منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 28 - 05 - 2012, 11:05 AM
الصورة الرمزية astavrola
 
astavrola
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  astavrola غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219
افتراضي

الإصحاح الخامس والأربعون

الأيات 1-5 :- 1- الكلمة التي تكلم بها ارميا النبي الى باروخ بن نيريا عند كتابته هذا الكلام في سفر عن فم ارميا في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا قائلا. 2- هكذا قال الرب اله اسرائيل لك يا باروخ. 3- قد قلت ويل لي لان الرب قد زاد حزنا على المي قد غشي علي في تنهدي و لم اجد راحة. 4- هكذا تقول له هكذا قال الرب هانذا اهدم ما بنيته و اقتلع ما غرسته و كل هذه الارض. 5- و انت فهل تطلب لنفسك امورا عظيمة لا تطلب لاني هانذا جالب شرا على كل ذي جسد يقول الرب و اعطيك نفسك غنيمة في كل المواضع التي تسير اليها.
سبق أن عرفنا أن الملك أنذر باروخ بسبب قراءته لنبوات أرمياء (إصحاح 36) والله خبأه هو وأرمياء. وهذا الإصحاح ملحق بإصحاح (36). وهو إصحاح صغير جداً لكنه إصحاح أساسى للخدام فى كل مكان وزمان. ففكر باروخ قد يتلخص فى أنه قد قام بواجبه كما طلب منه الله وبأمانة، فلماذا هو الآن فى هذا الموقف الصعب هارباً ومختفياً. وربما تصور وهو يقرأ الكتاب أنهُ سينال شهرة عظيمة ولكن حين حدث العكس صرخ فى حزن ويل لى لأن أعدائى رجال الملك قد يقتلوننى. فالرب وضع أحزاناً على أحزانى. وها هم يعاملوننى كمجرم خارج عن القانون. وهكذا خدام الله فى بداياتهم وهم مازالوا بلا خبرة حينما يحدث لهم أى فشل يحسون بالتعب واليأس فهم كانوا ينتظرون مجداً وكرامة. ولكن ليعلم خدام الله أنه حتى الأنبياء والقديسين يعانون من هذه الألام النفسية حين يفشلون لكن الله يعطى العزاء للأمناء فى خدمتهم. ولو كان باروخ متقدماً أكثر من ذلك لفرح لمجرد أن الله حسبه مستأهلاً لهذه الخدمة. وكان أرمياء متحيراً حين رآه بهذه الحالة ولم يدرى السبب، ولم يدرى ماذا يقول لهُ ولاما هى شكواه لكن الله العارف بكل شىء أخبر أرمياء. وذلك لأن الله يشخص المرض من جذوره ويعالج. ولنلاحظ أن مخاوف العالم لا يمكن أن تُدمر سلامنا لو كنا لا نطلب الكثير من هذا العالم. ومن ينتظر الكثير من خيرات هذا العالم لا يحتمل المشقات حين تأتى. وهنا يُظهر الله لباروخ خطأ إنتظار شىء عظيم من هذا العالم، الآن مركب هذا العالم تغرق، ومركب الدولة اليهودية تغرق وهى قادمة على الغرق. وحتى ما زرعه الله أى الدولة وكرسى داود والهيكل، كل شىء مقبل على الدمار، فهل تطلب لنفسك يا باروخ مجداً فى هذه الأيام!! لا هذا لا معنى لهُ. وهذا ينطبق علينا، "فليس لنا هنا مدينة باقية" بل العالم كله مقبل على الدمار. فلا يجب أن ننتظر منه شىء أو نطلب منهُ ثروة أو مجد. ولكن الله طمأن باروخ أنه سيكون فى أمان بالرغم من هلاك الأغلبية والأهم أن الله يطمأن كل نفس أمينة على خلاصها الأبدى.
ملحوظة 1:- الله يهتم بباروخ وبسلامه حالته الداخلية فهو حين يكون قوياً يصبح فى حالة صحيحة ويستطيع أن ينقل كلمة الله للأخرين. لذلك على كل خادم أن يهتم بحياته الروحية لأن الله يهتم بذلك. وأن يهتم بان يكون فى سلام ولهُ رجاء يستطيع أن ينقله للأخرين.
ملحوظة 2:- مشكلة باروخ أنه أحس أن رفض الملك هو إهانة شخصية لهُ وليس للرب وإنه شىء جميل أن نغضب على الخطية ولكن لا نغضب لأجل ذواتنا. هذا ما يصيب كثير من الخدام حين لا يقابلون بالإكرام مقابل خدمتهم ويلتبس هذا مع الحزن على رفض كلمة الله
وبهذا الإصحاح إنتهت خدمة أرمياء لأهل يهوذا المتمردين. ويبدأ بعد هذا فى نبواته ضد الأمم والدينونة الوشيكة القادمة على الأمم الوثنية فالله عينه نبياً للأمم.
ملحوظة 3 :- إن باروخ يشتكى أنه زاد حزناً وألماً ومعنى الكلام:-
لماذا تحزن يا باروخ على الحزن الذى أصابك، فحزنك هو حزن شخصى على كرامتك، ولا تهتم بحزن الله على كرامته التى أهانوها، بل حزن الله على هلاكهم إذ تركوه.
ملحوظة 4:- علينا ألا ا ننتظر أموراً عظيمة هنا على الأرض، بل ننتظرها هناك فى السماء
وهذا الإصحاح مع أن موقعه من المفروض أن يأتى بعد الإصحاح 36 إلا أنه تم وضعه هنا بسببين:-
1. فى الإصحاح (44) نجد تهديدات مرعبة ضد اليهود فى مصر، ولكن المعنى أن هذا لا ينطبق على باروخ، فباروخ سينجو منها. فأحزان باروخ إذن لا مبرر لها فالله قد أنقذه.
2. إبتداء من إصحاح (46) نرى هلاك ودمار فى كل الأمم المحيطة، فهل يا باروخ تطلب لنفسك أموراً عظيمة وسط كل هذا الدمار.

الإصحاح السادس والأربعون

إبتداء من هذا الإصحاح نجد نبوات ضد 11 أمة من الأمم الوثنية المحيطة بيهوذا ورقم 11 يشير للخطية فهو = 10+1 والرقم 10 يشير لكمال الوصايا أى الكمال التشريعى، وأى زيادة هى تعدى. ورقم 12 يشير لملكوت الله على الأرض وبهذا فرقم 11 يشير للخارجين عن شعب الله بسبب خطاياهم. ولقد سبق ورأينا فى الإصحاحات السابقة أن القضاء تم على شعب الله يهوذا، والآن نبدأ هنا نرى القضاء ضد باقى الشعوب بسبب الخطية "لأنه الوقت لإبتداء القضاء فى بيت الله. فإن كان أولاً منا فما هى نهاية الذين لا يطيعون إنجيل الله" (1بط17:4). من هنا نرى نبوات بخراب الأمم المجاورة بواسطة ملك بابل ثم تكون النهاية بخراب بابل نفسها. والله ليس ضد مصر ولا موآب.. الخ ولكن:
1. الله ضد الخطية فى هذه الأمم، ومن محبته يؤدبهم، فالله هو ضابط الكل وإله الكل، لذلك نسمع عن مصر "ثم بعد ذلك تسكن مصر كالأيام القديمة" 26:46 + وعن موآب نسمع ولكننى أرد سبى موآب فى آخر الأيام 47:48. فهى نبوات حلوة بعد أن ينتهى التأديب للشعوب.
2. هذه الأمم ترمز للشيطان الذى يعبدونه من خلال الهتهم الوثنية، والشيطان يحرك ملوكهم.. فمصر مثلاً ترمز للكبرياء ونرى أن ملكها الحالى وهو حفرع فى غناه يقول " إن الله نفسه لا يقدر أن ينزعنى من مملكتى".
3. أما بابل فهى رمز واضح للشيطان ومملكة الخطية، ومملكة ضد المسيح فى العالم (رؤ2:18) فلذلك نرى أن بابل تستعبد الجميع يهوداً وأمم رمزاً لإستعباد إبليس لكل العالم (بابل ترمز للشيطان، ويهوذا ترمز لشعب الله، والأمم هم من ليسوا من شعب الله) وإبليس إستعبد الجميع بسبب الخطية.
وبينما هناك وعود لليهود والأمم بعودتهم (رمزاً لما سيحدث بعد فداء المسيح) نرى هناك خراباً نهائياً لبابل بلا وعد للرجوع، فنصيب إبليس الهلاك الأبدى رؤ 10:20. بلا أمل فى عودة أو تحرير عموماً الله ليس ضد الأمم، الله لا يكره مصر ولا موآب.. بل الله يؤدب هذه الشعوب كملك ملوك يملك، الأرض كلها سواء من يعبده أو من لا يعبده والأمم ال 11 هم:-
1. مصر:- وترمز للكبرياء وللتعلق بالعالم والخيرات الزمنية.
2. فلسطين:- تشير للذين هم فى عداوة مستمرة لشعب الله.
3. صور وصيدا:- يشيروا للتحالف مع الشر.
4. موآب:- تشير للفساد والكبرياء.
5. بنى عمون:- يشيروا لمن يحرم أبناء الله من ميراثهم، أو يأخذه منهم.
6. أروم:- يشير بدمويته للشيطان (يو 44:8) وأيضاً فى كبريائهم وثقتهم فى حكمتهم وحصونهم يشيروا للشيطان. وأيضاً فهم فى عداوة تقليدية مع شعب الله، وهم باعوا أطفال يهوذا عبيداً بعد السبى، ورعوا أغنامهم فى أرض يهوذا التى صارت خراباً، ولكل هذا هم رمز للشياطين.
7. دمشق:- كثيراً ما تحالفت أرام (سوريا) مع أعداء شعب الله ضدهم.
8. قيدار ]
9. حاصور ] يشيروا لمن يعيش فى أمان كاذب.
10. عيلام = فارس:- يشير للمغرور بقوته ولا يفكر أن قوته هو الله.
11. بابل:- يشير لمملكة الخطية ومملكة ضد المسيح فى كل مكان وزمان ومعظم هذه الأمم جاءت النبوات تحمل لها أخباراً طيبة، ما عدا بابل التى يتضح أن خرابها سيكون نهائياً.
ونلاحظ أننا لو حسبنا صور وصيدا أمتين مستقلتين، يصيرا لعدد 12 وبهذا يرمز هذا العدد لأن الأمم لهم وعد بالخلاص وأنهم سيكونوا من شعب الله، ولكن هناك دينونة لهم لأن بابل فى وسطهم أى هناك خطية فى وسطهم.

الأيات 1-12:- 1- كلمة الرب التي صارت الى ارميا النبي عن الامم. 2- عن مصر عن جيش فرعون نخو ملك مصر الذي كان على نهر الفرات في كركميش الذي ضربه نبوخذراصر ملك بابل في السنة الرابعة ليهوياقيم بن يوشيا ملك يهوذا. 3- اعدوا المجن و الترس و تقدموا للحرب. 4- اسرجوا الخيل و اصعدوا ايها الفرسان و انتصبوا بالخوذ اصقلوا الرماح البسوا الدروع. 5- لماذا اراهم مرتعبين و مدبرين الى الوراء و قد تحطمت ابطالهم و فروا هاربين و لم يلتفتوا الخوف حواليهم يقول الرب. 6- الخفيف لا ينوص و البطل لا ينجو في الشمال بجانب نهر الفرات عثروا و سقطوا. 7- من هذا الصاعد كالنيل كانهار تتلاطم امواهها. 8- تصعد مصر كالنيل و كانهار تتلاطم المياه فيقول اصعد و اغطي الارض اهلك المدينة و الساكنين فيها. 9- اصعدي ايتها الخيل و هيجي ايتها المركبات و لتخرج الابطال كوش و فوط القابضان المجن و اللوديون القابضون و المادون القوس. 10- فهذا اليوم للسيد رب الجنود يوم نقمة للانتقام من مبغضيه فياكل السيف و يشبع و يرتوي من دمهم لان للسيد رب الجنود ذبيحة في ارض الشمال عند نهر الفرات. 11- اصعدي الى جلعاد و خذي بلسانا يا عذراء بنت مصر باطلا تكثرين العقاقير لا رفادة لك. 12- قد سمعت الامم بخزيك و قد ملا الارض عويلك لان بطلا يصدم بطلا فيسقطان كلاهما معا.
فى هذا الإصحاح نبوتين وفى هذه الأيات نجد النبوة الأولى وهى بسبب غزوة فرعون على بابل وهزيمته عند كركميش على نهر الفرات سنة 606 ثم إنسحاب جيشها لمصر ومصر فى الكتاب المقدس ترمز للظالم المستعبد لشعب الله ورمز للعالم والحليف الذى يترجونه لحمايتهم. فدينونتها تشير لدينونة الظلم فى العالم. والنبوات تبدأ بمصر لهذا السبب فهى التى ظلمت وخدعت الشعب. هى دينونة ضد الشيطان الذى قهر الإنسان ويستعبده ويخدعه فيموت. ومصر بهزيمتها دفعت ثمن خطاياها. وفى (4) أسرجوا الخيل = فمصر كانت تشتهر بجيادها. والله يقول أعدوا ما إستطعتم من قوة فسوف تهزمون. ومهما كانت قوة إبليس فيسوع خرج غالباً ولكى يغلب. وفى (5) هم مرتعبين هاربين = فالمصريين هربوا فى المعركة والشياطين فى كل معركة يستخدم فيها إسم يسوع وصليبه يهربون. وفى (6) الخفيف لا ينوص = السريع الحركة لا يهرب وفى (8،7) يقارن بين فيضان النيل تدفقه بتدفق قوات نخو فى إتجاه بابل. وهنا يتحدى الله والنبى يتكلم بلسانه أن يعد المصريين والكوشيين (تك6:10) (هم لهم نفس المنشأ) وجيرانهم من فى تحالف معهم أى الليبين = فوط. كلهم سيخجلون لأن الله ضدهم. هم خرجوا للحرب ظانين أنهم سيهدمون المدن (أى رمز لأولاد الله) ولكن الله لهُ فكر وتدبير آخر، لذلك هو يهزأ بهم (مزمور 2). اللوديون = هم شعب على حدود مصر وليبيا. وفى (10) هم تصوروا إنتصارهم وأن هذا اليوم هو يومهم لكن الله يقول بل هذا يوم الرب = أليس فى هذا إشارة واضحة ليوم الصليب الذى ظن فيه الشيطان أنه إنتصر على المسيح ولكن المسيح خرج منتصراً على الشيطان وعلى الموت وفى (12،11) عذراء بنت مصر التى عاشت فى رفاهية ستهزم وتجرح وعليها أن تبحث عن بلسام فى جلعاد ولكن بلا شفاء فالله لا يريد للظلم والظالمين شفاء. بعد أن كانوا أبطالاً صاروا عذراء مجروحة.

