![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
( 9 ) الوعد العجيب تكوين 3 في الجزء السابق رأينا كيف أن آدم وحواء ضلَّا بعيداً عن طريق الله، عندما أكلا من ثمر الشجرة التي كان قد حرَّمها. وهكذا، اختار الإنسان ـ الذي خلقه الله على صورته ـ أن يتبع الشيطان، عدو الله. فقبل أن يخطئ آدم وحواء، كانا يفرحان عندما كان يأتي الله إلى الجنة، ليتحدث معهما. وأما الآن، فعندما سمعا صوت الله، شعرا بالخوف والخجل، وحاولا أن يختبئا منه بين أشجار الجنة! ومع ذلك، بحث الله عن آدم وحواء، وتكلَّم إليهما، وأعلن لهما عما ستأتي به الخطية إلى العالم: الضيق والمعاناة، والشوك والحسك، والمرض والموت. وبالتالي، ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم، يمسك ظل الموت بنسل آدم. إذ أن كل نسل آدم قد حُبِل به بالخطية، ووُلِد بطبيعة شريرة. وسواء قبلنا هذا أم لم نقبله، فكلنا نشترك في طبيعة جدنا آدم. ‘‘فمن شابه أباه فما ظلم.’’ فبسبب خطية آدم، وُلِدنا كلنا خطاة. حقاً، ‘‘إن الوباء لا ينحصر في مصدره’’، كما يقول المثل. وكما أن خطية آدم قد فصلته عن الله، فخطيتنا أيضاً قد فصلتنا عن الله. وهذا ما يقوله الكتاب: ‘‘من أجل ذلك كأنما بإنسان واحدٍ دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت. وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع’’ (رومية 12:5)، وأيضاً : ‘‘إذ الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله’’ (رومية 23:3)، وأيضاً: ‘‘بل آثامكم صارت فاصلةً بينكم وبين إلهِكم، وخطاياكم سترت وجهه عنكم.’’ (إشعياء 2:59) إن هذه قطعاً ليست برسالة سارة للآذان، ولكن هذه هي الحقيقة. فالحقيقة مرَّة، وكما يقول المثل: ‘‘إن الحقيقة تلسع كالشطة.’’ وهكذا، نرى كيف أن خطية آدم الوحيدة فصلت البشرية كلها عن الله. ففي اليوم الذي عصى فيه آدم الله، آدم، ومعه جميع الجنس البشري الذي كان عتيداً أن يُولَد منه ـ هؤلاء كلهم ومعهم آدم، خرجوا من مملكة النور، ودخلوا مملكة الظلمة. لم يعد لهم نصيب في مملكة الله. فبسبب خطيتهم، صار نصيبهم مع الشيطان، الذي أخذهم كأسرى وعبيد. والآن، ليس لهم أن يأملوا في أي شيء في هذه الحياة سوى العبودية للخطية، والخوف من الموت؛ وفيما بعد، عقاب لا ينتهي في النار الأبدية. ولو كان الكتاب قد توقف عند هذه النقطة، لما كان في وسعنا غير أن نغلقه، ونبكي بكاءً مرَّاً مثل شخصٍ فٌقِد في البحر بلا أملٍ في النجاة. ولو لم يكن قد فتح الله طريقاً للخلاص ليخلِّص نسل آدم، لكنا قد هلكنا للأبد. ولكن مبارك الرب إلهنا، إذ لا تنتهي كتب الأنبياء بقصة خطية آدم. فالله، الذي هو عظيمٌ في رحمته، قد فتح لنسل آدم باباً للخلاص! هكذا تقول كلمة الله: ‘‘ولكن حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جداً.’’ (رومية20:5)، وأيضاً: ‘‘لا تخافوا، فها أنا أبشركم بفرحٍ عظيم يكون لجميع الشعب.’’ (لوقا 10:2)، وأيضاً: ‘‘لأنه قد ظهرت نعمة الله المخلِّصة لجميع الناس.’’ (تيطس 11:2) وكما تعلَّمنا سابقاً، فإن الله قدُّوس. ولذا، فلابد أن يدين الخطاة. فالله بار، ولا يستطيع أن ينسى الخطية وحسب. فهو لابد أن يعاقب الخطية. فأجرة الخطية هي موت، وانفصالٌ أبديٌّ عن الله. إن الله لا يتغيَّر أبداً، وأجرة الخطية أيضاً لا تتغيَّر أبداً. لذلك، سنعرف كيف أن الله، الإله القدوس، نسج خطة ليحرر الخطاة من عقوبة الخطية. وهكذا، سنتعلم أن الله ليس هو فقط .. ‘‘القدوس’’، بل هو أيضاً .. ‘‘الرحيم’’! فالله ‘‘دياننا’’، يريد أيضاً أن يصبح ‘‘فادينا’’ و‘‘مخلِّصنا’’! سنرى كيف أنه في اليوم الذي أخطأ فيه آدم وحواء، بدأ الله يعلن خطته العجيبة لخلاص الخطاة. ، وفي سفر التكوين؛ نقرأ في الفصل الثالث، أن الله قال للشيطان الذي في الحية: ‘‘وأضع عداوة بينكِ وبين المرأة، وبين نسلكِ ونسلها. هو يسحق رأسك، وأنت تسحقين عقبه.’’ تحتوي هذه الآية الصعبة على حقائق عميقة وهامة، والتي يشرحها أنبياء الله بالتفصيل فيما بعد. ويمكننا إيجاز هذه الآية كما يلي: إن الله قد بدأ في إعلان خطته في إدخال مخلِّص أو فادٍ إلى العالم ليفدي نسل آدم ويحرره من سلطان الشيطان. فهذه هي أول آية تَذكُر مجيء الفادي القدوس. وفي هذه الآية، دعونا نتأمل أربع حقائق تخصُّ المخلِّص أو الفادي الذي وعد الله أن يرسله. الحقيقة الأولى هي هذه: إن الله كان يعلن في هذه الآية كيف أن هذا المخلِّص كان سيولد من امرأة فقط، أي من عذراء. فكلٌّ منا لديه أبٌ وأم. إلا أن المخلِّص الموعود به كان سيأتي من امرأةٍ فقط بقوة الله، ولا سيكون له أبٌ أرضي. فلن يأتي مخلِّص العالم من آدم، لأن كل نسل آدم مصبوغين بالخطية. كان على مخلص الخطاة أن يكون بلا خطية. كان عليه أن يأتي مباشرة من الله، من السماء. ولذا، فأول شيء نتعلمه في هذه الآية هو: أن الله وعد بفادٍ قدوس، يكون من نسل امرأة، ولكن ليس من نسل رجل. أما الحقيقة الثانية التي أعلنها الله في اليوم الذي أخطأ فيه آدم وحواء، هو ما قاله الله للشيطان (أي الحية) بخصوص المخلص الموعود: ‘‘تسحقين عَقِبَه..’’ وهكذا، بدأ الله يعلن كيف أن الشيطان سيعذب هذا المخلِّص الذي سيرسله من السماء. وفي الجزء القادم، سنرى كيف تنبأ الأنبياء عن أن الشيطان سيحرِّض الناس ليضطهدوا هذا المخلص ويعذبوه ويقتلوه. وهكذا، كانت خطة الله تتضمن مخلِّصاً مسحوقاً ومضروباً. فمن أجل غرض إرجاعنا إلى الله كان على مخلِّص العالم أن يموت كذبيحة للخطية. ‘‘البار’’ يموت من أجلنا، نحن الخطاة، واضعاً بإرادته حياته ليدفع عقوبة الخطية، التي هي الموت. أما الحقيقة الثالثة بخصوص هذا المخلص هي أن الله قد أخبر الشيطان