![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
في عام 1999، وطأت قدما شاب صيني يُدعى "سونغ يانغ" أرض لندن، وهو لا يزال في التاسعة عشرة من عمره. كان يحمل في قلبه أحلامًا كبيرة، لكن في عينيه سكنت الحيرة، والخوف من مدينة لا يعرف فيها أحدًا، ولا تكلّمه بلغته. وبين زحام الأرصفة وصقيع الغربة، كان يبحث عن مأوى يقيه البرد... لكنه وجد شيئًا أعظم. في أحد الأيام، وبينما كان يجر حقيبته بتعب، لمح رجلاً مسنًا يتعثر بأكياس ثقيلة قرب محطة مترو. لم يفكر سونغ كثيرًا. اندفع نحوه وساعده، وكأن قلبه الصغير قد اختار أن يمنح دفئه للغريب. لم يكن يعلم أن هذه اللحظة العفوية ستغيّر مجرى حياته إلى الأبد. كان اسم الرجل "يوهان هودل"، رجل سويسري هاجر إلى لندن منذ سنوات طويلة، وعاش فيها وحيدًا، لم يتزوج قط، ولا يزوره أحد. كان سكون حياته كئيبًا حتى طرقه ذلك الشاب بابتسامته وبساطته. تأثر يوهان بعفوية سونغ، فدعاه للعيش معه مقابل مساعدات بسيطة في المنزل. لكنه لم يكتفِ بذلك، بل صار له معلمًا وصديقًا وأبًا روحيًا: علّمه اللغة، ووجّهه لإيجاد عمل، وفتح له أبواب الحياة في غربة كانت توشك أن تبتلعه. مرت السنوات، وبدأت الصداقة بين الشاب الصيني والرجل السويسري تتحول إلى رابطة عميقة، أقرب ما تكون إلى الأبوة والبنوة. وعندما تعرّض سونغ لحادث سير خطير كاد أن يودي بحياته، لم يغادر يوهان سريره، ظل إلى جواره كأنما هو من أنجبه، يعتني به، ويواسيه، ويربت على يده حين يشتد الألم. هناك، على سرير المستشفى، وعده سونغ وعدًا لم ينسه قط: "أنت تعتني بي الآن وسأعتني بك يومًا ما أعدك." ومرت السنوات مجددًا، ووفى سونغ بوعده. حين تدهورت صحة يوهان، لم يتردد سونغ في ترك عمله المرموق، واصطحبه معه إلى الصين ليكون بجواره، يعتني به كما يعتني الابن بأبيه. كان يعود من عمله كل مساء ليقرأ له، ويتحدث معه، ويمسح عن قلبه غبار الوحدة. لم يعد يوهان مجرد صديق غريب، بل صار فردًا من العائلة، يحظى بالمحبة والدفء والرعاية. وفي عام 2013، أُسدل الستار على حياة يوهان، بعدما بلغ الثمانين. لكنه لم يرحل وحيدًا كما عاش، بل رحل وهو محاط بحب حقيقي. اجتمع الناس لوداعه، ووقف سونغ أمامهم ليقول كلمته الأخيرة، بصوت يخت*نق بالدموع: "هانس كان مثل نيزك عبر حياتي، لمع بقوة واختفى، لكنني لن أنساه أبدًا." إنها قصة إنسانية صادقة ووفاء نادر... عن يدٍ تمتد وسط الغربة لتخلق بيتًا، وقلبٍ يختار أن يكون عائلة لمن لم يكن له أحد. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العناية الإلهية تعتني بك اكثر ما تعتني بنفسك |
أطهر ما أعدك به |
"آريدُ قلباً يشبهُ قلبك ، وسأعتني بهِ كثيراً." 🧡 |
أعدك |
يا رب لست أعدك. |