الأيات 13-28:- 13- الكلمة التي تكلم بها الرب الى ارميا النبي في مجيء نبوخذراصر ملك بابل ليضرب ارض مصر. 14- اخبروا في مصر و اسمعوا في مجدل و اسمعوا في نوف و في تحفنحيس قولوا انتصب و تهيا لان السيف ياكل حواليك. 15- لماذا انطرح مقتدروك لا يقفون لان الرب قد طرحهم. 16- كثر العاثرين حتى يسقط الواحد على صاحبه و يقولوا قوموا فنرجع الى شعبنا و الى ارض ميلادنا من وجه السيف الصارم. 17- قد نادوا هناك فرعون ملك مصر هالك قد فات الميعاد. 18- حي انا يقول الملك رب الجنود اسمه كتابور بين الجبال و ككرمل عند البحر ياتي. 19- اصنعي لنفسك اهبة جلاء ايتها البنت الساكنة مصر لان نوف تصير خربة و تحرق فلا ساكن. 20- مصر عجلة حسنة جدا الهلاك من الشمال جاء جاء. 21- ايضا متساجروها في وسطها كعجول صيرة لانهم هم ايضا يرتدون يهربون معا لم يقفوا لان يوم هلاكهم اتى عليهم وقت عقابهم. 22- صوتها يمشي كحية لانهم يسيرون بجيش و قد جاءوا اليها بالفؤوس كمحتطبي حطب. 23- يقطعون وعرها يقول الرب و ان يكن لا يحصى لانهم قد كثروا اكثر من الجراد و لا عدد لهم. 24- قد اخزيت بنت مصر و دفعت ليد شعب الشمال. 25- قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا اعاقب امون نو و فرعون و مصر و الهتها و ملوكها فرعون و المتوكلين عليه. 26- و ادفعهم ليد طالبي نفوسهم و ليد نبوخذراصر ملك بابل و ليد عبيده ثم بعد ذلك تسكن كالايام القديمة يقول الرب. 27- و انت فلا تخف يا عبدي يعقوب و لا ترتعب يا اسرائيل لاني هانذا اخلصك من بعيد و نسلك من ارض سبيهم فيرجع يعقوب و يطمئن و يستريح و لا مخيف. 28- اما انت يا عبدي يعقوب فلا تخف لاني انا معك لاني افني كل الامم الذين بددتك اليهم اما انت فلا افنيك بل اؤدبك بالحق و لا ابرئك تبرئة.
النبوة الأولى قالها إرمياء وهو فى يهوذا وأما هذه النبوة فقالها وهو فى أرض مصر حين جاء نبوخذ راصر ليضرب مصر. وبين النبوتين 18 سنة. وبعد هزيمة مصر فى كركميش لم يهاجم ملك بابل مصر فهو لم يكن مستعداً لذلك. فضمن لمصر سلامتها بشرط أن تتخلى عن كل أملاكها خارج مصر. ولما عرف أهل أورشليم النبأ عكف الملك صدقيا على مفاوضة مصر والثورة على بابل. ولأن كأس مصر كان قد إمتلأ حداً فلم يكتفى الله بضرب الجيش فى خارج أرضه بل ستكون الضربة هذه المرة داخل مصر لساكنيها. وكأن الضربة الأولى كانت إنذار وحينما لم يستفيدوا منهُ كانت الضربة الثانية، التى سيأتى فيها ملك بابل على مصر ليضربها. ونجد فى (14) إنذار بالحرب بمجىء ملك بابل إلى تحفنحيس ومجدل ونوف حيث يقيم اليهود (1:44) وفى (16) رجال الحرب فى مصر كانوا مستأجرين (مرتزقة) أو من الشعوب التى تحت حكم مصر أو المتحالفة معها مثل كوش وفوط. وحينما وجدوا الحرب شديدة وأن فرعون لا يسندهم هربوا كل واحد إلى بلاده. بل سمعوا نداء أن فرعون هالك. فى الإنجليزية جاءت كلمة هالك هكذا but a noise is ومعناها هو ليس أكثر من صوت " صنجاً يرن " هكذا الشيطان هو ليس أكثر من صوت ولا قدرة لهُ على أن يؤذى أحداً. ففرعون هذا كان يتكلم كثيراً عن قوته وليس أكثر من هذا. والشيطان هالك ومخزى أمام المسيح رب الجنود (18) هذه نبوة عن هزيمة الشيطان أمام الرب يسوع المسيح ملك الملوك. وهو كتابور أعلى من باقى الجبال وككرمل عند البحر = جبل عالٍ بالنسبة لما حوله فهو جبل بالنسبة لبحر. فالمسيح كجبل عالٍ سماوى ثابت راسخ والشيطان كبحر منخفض ثائر مالح. وحتى لو كانت قوة الشيطان التى يستعملها فى حربه كالجبال فعمل المسيح أقوى ويسود فهو أعلى وأقوى مثل تابور. وجزئيا فالنبوة تشير لأن ملك بابل كجبل عال بالنسبة لفرعون ولكن من أعطاه هذا هو رب الجنود حتى يؤدب ملك مصر. وفى (20) مصر عجلة حسنة جداً= جاهزة للذبح، قد سمنت من غناها. وأصبح جنودها من الوفرة التى لهم غير قادرين على القتال. هكذا كل من أتخم نفسه من شهوات هذا العالم لا يستطيع الحرب أمام إبليس وكلمة عجلة تشير لإله المصريين الذى عبدوه "العجل أبيس " ومنهم تعلم اليهود عبادة العجل الذهبى. ولكن سيأتى من الشمال البابليين لذبح هذا العجل. وفى (21) مستأجروها كعجول صيرة = أى الجنود المستأجرين صاروا كعجول سمينة يرتدون يهربون غير قادرين على الحرب وفى (22) وسيكون المصريين غير قادرين حتى أن يحدثوا صوتاً بعد أن كانوا "ليس إلا صوت" وينخفض صوتهم مثل حية لا صوت لها غير فحيح العداوة وهى راجعة لجحرها. ولن يجرأوا أن يرفعوا صوتهم كما فى الماضى فـأولاد المسيح أخذوا سلطاناً أن يدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو. ولن يكونوا قادرين على المقاومة مثل شجرة لا تستطيع أن تقاوم من يقطعها بفأس وفى (24) خراب نهائى بيد ملك بابل وفى (25) الله يعاقب فرعون والمتوكلين عليه أى اليهود الذين وثقوا فيه أكثر من الههم. ولكن ستسكن مصر ثانية (26) وفى (28،27) طالما ذكر الخير لمصر يذكر أيضاً الخير لإسرائيل فخلاص المسيح هو للجميع والكنيسة تسمى رمزياً إسرائيل. وهذه النبوة لو أخذناها بمفهوم محدود لكانت تعنى الخير للمسبيين فى بابل.


الإصحاح السابع والأربعون

الأيات 1-7:- 1- كلمة الرب التي صارت الى ارميا النبي عن الفلسطينيين قبل ضرب فرعون غزة. 2- هكذا قال الرب ها مياه تصعد من الشمال و تكون سيلا جارفا فتغشي الارض و ملاها المدينة و الساكنين فيها فيصرخ الناس و يولول كل سكان الارض. 3- من صوت قرع حوافر اقويائه من صرير مركباته و صريف بكراته لا تلتفت الاباء الى البنين بسبب ارتخاء الايادي. 4- بسبب اليوم الاتي لهلاك كل الفلسطينيين لينقرض من صور و صيدون كل بقية تعين لان الرب يهلك الفلسطينيين بقية جزيرة كفتور. 5- اتى الصلع على غزة اهلكت اشقلون مع بقية وطائهم حتى متى تخمشين نفسك. 6- اه يا سيف الرب حتى متى لا تستريح انضم الى غمدك اهدا و اسكن. 7- كيف يستريح و الرب قد اوصاه على اشقلون و على ساحل البحر هناك واعده.
الفلسطينين أعداء تقليديين للشعب اليهودى وهم تواضعوا جداً أيام داود ويبدو أنهم ظهروا كقوة مرة ثانية بعد ذلك. والتأريخ لهذه النبوة فى أية (1) قبل أن يضرب فرعون غزة. وهيرودوتس المؤرخ الشهير يقول إن فرعون فتح غزة بعد موقعة مجدو التى قُتِلَ فيها الملك يوشيا أى سنة 608. فهذه النبوة قيلت قبل أن يخرب فرعون فلسطين أى وهى فى قوتها وحيث لم يتوقع أحد ذلك أخبر به أرمياء. وكان ضرب مصر لفلسطين مقدمة للخراب الشامل بواسطة نبوخذ نصر. وهذه عادة الله أن تكون هناك ضربة محدودة تسبق الضربة الكبيرة فتكون الأولى كإنذار للتوبة فإن لم تحدث التوبة تجىء الضربة الثانية الكبيرة. وبمقارنة الأيات (عا 7:9 + تث 23:2 + 1 صم 14:30 + حز 16:25) نجد أن جزيرة كفتور = جزيرة كريت (4) وأن الفلسطينيين خرجوا أصلاً من جزيرة كريت وأتوا وسكنوا السواحل الجنوبية. وفى تك 14:10 نجد هناك قرابة بين كفتوريم وفلشتيم فهم من أولاد مصرايم إبن حام. أما كنعان الإبن الأكبر لحام فقد سكن فى الأرض الشمالية (فينيقية) وكان هناك تحالف بينها. فصور وصيدون (4) هى مدن فينيقية غنية وقوية وإعتادت أن تساعد الفلسطينيين ولكن نجد هنا خراب الكل المعين والمعان فكل من إعتمد على ذراع بشر يخرب. وروحياً فالفلسطينيين يرمزون لأهل العالم الموجودين فى أرض البركة ولكنهم لم يعرفوا الله. فهم بالرغم من قربهم لأورشليم وللهيكل ولكن هم بلا إيمان، ويشبهون من هم لم يعرفوا المسيح بالرغم من كونهم بجانب هيكله. وهؤلاء يصبحون أعداء لشعب الله. وفى (2) هامياه = تشير للشعوب الكثيرة العدد (رؤ 15:17) وتشير لمأسى قوية ورهيبة (مزمور 1:69) وهنا تعنى كلاهما فجيش بابل مكوَن من شعوب كثيرة وسيأتى بدمار وويلات شديدة. وغالباً تحققت هذه النبوة بعد خراب أورشليم. وفى (3) وصف لحالة الرعب من هذا الهجوم. وفى (5) غزة مازالت هى غزة وأشقلون هى عسقلان. أتى الصلع على غزة = قد تعنى أن الفلسطينيين عادوا وإحتلوا غزة بعد ما كانت غزة لفترات طويلة من أملاك إسرائيل
(يس 41:10 + قض 18:1 + 1 مل 24:4). والشعر يرمز لقوة الإتكال على الله (شمشون) ويرمز للمجد (شعر المرأة) فالصلع يرمز لإنعدام كليهما. إذاً المعنى أن الفلسطينيين سيكونون فى ضعف حتى لو إمتلكوا. أو يكون المعنى أن البابليين الصلع أتوا وإحتلوا غزة والبابليين بالرغم من قوتهم فهم بلا مجد فهم يرمزون للشياطين. أو تكون الأية رمزاً لشعب فقد مجده وإحتل غزة. ويبدو أن عذابهم سيطول = حتى متى تخمشين نفسك = وهذه عادة وثنية، وفى الحزن يخمشون أنفسهم وكلمة وطائهم = واديهم وفى (6) دعوة من أرمياء للسيف أن يكف وهو يتكلم كإنسان ولكن هو سيف الرب. وقد أوصاه (7)


الإصحاح الثامن والأربعون

سبق أشعياء وتنبأ عن خراب موآب وتحقق هذا على يد شلمنأصر الأشورى. وهذه النبوة تشير لخراب أخر على يد بابل. وهذه عادة الله كما قلنا خراب محدود يعقبه خراب مدمَر فى حالة عدم التوبة.

الأيات 1-13 :- 1- عن مواب هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ويل لنبو لانها قد خربت خزيت و اخذت قريتايم خزيت مسجاب و ارتعبت. 2- ليس موجودا بعد فخر مواب في حشبون فكروا عليها شرا هلم فنقرضها من ان تكون امة و انت ايضا يا مدمين تصمين و يذهب وراءك السيف. 3- صوت صياح من حورونايم هلاك و سحق عظيم. 4- قد حطمت مواب و اسمع صغارها صراخا. 5- لانه في عقبة لوحيت يصعد بكاء على بكاء لانه في منحدر حورونايم سمع الاعداء صراخ انكسار. 6- اهربوا نجوا انفسكم و كونوا كعرعر في البرية. 7- فمن اجل اتكالك على اعمالك و على خزائنك ستؤخذين انت ايضا و يخرج كموش الى السبي كهنته و رؤساؤه معا. 8- و ياتي المهلك الى كل مدينة فلا تفلت مدينة فيبيد الوطاء و يهلك السهل كما قال الرب. 9- اعطوا مواب جناحا لانها تخرج طائرة و تصير مدنها خربة بلا ساكن فيها. 10- ملعون من يعمل عمل الرب برخاء و ملعون من يمنع سيفه عن الدم. 11- مستريح مواب منذ صباه و هو مستقر على درديه و لم يفرغ من اناء الى اناء و لم يذهب الى السبي لذلك بقي طعمه فيه و رائحته لم تتغير. 12- لذلك ها ايام تاتي يقول الرب و ارسل اليه مصغين فيصغونه و يفرغون انيته و يكسرون اوعيتهم. 13- فيخجل مواب من كموش كما خجل بيت اسرائيل من بيت ايل متكلهم.
هذا الإصحاح يتناول حفداء لوط من إبنته الكبرى والإصحاح التالى يتناول حفداء لوط (بنى عمون) من إبنته الصغرى. وهؤلاء يشيرون اليوم لمن يسميهم الكتاب "نغول لا بنون".
(عب8:12) ويمثلون فئة عريضة "ممن لهم إسم أنهم أحياء وهم أموات" وهم لأنهم أولاد غير شرعيين فلا حق لهم فى الميراث مع إسرائيل هؤلاء قد يكون لهم نجاح مؤقت ولكن الدينونة ستلحقهم ولذلك فى أول الإصحاح يعرف الله نفسه بأنه إله إسرائيل فإسرائيل هو الإبن الشرعى (خر8:6) + (خر22:4) وقد لعب موآب دوراً هاماً فى تاريخ إسرائيل منذ إجتياز بنى إسرائيل البرية فى طريقهم من مصر إلى فلسطين. فكانت موآب العدو اللدود لهم. وكان بالاق ملك موآب حينما إستدعى بلعام ليعلن لهُ الشعب حينما خاف منهم وحينما لم يلعنه بسبب أن الله منعهُ من ذلك، أشار بلعام على بالاق بأن يجعل إسرائيل يزنى فيلعنه الله. وهكذا أجعل بالاق إسرائيل يزنى مع بنات موأب فهلك منهم 24.000 رجل ولهذا فموآب يشير أيضاً للشيطان الذى يلقى معثرة أمام أولاد الله فيموتون. لذلك فالله يعاقب موآب لكل الشر الذى ألحق بإسرائيل لذلك سمى هذا الخراب عمل الرب (10) فالويل "لمن يعثر أحد هؤلاء الصغار" أية (1) نبو هو جبل فى موأب رأى منهُ موسى أرض الميعاد (تث1:34) ونبو وقريتايم ومسجاب مدن موأبية وأية (2) فى حشبون فكروا عليها شراً = هى مدينة على حدود موأب وصلها الأعداء وفكروا بالشر على موأب هناك. وحشبون = مدينة المكايد. والمعنى أن موآب التى كادت لإسرائيل وأسقطتها فى الشر ها هى تسقط بنفس الطريقة فالعدو يكيد لها فى نفس المكان الذى كادت فيه الشر للأخرين. وأنتِ أيضاً يا مدمين = مدمين تعنى مزبلة أو إبادة تامة. فالشر الذى فى العالم ما هو إلا مزبلة ولا يقود إلا للإبادة التامة وسيبيد الله العالم كله ورمزاً لذلك خراب موأب. تصَمين = تسقطين وتصبحين عاجزة. ويذهب وراءها سيف الرب. وفى (3) صوت صياح وبكاء نتيجة الضربة ولكنه بكاء العذارى الجاهلات بلا فائدة.
وفى (4) صغارها = تترجم الأية هكذا "وأسمعت صراخها حتى صوغر" أى إلى أقصى البلاد وفى (6) كونوا كعرعر = راجع (أر6:17) والمعنى أنهم بعد طردهم من بلادهم سيكونوا فى حالة ضعف كالعرعر، هاربين بلا حماية فى البرية. والمسيح كشف الشياطين وأضعفهم وفضح أساليبهم فى الغواية. وفى (7) كموش = أعظم ألهة الموأبيين ولاحظ خطية موأب إتكالها على ثروتها وقوتها وحيلها = أعمالها وخزائنها = ثقة الشياطين فى أنفسهم وحيلهم سيخزيها الله وسيسقط الشيطان ورمزه هنا كموش وكل من يتبعه = كهنته ورؤساؤه وفى (8) يبيد الوطاء = المقصود به وادى موأب أى شاطىء بحر لوط. ولنلاحظ أن المسيح صخرتنا وكل من يحتمى به يرفعه "رفعت عينى إلى الجبال" ولكن كل من إنخدع بحيل إبليس وأحب الأرض بشهواتها يصبح أرضياً (أى وطاء) وهذا يبيد حينما يباد إبليس. وحتى يشرح الله للشعب قديماً ألا يلتصقوا بالأرضيات منعهم من أكل الحيات وكل ما يزحف على بطنه (لا41:11-44) وفى (9) أعطوها جناحاً = فتستطيع الهرب سريعاً ولكنها بهذا ستصير مثل الطيور التى تطير فوق الخرِبْ. وأية (10) ولأن هذا هو عمل الرب فملعون من يعمله برخاوة = وعملنا الأن أن نستخدم سيف الرب، سيف الصلاة والإيمان سيف كلمة الله ضد الشياطين وذلك لنصيبها فى الصميم. وملعون من يعمل عمل الرب برخاء. وهذه الأية موجهة لكل خادم ولكل مسيحى يعمل فى كرم الرب. وأية (11) يقال أن الخمر الجيدة إذا إرتاحت فلا تنقل من إناء لإناء تتحسن، أما الخمر الرديئة فعلى نقيض ذلك والمعنى هنا أنهم يشبهون الخمر الرديئة فهم لم ينتقلون من مكانهم ولم يذهبوا للسبى مدة طويلة = (ولم تواجههم تجارب أليمة) لم يفرغ من إناء لإناء. وكان المنتظر أن يتحسن طعمهم لكن لأنهم أردياء ولأنهم مستقر على درديه (عكارة الخمر) أى إستمروا فى أفراحهم وملذاتهم الجسدانية الشهوانية كما يستمد الخمر قوته من الدردى الذى فيه. هم لم يستفيدوا من أيام راحتهم فى أنهم يقدمون توبة والله أطال لهم فترة راحتهم فهم أقدم من إسرائيل كدولة ولم يعرفوا أية متاعب. ولم يفرغوا من أنية لأنية مما يضعفهم. ولكن كل هذا لم يقودهم للتوبة بل بقى طعمهُ فيه ورائحتهُ لم تتغير = أى بقيت رائحة خطيته فيه، رديئة طول الأيام. وهكذا كل من يفرح بالعالم يكون ردىء فى نظر الله. وفى (12) مصغين فيصغونه = لها عدة ترجمات تقود كلها لنفس المعنى فهى إما مضلين يُضلونه أو عمال يصبون الإناء فينسكب الخمر. والمعنى أن البابليين فى تخريبهم لموأب سيفقدونها كل مصادر لذاتها الجسدية.فإذا لم نستغل بركات الله أيام راحتنا ونتوب يحرمنا الله من هذه البركات. بيت إيل = حيث هيكل العجول التى عبدها إسرائيل.

