🙏🏻”متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون أنِّي أنا هو“. (يو ٨: ٢٨)
إذ يتمثَّل بأمهر الأطباء فإنَّه يكشف عن مرض نفوسهم الدفين، ويبيِّن بوضوح ما هو الذي يعوقهم عن المُضي بتصميم نحو الإيمان به ومعرفته. لأنَّهم نظروا إلى الجسد وما يتعلَّق به، فقد تحرَّكوا ليفكِّروا فيه باستخفاف. وإذ وضعوا هذا البرقع على عيون أذهانهم لم يريدوا أن يعرفوا أنَّه الله. ولأنَّهم رأوه كإنسان، فقد كان من الضروري أن يخاطبهم قائلاً: ”متى رفعتم ابن الإنسان، فحينئذ تفهمون أنِّي أنا هو“ ، أي حينما تكفُّون عن تفكيركم الصغير والوضيع عني، وحينما يكون لكم فكرٌ سامٍ وغير أرضي من جهتي، وتؤمنون أنِّي أنا إله من إله، رغم أنِّي من أجلكم صرتُ إنسانًا مثلكم، فحينئذ ستعرفون بوضوح أنِّي ”أنا نور العالم“ (لأنِّي أنا هو ما أخبرتكم به منذ قليل).
إذن، فواضح جدًّا من كلمات المخلِّص أيضًا أنَّه إن كان لنا فكرٌ وضيعٌ عنه ونعتبره مجرَّد إنسان، وأنَّه خالٍ من الألوهية بالطبيعة، فإنَّنا بالتأكيد لن نؤمن به ولن نقبله كمخلِّص وفادٍ. وما هي النتيجة؟ إنَّنا نكون قد سقطنا من رجائنا، لأنَّه إن كان الخلاص هو بواسطة الإيمان، وقد تلاشى الإيمان، فما الذي يخلِّصنا عندئذ؟ ولكن إن كنَّا نؤمن ونرفع الابن إلى ما يليق بالألوهية، رغم أنَّه صار إنسانًا، ونتقدَّم كما بريح هادئة ونسرع وسط بحر الحياة المملوء اضطرابًا، فإنَّنا سوف نرسو بأمان في المدينة التي هي فوق، حيث ننال هناك مكافآت الإيمان.
القديس كيرلس الكبير
(تفسير يوحنا ٨: ٢٨)✝️💐