![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() المياه الرديَّة تصير مياهًا عذبة 19 وَقَالَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ لأَلِيشَعَ: «هُوَذَا مَوْقِعُ الْمَدِينَةِ حَسَنٌ كَمَا يَرَى سَيِّدِي، وَأَمَّا الْمِيَاهُ فَرَدِيَّةٌ وَالأَرْضُ مُجْدِبَةٌ». 20 فَقَالَ: «ائْتُونِي بِصَحْنٍ جَدِيدٍ، وَضَعُوا فِيهِ مِلْحًا». فَأَتَوْه بِهِ. 21 فَخَرَجَ إِلَى نَبْعِ الْمَاءِ وَطَرَحَ فِيهِ الْمِلْحَ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ أَبْرَأْتُ هذِهِ الْمِيَاهَ. لاَ يَكُونُ فِيهَا أَيْضًا مَوْتٌ وَلاَ جَدْبٌ». 22 فَبَرِئَتِ الْمِيَاهُ إِلَى هذَا الْيَوْمِ، حَسَبَ قَوْلِ أَلِيشَعَ الَّذِي نَطَقَ بِهِ. بعد شق نهر الأردن برداء إيليا الذي به أعلن الله أن أليشع مُحاط بسحابة من الشهود من بينهم مُعلِّمه إيليا سمح له بتحويل المياه الردية إلى مياه عذبة. إلى هذا اليوم يُظَن أن المياه التي برئت هي التي تخرج من عين السلطان الحالية، وهي عذبة. وَقَالَ رِجَالُ الْمَدِينَةِ لأليشع: هُوَذَا مَوْقِعُ الْمَدِينَةِ حَسَنٌ كَمَا يَرَى سَيِّدِي، وَأَمَّا الْمِيَاهُ فَرَدِيئَةٌ، وَالأَرْضُ مُجْدِبَةٌ. [19] موقع المدينة الجغرافي ممتاز والأرض خصبة، لكن المياه مجدبة تفسد الأرض، عوض أن ترويها لتصلح للزراعة. ما هذه المدينة إلا شعب الله كجماعة وكأعضاء. فقد خلق الله الإنسان صالحًا ليقيم من أعماقه جنة مقدسة له، يفرح بها، ويدعو السمائيين خدامه وأصدقاءه ليتمتعوا بثمار الروح المُفرِحة. وكما جاء في سفر النشيد: [ليدخل حبيبي إلى جنته، ويأكل شهدي مع طيبي...]، [أَيُّهَا الأَصْحَابُ... كُلُوا وَاشْرَبُوا.] ماذا يعني بالمياه المُرَّة؟ إن كانت المياه تشير إلى الناموس وشرائعه، فقد أفسد الحرفيون معناه ورسالته، فصار مُرَّا؛ ليس من ينزع عنه هذه المرارة سوى السيد المسيح الملح القدوس، إذ يرفعنا من الحرف إلى الروح. كتب القديس جيروم رسالة وجهها إلى أوستوخيوم يعزيها في والدتها باولا Paula حيث عرض فيها زيارتها للأراضي المقدسة من بينها أريحا، فقال: لقد رأت أيضا ينبوع الشريعة المُر للغاية وعقيم، وقد شفاه أليشع الحقيقي بحكمته، محولاً إياه إلى بئر عذب واهب الخصوبة. v تحدث الأنبياء عنه وهم مندهشون (وقالوا): حلّ عليه روح مُعلِّمه وفاض. طلبوا منه أن يشفي –كما من طبيبٍ روحيٍ– الأرض المريضة (الفاسدة) والمقفرة التي كانت مجدبة. شاهدوا فيه قوة، فسألوه أن يشفي الماء الرديء، ويفرج على كل البلد بخبرته. كانوا يقولون له: القرية وموقعها جميلان جدًا، والمياه رديئة، والأرض مقفرة وتضايقنا. قال لهم: أحضروا لي جرّة جديدة وفيها الملح، وصنعوا هذا كما قال. أخذها وخرج إلى الينبوع، وألقى الملح في المياه الرديئة، وأصلحها لأنها