الأيات 14-47:- 14- كيف تقولون نحن جبابرة و رجال قوة للحرب. 15- اهلكت مواب و صعدت مدنها و خيار منتخبيها نزلوا للقتل يقول الملك رب الجنود اسمه. 16- قريب مجيء هلاك مواب و بليتها مسرعة جدا. 17- اندبوها يا جميع الذين حواليها و كل العارفين اسمها قولوا كيف انكسر قضيب العز عصا الجلال. 18- انزلي من المجد اجلسي في الظماء ايتها الساكنة بنت ديبون لان مهلك مواب قد صعد اليك و اهلك حصونك. 19- قفي على الطريق و تطلعي يا ساكنة عروعير اسالي الهارب و الناجية قولي ماذا حدث. 20- قد خزي مواب لانه قد نقض ولولوا و اصرخوا اخبروا في ارنون ان مواب قد اهلك. 21- و قد جاء القضاء على ارض السهل على حولون و على يهصة و على ميفعة. 22- و على ديبون و على نبو و على بيت دبلاتايم. 23- و على قريتايم و على بيت جامول و على بيت معون. 24- و على قريوت و على بصرة و على كل مدن ارض مواب البعيدة و القريبة. 25- عضب قرن مواب و تحطمت ذراعه يقول الرب. 26- اسكروه لانه قد تعاظم على الرب فيتمرغ مواب في قيائه و هو ايضا يكون ضحكة. 27- افما كان اسرائيل ضحكة لك هل وجد بين اللصوص حتى انك كلما كنت تتكلم به كنت تنغض الراس. 28- خلوا المدن و اسكنوا في الصخر يا سكان مواب و كونوا كحمامة تعشعش في جوانب فم الحفرة. 29- قد سمعنا بكبرياء مواب هو متكبر جدا بعظمته و بكبريائه و جلاله و ارتفاع قلبه. 30- انا عرفت سخطه يقول الرب انه باطل اكاذيبه فعلت باطلا. 31- من اجل ذلك اولول على مواب و على مواب كله اصرخ يؤن على رجال قير حارس. 32- ابكي عليك بكاء يعزير يا جفنة سبمة قد عبرت قضبانك البحر وصلت الى بحر يعزير وقع المهلك على جناك و على قطافك. 33- و نزع الفرح و الطرب من البستان و من ارض مواب و قد ابطلت الخمر من المعاصر لا يداس بهتاف جلبة لا هتاف. 34- قد اطلقوا صوتهم من صراخ حشبون الى العالة الى ياهص من صوغر الى حورونايم كعجلة ثلاثية لان مياه نمريم ايضا تصير خربة. 35- و ابطل من مواب يقول الرب من يصعد في مرتفعة و من يبخر لالهته. 36- من اجل ذلك يصوت قلبي لمواب كناي و يصوت قلبي لرجال قير حارس كناي لان الثروة التي اكتسبوها قد بادت. 37- لان كل راس اقرع و كل لحية مجزوزة و على كل الايادي خموش و على الاحقاء مسوح. 38- على كل سطوح مواب و في شوارعها كلها نوح لاني قد حطمت مواب كاناء لا مسرة به يقول الرب. 39- يولولون قائلين كيف نقضت كيف حولت مواب قفاها بخزي فقد صارت مواب ضحكة و رعبا لكل من حواليها. 40- لانه هكذا قال الرب ها هو يطير كنسر و يبسط جناحيه على مواب. 41- قد اخذت قريوت و امسكت الحصينات و سيكون قلب جبابرة مواب في ذلك اليوم كقلب امراة ماخض. 42- و يهلك مواب عن ان يكون شعبا لانه قد تعاظم على الرب. 43- خوف و حفرة و فخ عليك يا ساكن مواب يقول الرب. 44- الذي يهرب من وجه الخوف يسقط في الحفرة و الذي يصعد من الحفرة يعلق في الفخ لاني اجلب عليها اي على مواب سنة عقابهم يقول الرب. 45- في ظل حشبون وقف الهاربون بلا قوة لانه قد خرجت نار من حشبون و لهيب من وسط سيحون فاكلت زاوية مواب و هامة بني الوغا. 46- ويل لك يا مواب باد شعب كموش لان بنيك قد اخذوا الى السبي و بناتك الى الجلاء. 47- و لكنني ارد سبي مواب في اخر الايام يقول الرب الى هنا قضاء مواب.
ونحن نقرأ هذه الأيات فليكن فى أذهاننا أنها رثاء على موأب لكنها نبوة عن سقوط الشيطان الذى طالما أذل شعب الله وفى (14) هذه سخرية منهم لأنهم يتصوَرون أنفسهم جبابرة ومازال حتى اليوم من يتصور أنه أضعف من الشياطين. ولكن نحن بالمسيح الذى فينا أقوى منهم وفى (15) صورت مدنها = أى صعد الأعداء مدنها الجبلية. فنحن بالمسيح صعدنا لفوق فقهرنا قوة الشياطين.
وفى (16) قريب هلاك موأب = حين يجىء ملك بابل أو حين يجىء المسيح ضد إبليس. وفى (17) اندبوها = فالله حزين على أثار الخطية. قضيب وعصا = إشارة للمُلك وفى (18) إجلسى فى الظماء = أى فى العطش بلا تعزية من الروح القدس وهكذا كل من يفصل نفسه عن الله يفقد مجده ويعطش. أما الذى يشرب من الماء الذى يعطيه المسيح فلن يعطش أبداً. ومن (19-24) تصوير أوضح للمأساة وأنها عامة. هذه دعوة لنا أيضاً فالشيطان رئيس هذا العالم، وإذا سقط الرئيس أو الملك تخرب مدن ملكه. لذلك فهذا العالم مُقدم على الخراب كما خربت مدن موأب. فلنقتنع بتفاهة هذا العالم ونخشى غضب الله. وخراب هذا العالم سيكون مفاجئاً ومدهشاً لمن يظنون أنفسهم أقوياء قادرين على حماية أنفسهم. والخراب سيكون عاماً لأن الخطية عامة. وستنتقطع موأب من أن تكون شعباً لأنها إعتدت على شعب الله ولكن هذا الخراب لا يفرح قلب الله بل يحزنه لذلك يرثيه. وهناك كلمات كثيرة كررت هنا وفى أش 15 لأن الروح القدس الذى أوحى للنبيين هو روح واحد وفى (25) عُضب قرن موأب = كُسِرَ قوته فالقرن رمز للقوة وسط مجتمعات الرعاة. وقرن الشيطان هو قوته التى طالما هاجم بها البشر ولكن هذه القوة كسرها صليب المسيح. وتحطمت ذراعه = بمعنى فقد قوته. وفى (26) يشبه موأب أو الشيطان بإنسان سَكِرَ وهو هنا سَكِرَ من كأس خمر سخط الرب ففقد وعيه بل تمرغ فى قيئه فصار ضحكة. وفى (27) أفما كان إسرائيل ضحكة لكِ = لطالما سخرت الشياطين من شعب الله حين سقط وشمتت فيه والأن جاء الدور عليها. هل وُجِدَ بين اللصوص = حين سقط إسرائيل أو شعب الله هزأ بهم موأب أو هزأ بهم الشيطان كما لو كانوا لصوص بدلاً من رثائهم وهذا هو الفرق فالشيطان شامت فى سقوط أولاد الله وهلاكهم. وهذه الأيات ترثيه وترثى من تبعه. وفى (28) خلوا المدن وإسكنوا فى الصخر = وصخرتنا هو المسيح ولهُ وحدهُ نلجأ ولنعتزل العالم وشره حتى ننجو من الهلاك القادم. هذه دعوة لشعب موأب ليهرب من وجه خراب جيش بابل وهو دعوة لكل منا
(رؤ4:18 + أش20:48) لنهرب من الشر القادم فنهرب منهُ. كونوا كحمامة تعشش فى جوانب فم الحفرة = فم الحفرة هو جنب المسيح المطعون الذى نلجأ إليه للحماية كما لجأت حمامة نوح إلى الفلك، لنحتمى بدم المسيح. وفى (29) تظهر خطية موأب أو خطية الشيطان فقد تكررت كلمة كبرياء 6 مرات بما يعنى كمال النقص. وهذا يشير لمدى ضيق الله من هذه الخطية (كبرياء موأب + متكبر جداَ + عظمته + كبريائه + جلاله + إرتفاع قلبه). حقاً قبل السقوط تشامخ الروح والكبرياء قبل الكسر. وموأب الذى لا يريد أن يتذلل فسوف يُذل. وفى (30) يظهر شرهم ضد شعب الله وخيانتهم فى معاملاتهم معهم لكراهيتهم لأولاد الله. فموأب أوقع بين الكلدانيين وبين شعب يهوذا وقالوا عنهم كلام شرير حتى يفنوهم كشعب ولكن أليس هذا هو عمل الشياطين ضدَنا ولذلك فأحد أسماء الشياطين " المشتكى" والسيد لهُ المجد أطلق عليه "الكذاب وابو الكذاب" فهو يشتكى علينا أمام الله وبأضاليله وأكاذيبه يخدعنا فنسقط فيشتكى علينا. ولكن الله يقول هنا إنه باطل = لأن الله سيبطل مؤامراته ويفضحه. وفى (31) النبى يولول ويرثى الخراب الأتى وسيبطل صوت الفرح العالمى المشار لهُ بالخمر والمعصر والجفنة ويحل مكانهُ الصراخ جلبه لا هتاف (32-34) وفى هربهم يكونون كعجلة ثلاثية = أى لها ثلاث سنين وهى تندفع فى طيش وتهور من الرعب القادم. لأن مياه نمريم تصير خربة = مصدر المياه أى مصدر العزاء يتوقف. هذا أكبر مصدر للرعب. وفى (35) نهاية هذه العبادة الوثنية. وفى (36) الصغير على الناى يستخدم فى الحزن. والنبى هنا يرثى من "ربح العالم وخسر نفسه" وفى (37) علامات وثنية لإظهار الحزن وفى (38) نجد النوح على الأسطح حيث سبق وقدموا عباداتهم للأوثان بلا خجل وفى (38) تشبه بإناء محطَم فمهما كان ثمنه إذا تحطم لا يصير لهُ أية قيمة. وفى (40) ملك بابل يأتى باسطاً جناحين ضد موأب= أى جيوشه ولكن المعنى الروحى فالمسيح هو الذى أتى كنسر بلاهوته وناسوته ليحارب الشيطان. وفى (41) سقوط الجبابرة مهما تحصنوا، بل سيكونوا فى رعبهم كقلب إمرأة ماخض. وفى (42) نهاية كل متكبر والأيات (43-45) فيها تحقيق لنبوة موسى عن موأب (عد 21-28) فهم سيلحق بهم غضب رهيب وسيهربون إلى حشبون ويظنون أن الغضب هكذا إنتهى بحصول الكلدانيين على المدن الأخرى ولكن تخرج نار لتلتهمهم. وفى (47،46) ينتقل الكلام من الرمز للشياطين لشعب موأب نفسه. وهم كشعب أممى لهم رجاء فى الخلاص بالمسيح. وهنا يظهر حنو الله على الجميع وحزنه على سبيهم ولكن حين يأتى المسيح يرد سبى موأب أيضاً.


الإصحاح التاسع والأربعون

كأس الغضب مازال يدور وسيشرب منه كل الأمم (15:25) العمونيين والأدوميين والسوريين...

الأيات 1-6:- 1- عن بني عمون هكذا قال الرب اليس لاسرائيل بنون او لا وارث له لماذا يرث ملكهم جاد و شعبه يسكن في مدنه. 2- لذلك ها ايام تاتي يقول الرب و اسمع في ربة بني عمون جلبة حرب و تصير تلا خربا و تحرق بناتها بالنار فيرث اسرائيل الذين ورثوه يقول الرب. 3- ولولي يا حشبون لان عاي قد خربة اصرخن يا بنات ربة تنطقن بمسوح اندبن و طوفن بين الجدران لان ملكهم يذهب الى السبي هو و كهنته و رؤساؤه معا. 4- ما بالك تفتخرين بالاوطية قد فاض وطاؤك دما ايتها البنت المرتدة و المتوكلة على خزائنها قائلة من ياتي الي. 5- هانذا اجلب عليك خوفا يقول السيد رب الجنود من جميع الذين حواليك و تطردون كل واحد الى ما امامه و ليس من يجمع التائهين. 6- ثم بعد ذلك ارد سبي بني عمون يقول الرب.
أراضى بنى عمون (عبادة بنى عمون تشمل تقديم أطفالهم ذبائح لإلههم ملكوم ويقال له ملكها.) هى القسم الشمالى من شرق الأردن، وجنوبها هو موأب ولما خرَب الأشوريون إسرائيل أخذ بنى عمون قسماً من أرض سبط جاد = أليس لإسرائيل وارث. أى لا حق لبنى عمون أن يأخذوا أرض إسرائيل (2مل29:15 + 1أى26:5) وفى هجوم العمونيين على شعب إسرائيل الجريح بعد سبيه قتلوهم بوحشية وبربرية (عاموس13:1 + صف8:2). وبنى عمون يشيرون لمن يريدوا أن يغتنموا من الكنيسة، أو يرثوها، مثل سيمون الساحر. وفى (2) ربة بنى عمون = هى عاصمتهم وهى عمان اليوم وبناتها = باقى مدن بنى عمون الذين يعتمدون على العاصمة وهى التى تحكمهم بقوانينها. وبنى عمون سيعاقبها الرب ويرعبها لأنها أرعبت شعبه. ويرث إسرائيل الذين ورثوه وهذا حدث فعلاً بعد سقوط بنى عمون. وفى (4) ما بالكِ تفتخرين بالأوطية = أى فيضان أوديتك ومصدر غناكِ وثروتك فتوكلت على خزائنها = هذه الأودية أخذوها من إسرائيل، وهى أودية محاطة بالجبال ومحصنة يصعب إختراقها. وخيراتها وفيرة. وهنا تظهر خطية أخرى لبنى عمون وهى الكبرياء والإتكال على خزائنهم وليس على الله. ويسميها الله البنت المرتدة = فهم نسل لوط البار لكنهم إنحرفوا لعبادة الأوثان. قد فاض وطاؤكِ دماً من دم اليهود الذين قتلوهم وضحايا أوثانهم. ويمكننا فهم أن خطية بنى عمون هى خطية الشياطين الذين تسببوا فى موت أولاد الله وفى كبريائهم وثقتهم فى أنفسهم. والأيات المخيفة هنا تشير لهلاك ورُعب الشياطين من عقوبات الله. وهلاك شعب بنى عمون نفسه لأنهم خضعوا لمشورات الشياطين. ولكن عمل المسيح سيحرر الجميع = أرد سبى بنى عمون (6).

الأيات 7-22:- 7- عن ادوم هكذا قال رب الجنود الا حكمة بعد في تيمان هل بادت المشورة عن الفهماء هل فرغت حكمتهم. 8- اهربوا التفتوا تعمقوا في السكن يا سكان ددان لاني قد جلبت عليه بلية عيسو حين عاقبته. 9- لو اتاك القاطفون افما كانوا يتركون علالة او اللصوص ليلا افما كانوا يهلكون ما يكفيهم. 10- و لكنني جردت عيسو و كشفت مستتراته فلا يستطيع ان يختبئ هلك نسله و اخوته و جيرانه فلا يوجد. 11- اترك ايتامك انا احييهم و اراملك علي ليتوكلن. 12- لانه هكذا قال الرب ها ان الذين لا حق لهم ان يشربوا الكاس قد شربوا فهل انت تتبرا تبرؤا لا تتبرا بل انما تشرب شربا. 13- لاني بذاتي حلفت يقول الرب ان بصرة تكون دهشا و عارا و خرابا و لعنة و كل مدنها تكون خربا ابدية. 14- قد سمعت خبرا من قبل الرب و ارسل رسول الى الامم قائلا تجمعوا و تعالوا عليها و قوموا للحرب. 15- لاني ها قد جعلتك صغيرا بين الشعوب و محتقرا بين الناس. 16- قد غرك تخويفك كبرياء قلبك يا ساكن في محاجئ الصخر الماسك مرتفع الاكمة و ان رفعت كنسر عشك فمن هناك احدرك يقول الرب. 17- و تصير ادوم عجبا كل مار بها يتعجب و يصفر بسبب كل ضرباتها. 18- كانقلاب سدوم و عمورة و مجاوراتها يقول الرب لا يسكن هناك انسان و لا يتغرب فيها ابن ادم. 19- هوذا يصعد كاسد من كبرياء الاردن الى مرعى دائم لاني اغمز و اجعله يركض عنه فمن هو منتخب فاقيمه عليه لانه من مثلي و من يحاكمني و من هو الراعي الذي يقف امامي. 20- لذلك اسمعوا مشورة الرب التي قضى بها على ادوم و افكاره التي افتكر بها على سكان تيمان ان صغار الغنم تسحبهم انه يخرب مسكنهم عليهم. 21- من صوت سقوطهم رجفت الارض صرخة سمع صوتها في بحر سوف. 22- هوذا كنسر يرتفع و يطير و يبسط جناحيه على بصرة و يكون قلب جبابرة ادوم في ذلك اليوم كقلب امراة ماخض.
أدوم هو عيسو وهو عدو تقليدى ليعقوب منذ البطن. وطالما عادت أدوم شعب إسرائيل. وكان مما ضاعف ألام اليهود شماتة الأدوميين فى سقوطهم ومصيبتهم (مز7:137). ونجد هنا تشابهاً كبيراً مع نبوة عوبديا فالروح القدس واحد الذى أوحى بالكتاب كله. ومدن أدوم الشهيرة تيمان (وهو حفيد لعيسو تك11:36) وبُصرة. وكان أليفاز التيمانى أحد الحكماء أصحاب أيوب. فيبدو أن تيمان أشتهرت بالحكماء. ولكن حكمة البشر والشياطين تخزى أمام حكمة الله. وفى (7) هل فرغت حكمتهم = فملك بابل قادم لخراب أدوم وحكمة حكمائها لن تستطيع أن تنقذها من المصير الذى أراده لها الله بسبب خطيتهم. وكان حكماؤهم قد أعدوا طريقاً للهرب. وكانوا يظنون أن الجبال ستحميهم وفى (8) لا هربهم ولا تعمقهم فى الجبال سيحميهم فقد جلب الله عليهم بلية عيسو = أى خطيته وفى (9)، (10) خراب أدوم سيكون تاماً فهم يستحقون هذا وتكون أدوم عارية تماماً لأن العدو سيجردها من كل شىء وفى (11) أية معزية لرعاية من لا يرعاهم أحد، الأرامل والأيتام. وفى (12) الذين لا حق لهم أن يشربوا الكأس = هم شعب الله. فالله إذا عاقب شعبه بسبب خطاياه فسوف يعاقب الأخرين لو أخطأوا. (13-18) خراب أدوم الهائل بسبب كبريائها = رفعت كنسر عشك. وبسبب إحساسها بالأمن الكاذب والثقة فى حكمتها التى تحميها = يا ساكن فى محاجىء الصخر. وفى (19) النبوة هنا عن عدو رهيب هو نبوخذ نصر الذى سيأتى كأسد بغضب وعنف ومن كبرياء الأردن = من المكان المنفوخ بالكبرياء. وكأن كبريائه قد أهاجت نبوخذ نصر. فجاء عليهم كما لو كانوا مرعى دائم وإذا جاء العدو كأسد فمن الراعى الذى يقف أمامهُ. وسيأتى العدو على قلاعهم وحصونهم فجأة وهم غير مستعدين للدفاع. أغمز = يأتى فجأة بلا توقع. وفى (20) بل إذا كان الرب ضد أدوم فالموضوع لا يحتاج لأسد بل أصغر عدو فى القطيع قادر على طردهم = صغار الغنم تسحبهم. وهو سيأتى عليهم كنسر(22) = يطير وينقض فوق فريسته. وفى (21) تسمع فى بحر سوف = أى البحارة فى المراكب التجارية سيسمعون صوت إنكسارهم ويبلغونه لكل العالم. وإذا عرفنا أن أدوم تشير للشياطين فأدوم عدو تقليدى ليعقوب شعب الله والشياطين أعداء تقليديين لأولاد الله. هؤلاء سياتى المسيح عليهم كأسد ويهزمهم ويجعلهم خراباً. وأولاد الله قطيعه الصغير = صغار الغنم سيكونون قادرين على طرد الشياطين. والمسيح كان كالأسد فى قيامته وكالنسر فى صعوده. والبحارة أى الكارزين سيسمعون فى العالم كله صوت إنكسار الشياطين وسلطان البشر عليهم. وبالمسيح تخزى حكمة الشياطين وتدبيراتهم. ويعود بالمسيح إسرائيل إلى ميراثه الذى حرمه منه الشياطين والمسيح جعل الشيطان عارياً أى كشف مخططاته. والذل الذى كان البشر لاحق لهم أن يشربوا منه سيشرب منه إبليس. وفى (15) جعلتك صغيراً بين الشعوب. فبعد ما إرتفع الشيطان قبل المسيح (16) صار صغيراً حقيراً بعدهُ. وبحوَل المسيح كنيسته لمرعى دائم (19).

