![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() قتل يهورام 11 وَأَمَّا يَاهُو فَخَرَجَ إِلَى عَبِيدِ سَيِّدِهِ، فَقِيلَ لَهُ: «أَسَلاَمٌ؟ لِمَاذَا جَاءَ هذَا الْمَجْنُونُ إِلَيْكَ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ الرَّجُلَ وَكَلاَمَهُ». 12 فَقَالُوا: «كَذِبٌ. فَأَخْبِرْنَا». فَقَالَ: «بِكَذَا وَكَذَا كَلَّمَنِي قَائِلًا: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ». 13 فَبَادَرَ كُلُّ وَاحِدٍ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ وَوَضَعَهُ تَحْتَهُ عَلَى الدَّرَجِ نَفْسِهِ، وَضَرَبُوا بِالْبُوقِ وَقَالُوا: «قَدْ مَلَكَ يَاهُو». 14 وَعَصَى يَاهُو بْنُ يَهُوشَافَاطَ بْنِ نِمْشِي عَلَى يُورَامَ. وَكَانَ يُورَامُ يُحَافِظُ عَلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ حَزَائِيلَ مَلِكِ أَرَامَ. 15 وَرَجَعَ يَهُورَامُ الْمَلِكُ لِكَيْ يَبْرَأَ فِي يَزْرَعِيلَ مِنَ الْجُرُوحِ الَّتِي ضَرَبَهُ بِهَا الأَرَامِيُّونَ حِينَ قَاتَلَ حَزَائِيلَ مَلِكَ أَرَامَ. فَقَالَ يَاهُو: «إِنْ كَانَ فِي أَنْفُسِكُمْ، لاَ يَخْرُجْ مُنْهَزِمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ لِكَيْ يَنْطَلِقَ فَيُخْبِرَ فِي يَزْرَعِيلَ». 16 وَرَكِبَ يَاهُو وَذَهَبَ إِلَى يَزْرَعِيلَ، لأَنَّ يُورَامَ كَانَ مُضْطَجِعًا هُنَاكَ. وَنَزَلَ أَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا لِيَرَى يُورَامَ. 17 وَكَانَ الرَّقِيبُ وَاقِفًا عَلَى الْبُرْجِ فِي يَزْرَعِيلَ، فَرَأَى جَمَاعَةَ يَاهُو عِنْدَ إِقْبَالِهِ، فَقَالَ: «إِنِّي أَرَى جَمَاعَةً». فَقَالَ يَهُورَامُ: «خُذْ فَارِسًا وَأَرْسِلْهُ لِلِقَائِهِمْ، فَيَقُولَ: أَسَلاَمٌ؟» 18 فَذَهَبَ رَاكِبُ الْفَرَسِ لِلِقَائِهِ وَقَالَ: «هكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ؟» فَقَالَ يَاهُو: «مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ؟ دُرْ إِلَى وَرَائِي». فَأَخْبَرَ الرَّقِيبُ قَائِلًا: «قَدْ وَصَلَ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَرْجعْ». 19 فَأَرْسَلَ رَاكِبَ فَرَسٍ ثَانِيًا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ قَالَ: «هكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ؟» فَقَالَ يَاهُو: «مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ؟ دُرْ إِلَى وَرَائِي». 20 فَأَخْبَرَ الرَّقِيبُ قَائِلًا: «قَدْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ. وَالسَّوْقُ كَسَوْقِ يَاهُوَ بْنِ نِمْشِي، لأَنَّهُ يَسُوقُ بِجُنُونٍ». 