الذي في الحية إن هذا المخلص سوف يسحق رأسه (أي رأس الشيطان). وكان هذا خبراً سيئاً للشيطان. ولكنه كان خبراً مفرحاً لكل من يريد أن يُعتَق من قوة الشيطان والخطية والجحيم! وهكذا، بدأ الله يعلن أن هذا المخلِّص، في النهاية، سوف يَغلِب الشيطان ويحرر نسل آدم الذين قد أصبحوا عبيداً للخطية. أما الحقيقة الرابعة والأخيرة، فهي أن الله قد بدأ يعلن أنه سيكون هناك مجموعتان من الناس في العالم. مجموعة أتباع الشيطان، ومجموعة أتباع الله. .. أتباع الشيطان هم الذين يرفضون تصديق كلمة الله. .. أما أتباع الله، فهم هؤلاء الذين يصدقون كلمة الله، ويضعون كل ثقتهم في المخلِّص الموعود. وهكذا، ففي اليوم الذي أخطأ فيه آدم وحواء، بدأ الله يعلن خطته العجيبة لتخليص الخطاة. وفي الأجزاء القادمة، سنرى شيئاً فشيئاً كيف تكلَّم كل أنبياء الله معلنين مجيء مخلِّصٍ قدوس، ليحرر الخطاة من يد الشيطان. لا تنزعج عزيزي القارئ، إذا كان ما درسناه غير واضحٍ بالنسبة لك، لأنه عندما نتقدم تدريجياً في دراستنا المرتبة ترتيباً زمنياً، ستتضح لك الأمور شيئاً فشيئاً. إذ يقول الله في كلمته: ‘‘إن دعوت المعرفة ، ورفعت صوتك إلى الفهم. إن طلبتها كالفضة، وبحثت عنها كالكنوز. فحينئذٍ .. تجد معرفة الله.’’ (أمثال 4:2،5) والآن إذاً، دعونا نختم قراءة الفصل الثالث من الكتاب الأول في التوراة. يقول الكتاب: ‘‘وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصةٍ من جلد، وألبسهما. وقال الرب الإله: هو ذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا عارفاً الخير والشر. والآن لعله يمد يده، ويأخذ من شجرة الحياة، ويأكل ويحيا إلى الأبد. فأخرجه الرب الإله من جنة عدن، ليعمل الأرض التي أُخذ منها. فطُرِد الإنسان، وأقام شرقيَّ جنة عدنٍ الكروبيم ولهيب سيفٍ متقلبٍ لحراسة طريق شجرة الحياة.’’ (تك 21:3ـ24) وهذا هو ما ينتهي به الفصل الثالث .. دعونا نتأمل بعض الحقاق الهامة التي احتوتها هذه الآيات. يقول الكتاب: ‘‘وصنع الرب الإله لآدم وامرأته أقمصة من جلد، وألبسهما.’’ هل تذكر ما فعله آدم وحواء بعد أن أكلا من شجرة معرفة الخير والشر؟ لقد خاطا أوراق تين، وأحاطا بها خصريهما كمحاولة لإخفاء عارهما أمام الله. ولكن، هل قبل الله الملابس التي خاطاها لأنفسهما، تلك التي خاطاها من أوراق التين؟ لا، لم يقبلها. ولماذا لم يقبل الله الملابس التي صنعاها لأنفسهما؟ أتعرف لماذا؟ لأن الله أراد أن يعلِّم آدم وحواء أنه ‘‘كاملٌ’’، ولا يقبل أعمال الإنسان ‘‘غير الكاملة’’. وفي هذا الشأن، يقول الكتاب: ‘‘وقد صرنا كلنا كنَجَسٍ، وكثوب عُدَّةٍ كل أعمال برنا.’’ (أشعياء 6:64) فليس هناك ما يستطيع الإنسان عمله ليغطِّي خطاياه أمام الله. ومع ذلك، فقد فعل الله شيئاً للإنسان .. فقد ذبح الله بعض الحيوانات، ونزع جلدها. وصنع ملابس من الجلد لآدم وحواء. لقد أتى الله بأول ذبيحة حيوانية. يا له من منظرٍ مصدم لآدم وحواء، وهم يشاهدان الدم وهو يسيل من الحيوانات التي ذبحها الله. من خلال سفك دم الحيوانات، أراد الله أن يعلِّم آدم وحواء أن ‘‘أجرة الخطية موت’’ (رومية 23:6) ، ويعلمهما أيضاً أنه ‘‘بدون سفك دم لا تحصل مغفرة.’’ (عب 22:9) ولن نستطيع اليوم أن نشرح ذلك بالتفصيل، فيما عدا أن نقول أن قانون الله الأساسي للغفران ينص على أنه: ‘‘بدون سفك دم، لا تحصل مغفرة للخطية’’. فأجرة الخطية لابد وأن تُدفَع. وأجرة الخطية هي الموت. فالله لا يستطيع أن يغفر خطية ما لم يُدفَع ثمنها. ولابد من موت ضحية طاهرة بريئة بدلاً من الخاطئ المذنب. وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيع بها الله أن يغفر الخطية دون المساس ببره. وهكذا، أسس الله نظام الذبائح الحيوانية؛ ليذكِّر الخطاة أن أجرة الخطية هي موت. وترمز الذبيحة الحيوانية إلى المخلِّص القدوس، الفادي الذي سيأتي إلى العالم ليُسفَك دمه ثمناً للخطية. وسنتعلم المزيد عن هذا فيما بعد. ولكن دعونا اليوم، نتذكر أن الله سفك دماء حيوانات ليغطِّي عار آدم وحواء. وبعد هذا، طرد الله آدم وحواء من جنة الفردوس في عدن. وأقام ملاكاً ماسكاً لهيب سيفٍ متقلبٍ لحراسة شجرة الحياة. لقد اختار آدم وحواء طريق الموت، عندما أكلا من الثمرة التي حرمها الله. وهكذا، لم يَعُدا يستطيعان أن يتمتعا ببركات جنة الفردوس الرائعة. لقد رأينا من قبل كيف أن الله طرد من محضره لوسيفر، الذي هو الشيطان، وذلك بسبب خطيته. والآن، نرى كيف طرد آدم وحواء أيضاً بسبب خطاياهما. فالله هو القدوس، ولابد له أن يعاقب كل من هو غير قدوس. وهكذا، دعونا نحتفظ بفكرتين في ذهننا. الفكرة الأولى هي أن الله هو ‘‘البار’’. فالله لا يستطيع أن يحتمل الخطية، ولذلك أدان آدم وحواء، وطردهما من الجنة. والفكرة الثانية هي: أن الله هو ‘‘الرحيم’’. إن آدم وحواء لم يستحقا رحمة الله، ولم يستحقا إلا دينونته. إلا أن الله لا يريد أن يهلك الناس. ولهذا وعد الله بمخلِّص ينقذ الخطاة من ظلمة مملكة الشيطان، وينقلهم إلى نور ومجد مملكة الله. إن رحمة الله لا تتعارض أبدا مع برِّه. فهاتان الصفتان في الله لابد وأن يعملا معاً. وفي الدروس المقبلة سنرى بأكثر وضوح كيف أن الله يستطيع أن يظهر الرحمة للخطاة، دون أن يتعارض ذلك مع بره. أشكركم لحسن متابعتكم . وأدعوكم أن تكونوا معنا في الجزء القادم لتتعلموا بعض الدروس المهمة عن قايين وهابيل، أول أبناء لآدم وحواء. وليبارككم الله، وأنم تتأملون فيما يعلنه الكتاب عندما يقول : ‘‘ولكن حيث كثرت الخطية، ازدادت النعمة جداً.’’ (رومية 20:5) |
![]() |
رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
❈ Administrators ❈
