم يستسلم. نجاته لم تكن فقط جسدية… بل إرادة نجت من الجنون، وعقل قاوم الغرق، وقلب تمسك بنبضه وسط الصمت الأبدي. |
![]() |
|