* ما هذا الذي يأمرنا به الرب قائلًا: "اغسلي من الشر قلبكِ يا أورشليم لكي تُخلَّصي. إلى متى تبيت في وسطكِ أفكاركِ الباطلة؟!" (إر 14:4)، بينما يسأله النبي قائلًا: "قلبًا نقيًّا اخلق فيَّ يا الله، اغسلني فأبيضَّ أكثر من الثلج" (مز 51)؟!
ما هذا الذي قيل: "ازرعوا لأنفسكم نور المعرفة"[34] (هو 12:10)، وقد قيل عن الله: "المعلم الإنسان معرفةً" (مز 10:94)، "الرب يفتح أعين العمي" (مز 8:146)، أو ما نقوله في صلواتنا بالنبي: "أَنِرْ عينيَّ لئَلاَّ أنام نوم الموت" (مز 3:13)؟!
في هذا كله إعلان عن نعمة الله وحرية الإرادة، حتى متى رغب إنسان في السلوك في طريق الفضيلة، يقف سائلًا مساعدة الرب. فلا يقدر أن يتمتع بالصحة الجيدة بإرادته، وبرغبته يتحرر من الضعف. لكن الأمر الصالح الذي نتوق إليه من جهة الصحة لا أناله ما لم يهبه الله الذي يمنحنا متعة الحياة ذاتها ويقدم لنا الصحة المملوءة نشاطًا.
من الواضح أنه خلال سمو الطبيعة التي وهبها لنا صلاح الخالق أحيانًا تثور فينا بداية الإرادة الصالحة، والتي لا نقدر أن نحققها عمليًا أو نتممها بغير قيادة الرب. ويشهد بذلك الرسول القائل: "فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ، أي في جسدي، شيء صالح. لأن الإرادة حاضرة عندي، وأما أن أفعل الحُسنَى فلست أجد" (رو 18:7).
الأب شيريمون