![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القدّيسان الشهيدان في الكهنة نقولا وحبيب خشّة القدّيس الشهيد في الكهنة حبيب (خشّة) ( ١٨٩٤- ١٩٤٨) تاريخه وُلِدَ حبيب في مدينة دمشق، سنة ١٨٩٤. وهو البِكر في عائلة قوامها الثمانية أولاد. أبوه هو الشهيد في الكهنة نقولا خشّه. تلقّى حبيب دروسه الإبتدائيّة والثانويّة في مدرسة عينطورة اللبنانية، وفي السنة ١٩١٤ حاز، من الجامعة الأميركية في بيروت على شهادة البكالوريوس في الآداب. ثمّ انتقلَ والعائلة إلى مرسين ، قبيل الحرب العالمية الأولى، حيث خدم والده الرعيّة الأرثوذكسية وكلّل حياته بالشهادة للمسيح. إثر ذلك نَزَحَت العائلة إلى بور سعيد. وفيها تزوّج حبيب من وديعة توما ، إحدى بنات العائلات السورية المهاجرة، سنة ۱۹۲۲ . عمل حبيب في بور سعيد مُحاسبًا ومُترجمًا لحساب شركة "وورفر للنفط والتصدير". كان ذلك بين العامين ۱۹۲۲ و ١٩٢٤ . ومنها انتقل إلى فرع الشركة في بيروت. استمر حبيب مُوَظَّفًا حتى العام ۱۹۳۱ حين قدم استقالته وفي نِيَّتِهِ أنْ يَقْتَبِلَ الكهنوت . يومذاك انتقل من بيروت إلى دمشق. لكنه اصطدم بمعارضة زوجته له، فانتظر سنة كاملة حتى لان موقفها ثم سيم كاهنًا سنة ١٩٣٢ في الكاتدرائية المريمية. خدم الخوري حبيب الرعية المريمية ، في دمشق حتى العام ١٩٣٥ تنقل بعدها بين بور سعيد ودمشق والقاهرة إلى العام ١٩٤٣ حين استقرٍ في العاصمة السورية بصورة نهائية. اهتم الخوري حبيب بالآثار القديمة وانكبَّ على دراستها، خصوصًا ما تعلَّقُ منها بالأديان، وكان قد شرع بوضع تأليف عنها. وفي ١٦ تموز من العام ١٩٤٨ ، إذ كان في خلوةٍ في قرية عرنة (جبل الشيخ)، خرج باكرًا إلى موقع جميل قريب منها، مُتَأَمِّلاً مُطالِعَا مُصَلِّيًا، فالتقاه عدد من المهرّبين فأمسكوه وعذّبوه، لكونه كاهنًا، عذابًا مُبْرَحًا ثمّ قتلوه. أسرته أنحب الخوري حبيب خمسة أولاد: جوليت، مرسيل، فدوى، نقولا وسليم. سليم، الأصغر، وُلِدَ خلال السنة الأولى من كهنوت أبيه. وبعد ذلك بِسَنَتَيْن أو ثلاث رقد نقولا عن خمس سنوات، يومها كان الخوري حبيب في بور سعيد والعائلة في دمشق. فأوّل ما التقى زوجته بادرها بالقول: "الرَّبُّ أعطى والرَّبُّ أخذ فليكن اسمُ الرَّبِّ مُبارَكًا". كانت وديعة، الزوجة، امرأة تقيّة فاضلة كريمة النفس، مُحِبَّة للخير، قَلَّما تَلَقاها في أوقاتِ فراغها جالسة الا والكِتاب المُقَدّس أو كتاب الصلوات في يدها. وقد اختارها الخوري حبيب، أصلاً، بِتَبَصُّر، بعدما رأى فيها صدى لِلَهَفِ روح الرَّبّ فيه. كانت شريكة حياته وهمومه وحامِلَة أسراره. يطلعها على أحواله ومشكلاته ويستمزجها الرأي في