الأيات 23-27 :- 23- عن دمشق خزيت حماة و ارفاد قد ذابوا لانهم قد سمعوا خبرا رديئا في البحر اضطراب لا يستطيع الهدوء. 24- ارتخت دمشق و التفتت للهرب امسكتها الرعدة و اخذها الضيق و الاوجاع كماخض. 25- كيف لم تترك المدينة الشهيرة قرية فرحي. 26- لذلك تسقط شبانها في شوارعها و تهلك كل رجال الحرب في ذلك اليوم يقول رب الجنود. 27- و اشعل نارا في سور دمشق فتاكل قصور بنهدد.
بن هدد (27) قد يكون إسماً يطلق على ملوك سوريا مثل فرعون فى مصر. ودمشق العاصمة وحماة وأرفاد أكبر المدن. وسوريا (أرام) كانت مؤذية لشعب الله. وهؤلاء سيسمعون أخبار نبوخذ نصر، وهكذا يرتعبون. والله يُرعِب الأمم التى طالما إفتخرت بقوتها. وهى كانت شهيرة وسط العالم ولكنها للأسف لم تعط المجد لله بل لنفسها. ومدينة فرحى = الله أعطاها القوة والمجد والغنى لتكون فرحاً لهُ. ولكنها عوض ذلك وضعت قلبها فى العالم ولم تفرح قلب الله لذلك ستخزى وتخرب وستحترق قصور بنهدد التى طالما تم التدبير فيها ضد شعب الله. وهذه نرى فيها فصلاً جديداً لعمل الشيطان. فالله خلق الإنسان وزينه وزوده بكل شىء ليكون مدينة فرحه. هو يفرح بما أعطاه لهُ الله والله يفرح به وبخضوعه وبالحب المتبادل لكن الخطية أفسدت هذا كله بل ستفسد قصور وأمجاد هذا العالم. فالإنسان خُلِق على صورة الله وكان بجب أن يكون مجده هو الله لكن لأنه "أبدل مجد الله الذى لا يفنى" (رو23:1) لذلك أسلمه الله أيضاً فى شهوات قلبه إلى النجاسة لإهانة أجسادهم "وتحول الإنسان للخراب".

الأيات 28-33 :- 28- عن قيدار و عن ممالك حاصور التي ضربها نبوخذراصر ملك بابل هكذا قال الرب قوموا اصعدوا الى قيدار اخربوا بني المشرق. 29- ياخذون خيامهم و غنمهم و ياخذون لانفسهم شققهم و كل انيتهم و جمالهم و ينادون اليهم الخوف من كل جانب. 30- اهربوا انهزموا جدا تعمقوا في السكن يا سكان حاصور يقول الرب لان نبوخذراصر ملك بابل قد اشار عليكم مشورة و فكر عليكم فكرا. 31- قوموا اصعدوا الى امة مطمئنة ساكنة امنة يقول الرب لا مصاريع و لا عوارض لها تسكن وحدها. 32- و تكون جمالهم نهبا و كثرة ماشيتهم غنيمة و اذري لكل ريح مقصوصي الشعر مستديرا و اتي بهلاكهم من كل جهاته يقول الرب. 33- و تكون حاصور مسكن بنات اوى و خربة الى الابد لا يسكن هناك انسان و لا يتغرب فيها ابن ادم.
هؤلاء هم نسل إسمعيل وهؤلاء يرمزون للمولودين حسب الجسد الذين يطلبون بركة فى مقابل أعمالهم الناموسية ثم يتبين لهم ان إبن الجارية لا يرث مع إبن الحرة. وهناك معنى روحى آخر. فهذا الشعب يعيش فى أمان كاذب وأمة ساكنة مطمئنة يعيشون فى خيام بلا أسوار (31) نادى عليها من حولها أن تأخذ حذرها = ينادون إليهم الخوف من كل جانب (29) = أى هناك حرب ولكنهم لم يهتموا بأن يقيموا لأنفسهم مصاريع ولا عوارض لتحميها وكيف يقيم الإنسان لنفسه هذه الحماية؟ بأن يلجأ لله ليكون سوراً لهُ. ولكنهم رفضوا وظلت هذه الجماعة = تسكُن وحدها = أى بلا حماية الله. فالله أعطانا خيرات ونعم كثيرة لكن الشيطان مستعد أن يخطف كل هذه إن لم ننتبه ونعيش كأننا فى حرب العمر كله حتى آخر لحظة. فالشيطان حارب القديس أبو مقار حتى وهو على فراش الموت. ومن لا ينتبه أنه فى حرب يخطف ما عنده وينهبه فيتشتت بعيداً عن الله فيهلك وهذا معنى الأية (32) وفى (28) التى ضربها = النبوة قيلت قبل الضربة ولكن لأن النبوة حقيقية أخذت شكل التأكيد بصيغة الماضى. والنبوة هنا ضد الذين سكنوا فى صحراء العربية والإمارات الصغيرة المنضمة لها مثل حاصور. وغالباً كانت حاصور كنعانية فى شمال العربية وهؤلاء يسكنون فى خيام ولا يوجد لهم جدران ولكن خيامهم لها شقق = ستائر. ومدنهم غير محصنة، بلا أسوار ولا يوجد لديهم كنوز بل قطعان من الإبل. ولكن حتى هؤلاء الذين كانوا فقراء ولديهم القليل معرضين للحرب وسيخربوا لو عاشوا بلا تدبير أى دون علاقة قوية مع الله ليسندهم ويبعد عنهم هذا الخطر، خط إبليس المستعد لأن يخطف ما عندنا. "بدونى لا تستطيعوا شيئاً". ومن ناحية نبوخذ نصر فهو هاجمهم حتى يستفيد بماشيتهم لجنوده. ولكن لماذا سمح الله ضدهم بذلك؟ لأن هؤلاء كان لهم خطية وكانوا ضد الله وشعب الله وأية (30) مهما هربوا الأن لا فائدة فهم هنا مثل العذارى الجاهلات ولم يدركوا أن نبوخذ راصر (الشيطان) فكر عليهم فكراً رديئاً. قارن مع 2 بط 4:3 فهذا حال كثيرين حتى الأن ممن لم يدركوا أننا فى حرب مستمرة. لذلك ولأنَ العهد القديم يشرح لنا بأسلوب تصويري الحياة الروحية نجد شعب الله دائماً فى حروب.

الأيات 34-39:- 34- كلمة الرب التي صارت الى ارميا النبي على عيلام في ابتداء ملك صدقيا ملك يهوذا قائلة. 35- هكذا قال رب الجنود هانذا احطم قوس عيلام اول قوتهم. 36- و اجلب على عيلام اربع رياح من اربعة اطراف السماء و اذريهم لكل هذه الرياح و لا تكون امة الا و ياتي اليها منفيو عيلام. 37- و اجعل العيلاميين يرتعبون امام اعدائهم و امام طالبي نفوسهم و اجلب عليهم شرا حمو غضبي يقول الرب و ارسل وراءهم السيف حتى افنيهم. 38- و اضع كرسيي في عيلام و ابيد من هناك الملك و الرؤساء يقول الرب. 39- و يكون في اخر الايام اني ارد سبي عيلام يقول الرب.
العيلاميين هم الفارسيين، هم نسل عيلام إبن سام (تك22:10) وأية (35) تكشف خطيتهم هأنذا أحطم قوس عيلام أول قوتهم = فكان هذا الشعب مشهوراً بإستعمال القوس بمهارة. ولكنهم لم يعتمدوا على الله. وهذه سقطة كل من يكون مغروراً بقوته ومواهبه ولا يشعر أن الله هو قوته هذا يفصل نفسه عن الله ومعنى "أول قوتهم" أنهم يعتمدون عليه بالدرجة الأولى حسب ترجمات أخرى. إذاً فالله ليس هو من يعتمدون عليه بالدرجة الأولى. هذه نفس قضية من يعتمد على قوته الذاتية (مال – قوة...) أو على ذراع بشر. وملعون كل من إتكل على ذراع بشر سواء هذا الذراع هو ذراعه هو أو ذراع آخر. وهؤلاء سيتشتتوا لأطراف السماء وهذا ما حدث حرفياً حينما هاجمهم الإسكندر الأكبر فشتتهم. وكسر قوتهم أى قوسهم فما يعتمد الإنسان عليه بالأكثر يخيب منه. وأضع فى عيلام كرسَى (38) هذا تمَ أولاً على يد نبوخذ نصر فقد أخضعهم بعد هذه النبوة ثم جاء كورش (مسيح الرب) رمز للمسيح المحرر. ولكن المعنى أن سلطان الله وحكمه عليهم سينفذ. وفى (39) أرد سبى عيلام = هى تحققت جزئياً فى كورش ثم كلياً فى المسيح حين وصلت لهم البشارة بلسانهم (أع 11،9:2) وهذه هى العودة من السبى الحقيقية أى الإيمان بالمسيح.


الإصحاح الخمسون

فى هذا الإصحاح وما يليه نبوة على بابل. وجاءت فى آخر نبوات أرمياء فهى تحققت آخر الكل وحين دارت كأس الرب شرب ملك شيشق (بابل) الكأس آخر الكل (17:25) وبابل قد إستخدمت كعصا تأديب ضد الممالك المجاورة والآن تلقى العصا فى النار. وقد تم خراب بابل بيد كورش. وقد سبق وتنبأ إشعياء عن خراب بابل قبل أن تصل بابل لمجدها والآن وهى فى عز مجدها يتنبأ عنها إرمياء ثانية بخرابها. وكانت نبوات أشعياء عن خراب بابل وخلاص المسبيين تشير للخلاص الذى سيصنعه المسيح على قوات الظلمة. أما نبوات أرمياء فهى تشير بالأكثر لإنتصار المسيح وكنيسته فى الأيام الأخيرة، أيام الوحش ومملكته وهى ما تسمى بابل العهد الجديد. وبابل تشير لمملكة الشر فى الكتاب المقدس فبداية من سفر التكوين نجد بابل تتحدى الله فى بناء برج يتحدون به إرادته. ثم بوثنيتها وشياطينها. وينتهى الكتاب المقدس بسفر الرؤيا الذى فيه نهاية بابل أى مملكة الشيطان. ونستطيع أن نقول كما أن الكنيسة عروس المسيح، هكذا بابل هى عروس الشيطان. العروس الأولى الكنيسة هى المرأة المتسربلة بالشمس (رؤ 1:12) والمرأة الأخرى بابل العهد الجديد هى الزانية العظيمة الجالسة على المياه الكثيرة وهى جالسة على وحش قرمزى مملوء أسماء تجديف (أى معتمدة عليه فهو عريسها) (رؤ1:17-5) وعلى جبهتها إسم مكتوب. سر بابل العظيمة أم الزوانى ورجاسات الأرض. إذاً فهى مملكة الشر، هى العالم بخطاياه، هى العالم الذى قبل من يد الشيطان شهوات وملذات الجسد. وهذه المملكة ستخرب وتُدَمر وعلينا من الأن أن نهرب من خطايا بابل أى نهرب من شر العالم حتى لا يلحقنا أذاها (رؤ1:18-5) أى لا نخرب حينما يخرب العالم. ولاحظ أن مملكة بابل كانت أكبر وأضخم مملكة بالمقارنة بكل من سبق (موأب وبنى عمون...) فإن كانت هذه الممالك قد ضايقت إسرائيل. فبابل قد سحقتها ودمرتها وإستعبدت شعبها وهذا يشير لإستعباد الشيطان لأولاد الله. ولذلك كانت النبوة ضد بابل أطولهم لتعزية شعب الله المسبى. وما سبق أن تنبأ عنه النبى بإختصار فى (12:25، 7:27) شرحه هنا بالتفصيل وكون الله قد إستخدم بابل كعصا تأديب (هو نفسه) فالله يستعمل الشيطان الأن كعصا تأديب. وكما أدبت بابل يهوذا على خطاياها، هكذا سمح بولس الرسول بأن يؤدب الشيطان زانى كورنثوس لتخلص الروح فى يوم الرب وهكذا مع أيوب بل مع بولس الرسول نفسه (2 كو7:12). ولكن بعد أن إنتهت العصا من التأديب ألقيت فى النار. هذا ما حدث فى خراب بابل وهذا ما سيحدث مع الشيطان بأن يلقى فى البحيرة المتقدة بالنار. وهنا إختلطت نبوات خراب بابل بوعود الله المعزية لشعبه وكأن خراب بابل يجب أن يحدث حتى يوجد هناك طريق لعودة شعب الله. وفى الصليب تحقق لنا الخلاص وتقييد إبليس. وفى اليوم الأخير كمال الخلاص ونهاية إبليس التامة.