21 فَقَالَ يَهُورَامُ: «اشْدُدْ». فَشُدَّتْ مَرْكَبَتُهُ، وَخَرَجَ يَهُورَامُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَأَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَرْكَبَتِهِ، خَرَجَا لِلِقَاءِ يَاهُو. فَصَادَفَاهُ عِنْدَ حَقْلَةِ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ. 22 فَلَمَّا رَأَى يَهُورَامُ يَاهُوَ قَالَ: «أَسَلاَمٌ يَا يَاهُو؟» فَقَالَ: «أَيُّ سَلاَمٍ مَا دَامَ زِنَى إِيزَابَلَ أُمِّكَ وَسِحْرُهَا الْكَثِيرُ؟» 23 فَرَدَّ يَهُورَامُ يَدَيْهِ وَهَرَبَ، وَقَالَ لأَخَزْيَا: «خِيَانَةً يَا أَخَزْيَا!» 24 فَقَبَضَ يَاهُو بِيَدِهِ عَلَى الْقَوْسِ وَضَرَبَ يَهُورَامَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ، فَخَرَجَ السَّهْمُ مِنْ قَلْبِهِ فَسَقَطَ فِي مَرْكَبَتِهِ. 25 وَقَالَ لِبِدْقَرَ ثَالِثِهِ: «ارْفَعْهُ وَأَلْقِهِ فِي حِصَّةِ حَقْلِ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ. وَاذْكُرْ كَيْفَ إِذْ رَكِبْتُ أَنَا وَإِيَّاكَ مَعًا وَرَاءَ أَخْآبَ أَبِيهِ، جَعَلَ الرَّبُّ عَلَيْهِ هذَا الْحِمْلَ. 26 أَلَمْ أَرَ أَمْسًا دَمَ نَابُوتَ وَدِمَاءَ بَنِيهِ يَقُولُ الرَّبُّ، فَأُجَازِيكَ فِي هذِهِ الْحَقْلَةِ يَقُولُ الرَّبُّ. فَالآنَ ارْفَعْهُ وَأَلْقِهِ فِي الْحَقْلَةِ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ». وَأَمَّا يَاهُو فَخَرَجَ إِلَى عَبِيدِ سَيِّدِهِ. فَقِيلَ لَهُ: أَسَلاَمٌ؟ لِمَاذَا جَاءَ هَذَا الْمَجْنُونُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ تَعْرِفُونَ الرَّجُلَ وَكَلاَمَهُ. [11] عرفه الجالسون مع ياهو أنه ينتمي غالبًا إلى بني الأنبياء، وذلك من ملابسه وطريقة حديثه، وعدم مبالاته بتقديم الكرامة والتحيّات لقادة حرب جالسين مع قائدهم الأعظم. دعوه مجنونًا، لأنه جاء وذهب عاجلاً بطريقة غير طبيعية، وقد ظهرت على ملامحه علامات الاضطراب، كما سحب القائد من وسطهم دون أن يُعلِنَ عن شيءٍ، فحسبوه شابًا متهوِّرًا غير حكيمٍ. وربما لأنهم كقادة حرب كانوا يستخفون بأبناء الأنبياء الذين يقضون أغلب أوقاتهم في العبادة، في معزلٍ عن العالم، بعيدًا عن واقع الحياة. ليس عجيبًا أن يتهم النبي الكاذب رجل الله الحقيقي بأنه قد عيَّن نفسه بنفسه، وأن ما ينطق به إنما هو كلام لا قوة فيه. على العكس ظهر في ذلك الوقت شمعيا النحلامي النبي الكاذب، لم يرسله الله، بل جاء باسمه الشخصي متهمًا الأنبياء الحقيقيين مثل إرميا أنهم قد بعثوا روح الاستكانة والخنوع وسط المسبيين، وطالبهم أن يبنوا بيوتًا ويغرسوا جنات كمن هم مستقرين في بابل (إر 29: 24-29). كتب شمعيا إلى صفنيا ليثيره حاسبًا أن الله أقامه عوض يهوياداع لا لشيء