من أجمل النماذج عن الجدية هو نحميا النبي فكان الناس تبني بيد والسلاح جانبهم وعندما وجد نحميا الناس خائفة ومُحبطة وفيها ضعف فقال لهم ﴿ إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبني ﴾ ( نح 2 : 20 ) .. ومن كثرة جدية العمل أنَّ نحميا وغلمانه لم يكن لديهم وقت لكي يخلعوا ملابسهم وكل ذلك لكي يبنوا أسوار أورشليم .. وعندما كان يذهب أي أحد ليشرب كان يذهب ومعه سلاحه وهذه هي الجدية ولكن كل شخص على قدر طاقته .. وهناك قول لسيدنا البابا وهو ﴿ إذا تعب الخدام فالناس سترتاح وإذا استراح الخدام فالناس ستتعب ﴾ .. ولكن كل شخص على قدر طاقته .
فمثلاً في مثل الوزنات يوجد من أخذ وزنة وآخر وزنتين والأخير خمسة وزنات ولكن الأهم هي الأمانة لنسمع هذا القول ﴿ كنت أميناً في القليل فأُقيمك على الكثير ادخل إلى فرح سيدك ﴾ ( مت 25 : 21 ) .. ويقول القديس بولس الرسول لتيموثاوس ﴿ تمم خدمتك ﴾ .. وأيضاً ﴿ اعمل عمل المبشر ﴾ ( 2تي 4 : 5 ) .. فالخدمة تريد جدية وأمانة ونجد مدى غيرة وأمانة معلمنا بولس الرسول في خدمته فكان يطوف كل البلاد ولهذا يقول ﴿ قد جاهدت الجهاد الحسن أكملت السعي حفظت الإيمان وأخيراً قد وُضع لي إكليل البر ﴾ ( 2تي 4 : 7 – 8 ) .. ويُحكى على خادم كان يخدم في القرى فكان يجمع الناس في منزل ويرنموا ثم يقول لهم كلمة وبعد ذلك ينصرفوا فبعض الناس غير مسيحية أمسكوا هذا الخادم وضربوه وقالوا له * إذا حضرت في المرة القادمة سنكسر رجلِيك * .. فذهب هذا الخادم إلى الأسقف وحكى له ما حدث وقال له ماذا أفعل ؟ هل أذهب مرة أخرى أم لا ؟ فقال له الأسقف كما تريد .. فقرر الخادم أن يذهب وفعلاً هؤلاء الناس أمسكوا الخادم وكسروا رجليه وقالوا له إذا حضرت المرة القادمة فستموت وذهب هذا الخادم إلى الأسقف مرة أخرى وحكى له ما حدث ثم قال له ماذا أفعل ؟ فقال له الأسقف إن أردت أن تذهب فاذهب وإذا كنت لا تريد فلا تذهب فقرر هذا الخادم أن يذهب مرة أخرى لهذه القرية وفعلاً أمسكوه هؤلاء الناس وضربوه حتى استُشهد هذا الخادم .. وهنا سؤال هام هل الخادم يشعر بخدمته .. أو أنَّ خدمته مجرد شكل ؟ فاحذر من أن تكون الخدمة شكل أو وسيلة لتأخذ بها كرامة أو مجد في الكنيسة .