إن كان جدعون قد نجح في رفضه المُلك لنفسه ولأبنائه لكنه في ضعف بشري طلب من الشعب أن يقدم له الأقراط الذهبية التي أخذوها غنيمة من المديانيين، إذ كان للمديانيين أقراطًا ذهبية كالإسماعيليين. حسب الشعب هذه العطية قليلة جدًا أمام عمله الخلاصي ورفضه المُلك لنفسه ولأبنائه، فقدموا له طلبته فكان وزن الأقراط ألفًا وسبع مئة شاقل من الذهب، أي ما يزيد على 26 أقة من الذهب، مما يدل على غنى المديانيين المفرط. وقد صنع جدعون بهذا الذهب أفودًا اختلف المفسرون في أمرها، فالبعض رأى أن الأفود هي ملابس رئيس الكهنة (خر 28: 4). وكأن جدعون الذي رفض المُلك سقط في شهوة الكهنوت بالرغم من كونه ليس من سبط لاوي. ورأى آخرون أن الأفود هنا خاصة بالأصنام، إذ كان الوثنيين يقيمون في كل بيت أفودًا للأصنام خلالها يطلبون المشورة قبل كل تصرف (1 صم 23: 9-12؛ 30: 7-8)، ويعللون ذلك بالقول: و"كان ذلك لجدعون وبيته فخًا" [27].
كثير من الدارسين يروا أن جدعون لم يعبد الأوثان، إذ بقى أمينًا للرب ومات بشيبة صالحة [32]، وقد حسبه الرسول بولس من رجال الإيمان، إنما ما صنعه من أفود احتفظ به دون التعبد له...