إلا ليضطهد أنبياء الله الحقيقيين مثل إرميا الذي حسبه رجلاً مجنونًا. هكذا كان الأشرار يحسبون الأنبياء الحقيقيين مختلّي العقل (2 مل 1: 11؛ أع 26: 24؛ 2: 13، 15، 17، 18). كان إرميا رمزًا للسيد المسيح الذي اُتهم هكذا من أقربائه أنه مُختَل العقل (يو 10: 20). جاءت إجابة ياهو: أنتم تعرفون"، ربما أراد أن يختبر وقع هذا الكلام عليهم. أو لعله يعني أنتم تعرفون الرجل أنه غير جادٍ، ولا يؤخذ على كلماته. لقد خشى من الغيرة والحسد، فيفقد قدرته على تحقيق الأمر بسرعة. فَقَالُوا: كَذِبٌ. فَأَخْبِرْنَا. فَقَالَ: «بِكَذَا وَكَذَا كَلَّمَنِي قَائِلًا: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ مَسَحْتُكَ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ. [12] لاستخفافهم بأبناء الأنبياء، قالوا "كذب". وكأنهم يقولون: "نحن نعلم أنه لن ينطق بأمرٍ نافعٍ، بل يُقدِّم مما لديه من غباوة وجهلٍ، لكن على أي الأمور فلنسمع ماذا قال لك". وإذ أخبرهم ياهو كما بشيءٍ من الاستخفاف، فبسبب كراهيتهم لبيت أخآب، فضَّلوا أن يتحقق هذا، أن يتولى ياهو المُلك عن بيت أخآب. فَبَادَرَ كُلُّ وَاحِدٍ وَأَخَذَ ثَوْبَهُ، وَوَضَعَهُ تَحْتَهُ عَلَى الدَّرَجِ نَفْسِهِ، وَضَرَبُوا بِالْبُوقِ، وَقَالُوا: قَدْ مَلَكَ يَاهُو. [13] إذ قدَّم كل قائدٍ ثوبه ليضعه تحت ياهو، أعلنوا جميعًا عن قبولهم ملكًا عليهم، يصنعون له عرشًا بثيابهم. هذه العادة تُعَبِّر عن رغبتهم في الخضوع له، وكأنهم يقولون: إذ نضع ثيابنا الخارجية تحتك، هكذا نُسَلِّم تدبير كل الأمور لك، ونحن نعمل تحت سلطانك كخدمٍ لك. كان ياهو جالسًا على الدرج الذي أشبه بمنصة، حتى يقود اجتماع القادة. بوضع ثيابهم الثمينة تحته صار كمن يجلس على العرش. ولعل هذا التصرُّف أيضًا يشير إلى ما فعله الرسل مع الأمم، فقد ألقوا عليهم ثيابهم، أي تعاليمهم الرسولية والحياة الفاضلة في الرب وتفسير الكتب المقدسة[8] لكي تستر حياتهم بعد عريّ هذا زمانه، فيصيرون عرشًا لله يجلس عليه ويملك. هذه الثياب لا تزال الكنيسة تلقيها على كل قلبٍ متعرٍ مرتعش بردًا، لتُحوِّله كرسيًا للسيد يستريح عليه! أما فرش الثياب في الطريق تحت قدميه، فيشير إلى خضوع الجسد للرب بعد أن كان خاضعًا للشهوات الرجسة. كثيرون فرشوا ثيابهم في الطريق من أجل الرب، فالشهداء فرشوا أجسادهم خلال قبولهم سفك دمائهم من أجل الإيمان، كطريق يسلك عليه الرب خلال البسطاء الذين قبلوا الإيمان، وأيضًا النساك الروحيون فرشوا أجسادهم بالنسك الروحي الإنجيلي، فصارت حياتهم طريقًا يسير الرب عليه عبر الأجيال، وهكذا الكارزون والعلمانيون حتى الأطفال يقدرون أن يلقوا بثيابهم تحت قدمي الرب في الطريق ليسير عليها. يقول القديس