![]() |
![]() ( 10 ) الذبيحـة تكوين 4 في المرة السابقة، رأينا كيف أن الله، بعد أن أخطأ آدم وحواء، بدأ يعلن خطته بشأن إرسال مخلِّصٍ إلى العالم، ليخلِّص نسل آدم من قوة الشيطان والخطية والجحيم. ورأينا أيضاً، كيف أن الله رفض أن يقبل الملابس التي صنعها آدم وحواء لأنفسهما من أوراق التين. إذ أراد الله أن يعلِّمهما أن الخطاة ليس لديهم أي طريقة لتغطية عارهم أمام القدوس، الذي لا يستطيع إلا أن يدينهم. إن الله وحده هو الذي يستطيع أن يخلِّص الخطاة من دَيْنهم. ومن هنا، رأينا كيف أن الله نفسه ذبح بعض الحيوانات، وصنع ملابس من الجلد، ووضعها على آدم وحواء. وهكذا، عمل الله أول ذبيحة دموية. ونقرأ أيضاً، كيف أن الله أعلن أنه سيكون هناك مجموعتين من البشر على الأرض: هؤلاء الذين يرفضون تصديق كلمة الله، وأولئك الذين يصدقونها. و اليوم، سنقرأ عن أول ابنين لآدم وحواء. قايين، الذي رفض أن يصدِّق الله، وهابيل، الذي صدَّق الله. وهكذا رأينا، أن آدم وحواء صارا يعيشان الآن خارج فردوس جنة عدن. إذ طردهما الله بسبب معصيتهما. وبسبب خطيتهما، لم يعدا يستطيعان العيش في بركات جنة الفردوس. لقد أفسدت خطيتهما علاقتهما مع الله. ومع ذلك، كان الله لا يزال يحبهما ويهتم بهما. والآن، دعونا نقرأ التوراة، في الفصل الرابع من سفر التكوين. يقول الكتاب: ‘‘وعرف آدم حواءَ امرأته فحبلت وولدت قايين. وقالت اقتنيت رجلاً من عند الرب. ثم عادت فولدت أخاه هابيل. وكان هابيل راعياً للغنم، وكان قايين عاملاً في الأرض’’ (تك 22:4) لقد انجب آدم وحواء ابنين. وكانا من الخطاة مثل أبويهما. إذ امتدت خطية آدم إلى أبنائه مثل مرض معدي. فحبلا بقايين وهابيل بالخطية. هكذا يقول الكتاب: ‘‘وولد (آدم) ولداً على شبهه كصورته.’’ (تك 3:5). لقد وُلِد قايين وهابيل بطبيعة تميل إلى الخطية. ونما الولدان في الجسد، وازدادا في المعرفة. وأصبح قايين عاملاً في الأرض. وكان عاملاً جاداً، ولم يكن يخشى الأعمال الصعبة. أما هابيل فكان راعياً للغنم. وعرفا كلاهما عن الله. لقد علما أن الله موجود، وأنه قدوس، ويكره الخطية. ولكن، كان ينبغي أن يعرف كل منهما انه لكي يقتربا من الله، فإنهما يحتاجان أن يأتيا إليه عن طريق الذبيحة الدموية التي رسمها الله. وجاء يوم في حياة قايين وهابيل عندما قررا أن يعبدا الله، ويقدما له قرباناً. وهكذا، يقول الكتاب: ‘‘وحدث من بعد أيام، أن قايين قدم من ثمار الأرض قرباناً للرب. وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانِها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر. فأغتاظ قايين جداً، وسقط وجهه.’’ (تك 3:4ـ5) دعونا نتأمل فيما حدث .. اثنان أرادا أن يعبدا الله. وكلاهما قدم قرباناً لله. لكن الكتاب يقول: ‘‘فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر.’’ فلماذا إذاً قبل الله قربان هابيل، ورفض قربان قايين؟ وماذا كان الفرق بين هذين القربانين؟ حقاً، إن قربان قايين وقربان هابيل مختلفان. لقد أحضر هابيل إلى الله دم خروف بلا عيب. فغفر الله خطايا هابيل، ولكنه لم يغفر خطايا قايين. لماذا غفر الله خطايا هابيل، الذي أحضر دم الخروف، ولم يغفر خطايا قايين الذى أحضر الخضروات والفاكهة؟ هل لأن الله لا يحب الخضروات والفاكهة؟ لا، لم يكن هذا هو السبب! لماذا إذاً حكم الله على هابيل انه بار وترك قايين في خطيته؟ نعم، هذا هو السبب: لقد أحضر هابيل القربان الذي كان يتطلبه الله، ولكن قايين أحضر شيئاً آخر. ما هو الشيء الذي كان يتطلبه الله لكي يستطيع ان يغفر ذنوبهم دون المساس بكمال بره؟ لقد كان الله يتطلب الدم ـ أي الحياة ـ حياة بلا عيب. لقد آمن هابيل بالله، وأحضر ذبيحة دموية، تماماً كما طلب الله. وهكذا يقول الكتاب: ‘ ‘بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين. فبه شُهِد له انه بارٌ إذ شهِد الله لقرابينه.’’ (عبرانين4:11) لقد آمن هابيل بالله، أما قايين فلم يؤمن به. ماذا يعنى الإيمان بالله؟ الإيمان بالله هو الثقة فيه إلى حد إطاعة كلمته. إن الإيمان بالله هو أن نقبل كل ما يقوله الله كحقيقةٍ لا تقبل الشك. فإذا قلت: ‘‘أني أؤمن بالله’’، وأنت لا تؤمن بما يقوله الله في الكتاب المقدس، إذاً، فأنت لا تؤمن حقاً بالله. فالله وكلمته شيءٌ واحدٌ. فإذا كنت تؤمن بالله، فستؤمن بكلمته وتطيعها. وإذا كنت لا تؤمن بما يقوله الله، فإنك ترفض الله نفسه. لقد قبل الله هابيل؛ لأنه آمن بكلمته، وجاء بدم حمل كما أوصى الله. ولكن الله لم يقبل قايين؛ لأنه لم يؤمن بكلمة الله بإخلاص. لقد ادَّعى قايين انه يؤمن بالله، ولكن أفعاله كانت تنكر هذا؛ لأنه لم يقدم ذبيحة دموية كما أوصى الله. وربما يسأل سائل: ‘‘لماذا أمر الله بذبائح دموية؟ لماذا قال الله: بدون سفك دم لا تحصل مغفرة ؟’’ هذا هو السبب. تعلن شريعة الله المقدسة أن أجرة أو عقوبة الخطية هي الموت، ولذا وجب سفك الدم. فلم يقل الله: ‘‘أجرة الخطية تُدفَع بفواكه وخضروات’’، ولا قال أيضاً: ‘‘إن أجرة الخطية هي الصلاة والصوم وعمل الأعمال الحسنة.’’ لا، بل ما قاله الله في قداسته هو أن الثمن المطلوب للخطية هو .. الموت. يوضِّح لنا الله، في كتب الأنبياء أن كل شخص من نسل آدم قد أخطأ، وأن كل خاطئ عليه دينٌ عظيم لله القدوس. ولابد للخاطئ أن يموت، وأن يدفع دين الخطية هذا في الجحيم إلى الأبد. ودين الخطية هائل، ولا تستطيع أنت أن تأتي بما يكفي من الأعمال الحسنة لترد هذا الدين لله. فعقوبة الخطية هي الموت والجحيم. وهذا هو السبب في أن الأعمال الحسنة لا تستطيع أبداً أن تسدد هذا الدين! دعونا نحاول توضيح هذا .. تخيلوا معي أني مديونٌ لشخص ما بمبلغ ضخم من المال، وإني ذهبت إليه قائلاً: ‘‘أنا أعلم أني مديون لك بمبلغ ضخم. ولكني مفلس تماماً، ولا أستطيع دفع ديني بالمال، ولكني لديَّ خطة أخرى للدفع. وهذه هي خطتي: كل يوم، سأقوم بكنس فناء منزلك. وهكذا، سأعمل لك حتى أسدد ديني.’’ والآن، ماذا تظن سيكون رد فعل الدائن لهذا الاقتراح؟ ربما يغضب، وربما يضحك عليَّ، ولكن الشيء المؤكد هو أنه لن يتقبل هذه الفكرة! ولماذا لن يتقبلها؟ لأنه من المستحيل دفع ديني الهائل هذا بأعمالي الحسنة الزهيدة هذه. وبالمثل، لا يستطيع أحد أن يسدد دين الخطية بأعمال حسنة. فلا يُوجد إلا شيء واحد يمكن أن يسد ثمن الخطية. ليس المال .. ولا الأعمال الحسنة .. ولكنه الموت. فأجرة الخطية هي الموت والدينونة. وبالتالي، فلم يستطع الله أن يلغي دين خطية قايين وهابيل بناءً على أعمال أيديهما. لقد كانت خطة الله لإلغاء دينهما، هي عن طريق دم الذبيحة. فلابد أن يموت البريء بدلاً من المذنب. وهكذا، فإن غفران الخطايا لا يتأسس على خطة الإنسان، بل على خطة الله. فعلى أساس الذبيحة البدلية، فتح الله باباً للغفران والخلاص لأبناء آدم. ففي الأجيال الأولى، حكم الله أن كل خاطئ يجب أن يقدم حيوان بلا عيب ويذبحه. فالحيوان البرئ يموت كبديل عن الخاطئ. فبسبب دم مثل هذه الذبيحة، كان يمكن على الله أن يتأنى على نسل آدم، ويستر خطاياهم مؤقتاً. إلا أن دم الحيوان لم يستطع إلغاء دين خطية الإنسان؛ لأن قيمة الحيوان لا تساوي قيمة الإنسان. فلهذا يقول الكتاب أن الذبائح الحيوانية كانت هي مجرد ‘‘ظل الخيرات العتيدة لا نفس صورة الأشياء .. لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا.’’ (عب 1:10ـ4) وهكذا، فأهم ما ينبغي أن نتذكره عن الذبائح الحيوانية هو أنها كانت مجرد رمزاً أو مثلاً توضيحياً يشير إلى عمل المخلِّص الذي سيأتي إلى العالم ليدفع دين خطية نسل آدم. إن هذا المخلص الذي وعد به الله، سيموت ‘‘مرةً واحدةً من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يقربنا إلى الله.’’ (1بط 18:3) وكما هو مكتوب في الإنجيل: ‘‘له (أي لهذا المخلص) يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا’’ (أع 43:10) ولكن إرادة الله في الأجيال الماضية تطلبت ذبائح حيوانية. إلا أن قايين تجاهل خطة الله. إذ تقدم قايين بنهجٍ آخر، بديانة من صنعه هو. لقد خلق قايين أول ديانة كاذبة. إذ أحضر إلى الله أعمال يديه هو. لقد قدَّم قرباناً مما زرعه، أي من نتاج الأرض التي لعنها الله، النتاج الذي ليس فيه دم. فهل قبل الله تلك الذبيحة غير الدموية؟ لا، إن الله لم يقبلها! أما بالنسبة لهابيل، فقد أحضر خروفاً بلا عيبٍ، وذبحه كي ما يسفك دمه. وبعد ذلك، حرقه. وبسبب تلك الذبيحة، كان لهابيل ضميرٌ خالصٌ أمام الله. فلقد كان هابيل يعرف في نفسه أنه مستحقٌ الموت، ولكن الحيوان البريء قد مات بدلاً عنه. وهكذا، عبَّر هابيل عن إيمانه بالمخلِّص العتيد أن يأتي إلى العالم؛ ليموت بدلاً من الخطاة، متحملاً عقاب خطاياهم. ونَوَد هنا أن نلخص قصة اليوم بأن نوجه إلى أنفسنا سؤالاً هاماً جداً: ‘‘لماذا لم يقبل الله قربان قايين؟ هل كان قايين أكثر خطية من هابيل؟’’ إن هذا ليس هو السبب. فكلٌ منهما كان خاطئاً في نظر الله، وكلٌ منهما قدم قرباناً لله. كان قايين شخصا متديناً. وهنا، ربما يمكننا أن نقول أن قربان قايين كان في ظاهره أكثر احتراماً من قربان هابيل. فلا شك أن الفاكهة والخضروات جميلة جداً في منظرها، أما الحمل المذبوح ودمه المسفوك ليس بمنظرٍ جميل. إلا أن الخطية هي شيءٌ كريهٌ جداً لله، وطريق الغفران الذي أسسه الله قد أعلن أن: ‘‘بدون سفك دم لا تحصل مغفرة.’’ ومن ثمَّ، رفض الله قايين وقربانه؛ لأن قايين لم يحترم طريق التبرير الذي صنعه الله للخلاص. لا يستطيع أحد أن يأتي إلى الله إلا إذا أتى بطريق البر الذي رسمه الله. فطريق الله طريقٌ كاملٌ ومحدد. فهو واضحٌ ومباشرٌ مثل المسألة الحسابية. فإن سأل معلم تلميذه في المدرسة: ‘‘ما هو حاصل جمع اثنين واثنين؟’’ فليس هناك إلا إجابةٌ واحدةٌ صحيحة لهذا السؤال. إن حاصل جمع اثنين واثنين هو أربعة. .. فإن أجاب التلميذ وقال ‘‘ثلاثة’’، فإن إجابته خاطئة. .. وإن قال ‘‘خمسة’’، فمازالت الإجابة خاطئة. .. وإن قال ‘‘أربعة ونصف’’، فهو أيضاً على خطأ. لماذا؟ لأن حاصل جمع اثنين واثنين لا يمكن أن يكون إلا أربعة. وهذا هو الواقع مع الطريق البار الذي أسسه الله للخلاص. فليس هناك إلا إله واحد، وليس هناك أيضاً إلا طريقاً واحداً للخطاة يمكنهم به أن يتصالحوا مع الله القدوس! إنه طريق الذبيحة الكاملة كمالاً مطلقاً. وأنت .. هل تعرف ما تقوله كلمة الله فيما يخص الذبيحة المقدسة التي قدمها الله ليلغي دين خطيتك إلى الأبد؟ هل تعرف أن الله نفسه قد أرسل إلى العالم مخلِّصاً عظيماً، لكي ما تٌغفر لك خطاياك، ويكون لك قلباً طاهراً أمام الله؟ في الدروس المقبلة، سنتعلم الكثير عن هذا المخلص العجيب. أما بخصوص هذا المخلص فيقول الكتاب: ‘‘ليس بأحدٍ غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص.’’ (أع 12:4) .. إلى هنا نأتي إلى ختام درس اليوم وفي الجزء القادم بمشيئة الله، سنستكمل دراستنا عن قايين وهابيل. فليبارككم الله، وأنتم تتأملون في شريعته الأساسية: ‘‘بدون سفك دم، لا تحصل مغفرة.’’ (عب 22:9) |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الله يخبر شعبه عن طريق الكاتب بكلامه عن طريق أمثال |
يبدأ الإنسان بمعرفة طريق الله، إما عن طريق القراءة |
طريق الصيد الناجح في التجمعات السمكية |
الله يصنع طريق حيثما لا يوجد طريق |
خريطة طريق الخادم الناجح |