![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() فَلَمَّا رَأَتْ عَثَلْيَا أُمُّ أَخَزْيَا أَنَّ ابْنَهَا قَدْ مَاتَ، قَامَتْ فَأَبَادَتْ جَمِيعَ النَّسْلِ الْمَلِكِيِّ. [1] في الأصحاح السابق رأينا إنسانًا يدفعه الرب إلى عرش مملكة إسرائيل، ليبيد كل البيت الذي أفسد القادة والشعب. لكن للأسف وإن كان قد أبادهم لم يعرف كيف يُسلِّم قلبه للرب، حتى يتحقق فيه قول الحكيم: "قلب الملك في يد الرب، كجداول مياه حيثما شاء يميله" (أم 21: 1). الآن يُقدِّم لنا صورة أخرى خطيرة لامرأة تستلم الحكم في يهوذا، وعوض أن تضع قلبها في يد الرب، وضعت في قلبها أن تقاوم الرب، فقاومت نفسها، وحطَّمتْ مركزها وحياتها وهي لا تدري. هذان الاثنان: الملك ياهو في إسرائيل والملكة عثليا في يهوذا، مع أنهما نقيضان، الأول يبدو كمن له غيرة على عبادة الله الحيّ، والثانية كانت لها غيرة على نشر عبادة البعل. لكن كليهما إذ لم يضعا قلبيهما في يد الرب، يقدمان لنا دعوة واحدة من أجل بنيان مملكة الله في داخلنا، وهي أن نضع قلوبنا في يد ملك الملوك، إذ جعلنا "ملوكًا وكهنة" (رؤ 1: 6). v أودع نفسك في يديّ الرب، ليس فقط عندما ترحل من الجسد، بل حتى وهي بعد في الجسد، فلتكن في يديّ الرب. لأنك لا تراها (لا ترى نفسك)، ولا ترى مصدرها، ولا موضع بلوغها. إنها فيك، وهي أيضًا مع الله. "قلب الملك في يد الرب"، الذي يقودها ويوجهها... إن كان قلب إنسانٍ في يد الرب، كم بالأكثر تكون نفسه؟ القديس أمبروسيوس القديس باسيليوس الكبير بالتأكيد لا يشير النبي إلى ملوك هذا العالم، إذ كُتب: "قلب الملك في يد الرب". هل يمكن ولو إلى لحظة تظن أن قلب يوليان الجاحد في يد الله؟ حاشا! أو قلب نيرون أو مكسيميانوس أو داكيوس المُضطهِدِين؟ حاشا! لا، فإنه يتحدث عن الذي يسيطرون على الخطية، وذلك لأن قلبهم في يد الله، هؤلاء الذين يغلبون الرذائل وأهواء نفوسهم، وبهذا يسودون على الخطية. v هل قلب منسّى في يد الله؟... هل قلوب ملوك يهوذا الأشرار في يد الله؟... لذلك فإن الملوك هم القديسون، وقلوبهم في يد الرب. القديس جيروم بعد اغتيال ابنها، وضعت في قلبها إبادة كل النسل الملكي بغدرٍ رهيبٍ. لعلها ظنت أنها تستطيع أن تقاوم الوعد الإلهي الخاص بإقامة الملوك من نسل داود، فكما أُبيد نسل بيت أبيها، أرادت إزالة المُلك من كل بقية نسل داود. أدخلت عثليا ابنة أخآب وإيزابيل وأرملة يهورام ملك يهوذا عبادة البعل إلى يهوذا، وكانت مثل أمها في شرورها وعنفها. لم تتأخر عن سفك الدم لتحقيق هدفها. تسلطت على رجلها (2 مل 8: 18، 27؛ 2 أي 21: 6)، وعلى ابنها (2 أي 22: 2-4). يرى القديس مار أفرام السرياني أن عثليا كانت تحث ابنها أخزيا أن يعمل خلال أبناء الإثم على سحب الكهنة من بيت الرب لعبادة الأوثان، وكان ابنها كأعمى يطيعها دون مناقشة. ولما استلمت الحكم بعد اغتيال ابنها أرادت تحقيق ذلك