الأيات 1-8:- 1- الكلمة التي تكلم بها الرب عن بابل و عن ارض الكلدانيين على يد ارميا النبي. 2- اخبروا في الشعوب و اسمعوا و ارفعوا راية اسمعوا لا تخفوا قولوا اخذت بابل خزي بيل انسحق مرودخ خزيت اوثانها انسحقت اصنامها. 3- لانه قد طلعت عليها امة من الشمال هي تجعل ارضها خربة فلا يكون فيها ساكن من انسان الى حيوان هربوا و ذهبوا. 4- في تلك الايام و في ذلك الزمان يقول الرب ياتي بنو اسرائيل هم و بنو يهوذا معا يسيرون سيرا و يبكون و يطلبون الرب الههم. 5- يسالون عن طريق صهيون و وجوههم الى هناك قائلين هلم فنلصق بالرب بعهد ابدي لا ينسى. 6- كان شعبي خرافا ضالة قد اضلتهم رعاتهم على الجبال اتاهوهم ساروا من جبل الى اكمة نسوا مربضهم. 7- كل الذين وجدوهم اكلوهم و قال مبغضوهم لا نذنب من اجل انهم اخطاوا الى الرب مسكن البر و رجاء ابائهم الرب. 8- اهربوا من وسط بابل و اخرجوا من ارض الكلدانيين و كونوا مثل كراريز امام الغنم.
أية (2) بالرغم من معاملة ملك بابل الطيبة للنبى إلا أنه لا يستطيع أن يمنع كلمة الله. ولاحظ ان النبوة بخراب بابل بصيغة الماضى لأن كلام الله لا يتغير. ولاحظ أن من تنبأ بأن بابل تسود على الأمم وعلى يهوذا، ها هو يتنبأ بنهايتها وهذا دليل عدم ولائه لبابل. بل هو يحرص على الهرب منها لكيلا يشترك فى خطاياها وعقابها. وإرفعوا راية = الراية ترفع فهو يوم نصر. والراية تلفت نظر جميع الشعوب وهى تعطى فرح لشعب الله. خزى بيل = خزيت أصنام بابل فهى لم تستطع حماية بابل وسكانها وهكذا إبليس قد خزى بصليب المسيح. وكل من سار وراء إبليس سيخزى. وفى (3) أمة من الشمال = هى مملكة ميديا التى تقع شمال بابل والتى بدأ منها كورش نزوله على بابل. ولاحظ أن الفرس كانوا يعبدون إله واحد رمزه هو النار وكانوا يكرهون الأصنام ويحطمونها.
وفى (4) صورة رائعة بعد عمل الصليب يأتى شعب الله المتحد، فالمسيح وحدنا فى شخصه وهذا معنى يأتى بنو إسرائيل هم وبنو يهوذا = هم رجعوا لله بالتوبة والتوبة هى بداية لباقى البركات وقد صاحب التوبة بكائهم على خطاياهم. والمتوقع لمن يقدم توبة بدموع أن يحوَل الله حزنه إلى فرح. وهم عادوا بثقة كبيرة لأنهم رأوا أن ألهة بابل قد خزيت.
وفى (5) فى توبتنا نرجع لله وللكنيسة أمنا = يسألون عن طريق صهيون = وهم فكروا فى العودة لوطنهم كواجب لأن وطنهم هو جبل صهيون المقدس حيث بيت الله. ولكن الطريق يبدو صعباً وهم لم يسلكوه قبلاً. ولكن هم سوف يسألون وهذا دور الخدام أن يجيبوا بخبرتهم وإرشاد روح الله لهم. لكن طالما هم قرروا أنهم لن يرتدوا لبابل فهم حتماً سيصلون إلى صهيون، أورشليم السمائية. وفى التوبة نجدد العهد مع الله بعد أن كنا قد كسرناه.
وفى (6) حال الشعب قبل المسيح "الذين قبلى هم سراق ولصوص... أنا هو الراعى الصالح" كهنتهم وأنبيائهم أضلوهم. بل ظنوا أن من حقهم أن يظلموهم (7) ويستغلوهم كما لو كانوا خرافاً ضالة بلا صاحب. وبابل تصوروا أن هذا حقهم لأن هذا الشعب أخطأ لله. هذا ما ردده نبوزردان (3:40) وهذا ما يصنعه الشيطان الأن. وكان مما ضاعف خطيتهم أنهم قالوا عن الله مسكن البر = فهم يعلمون هذا وبضلالهم إبتعدوا عن البر وفى (8) دعوة للهرب من وسط بابل. هى دعوة لكل منا أن يترك طريق الشر لأن باب الحرية قد فتحهُ المسيح لنا بل إهربوا وكونوا مثل كراريز أمام الغنم = كراريز أى ذكور الغنم (الكباش، وهذه تندفع أمام إناثها تقودها. وهذا هو واجب كل واحد أن يكافح ويجاهد ليقود الأخرين لطريق التوبة وفى (أم31:30) نفس المعنى.

الأيات 9-20 :- 9- لاني هانذا اوقظ و اصعد على بابل جمهور شعوب عظيمة من ارض الشمال فيصطفون عليها من هناك تؤخذ نبالهم كبطل مهلك لا يرجع فارغا. 10- و تكون ارض الكلدانيين غنيمة كل مغتنميها يشبعون يقول الرب. 11- لانكم قد فرحتم و شمتم يا ناهبي ميراثي و قفزتم كعجلة في الكلا و صهلتم كخيل. 12- تخزى امكم جدا تخجل التي ولدتكم ها اخرة الشعوب برية و ارض ناشفة و قفر. 13- بسبب سخط الرب لا تسكن بل تصير خربة بالتمام كل مار ببابل يتعجب و يصفر بسبب كل ضرباتها. 14- اصطفوا على بابل حواليها يا جميع الذين ينزعون في القوس ارموا عليها لا توفروا السهام لانها قد اخطات الى الرب. 15- اهتفوا عليها حواليها قد اعطت يدها سقطت اسسها نقضت اسوارها لانها نقمة الرب هي فانقموا منها كما فعلت افعلوا بها. 16- اقطعوا الزارع من بابل و ماسك المنجل في وقت الحصاد من وجه السيف القاسي يرجعون كل واحد الى شعبه و يهربون كل واحد الى ارضه. 17- اسرائيل غنم متبددة قد طردته السباع اولا اكله ملك اشور ثم هذا الاخير نبوخذراصر ملك بابل هرس عظامه. 18- لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا اعاقب ملك بابل و ارضه كما عاقبت ملك اشور. 19- و ارد اسرائيل الى مسكنه فيرعى كرمل و باشان و في جبل افرايم و جلعاد تشبع نفسه. 20- في تلك الايام و في ذلك الزمان يقول الرب يطلب اثم اسرائيل فلا يكون و خطية يهوذا فلا توجد لاني اغفر لمن ابقيه.
أية (9) جمهور شعوب عظيمة أى مادى وفارس ومن هو متحد معهم وهؤلاء سيأخذوها = من هناك تؤخذ = أى من الذين إصطفوا أمامها وحاصروها وهم بقيادة كورش. والأن كل المؤمنين يفعلون هذا بإبليس بقيادة ربنا يسوع المسيح الذى خرج غالباً ولكى يغلب (رؤ2:6) وفى (11) كعجلة فى الكلأ = أى تدوس المرعى. والمعنى لشماتتهم فى خراب شعب الرب وهذا ما تفعله الشياطين. فإذا كان هناك فرح فى السماء بخاطىء واحد يتوب فهناك فرح عند الشياطين بكل إنسان يضل الطريق ويترك الله. ويُصوَر هنا فرحهم بعجلة تجرى فرحة وحصان يصهل فرحاً ونشوة. يدوسون المرعى أى يدوسوا هذا الإنسان الساقط. وفى (12) تخزى أمكم = أى يا أيها الشامتون ستخزون حينما تسقط بابل وتخزى. ها أخرة الشعوب = فى هذا الوقت كانت بابل هى آخر دولة عظمى ولكن ها هى سوف تصبح خراباً. وكم من دولة عظمى الأن يحكمها الشر سوف تصبح خراباً.
والأيات حتى (15) تصوَر خرابها العجيب (بابل = تعنى بلبلة، ومن يتبع إبليس (رمزه بابل) فنصيبه ضلال وبلبلة على الأرض وخراب هنا وهناك). وعلماء الأثار بذلوا جهوداً خرافية للعثور على بقاياها بلا فائدة مع العلم بأن أسوارها كانت من عجائب الدنيا وفى (16) كل العاملين بعد خرابها (العمال المسخرون) سيطلقون ويرجع كل واحد إلى وطنه.
والأيات (17-20) يظهر فيها عمل المسيح = يطلب إثم إسرائيل فلا يكون = وهذا لم يكن إلا بصليب المسيح الذى قال وهو معلق عليه "يا أبتاه إغفر لهم" ومن هنا بدأ عمله الشفاعى. "فدم يسوع يطهرنا من كل خطية". وبعد أن تشتت شعب الله وداسهُ أشور وبابل أى الشياطين، عاقبهم الله ورد شعبه إسرائيل لمسكنه. فهذا حقه أن يتمتع بكرمل وباشان وهى جبال عالية فالله رد شعبه ليعيش فى السماويات وأشبعه فى جبل أفرايم = هو أشبعنا من جسده ودمه وتعزيات روحه القدوس. وهو يرعانا فى مراع خضر.

الأيات 21-32:- 21- اصعد على ارض مراثايم عليها و على سكان فقود اخرب و حرم وراءهم يقول الرب و افعل حسب كل ما امرتك به. 22- صوت حرب في الارض و انحطام عظيم. 23- كيف قطعت و تحطمت مطرقة كل الارض كيف صارت بابل خربة بين الشعوب. 24- قد نصبت لك شركا فعلقت يا بابل و انت لم تعرفي قد وجدت و امسكت لانك قد خاصمت الرب. 25- فتح الرب خزانته و اخرج الات رجزه لان للسيد رب الجنود عملا في ارض الكلدانيين. 26- هلم اليها من الاقصى افتحوا اهراءها كوموها عراما و حرموها و لا تكن لها بقية. 27- اهلكوا كل عجولها لتنزل للذبح ويل لهم لانه قد اتى يومهم زمان عقابهم. 28- صوت هاربين و ناجين من ارض بابل ليخبروا في صهيون بنقمة الرب الهنا نقمة هيكله. 29- ادعوا الى بابل اصحاب القسي لينزل عليها كل من ينزع في القوس حواليها لا يكن ناج كافئوها نظير عملها افعلوا فيها حسب كل ما فعلت لانها بغت على الرب على قدوس اسرائيل. 30- لذلك يسقط شبانها في الشوارع و كل رجال حربها تهلكون في ذلك اليوم يقول الرب. 31- هانذا عليك ايتها الباغية يقول السيد رب الجنود لانه قد اتى يومك حين عقابي اياك. 32- فيعثر الباغي و يسقط و لا يكون له من يقيمه و اشعل نارا في مدنه فتاكل كل ما حواليها.
أية (21) مراثايم = إسم لبلاد جنوب بابل ومعناها تمرداً مضاعفاً. وهى قطعة من أرض بابل جزء منها فى أشور وجزء فى أرمينيا. وفقود كانت بلداً فى بابل إستولى عليها كورش فى نزوله على بابل. ويقولون أنها ضاحية من ضواحى العاصمة التى أبادها كورش. والمعنى أن الرب أبادها لتمردها. وفى (23) كانت بابل مطرقة الأمم [ تستخدم مطرقة (تجارب) لضرب الماس (المؤمنين) والماس الحقيقى (الأبرار) لا يتأثر والمغشوش (الأشرار) ينكسر]. = فهى ضربت الجميع وهكذا الشيطان فقد أذل الجميع. والأن فتح الرب خزانته (25) وأخرج الرب منها جيش فارس ليحطم بابل. فالله لهُ أدواته وألات رجزه لتأديب العصاة. فالرجال العظماء والدول ما هم إلا ألات لتنفيذ أغراض الله. وكانت فارس شركاً لبابل (24) واللة حكم بهذا على بابل لأنها كانت مطرقة طالما أذت وأضرت شعب الله وكانت تكسره وهى أيضاً خاصمت الرب (24) أى حاربته وعارضته وتمردت عليه وهى خربت أورشليم وبيت الله. وهذا ما صنعه الشيطان بأن دمر أولاد الله. ورمز الشيطان هنا بابل أم الوثنية فى العالم.
وفى (26) أهراءها = أى خزائنها أو مخازنها فكل ما تملكه سيذهب عنها وفى (28) نقمة هيكله = فبابل دنست أنية بيت الرب وهيكله. والشياطين دنسوا أولاد الله لذلك سينتقم منهم. ولكن من عَرِف عمل الرب وفداؤه أى كل مبشر وكارز سيبشر بأن الله إنتقم. والأيات هنا تشبه سفر الرؤيا فى خراب بابل الباغية (34).

الأيات 33-46:- 33- هكذا قال رب الجنود ان بني اسرائيل و بني يهوذا معا مظلومون و كل الذين سبوهم امسكوهم ابوا ان يطلقوهم. 34- وليهم قوي رب الجنود اسمه يقيم دعواهم لكي يريح الارض و يزعج سكان بابل. 35- سيف على الكلدانيين يقول الرب و على سكان بابل و على رؤسائها و على حكمائها. 36- سيف على المخادعين فيصيرون حمقا سيف على ابطالها فيرتعبون. 37- سيف على خيلها و على مركباتها و على كل اللفيف الذي في وسطها فيصيرون نساء سيف على خزائنها فتنهب. 38- حر على مياهها فتنشف لانها ارض منحوتات هي و بالاصنام تجن. 39- لذلك تسكن وحوش القفر مع بنات اوى و تسكن فيها رعال النعام و لا تسكن بعد الى الابد و لا تعمر الى دور فدور. 40- كقلب الله سدوم و عمورة و مجاوراتها يقول الرب لا يسكن هناك انسان و لا يتغرب فيها ابن ادم. 41- هوذا شعب مقبل من الشمال و امة عظيمة و يوقظ ملوك كثيرون من اقاصي الارض. 42- يمسكون القوس و الرمح هم قساة لا يرحمون صوتهم يعج كبحر و على خيل يركبون مصطفين كرجل واحد لمحاربتك يا بنت بابل. 43- سمع ملك بابل خبرهم فارتخت يداه اخذته الضيقة و الوجع كماخض. 44- ها هو يصعد كاسد من كبرياء الاردن الى مرعى دائم لاني اغمز و اجعلهم يركضون عنه فمن هو منتخب فاقيمه عليه لانه من مثلي و من يحاكمني و من هو الراعي الذي يقف امامي. 45- لذلك اسمعوا مشورة الرب التي قضى بها على بابل و افكاره التي افتكر بها على ارض الكلدانيين ان صغار الغنم تسحبهم انه يخرب مسكنهم عليهم. 46- من القول اخذت بابل رجفت الارض و سمع صراخ في الشعوب.
فى (33) يشير للظلم الذى وقع من بابل ضد يهوذا أو من إبليس ضد شعب الله (أدم ونسله). ولكن الله كان يرى ذُلَ شعبه إسرائيل ويهوذا من بابل وأنهم فى ضعفهم كانوا غير قادرين أن يُخلصوا أنفسهم ولكن (34) وليهم قوى = هو الذى سيفكهم من الأقوياء الذين سبوهم (بابل أو الشياطين) وكانوا يرفضون تماماً فكهم. وهذا الولى الذى سيدفع الدين هو المسيح الذى إشترانا بدمه. وهذا الكلام ينطبق على كل المسبيين للخطية ويشتكون من ضعفهم ولكن المسيح المخلص يحرر. يريح الأرض ويزعج سكان بابل. ومن (35-40) وصف للخراب القادم على بابل لخطاياها وهى الوثنية والإضطهاد لشعب الله ورفض تحريرهم وفى (38) كانوا يعشقون أوثانهم = بالأصنام تجن فهم أعطوا مجد الله لآخرين. كانوا لا يهتمون بأى تكلفة فى عبادتهم فبابل هى أم الزوانى وأصل الوثنية (رؤ5:17). وهنا سيف الله سيأتى على الجميع "الرؤساء والمخادعين" وهم كهنة الأوثان الذين يستشيرون الكواكب. وسيكون كورش كحر على مياهها فتنشف وهذا ما فعلهُ كورش الذى حول نهر الفرات لعدة مجارى حتى يتمكن من دخول بابل. وحين إنقطعت المياه عن بابل تحولت لبرية مثل سدوم وعمورة. والأيات (41-43) إستخدمت من قبل فى غزو بابل ليهوذا (22:6-24) والمعنى أن حساب بابل سيدفع من نفس العملة التى دفعتها يهوذا من قبل. ولكن هناك فرق بين مجموعتى الأيات هذه وتلك. فبالنسبة لإسرائيل سمع الشعب فإرتخت يداه وبالنسبة لبابل سمع ملك بابل فإرتخت يداه وبهذا تساوى ملك بابل مع أقل واحد من شعب يهوذا ثم من (44-46) هى نفس الأيات التى قيلت عن آدوم (19:49-24) فالمخرب سيخربه. ويكون واضحاً أن الكلام عن المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا ليهزم الشيطان وجنوده سواء كانت أدوم بخطيتها أو بابل بخطيتها رمز لهم.