أمبروسيوس: [فرش التلاميذ ثيابهم الخاصة تحت خطوات المسيح إشارة للإنارة في كرازتهم بالإنجيل، لأنه كثيرًا ما أشارت الملابس في الكتب الإلهية إلى الفضائل.] في المُناداة بالملوك تُضرَب الأبواق (2 صم 15: 10؛ 1 مل 1: 39؛ 2 مل 11: 14)، وتنتهي الأبواق بمجيء "ملك الملوك" تصحبه الملائكة بأصوات أبواق سمائيّة تهتف بملكوت سماوي أبدي! صار ياهو بن يهوشافاط ملكًا على إسرائيل لمدة 28 عامًا (841-814 أو 813 ق. م.؛ 2 مل 9: 14؛ 10: 36). وَعَصَى يَاهُو بْنُ يَهُوشَافَاطَ بْنِ نِمْشِي عَلَى يُورَامَ. وَكَانَ يُورَامُ يُحَافِظُ عَلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ هُوَ وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مِنْ حَزَائِيلَ مَلِكِ أرام. [14] كانت إسرائيل قد استردت راموت جلعاد من أرام، غير أن ملك أرام كان يهدد بمحاولته الاستيلاء عليها. لهذا كان الجيش معسكرًا فيها، وكان يورام بالرغم من مرضه يترقب أخبار راموت جلعاد، تاركًا كل السلطة الخاصة بتحرك الجيش في يد ياهو. وسط هذا الجو، أسرع ياهو ليتمم توليه العرش قبل أن يترك يوارم يزرعيل ويأتي إلى راموت جلعاد، إذ لم يكن ليورام جيش في يزرعيل يحميه، ويقف أمام ياهو كمغتصبٍ للعرش. إنها فرصته لقتل الملك في يزرعيل، واعتلاء العرش قبل وصول الخبر إلى منطقة راموت جلعاد. وَرَجَعَ يُورَامُ الْمَلِكُ لِيَبْرَأَ فِي يَزْرَعِيلَ، مِنَ الْجُرُوحِ الَّتِي ضَرَبَهُ بِهَا الأراميُّونَ حِينَ قَاتَلَ حَزَائِيلَ مَلِكَ أرام. فَقَالَ يَاهُو: إِنْ كَانَ فِي أَنْفُسِكُمْ، لاَ يَخْرُجْ مُنْهَزِمٌ مِنَ الْمَدِينَةِ لِكَيْ يَنْطَلِقَ فَيُخْبِرَ فِي يَزْرَعِيلَ. [15] تحدث ياهو معهم كمن يستشيرهم، لأنه لم يكن بعد قد تبوَّأ كرسي الحكم. وَرَكِبَ يَاهُو وَذَهَبَ إِلَى يَزْرَعِيلَ، لأَنَّ يُورَامَ كَانَ مُضْطَجِعًا هُنَاكَ. وَنَزَلَ أَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا لِيَرَى يُورَامَ. [16] أسرع ياهو إلى يزرعيل لكي يقتل يورام قبل أن يصله خبر مسحه ملكًا، فيستعد لمقاومته. في نفس الوقت نزل إليه أخزيا ملك يهوذا، لأنه كان حليفًا ليورام في الحرب، ولأنه ابن أخته. واضح من هذا النص أن يورام تعرَّض لجراحات في المعركة مع أرام في راموت جلعاد، فاضطر إلى الذهاب إلى يزرعيل للعلاج والاستجمام. وقد جاءه ابن أخته ملك يهوذا يسأل عن صحته، ولم يدرك الاثنان بالمؤامرة التي تمت في راموت جلعاد ضد يورام، لأن القادة المجتمعين معه قبلوا بالإجماع مساندة ياهو في اغتصاب العرش، وقد حرصوا على السرية التامة، فلم يعلم أحد من كل الجيش المرابض في راموت جلعاد بما قرره القادة. وَكَانَ الرَّقِيبُ وَاقِفًا عَلَى الْبُرْجِ فِي يَزْرَعِيلَ، فَرَأَى جَمَاعَةَ يَاهُو عِنْدَ إِقْبَالِهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى جَمَاعَةً. فَقَالَ يُورَامُ: خُذْ فَارِسًا، وَأَرْسِلْهُ لِلِقَائِهِمْ فَيَقُولَ: أَسَلاَمٌ؟ [17] امتازت المنطقة أولاً بارتفاعها، فتكشف مسافة كبيرة ناحية الشرق حتى نهر الأردن تقريبًا، كما أنها قائمة على تل وبها القصور الملكية، بجانب وجود أبراج مراقبة. لكن هذا كله لم يقف حائلاً عن تحقيق خطة الله في إبادة بيت أخآب. كانت بيت شان تبعد حوالي ستة أو سبعة أميال وهي منخفضة، لذلك عندما بلغ ياهو وحاشيته بين جبع وبيت شان نظره الحرس الذين في الأبراج، وأبلغوا الملك بمجيئه وهو في قصره. أرسل الملك فارسًا بسرعة للتعرف على سرّ مجيء ياهو الغامض. وجود غالبية الجيش في راموت جلعاد جعل الملك وحاشيته في حالة تأهب مستمر لاستقبال أخبار عن حال الجيش وموقف أرام منه. لم يكن يخطر على فكر أحد أن يترك ياهو الجيش ويأتي هكذا لاغتيال الملك. فَذَهَبَ رَاكِبُ الْفَرَسِ لِلِقَائِهِ، وَقَالَ: هَكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ؟ فَقَالَ يَاهُو: مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ؟ دُرْ إِلَى وَرَائِي! فَأَخْبَرَ الرَّقِيبُ قَائِلًا: قَدْ وَصَلَ الرَّسُولُ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَرْجعْ. [18] السؤال عن السلام كان عادة خطوة للدخول في تفاوضٍ أو حوارٍ، وقد جاءت إجابة ياهو تشير إلى رفضه الدخول في تفاوضٍ. كأنه يقول له: ماذا يشغلك إن كان الموقف في راموت جلعاد يسوده السلام أو الحرب، إنما لتنضم إليّ، ولتحتل الصف الأخير من حاشيتي. بقوله: دُرْ إلى ورائي" لم يسمح له أن يرجع ليخبر الملك. فَأَرْسَلَ رَاكِبَ فَرَسٍ ثَانِيًا. فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ قَالَ: هَكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: أَسَلاَمٌ؟ فَقَالَ يَاهُو: مَا لَكَ وَلِلسَّلاَمِ؟ دُرْ إِلَى وَرَائِي. [19] سأل الفارس جماعة ياهو إن كانوا قد جاءوا للخير، فأجابه ياهو: [ما شأنك بالخير؟] فإن من انحرف عن الشركة مع الله ليس له أن يسأل عن الخير الذي هو عطية الله. طلب ياهو من الرسولين أن يسيرا خلفه حتى لا يستطيعا أن يُحَذِّرا الملك من الخطر الذي يلحق بحياته. ولعله أراد أيضًا أن يخلو الطريق أمامه لتصويب سهامه إلى الملك. فَأَخْبَرَ الرَّقِيبُ قَائِلًا: «قَدْ وَصَلَ إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ وَالسَّوْقُ كَسَوْقِ يَاهُوَ بْنِ نِمْشِي، لأَنَّهُ يَسُوقُ بِجُنُونٍ. [20] كان ياهو مشهورًا بالجسارة والتحرُّك السريع، متميزًا في تحركه العسكري. لم يَسُق بنفسه، بل كان معه في المركبة من يسوق الخيل