![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() اُنْظُرْ إِلَى الْيَمِين،ِ وَأَبْصِرْ فَلَيْسَ لِي عَارِفٌ. بَادَ عَنِّي الْمَنَاصُ. لَيْسَ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ نَفْسِي [4]. جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "تأملت عن اليمين وأبصرت، فلم يكن من يعرفني. ضاع المهرب مني، ولم يوجد من يطلب نفسي". يتطلع المرتل إلى اليمين، أي إلى حيث يظن أنه يجد من يعينه ويدافع عنه، فإذا به لا يجد أحدًا. يبدو كأن الكل لا يبالون بما بلغ إليه من حالة بائسة، ليس من يبالي بحياته أو خلاصه من الضيق. إنها صرخة بائسة ومُرة: "ليس من يسأل عن نفسي!" أنانية قاسية وخطيرة مع تراخٍ عجيب بخصوص الاهتمام بالغير! يقدم لنا المرتل نبوة عن السيد المسيح المتألم، وقد فارقه تلاميذه، وبقي وحده! يقصد بالتطلع إلى اليمين ليبصر، أنه في وقت أحزانه يلتفت إلى أصحابه وأخص أصدقائه، فإذا بهم كمن لا يعرفونه، بسبب الخوف من أعدائه يظهر أحباؤه كأنهم لا يعرفونه. هذا ما تحقق تمامًا في ليلة تسليم السيد المسيح ومحاكمته، إذ أنكر بطرس الرسول وأقسم ولعن أنه لا يعرف المسيح، ولا يعرف اسمه. يرى القديس أغسطينوس أن من يتطلع إلى اليسار يكون أعمى ولا يرى أحدًا أو شيئًا، أما من يتطلع إلى اليمين فيستطيع أن يرى، لكنه ماذا يرى؟ يرى أنه ليس من يعرفه أو يعينه، فيئن لأنه يشعر بأن المهرب ضاع منه. ليس من يستطيع أن يعينه سوى الرب نفسه. يشعر المضايقون له، بأنهم قد حاصروه وتسلطوا عليه، وليس من يعينه، ولا يستطيع أن يهرب منهم. لقد سقط في الفخ الذي نصبوه هذا ما يظنونه. يطلبون حياته، أي يهلكونه، ولم يدركوا أن حياته الحقيقية هي السيد المسيح واهب الحياة! لقد طلب السيد المسيح من تلاميذه أنهم متى اضطهدوهم يهربون بأجسادهم، لكن أرواحهم لن تهرب، لأن حياتهم في الحقيقة هي المسيح نفسه! *إن كنا نفسر المزمور على أنه خاص باسم الرب، فإن الرب نفسه هو القائل: كل تلاميذي تركوني وهربوا، واحد فقط هو الذي بقي، بطرس الذي وعد: "ولو اضطررت أن أموت معك لا أنكرك" (مت 26: 35). مع هذا فهو الذي أنكر ربه. إذ تاب بطرس، قال الرب: "انظر إلى اليمين إليه، ولم يقل أنظر إلى الشمال. "ضاع المهرب مني"، وذلك عندما قبض عليه اليهود. "ليس من يسأل عن نفسي". بالحقيقة كان الكل يصرخون: "اصلبه، اصلبه". القديس جيروم *هنا يظهر مدى ما عليها الكارثة، فالمشكلة تزداد، وخطط الأعداء تكثر؛ كيف أنهم يقتربون أكثر لكي يصطادوه. أما ما هو أردأ من ذلك، فإنه ليس فقط لا يوجد مساعدون ومناصرون له بالقرب منه، وإنما لا يعرفونه في هذا الوقت. هكذا تكون العزلة، ومدى بٌعدهم عنه. حقًا يوجد قلة يقتربون منه ويساعدونه خاصة عندما تصير الكارثة خطيرة. هذا لا يسبب له ضررًا، بل بالعكس يسبب له نفعًا عظيمًا، إذ يجلبه إلى الدخول في علاقة مع الله. لهذا أيها الأحباء الأعزاء من جانبكم عندما ترون الشرور تتزايد، لا تخور قلوبكم، بل بالأكثر كونوا يقظين. هذا هو السبب الذي لأجله يسمح الله بقيام التجارب، فيهزكم من حالة الخمول، ويوقظكم من النعاس. القديس يوحنا الذهبي الفم *هذا حدث حتى لاختبار أيوب. فإن غياب الأصدقاء وسط الألم ليس بالألم الهين. حتى داود تغنى إذ عانى من ألمٍ مشابه. "أنظر إلى اليمين وأبصر، فليس لي عارف (من يهتم بي)" (مز 142: 4). القديس ديديموس الضرير |
![]() |
|