صعوباته. حتى شؤون صلاته كان يكشف لها جوانب منها. ومع ذلك اعترضت عندما أبدى لديها رغبته في أن يصير كاهنًا. السبب كان حرصها على الوضع المعيشي للاسرة، لا سيّما وأنَّ حبيب كان ناجِحًا في وظيفته، محبوبًا، مُحترمًا، وكهنة ذلك الزمان، بعامة، معوزون. لم يشأ حبيب أن يفرض رأيه فرضًا على زوجته لأنّه كان رفيقًا بها خفرًا في تعاطيه معها، فأسلمها إلى ربّه وانتظر. انتظرَ سنة كاملة رأت وديعة في نهايتها حُلْمًا غَيَّرَت، على أثره، رأيها. عاينت جنديًّا مُقْبِلاً صوبها فارتعشت، نظرَ اليها ثمّ أشار إلى حنفيّة يدفق منها الماء دفقًا ، فإلى حنفيّة ينقط الماء منها نقطًا، وقال: عليك بعد اليوم أن تكتفي بالقليل! فلما استفاقت وجفَّ قلبها وقالت: إنّما الجندي ملاك من عندِ الرَّب! مذ ذاك رضيت بأمر الله وسايرت زوجها واقتبلت، برضى وتسليم، ما يأتي عليها وعلى عائلتها. كان الخوري حبيب سويًّا في حياته البيتية. يوفّق بين التزاماته الأسريّة والتزاماته الرعائية جيّدًا. يومياته اتّسمت، عامة، بالترتيب. يؤاكل العائلة بانتظام الا متى قضت الضرورة، يجالسها كأي ربّ أسرة، يخرج بها مُتَنَزِّهًا ويُمازِح الجميع. لم يسع البتّة إلى فرض الأصوام والصلوات على أحد، لكنه كان يسأل مُستفسرًا. أمّا وضع العائلة المعيشي، بعد سيامة حبيب كاهنًا ، فقد ضاقَ بعض الشيء، لا إهمالاً منه المسؤوليّاته البيتيّة ، بل لأنَّ دخله كان متواضعًا، دون احتياجات العائلة بقليل. لهذا كان يوسف، أحد إخوته، يمدّ الأسرة ببعض المال بانتظام. كهنوته انتمى الخوري حبيب إلى الكهنوت عن دعوة . كان يهمّه أن يسلك في خطى أبيه حتى الشهادة. لا نعرف تفاصيل كثيرة عن خدمته كاهنًا . لكنّنا نعرف إنه أحبَّ رعيّته وغارَ لها غيرة المسيح وكان عهده افتقادها بحرصٍ وتواتر. وقد اشتهرَ فيها بأمور ثلاثة: صلاته ومواعظه وعنايته بالفقراء. فأمّا صلاته فقد حفظ الناس أنّه كانت للخوري حبيب تجلّياته اثناء الخِدْمَة الإلهية. من هذه التجليّات ارتفاعه عن الأرض أحيانًا. زوجته وديعة، بعد استشهاده، كشفت عن أنّه أخبرها بذلك مِرارًا. أمّا عِظاتِه فكانت مُختصرة لكنها كانت تخرج من كلّ كيانِه. وأمّا عنايته بالفقراء فكانت كبيرة. الفقراء كانوا اصدقاءه بمعنى الكلمة، والميسورون من أَحِبَّةِ الرَّبِّ، كانوا يعطونه ليعطي المحتاجين. كانوا واثقين أنَّ معوناتهم تذهب إلى حيث ينبغي . كُلُّ هذا أثار في وجه الخوري حبيب متاعب جمة من الكهنة الذين حسدوه وحاولوا نَثْرَ الأشواك في طريقه. "الناس يدفعون له أكثر مما يدفعون لنا!"