الإصحاح الحادى والخمسون

الأيات 1-64:- 1- هكذا قال الرب هانذا اوقظ على بابل و على الساكنين في وسط القائمين علي ريحا مهلكة. 2- و ارسل الى بابل مذرين فيذرونها و يفرغون ارضها لانهم يكونون عليها من كل جهة في يوم الشر. 3- على النازع في قوسه فلينزع النازع و على المفتخر بدرعه فلا تشفقوا على منتخبيها بل حرموا كل جندها. 4- فتسقط القتلى في ارض الكلدانيين و المطعونون في شوارعها. 5- لان اسرائيل و يهوذا ليسا بمقطوعين عن الههما عن رب الجنود و ان تكن ارضهما ملانة اثما على قدوس اسرائيل. 6- اهربوا من وسط بابل و انجوا كل واحد بنفسه لا تهلكوا بذنبها لان هذا زمان انتقام الرب هو يؤدي لها جزاءها. 7- بابل كاس ذهب بيد الرب تسكر كل الارض من خمرها شربت الشعوب من اجل ذلك جنت الشعوب. 8- سقطت بابل بغتة و تحطمت ولولوا عليها خذوا بلسانا لجرحها لعلها تشفى. 9- داوينا بابل فلم تشف دعوها و لنذهب كل واحد الى ارضه لان قضاءها وصل الى السماء و ارتفع الى السحاب. 10- قد اخرج الرب برنا هلم فنقص في صهيون عمل الرب الهنا. 11- سنوا السهام اعدوا الاتراس قد ايقظ الرب روح ملوك مادي لان قصده على بابل ان يهلكها لانه نقمة الرب نقمة هيكله. 12- على اسوار بابل ارفعوا الراية شددوا الحراسة اقيموا الحراس اعدوا الكمين لان الرب قد قصد و ايضا فعل ما تكلم به على سكان بابل. 13- ايتها الساكنة على مياه كثيرة الوافرة الخزائن قد اتت اخرتك كيل اغتصابك. 14- قد حلف رب الجنود بنفسه اني لاملانك اناس كالغوغاء فيرفعون عليك جلبة. 15- صانع الارض بقوته و مؤسس المسكونة بحكمته و بفهمه مد السماوات. 16- اذا اعطى قولا تكون كثرة مياه في السماوات و يصعد السحاب من اقاصي الارض صنع بروقا للمطر و اخرج الريح من خزائنه. 17- بلد كل انسان بمعرفته خزي كل صائغ من التمثال لان مسبوكه كذب و لا روح فيه. 18- هي باطلة صنعة الاضاليل في وقت عقابها تبيد. 19- ليس كهذه نصيب يعقوب لانه مصور الجميع و قضيب ميراثه رب الجنود اسمه. 20- انت لي فاس و ادوات حرب فاسحق بك الامم و اهلك بك الممالك. 21- و اكسر بك الفرس و راكبه و اسحق بك المركبة و راكبها. 22- و اسحق بك الرجل و المراة و اسحق بك الشيخ و الفتى و اسحق بك الغلام و العذراء. 23- و اسحق بك الراعي و قطيعه و اسحق بك الفلاح و فدانه و اسحق بك الولاة و الحكام. 24- و اكافئ بابل و كل سكان ارض الكلدانيين على كل شرهم الذي فعلوه في صهيون امام عيونكم يقول الرب. 25- هانذا عليك ايها الجبل المهلك يقول الرب المهلك كل الارض فامد يدي عليك و ادحرجك عن الصخور و اجعلك جبلا محرقا. 26- فلا ياخذون منك حجرا لزاوية و لا حجرا لاسس بل تكون خرابا الى الابد يقول الرب. 27- ارفعوا الراية في الارض اضربوا بالبوق في الشعوب قدسوا عليها الامم نادوا عليها ممالك اراراط و مني و اشكناز اقيموا عليها قائدا اصعدوا الخيل كغوغاء مقشعرة. 28- قدسوا عليها الشعوب ملوك مادي ولاتها و كل حكامها و كل ارض سلطانها. 29- فترتجف الارض و تتوجع لان افكار الرب تقوم على بابل ليجعل ارض بابل خرابا بلا ساكن. 30- كف جبابرة بابل عن الحرب و جلسوا في الحصون نضبت شجاعتهم صاروا نساء حرقوا مساكنها تحطمت عوارضها. 31- يركض عداء للقاء عداء و مخبر للقاء مخبر ليخبر ملك بابل بان مدينته قد اخذت عن اقصى. 32- و ان المعابر قد امسكت و القصب احرقوه بالنار و رجال الحرب اضطربت. 33- لانه هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ان بنت بابل كبيدر وقت دوسه بعد قليل ياتي عليها وقت الحصاد. 34- اكلني افناني نبوخذراصر ملك بابل جعلني اناء فارغا ابتلعني كتنين و ملا جوفه من نعمي طوحني. 35- ظلمي و لحمي على بابل تقول ساكنة صهيون و دمي على سكان ارض الكلدانيين تقول اورشليم. 36- لذلك هكذا قال الرب هانذا اخاصم خصومتك و انتقم نقمتك و انشف بحرها و اجفف ينبوعها. 37- و تكون بابل كوما و ماوى بنات اوى و دهشا و صفيرا بلا ساكن. 38- يزمجرون معا كاشبال يزئرون كجراء اسود. 39- عند حرارتهم اعد لهم شرابا و اسكرهم لكي يفرحوا و يناموا نوما ابديا و لا يستيقظون يقول الرب. 40- انزلهم كخراف للذبح و ككباش مع اعتدة. 41- كيف اخذت شيشك و امسكت فخر كل الارض كيف صارت بابل دهشا في الشعوب. 42- طلع البحر على بابل فتغطت بكثرة امواجه. 43- صارت مدنها خرابا ارضا ناشفة و قفرا ارضا لا يسكن فيها انسان و لا يعبر فيها ابن ادم. 44- و اعاقب بيل في بابل و اخرج من فمه ما ابتلعه فلا تجري اليه الشعوب بعد و يسقط سور بابل ايضا. 45- اخرجوا من وسطها يا شعبي و لينج كل واحد نفسه من حمو غضب الرب. 46- و لا يضعف قلبكم فتخافوا من الخبر الذي سمع في الارض فانه ياتي خبر في هذه السنة ثم بعده في السنة الاخرى خبر و ظلم في الارض متسلط على متسلط. 47- لذلك ها ايام تاتي و اعاقب منحوتات بابل فتخزى كل ارضها و تسقط كل قتلاها في وسطها. 48- فتهتف على بابل السماوات و الارض و كل ما فيها لان الناهبين ياتون عليها من الشمال يقول الرب. 49- كما اسقطت بابل قتلى اسرائيل تسقط ايضا قتلى بابل في كل الارض. 50- ايها الناجون من السيف اذهبوا لا تقفوا اذكروا الرب من بعيد و لتخطر اورشليم ببالكم. 51- قد خزينا لاننا قد سمعنا عارا غطى الخجل وجوهنا لان الغرباء دخلوا مقادس بيت الرب. 52- لذلك ها ايام تاتي يقول الرب و اعاقب منحوتاتها و يتنهد الجرحى في كل ارضها. 53- فلو صعدت بابل الى السماوات و لو حصنت علياء عزها فمن عندي ياتي عليها الناهبون يقول الرب. 54- صوت صراخ من بابل و انحطام عظيم من ارض الكلدانيين. 55- لان الرب مخرب بابل و قد اباد منها الصوت العظيم و قد عجت امواجهم كمياه كثيرة و اطلق ضجيج صوتهم. 56- لانه جاء عليها على بابل المخرب و اخذ جبابرتها و تحطمت قسيهم لان الرب اله مجازاة يكافئ مكافاة. 57- و اسكر رؤساءها و حكماءها و ولاتها و حكامها و ابطالها فينامون نوما ابديا و لا يستيقظون يقول الملك رب الجنود اسمه. 58- هكذا قال رب الجنود ان اسوار بابل العريضة تدمر تدميرا و ابوابها الشامخة تحرق بالنار فتتعب الشعوب للباطل و القبائل للنار حتى تعيا. 59- الامر الذي اوصى به ارميا النبي سرايا بن نيريا بن محسيا عند ذهابه مع صدقيا ملك يهوذا الى بابل في السنة الرابعة لملكه و كان سرايا رئيس المحلة. 60- فكتب ارميا كل الشر الاتي على بابل في سفر واحد كل هذا الكلام المكتوب على بابل. 61- و قال ارميا لسرايا اذا دخلت الى بابل و نظرت و قرات كل هذا الكلام. 62- فقل انت يا رب قد تكلمت على هذا الموضع لتقرضه حتى لا يكون فيه ساكن من الناس الى البهائم بل يكون خربا ابدية. 63- و يكون اذا فرغت من قراءة هذا السفر انك تربط فيه حجرا و تطرحه الى وسط الفرات. 64- و تقول هكذا تغرق بابل و لا تقوم من الشر الذي انا جالبه عليها و يعيون الى هنا كلام ارميا.
خصائص هذه النبوة متداخلة والموضوع الواحد متفرق هنا وهناك وهذه محاولة لتجميع الموضوعات تحت رؤوس واحدة.
1. ماذا كانت بابل وماذا صنع بها الله:- بابل كانت كأس ذهب (7) فى يد الله. إمبراطورية غنية. هى رأس الذهب فى (دا 38:2) وكانت مملوءة من كل شىء صالح وكانت بيد الله. هو باركها. وكذلك خلق الله الشيطان ملاكاً قوياً جيلاً "زهرة بنت الصبح" (أش12:14 + حز11:28) ولكنهم سقطوا وأسكروا الأرض. وعلموا الشعوب الخطية. والبعض أسكروهم برعبهم ثم بخرابهم لهم. وهكذا بابل العهد الجديد (رؤ2:17، 3:18) وهم كانوا فى يد الله ومازالوا كفأس للحرب (20) فكأن الله إستخدم قوة بابل كأسلحة لحربه لتأديب الشعوب. وبها كسَر الله أمماً وجيوشاً (21-23) ولكن الدور سيأتى على بابل.
2. التهمة الموجهة لبابل:- مرضها عديم الشفاء (9) فبالنسبة لبابل قد يكون المسبيين الأتقياء حاولوا دعوتهم لترك وثنيتهم تبعاً للتعليمات التى تلقوها فى (11:10) لإقناعهم بغباء وثنيتهم ولكن بلا فائدة. وقد يكون المعنى أن الله حاول مع الشياطين لكى يتوبوا لكنهم رفضوا. فالتوبة هى شفاء الخاطىء. وهى متهمة بشرها وخبثها ضد إسرائيل أى شعب الله (35،34) وهذا ما صنعه إبليس ببنى البشر. فملك بابل إبتلع كل غنى إسرائيل ومسراتها ثم رماها كإناء فارغ لكن كل الدماء التى سفكها ستقع على رأس بابل.
3. الحكم الذى صدر من الله ضد بابل:- هأنذا أخاصم خصومتك = الله وهو جالس على عرش مجده سيحارب على كل نقطة دم سفكها أعداء شعب الله. وكان يبدو وكأن الله قد نسى الشعب الذى فى السبى ولكن عينه كانت دائماً عليهم (5) ليسا بمقوعين = هو لم ينسى شعبه لكنه تخلَى عنهم مؤقتاً لتأديبهم على خطاياهم ولكن الله يعاملهم بأحسن مما يستحقون فهو لم يهجرهم ولم يرميهم فهم شعبه ولابد سينقذهم. وقد ظن الكلدانيين أن الله لن يسألهم عما إقترفوه ضد إسرائيل ولكن هناك يوماً للإنتقام (6)، (56) وسيرد على بابل كل شرورها (24) وسيفرح شعب الله بهذا الحكم ضد بابل وسيعرفون أن هناك إله يحكم فى الأرض. وكما قتلت بابل شعب الرب هكذا يصنع بها (49) لاحظ أن كل هذا منطبق على الشياطين. وفى (10) أخرج الرب برنا = هذا عمل فداء المسيح فيظهر أمام الآب شعبه كأبرار فى عينيه بعد أن صالحنا المسيح معهُ. وبعد هذا يكون عملنا أن نقص فى صهيون عمل الرب = أى نظهر عمل الرب فى كل مكان ليشاركوننا التسبيح لهُ.
4. إظهار عظمة سيادة الله الذى سيحاسب هذا العدو القوى:- الله يحلف بنفسه حيث لا يوجد أعظم يحلف به. والله سيملأ بابل بالرجال الذين سيحرثونها ويغلبونها بجمهورهم. وهذا الجمهور سيرعب بابل بصياحه فيرفعون عليك جلبة = هذا صوت صلوات الشعب ضد الشيطان. أو صوت جيش فارس ضد بابل. والله هو القوى الذى سيحطم بابل (12:10-16) وهو يشير لقوة الله لإظهار بُطل أوثان بابل. فهو الذى أسس العالم (15) فلا شىء إذاً يصعب عليه. فيجب أن نعتمد عليه ولا نفشل وهو الذى لهُ السلطة على كل المخلوقات التى صنعها (16). وأعمال عنايته هى خلقة مستمرة. وهو يتحكم فى الرياح والماء يصره فى السحاب ولذلك يبدو عابدو الأوثان أنهم بلهاء (18،17) وهكذا كل من يخاف من إبليس. فالأوثان وإبليس هى شىء باطل ولا مقارنة بينها وبين الله نصيب يعقوب (19) وهم ميراثه. والله يكرر هذا مرات كثيرة حتى نصبح بلا عذر أمامه.
5. وصف للألات المستخدمة فى هذه الخدمة = الله سينبه روح ملوك مادى (11) كورش وداريوس. الذين أتوا ضد بابل بمشورة الله. فالله هو الذى ضد بابل. وهو الذى خطط لذلك. وهذه الأدوات تكون كريح مدمرة مهلكة (1) تستقط كل شىء أمامها وهذه الريح خرجت من خزانة الله (16) وهى جاءت على الساكنين وسط بابل أى كل الشعوب (1) بل إن الأعداء مشبهين هنا بالمذرين (2) الذين سيطردونهم مثل العصافة.
6. هناك تفويض كامل لتخريب بابل:- (3) فلا يشفق عليها أحد. فالله قصد هذا ضدها (12). وهذا ما أعطى قوة للمحاربين لينجحوا. وفى (28،27) هؤلاء هم من تَم دعوتهم تحت قيادة كورش. وسينزلون كالجراد على أرض بابل (يؤ 4:1) قدسوا عليها = لأن هذه الحرب بأمر الرب ضد بابل. والحرب ضد الشياطين هى قداستنا.
7. ضعف الكلدانيين وعدم إمكانهم المقاومة ضد القوة المهلكة:- حين إستخدمهم الله ضد الشعوب أعطاهم قوة فهزموا الشعوب ولكن الله تخلى عنهم الأن فخانتهم قلوبهم فستكون لذلك كل محاولاتهم فاشلة (11) سنوا السهام لكن بلا فائدة وإرفعوا الراية (12) حتى يأتى أحد لمساعدتكم ولكن عبثاً. بل كل من يدعونه ليساعدها سيرتجف (29) فالأرض كلها سترتعب فهم سيرون أسلحة الله التى لا تقاوم وأنه جعل بابل خراباً. بل سيكونون فى رعب كالنساء. وستحترق أماكن سكنها وعوارضها (56-58) وسيكون قادتها كالسكارى من خمر غضب الله وستخونهم أسوار المدينة العريضة والنهر الذى جففه كورش معناه حرمانها من كل الخيرات والتعزيات. فهم فى ألام نفسية بلا سلام.
8. خراب بابل الذى سيصنعه الغزاه:- هو خراب أكيد فقرار الله لا رجعة فيه (8) ولاحظ أن وقت هذه النبوة كانت بابل فى أوج مجدها. ولكن الله يقول أنا ضدها (25) لذلك ستكون خراباً. وبابل كانت كجبل شامخة ثابتة تدمر من حولها. ولكنها الأن ستصبح كأحجار ترمى وتتدحرج إلى الأرض وستصبح جبلاً محترقاً، مثل البراكين التى تقذف ناراً (بركان إتنا) وستتحول لرماد. وهكذا كل العالم فالأرض ستحترق فى النهاية. وكما داست شعب الله ستداس بابل كورق ذابل على الأرض (33) تكون بابل بكل رجالها وقوتها قد نضجت للخراب رؤ 15:14 + ميخا 12:4 وكانت بابل تعيش على مياه كثيرة = (13) لا يمكن إقتحامها. وهكذا بابل العهد الجديد تتحكم فى أمم كثيرة. والمعنى أن خيرات بابل عديدة. ولكن مع كل هذا أتت نهايتها بحسب شهواتها. فمن لا يضع حداً لشهواته يضع الله حداً لها بعقوباته. فبابل كانت متكبرة بقوتها (53) ولكنها كانت مخدوعة. فالله سيرسل من يخربها بالرغم من أسوارها. وسيكون الخراب تدريجياً (46) لعلها تتعظ، ويكون الخبر الأول كإنذار لها وإذا لم تتعظ يجىء الثانى = خبر وراء خبر سنة وراء سنة = فسيسمعون أن كورش أعدَ نفسه للحرب ثم فى السنة التى تليها يسمعون أنه يخطط ضد بابل. وحتى هنا كان يمكن أن يسعوا للسلام ولكنهم كانوا فى منتهى الكبرياء والإطمئنان الزائف ليفعلوا هذا وتقست قلوبهم لخرابهم. وهكذا الشياطين سنة وراء سنة تجىء أخبار الخلاص من الأنبياء المتعددين لكنهم لم يصدقوا. وحين جاء هذا الخراب كان مفاجئاً (8) حين لم يكونوا يتوقعونه. وجاء فى وقت قصير كما جاء خراب بابل العهد الجديد فى زمن ساعة واحدة (رؤ 17:18) وسيأتى خبر وراء خبر للملك حتى قصره. وكان آخر خبر وصل لبيلشاصر الملك ليلة قتله حين رأى يدأ تكتب على الحائط خبر نهايته الذى فسَره لهُ دانيال النبى. (32،31) + دا 30:5 وفى (39،38) إشارة للإحتفال الدنس الذى أقامه بيلشاصر فى آخر ليلة لهُ وكان يشرب ويسكر فى آنية بيت الرب. يزمجرون معاً كأشبال = هذا صوت غنائهم وهرجهم وفرحهم ونشوتهم بالخمر فى آنية الرب. ولكن الله يقول أن هذه الكأس فى يدهم ستكون لنومهم أبدياً (57) فلا يستيقظون أبداً. وسيكون الخراب شاملاً والقتلى فى الشوارع (4) وكخراف للذبح (40) بأعداد كبيرة وبسهولة وسيكون عدد العدو كالفيضان (42) كما لو كانوا بحراً وتصير مدنهم كقفر غير مسكونة (43) وتخزى ألهتها (52،47) وتخرب الهتها. فهم والهتهم التى طالما إنتظروا منها الحماية سيخزون ويخزى بيل (44) الذى طالما قدموا لهُ ضحايا والخراب سيكون أبدياً نهائياً فلا فائدة للبلسان والعلاج (9،8) وتصبح بابل أكواماً (37) بل حتى خرائبها (26) ستكون بلا فائدة فالناس لن تعود تستفيد من أى شىء من خرائب بابل ولن تبنى كمملكة ثانية وهى هكذا للأبد.
9. نداء الشعب ليخرجوا منها:- هذا من الحكمة فحينما يجىء خرابها عليهم أن يهجروها (6) حتى ينقذوا أنفسهم ويجب أن يذهبوا بعيداً كما إبتعد إسرائيل عن خيام قورح (قابل مت 16:24) فكان على المسيحيين أن يهربوا من أورشليم عند خرابها ومن رعبها الذى ستكون فيه (46،45) من أسلحة غضب الله التى ستكون ضدها. والأن الله حررهم فعليهم أن يتركوا هذه المدينة ولا يبقوا تحت حكم فارس أو غيرها بل يذهبوا لمدينتهم (51،50) فراحة شعب الله فى كنعان، فى هيكلهم، حيث الله فى وسطهم كما كان مع أبائهم. ولنذكر الله فى عمق أحزاننا ونذكر أورشليم. وحتى لو إبتعدت صهيون عن أعيننا فلا يجب أن تبتعد عن قلوبنا. والله يلاحظ الخجل فى عيون الراجعين لأورشليم من خرابها أى خراب أورشليم ولذلك يقول لهم فى (52) أن الله قد عاقب بابل فلا داعى للخجل لأن الله بالتأكيد سيعيد بناء أورشليم. والإيمان بأن الله سيعيد بناء أورشليم ينزع الخجل من خرابها الحالى.
10. لمشاعر المختلفة التى تصاحب خراب بابل:- هى نفس المشاعر بخراب بابل العهد الجديد (رؤ19،9:18) فالبعض سيرثى خرابها بصوت صرخات (54) ينعون هذا الخراب العظيم لأن الله دمَر صوت جمهورها وفرحها الذى تعودوا أن يسمعوه فى بابل (55) وما قالوه فى رثائهم (41) وكيف كان سقوطها مدهشاً تلك التى كانت للمجد والفرح. والبعض سيفرح بسقوطها وذلك لظهور عدل الله وبره ولتحرير شعب الله ولهذا ستفرح السماء والأرض أى الكنيسة المنتصرة والكنيسة المجاهدة ستعطى لله مجداً على بره فخراب بابل هو تسبيح صهيون.
ملحوظة : + فى أية (27) مقشعرة ويقال إن الجراد فى تطوره يصل إلى طور يكون غطاؤه فيه كالشعر فيشبه الخيل. وممالك أراراط ومنى وأشكناز تشكلت تحت لواء الماديين وأثبت التاريخ أن الذى حاصر بابل كان داريوس المادى
+ فى أية (41) شيشك = تطلق رمزياً على بابل وهى مشتقة من الإله شيك (تعنى يغطس)
+ خراب بابل بأسواره يعطينا فكرة ونحن نقترب من مجىء المسيح الثانى أن كل ما يبنيه الإنسان فهو ذاهب للدمار فلا داعى أن نعجب بأنفسنا.
الأيات 59-64:- غالباً كان سرايا هذا سفيراً لدى ملك بابل وهو أخو باروخ النبى وكان محل ثقة الملك ولم يكن مُضطهداً لأرمياء بل كان محل ثقته فيبدو أنه كان رجلاً هادىء الطباع، يمكن أن يكون سياسياً ناجحاً لدى بلاط نبوخذ نصر، وأميناً فى الوقت نفسه لتكليف أرمياء. وكان مطلوباً منهُ أن يقرأ هذا الكتاب للذين هم فى السبى. وكان من المفروض أن يقرأه بعد أن يصل إلى بابل ويرى عظمتها وقوتها وتحصيناتها، ثم يقرأ بعين الإيمان ولا يظن أنها باقية ولكنها ستخرب وتبيد. فلا يخاف لا هو ولا المسبيين. وكان على سرايا أن ينطق بإسم الله بخراب ذلك المكان. والكلام فى (62) يشبه كلام الملاك فى خراب بابل العهد الجديد (سفر الرؤيا) وكأن سرايا هنا يلعن بابل بخطاياها ولا يتفق مع خطاياها. ويحكم عليها بالرغم مما رآه من إزدهارها. وكأنه يقول طالما أنت يا رب قد حكمت على بابل بالخراب فلن نحسدها على ما هى فيه من عظمة فهى ذاهبة للخراب بل ولن نخاف قوتها وحينما ننظر نحن أبهة وهيئة هذا العالم لنذكر قول الكتاب أن " هيئة هذا العالم ستزول" وسيخرب للأبد ويجب أن ننظر إليه فى إزدراء مقدس. ولقد نطق النبى بهذه النبوات وبعدها طلب الخضوع لملك بابل. فالله هو الذى يجازى بابل. فإتفق النبى مع بولس الرسول فى أنه لا يجب أن ننتقم لأنفسنا لأنه مكتوب " لى النقمة أنا أجازى يقول الرب " فالله سينتقم فى الوقت المناسب وبالطريقة التى يراها. وكان على سرايا أن يلقى هذه الكلمات مع حجر للماء كعلامة لنهاية بابل، وكأنها مربوطة بحجر تحاول أن تفلت من الغرق وتهرب من الحكم عليها بلا فائدة فالحجر معلق برقبتها. لأنه بدون الحجر كان الورق سيطفو وهكذا الشرير بدون شروره سينجو. وما سوف يغرق الكتاب هو الأحكام التى فى داخله ضد الشرور. وخراب بابل العهد الجديد ممثل بصورة كهذه (رؤ 21:18) ولم تكن هذه النبوة هى آخر نبوة لهُ فقد تنبأ فى مصر، وهذه النبوة زمنها فى السنة الرابعة لصدقيا. ولكن إلى هنا كلام إرمياء = تعنى أن هذه آخر نبوات كتابه. وهى آخر ما سيتم تنفيذه فخراب بابل كان آخر شىء سيتم فى نبواته ضد الأمم، وأما الإصحاح الأخير فهو تاريخى بحت وقد يكون قد أضيف بيد باروخ أو عزرا. ونلاحظ أن سرايا قد ذهب مع صدقيا الملك إلى بابل حينما ذهب صدقيا ليقدم الخضوع لنبوخذ نصر فى بابل (59:51) (لكن بعد هذا نقض صدقيا عهده مع نبوخذ نصر وتمرد عليه). وسرايا حينما وصل إلى بابل وتقابل مع المسبيين ذهب معهم إلى النهر وأخبرهم بكل نبوات أرمياء عن خراب بابل، وأمسك بكل هذه النبوات عن بابل وهى مكتوبة ثم ألقى بها فى النهر كرمز لغرق بابل نفسها، وهذا هو المعنى الرمزى لكلمة " شيشك " أى يغطس، فبابل سوف تغرق تماماً. وهذا ما قيل عن بابل فى الأيام الأخيرة فهى سترمى فى البحر رؤ 21:18 وهذا رمزاً لما سيحدث لإبليس، إذ سيلقى فى البحيرة المتقدة بالنار هو وتابعوه (رؤ 15،10:20) لذلك فهناك دعوة مستمرة لشعب الله أن يخرج من بابل حتى لا تصيبه ضرباتها أى علينا أن نعتزل الشر حتى لا نخرب مع خراب هذا العالم (أر45:51 + أش 20:48 + أش 11:52 + رؤ 4:18)
وفى الأيات (15-19) نرى سر شقاء بابل وخرابها الأبدى، وهو أن الله ليس إلهاً لها، أما يعقوب فالله هو سر نصرته، فمع أن الله يؤدب شعبه يعقوب (سواء شعب العهد القديم أو الكنيسة فى العهد الجديد) إلا أنه لا يتركه للأبد كما يحدث مع بابل (الشيطان ومن يتبعه)
تفسير بعض الكلمات فى الإصحاح:-
أية 7 :- جنت الشعوب = وقعت فى الحيرة والعجز. والشيطان أسكر الناس بالخطية فجنوا وتركوا الله وتبلبلوا وتاهوا، فقرار ترك الله هو جنون.
أية 8:- خذه بلساناً لجرحها لعلها تشفى = الإيمان بالمسيح وحده هو الذى يشفى وهذا العلاج يصلح لكل تائب، أما الشيطان وتابعوه فهم بلا أمل، لأنهم رافضين الإيمان بالمسيح.
أية 14:- الغوغاء = الجراد الذى يأتى على كل أخضر فيحوله إلى خراب.
أية 25:- جبلاً محرقاً = قاحلاً كالبركان الهادىء بعد إنفجاره.
أية 32:- المعابر = المخاضات عبر الفرات. والقصب = إذ إختبأ جنود بابل فى القصب على ضفاف النهر، أحرق الماديون هذا القصب، عموماً فالمعنى أن الماديون أحرقوا كل وسائل دفاع البابليون.