كانت مريضة (فاسدة). القديس مار يعقوب السروجي وَضَعُوا فِيهِ مِلْحًا. فَأَتُوهُ بِهِ. [20] صحنTselochith تُرجمت أحيانًا صحن (2 مل 21: 13)، مقلاة (2 أي 35: 13)، صحفة (أم 19: 24؛ 26: 25). يُفترض أنها صحن معدني مفلطح. v يُرش ملح الأنبياء العذب اليوم بين الأمم. لنقتنِ مذاقًا جديدًا الذي به يفقد الشعب القديم نكهته. لننطق بكلام الحكمة، لا بأمورٍ خارجًا عنها، لئلا نصير نحن أنفسنا خارجًا عن الحكمة. القديس مار أفرام السرياني وَقَالَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قَدْ أَبْرَأْتُ هَذِهِ الْمِيَاهَ. لاَ يَكُونُ فِيهَا أَيْضًا مَوْتٌ وَلاَ جَدْبٌ. [21] لم تكن قوة الشفاء في الصحن الجديد، ولا في الملح، لكن في قول الرب وكلمته العاملة في المؤمن كصحنٍ جديدٍ، قد تمتع بالحياة الجديدة المُقامَة مع المسيح يسوع. فإنه إذ يقبل المؤمن الربَ عاملاً فيه، يصير كقول الرب ملحًا للأرض، ينزع الفساد منه. سرّ عذوبة هذه المياه الرديئة هو اسم الرب، أما أليشع فمجرد أداة في يد الرب. شفى الرب مياه أريحا بالملح، هكذا جدَّد كلمة الله المتجسد الخليقة. يقول الأب ميثوديوس بأن ما فعله أليشع هنا يشير إلى عمل السيد المسيح. فالصحن الجديد الذي يحوي ملحًا شافيًا للمياه القاتلة من الموت، يظهر للعالم أنه يتجدد بسرّ ظهوره. فإنه قدَّم طعامًا بلا خميرٍ، كرمزٍ لميلاده بدون الدنس بزرع بشرٍ، نازعًا من الطعام مرارة الموت. أما إلقاء العناصر الطبيعية في الأردن، فيظهر مُقدِّمًا نزول ربنا إلى الجحيم، وإنقاذ الذين دب فيهم الفساد. v هنا سرّ الابن: شفى المياه الرديئة، وأصلح ذلك الينبوع عندما تفقَّده. ما أن عبر النبي النهر حتى التقى بالسرّ الذي تجلى، ووقف كنيِّرٍ لمن يتطلع إليه. وبما أن السرّ تجلَّى جدًا، فقد اتضح بأنه لم يقم هو بالشفاء، لكنه كان رمزًا للحقائق. القرية الحسنة الموقع هي الخليقة كلها، التي كانت جميلة قبل تجاوُز الوصية. المياه الرديئة هي الخطيئة التي تسلطتْ على البشر، سكبت الموتَ على كل الجنس البشري، وبها أصبح مقفرًا. تقيأت الحية الكبيرة السم في رأس النبع، ففسد كل نهر الناس، وولّد الموتَ. ولما كانت الخليقة بطبيعتها مملوءة جمالاً، فقد أفسدتها الخطيئة لتصير بغيضة ومقفرة. التجاوز عن الوصية أدخل الموتَ، وجعل الأرض مقفرة، بكدر (ثفالة) الخمر التي مزجتها الحية في أذن حواء. القديس مار يعقوب السروجي حَسَبَ قَوْلِ أليشع الَّذِي نَطَقَ بِهِ. [22] رسالة كل نبي حقيقي وخادم للكلمة هي تحويل النفوس التي أجدبها روح العالم، المياه المُرَّة، لتصير فردوسًا روحيًا للرب. يتحقق هذا بإلقاء الملح فيها خلال صحنٍ جديدٍ. ما هو هذا الصحن الجديد إلا خبرة الحياة المُقامَة. وكما يقول الكتاب: "هوذا الكل قد صار جديدًا". أما الملح فهو عمل الروح القدس