، فكان يجيب: "إذا كان الناس يعطونني فما ذنبي ؟!". أحد المصريّين، مِمَّن عرفوه، أجابَ مرّة على سؤال في شأنه ، وبصورةٍ عفويّة: "هذا مجنون، يُوَزِّعُ كُلّ فلوسه على الفقراء!". عائلته خبّرت أنَّ امرأةً مُحتاجةً دَقَّت بابه، مرّة، وطلبت طعامًا لنفسها ولعائلتها، فاستدار بصورةٍ تلقائيّةٍ واتَّجَهَ صَوْبَ المطبخِ وتَطَلَّعَ فرأى وِعاءً فيه طبخة جاهزةً من المحشي الملفوف" فرفعه وخرج به ودفعه للمرأة. أكثر أعمال المحبّة عند الخوري حبيب كانت مستورة. هذا بديهي بالنسبةِ لِرَجُلٍ مثله. فقط بعض الأخبار عنه عرفت هنا وثمة. من هذه الأخبار قصة الجِبَّة. مفاد قصة الجِبَّة أنَّ يوسف، شقيق الخوري حبيب أرسل إليه مَرَّةً جِبَّةً جديدةً فلبسها وذهب إلى البطريركيّة. هناك التقاه غبطة البطريرك فسأله: "ما هذه الحبة الأنيقة؟" فأجاب: "أخي" يوسف بعثها لي من مصر". "ماذا فعلت بِجِبَّتِكَ العتيقة؟" "تركتها في البيت". " حسنًا سوف أرسل اليك خوري حوران فأعطه أيّاها". "كما تريد يا سيّدنا". فلمّا حضرَ إليه خوري حوران أعطاه الجِبَّة ، ولكن لا جِبَّته العتيقة، بل الجديدة ! إلى ذلك أُشيع أنَّ الخوري حبيب كان يستدين الكثير من المال مُقابِل سندات دفع لأجل قريب ليقوم بتجهيز ابنة أرثوذكسيّة أو مقطوعة من الأهل، لا سيّما إذا حـام حولها أحد المُسلمين، ثمّ يقوم بِزَفِّها إلى شاب أرثوذكسيّ. شهادات أخرى أفادت أنَّ أفراد عائلته وجدوا بعد استشهاده، دفتر حسابات يُشير الى "ديون" على الخوري حبيب مع اسماء المدينين. فلمّا رغبوا في تسديد ما عليه تَبَيَّنَ أنَّ هذه المبالغ أُعْطِيَت للخوري حبيب لمساعدة الفقراء. بالنسبة اليه كانت ديونًا! صِفاتُهُ وفِضائِلُهُ كان الخوري حبيب صافِيًا صادِقًا مُسْتَقيمًا مُخْلِصًا لله كُلَّ الإخلاص لا يُسيء الظنّ بصحبه. سِمَتُهُ الكبرى الشفافِيَة الخالية من الشَوائِبِ والغُموض. يَقْرأُ الأشخاصَ وكأنَّ كِلا منهم كتاب مفتوح أمامه. كانت عيناهُ غائِرَتَيْن في وجهٍ نحيلٍ مُشِعٍّ. جِسْمُهُ نَحيلٌ من عَظْمٍ وجِلْدٍ. رُوحَهُ تَحْمِلُ جَسَدَهُ، كَعِبْءٍ، في شَوْقِهِ إلى السماء. وهو دَوْمًا في ذُهُولٍ. المَحَبَّةُ والحَنانُ مَرْسومان في وَجْهِهِ وأنامِلِه. وإذا ما طافَ على شَعْبِ الله ومَساكينِ الأرضِ كانت في يَدِهِ بَرَكَةً وعلى لِسانِهِ تَعْزِيَةٍ وصلاتِهِ إيمانٍ وخُشُوع. جَعَلَتْهُ الرِقَّةُ أَوْهَنَ مِنْ أنْ يَرُدَّ سائِلًا يَأْتِيهِ مُحْتاجًا. كان الرَّبُّ يسوع مِلْءَ حَياتِهِ وجنباتِه. جاهَدَ الجِهادَ المُرَّ ضِدَّ كُلِّ العُيوبِ وأحَبَّ حياةَ النُّساكِ وأَخْبارَهُم، فجاءَت شَفافِيَّتُهُ ثَمَرَةَ الكَدِّ في الرُّوحِ القدسِ. عاشَ مَجْرُوحًا بِحُبِّ الرَّبِّ يسوع وماتَ كذلك. قبل الاستشهاد قبل أن يخرج