![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() وَأَرْكَبَهُ عَبِيدُهُ مَيِّتًا مِنْ مَجِدُّو، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَدَفَنُوهُ فِي قَبْرِهِ. فَأَخَذَ شَعْبُ الأَرْضِ يَهُوآحَازَ بْنَ يُوشِيَّا، وَمَسَحُوهُ وَمَلَّكُوهُ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. [30] تذكر هذه الآية أن يوشيا مات في مدينة مجدو، لكن ذُكر في موضع آخر، إنه مات في أورشليم (2 أي 35: 24)، كيف؟ الإجابة: ذكر سفر أخبار الأيام موته فقط، أما سفر الملوك الثاني فيذكر بالتفصيل أين مات. وذكر بوضوح: "في أيامه صعد فرعون نخو ملك مصر على ملك أشور إلى نهر الفرات، فصعد الملك يوشيا للقائه فقتله في مجدو حين رآه. وأركبه عبيده ميتًا من مجدو، وجاءوا به إلى أورشليم، ودفنوه في قبره" (2 مل 23: 29-30). لا نعجب إن كان الله قد سمح لجده منسى الشرير أن يملك لمدة 55 سنة، بينما سمح بقتل يوشيا الصالح وهو صغير السن نسبيًا كما بموتٍ سريعٍ. v لا يليق بأحدٍ أن يظن أن الموت السريع يُقلِّل من شأن الإنسان، وذلك بسبب استحقاقه. أخنوخ اُختطف (تك 5: 24) حتى لا يُفسِد المكر قلبه. يوشيا الذي احتفل بفصح الرب في السنة الثامنة عشر من حكمه بطريقة فاقت في التقوى كل الملوك السابقين، لم يعش كثيرًا باستحقاق إيمانه. إنما بالحري، إذ حلَّ تهديد بدمارٍ خطير للشعب اليهودي أُخِذ الملك البار مُقدَّمًا. القديس أمبروسيوس الميت المذكور هنا هو يوشيا الذي قُتِلَ في معركة مجدو عام 609 ق.م. بعد حياةٍ صالحةٍ، مما يستوجب اشتداد الحزن والحداد. ولكن إرميا يقول هنا إنه يجب ألا يشتد البكاء على يوشيا، بل يلزم البكاء على الملك الجديد الشاب يهوآحاز بن يوشيا، الذي سُبِي بعد ثلاثة شهور وعشرة أيام بواسطة فرعون مصر نخو ولم يرجع منها فيما بعد. يدعوه إرميا النبي باسمه قبل تولِّيه الحكم "شلوم"، وليس بالاسم الملكي "يهوآحاز"، ربما لأنه يُحسب كمغتصبٍ للحكم أو كمن لا يستحق الملوكية بسبب شره وفساد حياته. تولّى يهوآحاز الحكم مع أنه لم يكن الابن البكر (2 مل 23: 34). بل الابن الثالث ليوشيا (2 مل 24: 18؛ 1 أي 3: 15). كان الابن الأكبر ليوشيا قد مات، والثاني ألياقيم أو يهوياقيم لم يكن له ثقل، والرابع متنيا (صدقيا) جلس على العرش كآخر ملك على يهوذا. لعلّه اُختير، لأن الشعب ظنوا أنه أقوى من أخيه البكر. لقد تولَّى الحُكْم ظلمًا، لذا لم يبقَ فيه، بل سُبي إلى مصر كما جاء في سفر التثنية: "ويردك الرب إلى مصر في سُفن في الطريق التي قُلت لك لا تعد تراها، فتُباعون هناك لأعدائك عبيدًا وإماءً وليس من يشتري" (تث 28: 68). يبدو أنه لم يُسبَى معه أحد (2 أي 36: 4). يطلب الله من الشعب أن يبكوا يهوآحاز أكثر مما بكوا والده. ذهب يوشيا إلى القبر في سلامٍ وبكرامةٍ، لا يحتاج إلى من يبكيه، أما ابنه الشقي فتُحسَب حياته كموته بلا كرامة، يعيش في السبي في مهانة. حقًا لقد جُرِحَ يوشيا جرحًا مميتًا في موقعة مجدو، لكن مركبته حملته إلى بلده ليُسلِّم أنفاسه في مدينته المحبوبة لديه والمُحِبة جدًا له، يلتف حوله الشعب الذي خدمه لمدة ثلاثين سنة من حياته التي بلغت الثمانية والثلاثين. ليتنا نحن أيضًا نُسلِّم أنفاسنا الأخيرة في مدينتنا المحبوبة لدينا، أي ونحن قاطنون في ملكوت السماوات، نُسلِّم نفوسنا في يد إلهنا الذي نُكَرِّس كل طاقتنا وحياتنا لحساب ملكوته. فنقول مع الرسول بولس: "إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت، إن عشنا وإن متنا فللرب نحن" (رو 14: 8). يلزمنا أن نكرم موت الصديقين ونشتهيه، بينما نشعر ببؤس حياة الأشرار. استطاع القديس بولس أن يقول عن موته: "أَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا" (2 تي 4: 8). لم يكن موته مثيرًا للحزن بل للبهجة والفرح، لأنه يترقب المكافأة التي أُعدَّتْ له عن جهاده الحسن. |
![]() |
|