فينا، إذ يجعلنا ملحًا للعالم. يليق بالمؤمن الحامل الروح أن يكون كالملح، بلمسات حبه الخفيفة يُملِّح الآخرين، كما يفعل الملح بالطعام فلا يفسد. ويليق به ألا يضع أنفه في حياة الآخرين، فيكون كمن يسكب كمية ضخمة من الملح على الطعام فيفسده. لنعمل، ولكن بلمسات هادئة خفيفة وفعالة، فلا نكون محبين للاستطلاع أو إلزام الآخرين بأفكارنا ومفاهيمنا. v يبدو أن ذاك الينبوع المُر يعني آدم، الذي نبع منه الجنس البشري. قبل مجيء أليشع الحقيقي، أي ربنا ومخلصنا، إذ بقى الجنس البشري بلا ثمر ومُر خلال خطية الإنسان الأول. مع أن الإناء الجديد الذي ألقي فيه ملح يمثل الرسل، لكنه بلياقة نقبل أن فيه سرّ تجسد الرب. الآن وُضع الملح فيه، أي الحكمة، إذ نقرأ: "لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ... مُصْلَحًا بِمِلْحٍ" (كو 6:4). علاوة على هذا، حيث أن المسيح ليس فقط "قوة الله"، بل وأيضًا "حكمة الله" (1 كو 1: 24)، فإن جسد المسيح يشبه إناءً جديدًا مملوءًا من الحكمة الإلهية عندما صار الكلمة جسدًا. لذلك أُلقى الإناء الجديد بالملح في المياه المُرَّة بواسطة أليشع، وتحولتْ إلى العذوبة والأثمار. هكذا الإناء الجديد، أي الكلمة المتجسد أرسله الله الآب ليرد الجنس البشري من ينبوع مياه مُرَّة إلى مياه حلوة، ويقوده إلى الحب الطاهر عوض العادات الشريرة والعقم في الأعمال الصالحة، ويرده إلى الإثمار بالعدل. حقًا يا إخوة ألا يبدو لكم أن الإناء الجديد المملوء من ملح الحكمة الإلهية قد وُضِعَ في المياه عندما نزل المسيح الرب إلى النهر ليعتمد؟ عندئذ تحوَّلتْ كل المياه إلى العذوبة وتقدَّست بهذا الإناء الجديد، أي جسد المسيح. نتيجة لذلك ليس فقط صارت المياه غير عقيمة، بل أنتجت نعمة المعمودية في كل العالم مسيحيين بلا عدد كثمرٍ متزايدٍ، ومحصولٍ وفيرٍ للغاية. v أُشير إلى المياه لتعني الشعب في سفر الرؤيا: "الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ... هِيَ شُعُوبٌ... وَأُمَمٌ" (رؤ 17: 15). علاوة على ذلك، واضح جدًا أن الإناء الذي به الملح الذي وُضع في الماء يمثل الرسل كما أشار ربنا في الإنجيل عندما قال: "أنتم ملح الأرض" (مت 5: 13). لذلك بنعمته جعل رسلاً جددًا من الإنسان العتيق، وملأهم من ملح تعاليمه وحكمته الإلهية، وأرسلهم إلى كل العالم كما إلى ينبوع الجنس البشري، لينزع عنه عدم إثماره ومرارته. أخيرًا، فإنه منذ ذاك الوقت الذي فيه قدَّم ملح الحكمة الإلهية للقلوب البشرية اُنتزعت كل مرارة في العلاقات أو عدم إثمار في الأعمال الصالحة. v نحن أيضًا أيها الإخوة المحبوبون قد تقبَّلنا دون أي استحقاق صالح سابق أعمالاً صالحة عظيمة من الرب خلال نعمته السخية، واستحققنا أن نتحول من المرارة إلى العذوبة، ودعينا من عدم الإثمار إلى الإثمار في الأعمال