بسرعة شديدة، وكانت هذه عادة ياهو. بقوله: "يسوق" لا يعني مُجرَّد قيادة المركبة أو قيادة الحاشية التي معه، فهو المُحَرِّك لهم جميعًا. كلمة "جنون" هنا كناية عن حدة الطبع، وليس جنونًا طبيعيًا. يرى يوسيفوس المؤرخ أن ياهو كان يقود هذه الجماعة بهدوء، لكن في حزم وجدية. هنا ينسب الرقيب ياهو لجده لا لأبيه، لأن نمشي كان أكثر شهرة من ابنه يهوشافاط. فَقَالَ يُورَامُ: اشْدُدْ. فَشُدَّتْ مَرْكَبَتُهُ، وَخَرَجَ يُورَامُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَأَخَزْيَا مَلِكُ يَهُوذَا، كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَرْكَبَتِهِ، خَرَجَا لِلِقَاءِ يَاهُو. فَصَادَفَاهُ عِنْدَ حَقْلَةِ نَابُوتَ الْيَزْرَعِيلِيِّ. [21] انطلق يورام بمركبته الملوكية ومعه ابن أخته أخزيا ملك يهوذا، إذ عرف أنه ياهو، وقد ظن أنه آتٍ بسرعة لأن لديه أخبار هامة بخصوص راموت جلعاد. أسرع الملكان نحو ياهو، لأنهما لم يشكَّا قط في نواياه، إنما ظنّا أنه جاء ليُقدِّم خطة جديدة بخصوص المعركة مع أرام، فلإسعاف الوقت لم ينتظرا حضوره، إنما أرادا اللقاء معه في الطريق لمناقشة الأمر، ورجوع ياهو إلى الجيش في راموت جلعاد. في غباوة انطلق الملكان بمركبتيهما لاستقبال ياهو، وكان الأفضل لهما أن ينتظرا في المدينة. فَلَمَّا رَأَى يُورَامُ يَاهُوَ قَالَ: أَسَلاَمٌ يَا يَاهُو؟ فَقَالَ: أَيُّ سَلاَمٍ مَا دَامَ زِنَى إِيزَابَلَ أُمِّكَ وَسِحْرُهَا الْكَثِيرُ؟ [22] كلمة "زنا" هنا تحمل معنى أوسع، ألا وهو عبادة الأوثان والديانات الباطلة واستخدام السحر مع التمرُّد على الله. أشار إلى إيزابل بكونها القائدة الخطيرة لهذا العمل الشرير. فَردَّ يَهُورَامُ يَدَيْهِ وَهَرَبَ، وَقَالَ لأَخَزْيَا: خِيَانَةً يَا أَخَزْيَا! [23] فَقَبَضَ يَاهُو بِيَدِهِ عَلَى الْقَوْسِ، وَضَرَبَ يُورَامَ بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ، فَخَرَجَ السَّهْمُ مِنْ قَلْبِهِ، فَسَقَطَ فِي مَرْكَبَتِهِ. [24] أغلب المركبات القديمة كانت مفتوحة من خلف. ضرب يهورام بين ذراعيه، أي في وسط ظهره إذ كان مُسْرِعًا بمركبته، جاءت الضربة في قلبه، فمات للحال. سقط جثمان يورام على الأرض في حقل نابوت كنبوة إيليا (1 مل 21: 19). إن كان منظره وهو مُلْقَى على الأرض قتيلاً بيد رئيس جيشه، فإن منظره الخفي وهو ينحدر نحو الهلاك الأبدي بيد الخطايا التي ارتكبها بإرادته الحرة أخطر بكثير. v تؤذي الخطايا النفس بخطورة أعظم من أذية الدود للجسم. ومع هذا فنحن لا ندرك فسادها، ولا نشعر بإلحاح ضرورة التطهر منها. وذلك كالسكران الذي يعجز عن أن يعرف كيف أن مذاق الخمر منفِّر، أما المُتعقِّل فيمكنه تمييز ذلك بسهولة. هكذا