خلاصة
أجل هذه هي تريزا الأفيلية. هذه هي الراهبة الفذّة التي عرفت كيف تملأ حياتها وأيامها من العمل لبناء ملكوت الله على الأرض فتدَفَّق عملُها حبّاً عارماً لله وللكنيسة وللقريب. هذه هي شخصية تلك المرأة "المغرمة بالله" التي حلّقت في سماء الكنيسة، فعاشت بانيةً، مصلحةً، معلّمةً، تحت تأثير الروح والفرح والحرية والعطاء.
وهذا ما حدا باللاهوتي والمؤلف والشاعر الإسباني الأب لويس دي ليون الأغسطيني أن يكتب عنها فيقول:
"انا ما عرفت الأم تريزا ليسوع، ولا رأيتها أثناء حياتها على الأرض. أمّا الآن وهي حيّة في السماء، فإنني أعرفها وأكاد أراها دائماً في صورتين حيّتين تركتهما لنا عن ذاتها هما: بناتُها ومؤلّفاتها".
ونحن أبناء القرن الحادي والعشرين نقف اليوم حيارى أمام هذه الراهبة الجبّارة ونتعرّف إليها من خلال بناتها وأبنائها المنتشرين اليوم في كلّ بقعة من الأرض، يتابعون رسالتها. ونتعرّف إليها أيضاً من خلال مؤلّفاتها، وسيرة حياتها، إذ استطاعت من خلال صلاتها، وتسليمها المطلق لإرادة الله، وثقتها بنفسها وصبرها وفضيلتها وأشغالها وأسفارها وإنشاءاتها أن تقوم بوضع منهجيّة جديدة للرهبانيّة الكرمليّة. وعملها هذا يَعْجَزُ عنه جمهور من الرجال والنساء مجتمعين. فكيف بتريزا تناضل لوحدها! ولكنّها لم تكن لوحدها، بل الروح الكامن في أعماقها كان يُلهمها ويلهبها طيلة مسيرتها، فكانت المرأة والراهبة والرئيسة والمصلحة والمؤلفة والمؤسسة والمعلّمة الصوفية والإنسانة المغرمة بالله وبالكنيسة. وقد قيل عنها بأنّها أعظم امرأة في التاريخ بعد مريم العذراء. إن الله لعجيب حقاً في قديسيه!
عداد الأب ميشال حداد الكرملي
__________________