الصالحة. الأب قيصريوس أسقف آرل بتحقيق هذا لم يُطهِّر أليشع إنسانًا واحدًا، ولا قدَّم شفاءً لأسرة واحدة، بل قدَّم شفاءً لأهل المدينة كلها. لو أنه تأخر في فعل ذلك لصارت المدينة غير آهلة للسكان تمامًا... لقد قام بتطهير الناس حين طهَّر المياه. وبمباركة نبع المياه قدَّم فائدة للنبع، كما لو كانت للنفوس... إذ يقول الرسول الطوباوي بولس إن هذه الأشياء حدثت معهم كرمزٍ (1 كو 10: 6)، دعونا نرى المعنى الحقيقي لهذا الرمز، أي أن تلك المدينة التي كانت تعاني من الجدب، وما يعنيه الصحن، وأيضًا الذي طُرح ليهب صحة. نقرأ في نفس الرسول أن هذا قيل عن الكنيسة "افرحي أيتها العاقر التي لم تلد. اهتفي واصرخي أيتها التي لم تتمخض" (غل 4: 27؛ إش 54: 1). إذن الكنيسة هي المدينة المجدبة، لأن حال المياه كانت رديئة قبل مجيء المسيح، أي بسبب دنس شعوب الأمم، ولم تكن قادرة أن تحبل بأبناء لله بسبب عقمها. لكن عندما جاء المسيح وأخذ جسدًا بشريًا مثل صحن من الطين، أصلح رداءة المياه، بمعنى أنه نزع دنس الشعب، وللحال صارت الكنيسة التي كانت عاقرًا مثمرة. الأب مكسيموس أسقف تورين القديس جيروم صوّر البتولَ بالجرة الجديدة التي لم تدنُ منها الوصمة نهائيًا... بالملح مثّل الابن الوحيد، لأنه هو الذي يملح كل تفاهة الطعام بطعمه المميز. بالوعاء الجديد صوّر جسد الشابة الطاهر، وبالملح صوّر الابن الذي يملح الأذواق التافهة. نزل الملح إلى المياه الرديئة فشفاها، وهذا يعني أن الابن شفى بميلاده جنس آدم. كانت القرية الحسنة كلها مريضة (فاسدة)، ومُعذَّبة، إلى أن افتقدها الملح وشفاها. هكذا كانت كل الخليقة الجميلة مملوءة موتًا، حتى أشرق الابن من مريم، وشفى الأحياء. لو لم تسكب الجرة الجديدة الملحَ على نبع المياه المريضة لما شُفيت. ولو لم تلد البتول ابن الله، لما قام الجنس البشري من سقطته. مزج الملحَ في شراب المياه ليشرب كل واحدٍ، كما مزج الله الابن بالبشر، فأحيا الكل. هلم وشاهد الملح تشربه المياه الرديئة، ويأكل الموتى ابنَ الله فيحيون. المياه بالملح، والشعوب بالجسد اقتنوا العافية، وعاشت الأرض كأريحا التي كانت مريضة... ألقى أليشع الملح بسرّ الابن، وأزال اللعنة، وشفى المياه التي كانت مريضة. وأظهر كيف يأتي ابن الله إلى العالم، وبه تُرفَع لعنة الأرض فيشفيها. نقض أليشع قصاص يشوع بن نون (يش 6: 26)، وأزال اللعنة من النبع بالملح الذي ألقاه. وصوَّر المسيحَ الذي أبطل حكم الآب، وبصليبه رفع لعنة الأرض، وبه شُفيت. الآب في البداية لعن الأرض بسبب آدم، ويشوع بن نون لعن أريحا عندما استأصلها. بذلك الملح زالت اللعنة من أريحا، وبأليشع بطل منها الموت الذي حلّ بها. هناك صُورت صورة عظمى لابن الله، لأنه يبطّل اللعنة، ويمنع الموت عن الإنسانية. القديس مار يعقوب السروجي |
![]() |
|