الإصحاح الثانى والخمسون

التاريخ هو أحسن شارح للنبوات هنا نرى أن كل ما تنبأ به أرمياء قد تحقق. وذلك وحتى نفهم نبوات هذا الكتاب وضع هذا الإصحاح التاريخى الذى يحدثنا عن خراب اورشليم ومملكة يهوذا وعن أحداثه المحزنة. وهو مشابه تماماً لـ (2مل25،24). وهناك حوادث مشابهة لحوادث هذا الإصحاح وضعت بطريقة متفرقة داخل سفر أرمياء ولكنها هنا تم تجميعها لتشرح النبوات السابقة وليعطى مدخلاً ونوراً للمراثى ويكون كمفتاح لها. وقصة رفع مكانة يهوياكين فى سبيه تؤيد رأى من قال إن هذا الإصحاح بقلم كاتب آخر غير أرمياء وقد يكون باروخ أو عزرا.

الأيات 1-11:- 1- كان صدقيا ابن احدى و عشرين سنة حين ملك و ملك احدى عشر سنة في اورشليم و اسم امه حميطل بنت ارميا من لبنة. 2- و عمل الشر في عيني الرب حسب كل ما عمل يهوياقيم. 3- لانه لاجل غضب الرب على اورشليم و يهوذا حتى طرحهم من امام وجهه كان ان صدقيا تمرد على ملك بابل. 4- و في السنة التاسعة لملكه في الشهر العاشر في عاشر الشهر جاء نبوخذراصر ملك بابل هو و كل جيشه على اورشليم و نزلوا عليها و بنوا عليها ابراجا حواليها. 5- فدخلت المدينة في الحصار الى السنة الحادية عشرة للملك صدقيا. 6- في الشهر الرابع في تاسع الشهر اشتد الجوع في المدينة و لم يكن خبز لشعب الارض. 7- فثغرت المدينة و هرب كل رجال القتال و خرجوا من المدينة ليلا في طريق الباب بين السورين اللذين عند جنة الملك و الكلدانيون عند المدينة حواليها فذهبوا في طريق البرية. 8- فتبعت جيوش الكلدانيين الملك فادركوا صدقيا في برية اريحا و تفرق كل جيشه عنه. 9- فاخذوا الملك و اصعدوه الى ملك بابل الى ربلة في ارض حماة فكلمه بالقضاء عليه. 10- فقتل ملك بابل بني صدقيا امام عينيه و قتل ايضا كل رؤساء يهوذا في ربلة. 11- و اعمى عيني صدقيا و قيده بسلسلتين من نحاس و جاء به ملك بابل الى بابل و جعله في السجن الى يوم وفاته.
كان قبل ذلك قد حدث عدة مرات أن أتى جيش بابل ليسبى من يهوذا ثمَ عشم الشعب نفسه بأنه لن يحدث سبى آخر. ولكن الله كان مستاء منهم لدرجة أنه قررَ أن يطردهم من أمامه كما يطرد أب غاضب إبنه العاق من أمامه. فطردهم الله من هذه الأرض الجيدة كما طرد الكنعانيين قبلهم. وطردهم الله من هيكله المقدس. لذلك كان داود يصلى " لا تطرحنى من أمام وجهك " فهذا هو أشر شىء أن يطردنا الله من أمام وجهه.
وصدقيا هذا لم يكن أسوأ الكل ولكن كان فاعل شر وكان تمرده على ملك بابل خطية وغباء، خطية لأنه كسر حلفه لهُ بإسم الله (حز15:17) وغباء لظنه أن مصر تسنده. ولأن الله كان غاضباً على يهوذا وأورشليم فقد تركه لمشوراته الرديئة التى إتضحت خطورتها على المملكة. وحاصر الكلدانيين أورشليم فى السنة التاسعة لملك صدقيا فى الشهر العاشر وسقطت المدينة فى السنة الحادية عشرة لصدقيا فى الشهر الرابع وكتذكار لهذين الحدثين اللذين تمَ بهما خراب أورشليم صام الشعب فى سبيهم فى الشهر الرابع والعاشر (زك19:8) أما صوم الشهر الخامس فكان تذكاراً لحرق الهيكل وصوم الشهر السابع كان تذكاراً لقتل جدليا. ولنا أن نتصوَر الفزع الذى إجتاح المدينة أثناء الحصار وكانوا منتظرين هلاكهم بينما هم مصممين على الصمود للنهاية حتى لم يصبح خبز للجنود فلم يستطيعوا الوقوف، والأسرار لا تحمى بدون رجال وراءها. وإذا وُجد الرجال والأسوار ولكن بدون الله فلن يفعلوا شيئاً. وحين هرب الملك وقع فى أيدى أعدائه فلا أحد يمكنه الهروب من يد الله. ولكن يبدو أنهُ كان لهُ بعض الكرامة فى موته (5:34) ولطالما نبهه أرمياء لما سيحدث لهُ ولكنه لم يستمع.

الأيات 12-23:- 12- و في الشهر الخامس في عاشر الشهر و هي السنة التاسعة عشر للملك نبوخذراصر ملك بابل جاء نبوزرادان رئيس الشرط الذي كان يقف امام ملك بابل الى اورشليم. 13- و احرق بيت الرب و بيت الملك و كل بيوت اورشليم و كل بيوت العظماء احرقها بالنار. 14- و كل اسوار اورشليم مستديرا هدمها كل جيش الكلدانيين الذي مع رئيس الشرط. 15- و سبى نبوزرادان رئيس الشرط بعضا من فقراء الشعب و بقية الشعب الذين بقوا في المدينة و الهاربين الذين سقطوا الى ملك بابل و بقية الجمهور. 16- و لكن نبوزرادان رئيس الشرط ابقى من مساكين الارض كرامين و فلاحين. 17- و كسر الكلدانيون اعمدة النحاس التي لبيت الرب و القواعد و بحر النحاس الذي في بيت الرب و حملوا كل نحاسها الى بابل. 18- و اخذوا القدور و الرفوش و المقاص و المناضح و الصحون و كل انية النحاس التي كانوا يخدمون بها. 19- و اخذ رئيس الشرط الطسوس و المجامر و المناضح و القدور و المناير و الصحون و الاقداح ما كان من ذهب فالذهب و ما كان من فضة فالفضة. 20- و العمودين و البحر الواحد و الاثني عشر ثورا من نحاس التي تحت القواعد التي عملها الملك سليمان لبيت الرب لم يكن وزن لنحاس كل هذه الادوات. 21- اما العمودان فكان طول العمود الواحد ثماني عشرة ذراعا و خيط اثنتا عشرة ذراعا يحيط به و غلظه اربع اصابع و هو اجوف. 22- و عليه تاج من نحاس ارتفاع التاج الواحد خمسة اذرع و على التاج حواليه شبكة و رمانات الكل من نحاس و مثل ذلك للعمود الثاني و الرمانات. 23- و كانت الرمانات ستا و تسعين للجانب كل الرمانات مئة على الشبكة حواليها.
كل هذا الخراب كان إنتقاماً من ملك بابل لوقوفهم فى وجهه طويلاً. ولاحظ أن كل ما أخذه هذه المرة كان نحاساً فقد سبق وأخذوا الذهب والفضة. ولاحظ أن العمودين أحدهما إسمه بوعز أى فيه القوة والثانى ياكين أى الله يؤسس وفى تحطيمهم معنى أن الله لن يعود مهتماً أن يؤسس هيكله ولا يعود يكون قوته فقد فارقه.

الأيات 24-30:- 24- و اخذ رئيس الشرط سرايا الكاهن الاول و صفنيا الكاهن الثاني و حارسي الباب الثلاثة. 25- و اخذ من المدينة خصيا واحدا كان وكيلا على رجال الحرب و سبعة رجال من الذين ينظرون وجه الملك الذين وجدوا في المدينة و كاتب رئيس الجند الذي كان يجمع شعب الارض للتجند و ستين رجلا من شعب الارض الذين وجدوا في وسط المدينة. 26- اخذهم نبوزرادان رئيس الشرط و سار بهم الى بابل الى ربلة. 27- فضربهم ملك بابل و قتلهم في ربلة في ارض حماة فسبي يهوذا من ارضه. 28- هذا هو الشعب الذي سباه نبوخذراصر في السنة السابعة من اليهود ثلاثة الاف و ثلاثة و عشرون. 29- و في السنة الثامنة عشرة لنبوخذراصر سبى من اورشليم ثمان مئة و اثنان و ثلاثون نفسا. 30- في السنة الثالثة و العشرين لنبوخذراصر سبى نبوزرادان رئيس الشرط من اليهود سبع مئة و خمسا و اربعين نفسا جملة النفوس اربعة الاف و ست مئة.
هنا حادثة محزنة عن ذبح عظماء يهوذا. وهناك خلاف فى الأرقام فقد قيل هنا 7 رجال ينظرون وجه الملك اما فى الملوك فقيل خمسة والحل يبدو أن إثنين من السبعة هما أرمياء وعبد ملك الذين أطلق سراحهم فلم يموتوا. والذين قتلوا هم ممثلين لكل الطوائف فالكل أخطأ. وأول من ذكر هو سرايا الكاهن فهو أخطأ وجعل الشعب يخطىء. وبخصوص المسبيين وأعدادهم ولنرى كيف لفظت الأرض سكانها اليهود كما لفظت سكانها الكنعانيين من قبل بسبب الخطية (27) وكان الله قد سبق وحذرهم أنه سيطردهم من الأرض لو ساروا فى نفس خطايا الكنعانيين (لا28:18) وهناك خلاف أيضاً بين سفر الملوك فى أعداء المسبيين فأعداء سفر الملوك أكثر كثيراً من هنا ويبدو أن أعداد سفر الملوك هى أعداد السبايا إلى بابل وأن الأعداد التى ذُكرت هنا هم الذين أعدمهم نبوخذ نصر كمتمردين ثوار. ونلاحظ أن الزمنين المذكورين فى الملوك وأرمياء مختلفين لذلك فهم غالباً يشيروا لحدثين مختلفين. فيبدو ان مالفت نظر كاتب هذا الإصحاح الثورات والفتن التى قمعها نبوخذ نصر أما كاتب سفر الملوك فإهتم بأن يضع أعداد من ذهبوا للسبى. وهناك سبى ثالث لم يذكر سوى هنا وهو فى السنة 23 لنبوخذ نصر بعد 4 سنين من خراب أورشليم حيث سبى 745 نفساً وقد يكون هذا قد حدث كإنتقام لمقتل جدليا. ومن المحتمل أيضاً أن يكون هؤلاء الأشخاص قد قتلوا كمساعدين أو مؤيدين لإسمعيل قاتل جدليا والكلدانيين الذين كانوا معهُ.