بنفسها، كي تسحب اليهود من عبادة الرب إلى العبادة القديمة لأهل صيدون. كان الكبرياء وراء دمار كل من ياهو الذي اختاره الرب لتأديب بيت أخاب، ودمار عثليا. كلاهما استلما العرش، وظنا أنهما بقوتهما وحكمتهما قادران على تحقيق رسالتهما بكل نجاحٍ. فمع ما كان لهما من قدرات وإمكانيات ومواهب، غير أن عدم رجوعهما إلى الله بروح التواضع، يطلبان مشورته وحكمته واستلام عجلة القيادة بنفسه فشلا، بل ودمرَّا نفسيهما بالرغم من مظاهر النجاح البرَّاقة في بداية استلام كل منهما للعرش. الكبرياء أو التشامخ هو طريق تدمير الإنسان لنفسه مهما كان مركزه. v لاحظوا هؤلاء الناس المتكبرين المستهترين، لاحظوا الثور وهو يُعَد للذبح، يُترَك ليجول في حرية، يُدَمِّر ما يريد، حتى يوم ذبحه... يشير الكتاب المقدس إليه في موضع آخر كذبيحةٍ وإنه يُترَك لحرية شريرة (أم 7: 22). v كل المتكبرين يحملون رقابًا متشامخة، فلا يمارسون الشرور فحسب، بل ويرفضون أن يحسبوها شرورًا. وعندما يُنتهَرون يُبَرِّرون أنفسهم. v يحارب الأشرار الله، فتتحطم الأواني الخزفية وتصير كسرًا، هكذا ينتفخ البشر معتمدين على قوتهم الذاتية. هذا هو الدرع الذي يتحدث عنه أيوب بخصوص الشرير. [يجري ضد الله، على عنقه المتصلب لدرعه]. ما هو [العنق المتصلب لدرعه] (راجع أي 15: 26)؟ ذاك الذي يعتمد بالأكثر جدًا على حمايته الذاتية. القديس أغسطينوس الأشياء التي تعطينا الحق في التعظم والافتخار، هي أن نفتخر بأننا حكماء، أو أن نفتخر (بتعقّل) بأننا منذ عشر سنوات مثلاً لم نقترب من الملذات الجسدية والشهوات، أو لم نقترب منها منذ الطفولة؛ أيضًا حينما نفتخر بحمل القيود في أيدينا من أجل السيِّد المسيح، هذه أشياء تدعو للافتخار عن حقٍ، ولكن حتى هذه الأشياء أيضًا، فإذا حكَّمنا عقلنا بالحق، نجد أنه ليس لنا أن نتعظم أو نفتخر بها. كان لدى بولس الرسول ما يدعوه للتشامخ بسبب الرؤى والإعلانات والمعجزات والعلامات وبسبب الآلام التي تحمَّلها من أجل السيِّد المسيح، وبسبب الكنائس التي أقامها في أماكن كثيرة من العالم، في كل ذلك كان لديه ما يدعوه للافتخار، وبحسب الأشياء الخارجية الظاهرة التي تدعو للفخر، كان سيبدو افتخار بولس الرسول شيئًا طبيعيًا بالنسبة للناس؛ ومع ذلك، وبما أنه من الخطر عليه أن يفتخر، حتى بالنسبة لتلك الأشياء، فإن الآب في رحمته، كما أعطاه تلك الرؤى، أعطاه أيضًا على سبيل الرأفة به، ملاك الشيطان ليلطمه لئلاَّ يرتفع؛ ومن أجل هذا تضرع بولس إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقه، فأجابه الله: "تكفيك نعمتي، لأن قوتي في الضعف تكمل" (2 كو 12: 7-9). العلامة أوريجينوس v ابغض العظمة، لأنها الثمرة المملوءة موتًا. وبها سقط الشيطان من البدء. بها سقط بيت آدم من الفردوس. ليس عند الله شيء بخس ومكروه كمثل حُب العظمة، ومن يتشامخ بالكبرياء. القديس مار يعقوب السروجي |
![]() |
|