أبصر ليوناردوس النور في فرنسا في النصف الثاني من القرن الخامس. نشأ وسط أسرة نبيلة. منذ شبابه، عرف كيف يعيش حياة عذبة مع إلهه مُكلَّلةً بالصلاة والعمل الصالح. كانت المهمّة الأولى التي أوكلت إليه رعاية السجناء. فأحسن التعامل معهم روحيًّا ونفسيًّا، حتّى إنّه طلب من الملك أن يمنحه صلاحية إطلاق سراح السجناء الذين تابوا بالفعل، وهو سيدرك ذلك الأمر بموهبة من الروح، فوثق به الملك رغم صغر سنّه وأذن له بذلك.
كرّس ليوناردوس ذاته لكلّ إنسان يلتقيه، لا لتأمين احتياجاته الجسديّة فحسب، بل أيضًا لإخباره عن تعاليم الربّ يسوع ودعوته إلى الإيمان المسيحي. وفي خلال رحلاته التبشيريّة، اكتشف جبلًا قريبًا غنيًّا بالغابات ومناسبًا للعُزلة. فبنى فيه محبسة صغيرة من غصون الأشجار، وراح يعيش الصلاة والتقشّف والتأمّل بكلمة الله والطبيعة، فوفّرت له هذه المرحلة السلام الداخلي والهدوء. وقد بنى في عُزلته مكانًا للصلاة على اسم العذراء مريم. كما ردّ كثيرين من الخطأة إلى التوبة، ومن ثمّ صنع الله على يدَيه معجزات عدة.