بالنسبة للخطايا، فمن يعيش في وقارٍ يُمَيِّز بسهولة الوحل والفساد، وأما من يعيش في الشرٍ فيكون كالمخمور بالمُسْكِر، فلا يتحقق من أنه مريض. هذا هو أشر ما في الخطية، أنها لا تسمح للساقطين فيها أن يدركوا حالة المرض الخطير التي هم فيها، وإنما يكونون كمن يرقدون في وحلٍ، ويظنون أنهم يتمتعون بالأطياب. فليس لديهم أدنى رغبة للتحرر. وإذ يعمل فيهم الدود يفتخرون كمن لديهم حجارة كريمة. لهذا لا يريدون قتلها، بل أن ينعشوها ويضاعفوها حتى تعبر بهم إلى الدود الذي في الحياة العتيدة. v ماذا إن كان الإنسان غنيًا، وإن كان من الأشراف، فإنه عندما تسبيه خطيةٌ ما يصير أكثر فسادًا من كل فساد. فإن كان الإنسان ملكًا قد أسره البرابرة يصير أكثر الناس بؤسًا، هكذا بالنسبة للخطية، إذ هي بربرية، والنفس التي تصير أسيرة لا تعرف كيف تتخلص من الأسر، فتقوم الخطية بدور الطاغية لتُحطِّم كل من يلتصق بها. القديس يوحنا الذهبي الفم وَاذْكُرْ كَيْفَ إِذْ رَكِبْتُ أَنَا وَإِيَّاكَ مَعًا وَرَاءَ أخآب أَبِيهِ، جَعَلَ الرَّبُّ عَلَيْهِ هَذَا الْحِمْلَ. [25] بدقر، اختصار "بن دقار ben deqar" أي ابن الطعنة. ثالثة Shaalishow أي الرجل الثالث. برَّر ياهو ما فعله بترديده اللعنة التي سقط تحتها أخآب وايزابل بسبب قتلهما نابوت ظلمًا لكي يرثا حقله. حسب ياهو نفسه آلة الله لتحقيق غضبه على أخآب وأسرته (1 مل 21: 21-24). انتهت أعمدة أسرة أخآب بموت يهورام وإلقائه في حقل نابوت الذي اغتصبه أخآب أو استولى عليه ظلمًا بعد أن دَّبرتْ زوجته إيزابل مؤامرة لقتل نابوت واتهامه زورًا بالتجديف على الله وعلى الملك (1 مل 21: 17-24). أَلَمْ أَرَ أَمْسًا دَمَ نَابُوتَ وَدِمَاءَ بَنِيهِ يَقُولُ الرَّبُّ، فَأُجَازِيكَ فِي هَذِهِ الْحَقْلَةِ يَقُولُ الرَّبُّ. فَالآنَ ارْفَعْهُ وَأَلْقِهِ فِي الْحَقْلَةِ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. [26] ربما يقصد بالرؤيا هنا ما أخبره به النبي الذي أرسله أليشع النبي ومسحه ملكًا، مطالبًا إياه أن ينتقم لدم نابوت اليزرعيلي وبنيه من بيت أخآب، ولعل الله أكَّد له ذلك برؤيا بالليل بعد ترك النبي المعسكر. قتل أخآب نابوت اليزرعيلي لكي يرث حقله، وذلك حسب مشورة زوجته الشريرة إيزابل. وظن أنه يجعل من الحقل حديقة تبعث في حياته السرور والبهجة، ولم يعلم أنه سيصير مقبرة يدفن فيها ابنه الشرير. لم يُذكر من قبل أن أبناء نابوت أيضًا قد سُفك دمهم، ولعل إيزابل دبَّرتْ قتلهم لكي تمحو كل ذكر لنابوت، فلا يبقى أثر أو ذِكْر لجريمتها. |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يهورام لا يقبل التحذير |
يهورام وبذرة الشر |
يهورام/ يورام |
يَهُوآحاز ابن يهورام |
عزريا ابن يهورام |