مع الصليب نصل إلى قمّة الإختبار الروحي، إلى حيث وصل القديسون. وفي هذا المجال لقد ردّدت سيمون قايل:" ينبغي أن نسعى لا إلى عدم التألم ولا إلى التخفيف من الألم، بل إلى عدم فقدان سلامنا بسبب الألم". فالحب دون الصليب هو فارغ من جوهره والصليب بدون الحب هو مؤلم وثقيل جداً.
فمن على صليب يسوع المتألم تجلّى مجد الله وفي يسوع الطريق نستدلّ على الطريق المؤدّية إلى الآب. فلا طريق أخرى غير التي اتّبعها يسوع، إنها طريق التخلّي الجذري عن الذات، إنها الطريق الصعبة التي تبدو لنا شاقة ومتعرجّة ونيرة بالوقت نفسه، لكنها تقودنا حتماً إلى سّر الحب وملء الحياة. فبتجسد يسوع وموته وقيامته لم يتبدّل ولم يتغير أي شيئ في العالم. فالأحداث المختلفة التي نعيشها في تاريخ حياتنا اليومي من غيرة وسخرية ومعاملة سيئة وكل ما نعانيه من الناس أو بسببهم من آلام عديدة واضطهاد وموت ذلك كلّه سوف يستمر إلى مالا نهاية ولكن سيتغير معناه مع الصليب ويؤول بنا إلى طريق الخلاص والقداسة. ففي الصليب يـتحوّل الشر إلى خير ويصبح وسيلةً نعلن عنها إلى من ننتمي والموت والألم اللذين نكرههما مسائر الناس لأنهما يبدوان وكأنهما يبيداننا من الوجود يصبحان مع المسيح أداة خلاص حيث يفتحان نفوسنا على ملء الحياة وسر الوجود. فشخص يسوع المتألم والمصلوب هو الذي يُعطي جميع ممارساتنا الروحيّة والمسيحيّة معنىً جديداً وخلاصيّاً.