الخوري حبيب في رحلته إلى جبل الشيخ حيث استشهد حدثَ له أمر غير عادي أطلع زوجته عليه ، وهي خبّرت فيما بعد. قال لها : اليوم أثناء صلاتي ، أحسست بأني ارتفعت عن الأرض أكثر من المُعتاد. فوجف قلب زوجته ورجته ألّا يذهب، لا سيّما وانه كان من المفترض أن يترافق وآخرين فاعتذروا، فلم يرض. فسدّت الباب في وجهه فأخذ يضحك قائلاً لها : ما بالُكِ اليوم على غير عادتك، تمنعينَنِي من الذهاب، مع أنّها ليست المرّة الأولى التي أخرجُ فيها إلى جبل الشيخ؟ نصف ساعة حاولت خلالها صرفه عن الذهاب، على مرأى من بقيّة أفراد أسرته، فلم يشأ . فتركته لإلهامه. فخرج وكان استشهاده. شهادته طيلة حياته اشتهى الخوري حبيب أنْ يُمَجِّدَ الله بميتة الشهادة، فأعطاه الله منية قلبه في ١٦ تموز من العام ١٩٤٨. يومها وقع بين أيدي مُهَرِّبين انهالوا عليه ضربًا أربع ساعات مُتواصلة لكونه كاهِنًا. لم يتركوا عظمًا من عِظامِهِ إِلّا كسروه. ثمّ بعدما ارتووا من تعذيبهم له ألقوه من علو، في جبل الشيخ، فقضى شهيدًا للمسيح. ولدى القبض على الجُناةِ ادَّعُوا أنّهم ظَنُّوه جاسوسًا يهوديًّا. لكن وقائع محاكمتهم دلّت على افترائهم وكذبهم. وقد حكم على أحدهم ويدعى أحمد علي حسن أبي الحسن بالإعدام شنقًا ونفذ فيه الحكم فجر السبت في ٢٥ أيلول ١٩٤٨. ووري جسد الخوري حبيب التراب في مقبرة مار جرجس شرقي سور دمشق. مِنْ كتاب القدّيسون المنسيّون في التراث الأنطاكي (ص. ٥٧١- ٥٧٦) طروبارية القدّيسَين الشَّهِيدَينِ في الكهنة نقولا وابنِه حبيب خشّة - اللحن الثالث هَيَّا نُكَرِّمُ، الأَبَ نِيقُولاوُسْ، مَعَ ابْنِهِ حَبِيبْ. شَهِيدَيْ المَسيحْ، المَجِدَيْنِ والشَفِيعَيْنِ مِنْ أَجْلِنا. فَكَما على المَذْبَحْ قَدَّما ذَبِيحَةً، يَسُوعَ المُحِبَّ البَشَرْ. هُما الآنَ يُقَدَّمَانْ، للهِ خَرُوفَيْنِ مَذْبُوحَيْنِ حَائِزَيْنِ دَالَّةً غَنِيَّة. طروبارية القدّيسَين الشَّهِيدَينِ في الكهنة نقولا وابنِه حبيب خشّة - اللحن الأول تَمَجَّدتُما إذْ صَبَرتُما على الاِستشهاد. بِاقتِدارِ الرُّوحِ المُعَزّي. فَخَتَمتُما الكَهَنُوتَ ظافِرَين. نيقولاوُسُ الكاهِنُ القدّيس. وَحَبيبُ مُشابِهُ أبيه. فَنِلتُما إكليلَ المجدِ. لِتَتَشَفَّعا دَومًا مِن أجلِنا. إلى اللهِ القديرِ على كُلِّ شيء. لِكَيما نَنالَ بِنِعمَتِه. السُّكنى في فِردَوسِه. الكُلِّيِّ العُذُوبة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس الشهيد في الكهنة نقولا خشّه |
نقولا خشّه القديس الشهيد في الكهنة |
القدّيسان تيموثاوس ومافرا الشهيدان |
القدّيسان أكاكيوس وكدراتُس الشهيدان |
القدّيسان مركيانوس ومرتيريوس الشهيدان |