الأيات 31-34:- 31- و في السنة السابعة و الثلاثين لسبي يهوياكين في الشهر الثاني عشر في الخامس و العشرين من الشهر رفع اويل مرودخ ملك بابل في سنة تملكه راس يهوياكين ملك يهوذا و اخرجه من السجن. 32- و كلمه بخير و جعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل. 33- و غير ثياب سجنه و كان ياكل دائما الخبز امامه كل ايام حياته. 34- و وظيفته وظيفة دائمة تعطى له من عند ملك بابل امر كل يوم بيومه الى يوم وفاته كل ايام حياته.
هناك خلاف بين سفر الملوك وهنا فى أرمياء فى التاريخ فقد قيل هناك فى اليوم السابع والعشرين وهنا قيل فى اليوم الخامس والعشرين. وقد يرجع السبب أن القرار صدر فى يوم 25 وظهر الملك فى مكانه الرفيع يوم 27. ولنلاحظ تغير حال يهوياكين من الملك للسجن ثم إلى مركز سام لدى ملك بابل. وهكذا العالم فلنفرح كأننا لا نفرح ونحزن كأننا لا نحزن وحين يجىء ليل تجربة طويل فعلينا أن نتوقع أن يكون هناك فجر جديد لمراحم الله. ولاحظ أن سجن يهوياكين كان حوالى 37 سنة ولكن مهما طالت الغيمة فلنأمل فى أن تظهر الشمس من ورائها ولنلاحظ أن الله إستخدم أعداء شعبه ليعطوا الخير لشعبه.
* ** يهوياكين يمثل الإنسان الذى خلقه الله ليكون ملكاً على شهواته وعلى كل الخليقة ولكنه بسبب خطيته سقط وفقد ملكه، بل صار فى عبودية لنبوخذ نصر ملك بابل (رمز لما قيل أن الخليقة أسلمت للباطل.... ليس طوعاً بل من أجل الذى أخضعها على الرجاء... رو 20:8). ونلاحظ المدة البسيطة التى ملك فيها يهوياكين وهى 3 شهور رمز للمدة البسيطة التى قضاها آدم بدون خطية، وهذا قبل أن يأكل فيسقط. ثم ذهب يهوياكين للسبى مدة طويلة ولكن فى وسط هذه المدة يرفعه ملك بابل لمركز سام ولكن مع بقائه فى الأسر، وهذا ما عمله المسيح بفدائه أنه حررنا ورفعنا لدرجة البنوة لله ولكن مع بقائنا فى هذا العالم. حقاً لقد أسلمنا لله للعبودية ولكن كان هناك رجاء، فى شخص من نسل المرأة حين يأتى يسحق رأس الحية. وال 37 سنة التى قضاها يهوياكين فى السبى هى رمز لحياة الإنسان على الأرض بعد سقوطه. وعودة المسبيين فى نهاية مملكة بابل هى رمز لدخولنا أورشليم السماوية بعد إنقضاء صورة هذا العالم. فالله أسلمنا للعبودية لإبليس لنتأدب وتركنا فى العالم لنستعد لدخولنا السماء، وأرسل المسيح فى وسط الأيام ليتم الفداء وبهذا نعود لملكنا ويرفعنا إلى سمائه، فهو أسلمنا للباطل ولكن على رجاء.
وده آخر تفسير السفر والى اللقاء مع تفسير سفر آخر
رد مع اقتباس
قديم 31 - 05 - 2012, 07:46 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
astavrola
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية astavrola

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

astavrola غير متواجد حالياً

افتراضي

مراثى أرمياء

مقدمة

قال الجامعة "سليمان الحكيم" الذهاب إلى بيت النوح خير من الذهاب إلى بيت الوليمة لأن ذاك نهاية كل إنسان والحى يضعه فى قلبه. الحزن خير من الضحك لأنه بكأبة الوجه يُصلح القلب. قلب الحكماء فى بيت النوح وقلب الجُهال فى بيت الفرح (جا2:7-4) وهذا الكلام هو عكس ما يؤمن به العالم، فرأى أهل العالم لنأكل ونشرب، لنفرح ونضحك لأننا غداً نموت. ولنقرأ ثانية ما قاله سليمان الحكيم ثم نأتى لقراءة هذا السفر فى حزن مقدس على خطايانا التى هى سبب ألامنا وألام الكنيسة.
1- يجب ان تكون لنا تراتيل فيها حزن مقدس على خطايانا، فيها نبكى على خطايانا وأثارها فهذا يحرك مشاعرنا وقلوبنا فنصبح مستعدين لتلقى الحقائق الإلهية. فالتوبة تصهر القلب فيكون كالشمع مستعد لأن تطبع عليه الحقائق الإلهية كالختم. أما الإنسان اللاهى الضاحك، الإنسان غير النادم الذى لا يبكى على خطاياه يكون قلبه صلباً غير مستعد لهذا.
2- فى ملخص سريع لأحداث سفر أرمياء. فقد أخطأت أورشليم خطايا بشعة كثيرة فأسلمها الله لجيش بابل بقيادة نبوخذ نصر الذى حاصرها ثم بعد أحداث أليمة من مجاعات وأوبئة سقطت فى يد ملك بابل فدمرها وأحرقها ونقض أسوارها ودمَر هيكل الرب وبيت الملك وقتل من قتل وسبا من سبا ولم يترك سوى المساكين فى الأرض. فمن يقارن بين حال أورشليم قبل سقوطها أيام مجدها وبين حالها بعد خرابها لابد وسيرثيها كما فعل النبى، ورثاء النبى على ما حدث لأورشليم يثبت صدق نبواته، ويثبت صدق مشاعره نحو بلده وأهله وأنه كان غير راغب فى تحقيق نبواته بل توبة شعبه. وحين رأى بروح النبوة ما سيحدث قال "يا ليت عينى ينبوع ماء لأبكى". والأن بعد أن حدث ما تنبأ به ها هو يبكى بمشاعر صادقة وهذا يثبت كذب الإتهامات التى وجهوها لهُ بالخيانة وأنه فى صف ملك بابل. وهو لم يفرح بأن صدقت نبواته ولا بالإنتقام ممن إضطهدوه. بل أن قلبه المملوء حباً وحناناً بكى لآلام من عذبوه فكان خيراً من يونان النبى الذى غضب حين سامح الله نينوى إذ قدَموا توبة.
3- إن بنية هذه القصيدة الرثائية جديرة بالملاحظة. فالإصحاحات 4،2،1 فى لغتها الأصلية وهى العبرية مرتبة ترتيباً أبجدياً. وكل إصحاح منها مؤلَفْ من 22 أية شعرية، تبدأ كل منها بأحد أحرف الأبجدية العبرية على التوالى أما الإصحاح الثالث، حيث نجد أوفى إعتراف بخطيتهم وحزنهم، فقوامه 66 أية، ثلاث لكل حرف أبجدى، أى أن كل واحدة من الأيات الثلاث الأولى تبتدىء بحرف الألف- وكلاً من الأيات الثلاث التوانى تبتدىء بحرف الباء.... وهكذا أما الإصحاح الخامس فهو غير ملتزم بالأبجدية ولكنه مكون من 22 آية أيضاً وكل أية نصفين مترادفين وفى الجزء الثانى إجابة أو مرادف للجزء الأول. وذلك حتى يسهل حفظها غيباً وتستعمل فى صلواتهم. وهناك ملحوظتان:
أ‌. هناك إستثناء فالأبجدية متبعة تماماً فى الإصحاح الأول ولكن فى الإصحاح الثانى والثالث والرابع سبق حرفpe حرفajin بينما هو يتبعه فى الأبجدية فلماذا؟ حرف الـpe هو الذى يستخدم للتعبير عن رقم (70) فكأن النبى يريد أن يحفر فى أذهانهم أن عودتهم من السبى ستحدث بعد 70 سنة.
ب‌. فى المزمور 119 نجد 22 قسماً كل منها مكون من 8 أيات شعرية وهى تستخدم كل حروف الأبجدية العبرية. وهذا المزمور كله يمتدح ناموس الرب الكامل وإذا فهنا أن إستخدام الحروف الأبجدية كلها فى المزمور 119 يشير أننا نستخدم كل اللغة البشرية بإمكاناتها لنمدح ناموس الرب حتى نسلك فيه فيكون لنا كل الخير، فإن المراثى تستخدم كل الحروف أيضاً لتعبر عن الأحزان المترتبة على إهمال ذلك الناموس وكسره.
4- كاتب سفر المراثى "أرمياء النبى" يرثى أورشليم ويُصور الفظائع التى إرتكبت بواسطة البابليين والآلام التى عانى منها الشعب أثناء الحصار. وبعد أن كانت المدينة كاملة الجمال بهجة كل الأرض أصبحت محروقة ومشوهة. وهى كانت كاملة الجمال لوجود الله فى وسطها أما وقد غادرها الله وفارقها بسبب الخطية فقد فقدت من يحميها فسقطت وأذلها البابليون. وملكها سقط وهكذا كهنتها وتوقفت إحتفالاتها وأعيادها وأفراحها وتسبيحها وعبادتها وأصبحت بلا أنبياء ولا رؤى وأرض يهوذا تحولت للغرباء والناس ماتوا أو أخذوا سبايا وعبيداً بل حتى من بقى فى الأرض كان عبداً لملك بابل. كل هذا بسبب الخطية. خطية الشعب والقادة ولكن هناك معنى روحى لهذا. فأورشليم هذه تشير لأدم الذى كان كامل الجمال فهو قد خُلق على صورة الله ومثاله. وكان بهجة كل الأرض وكان يرى الله ويكلمه ولكن بسقوطه فقد كل شىء ومات وسقط مسبياً للشيطان ولم يَعُد يرى الرب ولم يَعُد يسبح الرب وفقد أفراحه. فصورة أورشليم بعد خرابها هى صورة الإنسان بعد سقوطه، وهذه المراثى ترثى خراب أورشليم وترثى أيضاً خراب الإنسان وحزن الله عليه
5- يبدأ الإصحاح الثالث بـ "أنا هو الرجل الذى رأى مذلة" وقد تحيَر علماء الكتاب المقدس فى الغرب فى من هو هذا الرجل فمن قائل أنه أرمياء، ومن قال أنه شخصية إعتبارية تتكلم عن أورشليم ومن قال أنه ملك أورشليم صدقيا. ولكن كنيستنا المرتشدة بالروح القدس وجدت ان هذا الرجل هو المسيح ولذلك تقرأ الكنيسة هذا الإصحاح فى نبوات الساعة الثانية عشر من يوم الجمعة العظيمة فى أسبوع الألام. فالكنيسة رأت أن المتألم الحقيقى ليس أورشليم وليس الإنسان بل المسيح الذى حمل أحزاننا وأوجاعنا تحملها (أش4:53) وكأس غضب الله التى كانت فى يد الإنسان أخذها المسيح (أش22:51) وهو قد سبق وقال ليت على الشوك (أش4:27). بل هو الذى كمله الأب بالآلاام (عب10:2) وأرمياء هنا هو لسان الله وهكذا قال لهُ الله "فمثل فمى تكون" (أر19:15) فالنبى هنا فى إحساسه الصادق بالألم، ألام الهوان والإضطهاد ثم ألام الحزن على أورشليم كان لساناً للمسيح الذى كان حزيناً على هلاك البشر وعلى إضطهاد البشر لهُ. وكما أحب المسيح العالم هكذا أحب أرمياء شعبه فإستحق أن يكون لساناً لله. ولنلاحظ أن المسيح لم يضحك أبداً بل كان يبكى.
6- فى العبرية يسمى كل سفر بأول كلمة فيه ولذلك يسمى هذا السفر كيف. أما فى الترجمة اليونانية فتم تسميته بالمراثى. ولكن تسميته كيف معبرة جداً. والسؤال مازال للأن كيف تتحول صورة الله أى الإنسان لهذا الخراب؟ والإجابة... إنها الخطية.
7- كيف يكون النبى لساناً لله "وما معنى فمثل فمى تكون"
حتى يكون النبى لساناً لله يشعر بمشاعره يسمح الله للنبى بأن تمر به ظروف شبيهة ولنأخذ مثال لذلك. حين أراد الله أن يشرح لأبينا إبراهيم فكرة فداء المسيح طلب منهُ أن يُقدم إبنه ذبيحة وهو الإبن الوحيد المحبوب وأحس إبراهيم كأب بمشاعر رهيبة من الألم وهو يصنع هذا ولكن مشاعره هذه كانت مشاعر الآب وإبنه معلق على الصليب ورأى إبراهيم طريقة الفداء لذلك قال السيد المسيح " أبوكم إبراهيم رأى يومى وفرح" ومثال آخر ليشرح الله لهوشع كيف أنه وهو الإله القدوس يقبل أن يرتبط بشعبه وهو خاطىء طلب من هوشع أن يتزوج من إمرأة زانية. فشعر هوشع المتألم المجروح بمشاعر الله.
ولنأتى لأرمياء النبى الباكى المحب لشعبه الذى يصلى ويشفع فى شعبه والذى لم يكف عن إنذار شعبه بالألام القادمة إذا إستمروا فى خطاياهم، حتى يدفعهم للتوبة فلا تأتى هذه الألام. فماذا كان موقف هذا الشعب منهُ؟ لقد ضربوه ووضعوه فى المقطرة مربوط اليدين والرجلين والرقبة وكان هذا أمام المارة الذين يسخرون منهُ وتآمروا على قتله ووضعوه فى جب طين عميق ليموت جوعاً. بل أن أهله تآمروا عليه ليقتلوه وأثاروا ضده إشاعات رديئة وكان هذا بأوامر من رؤساء الكهنة ورؤساء الشعب والملوك والشعب، ومع كل هذا حين خربت أورشليم فمشاعر النبى الرقيقة لم تحتمل وبكى ورثى أورشليم والشعب، لقد صار أرمياء بإحتماله لألامه شريكاً فى صليب المسيح. ألم يكن أرمياء بهذا لساناً لحال المسيح الذى أحبَ شعبه حتى المنتهى وتقدم بصليبه كشفيع لشعبه بدمه فأثاروا ضده شائعات رديئة وحاولوا مرات عديدة أن يقتلوه إلى أن تمت مؤامرة الكهنة ورؤسائهم وصلبوه، وعلى صليبه ووسط ألامه سخروا منهُ. ولكنه ظلَ يشفع فيهم حتى على الصليب وقال " يا أبتاه إغفر لهم " كان المسيح باكياً دائماً ولم يشاهده أحد ضاحكاً أبداً. كان يبكى على قبر لعازر وعلى أورشليم كان رجل أحزان فكان أرمياء بخبراته فى ألامه شاعراً بنفس مشاعر المسيح فكان نطقه ومراثيه هى ما يريد الله أن يقوله. إذاً كانت هذه المراثى هى مشاعر حزن الله على شعبه وفيها نبوة عن ألام المسيح.


الإصحاح الأول

أية 1:- كيف جلست وحدها المدينة الكثيرة الشعب كيف صارت كارملة العظيمة في الامم السيدة في البلدان صارت تحت الجزية.
قارن مع (أش21:1) "كيف صارت القرية الأمينة زانية" ولأنها صارت زانية فهى قد صارت وحدها. فالله فارقها فلا شركة للنور مع الظلمة. ولذلك صارت كأرملة (تيطس خلدَ ذكرى إنتصاره على أورشليم بسك عملة عليها صورة إمرأة جالسة تحت نخلة ومكتوب عليها "أسر اليهودية ") بعد أن كانت عظيمة فى الأمم. فعظمتها كانت راجعة لوجود الله فيها. (زك5:2) والمدينة جلست وحدها فشعبها فى السبى أو هلك موتاً. وحتى ملكها ذهب للسبى. ولاحظ أنها فى حالة إزدهارها لم تكن تتصوَر حدوث كل هذا. هكذا كل خاطىء لا يتصوَر أن كل ما حوله سيتحول إلى خراب بل أن هذا العالم سينتهى قارن مع (أش8:47)، (رؤ7:18) ولاشك أنها وهى ملآنة من الشعب كانت فى فرح، ولكن الخطية تحول الفرح إلى حزن. تحت الجزية = مستعبدة.

أية 2:- تبكي في الليل بكاء و دموعها على خديها ليس لها معز من كل محبيها كل اصحابها غدروا بها صاروا لها اعداء.
من كل محبيها = محبيها هم الأمم الذين كانت أورشليم تنتظر منهم الحماية والذين طالما إتكلت عليهم. فملعون من يتكل على ذراع بشر. وهكذا كل من أفراحه وعزاءهُ من العالم سيَغْدر بهِ العالم ولن يكون هناك سوى البكاء فى الليل فلن يكون هناك نهار.

أية 3:- قد سبيت يهوذا من المذلة و من كثرة العبودية هي تسكن بين الامم لا تجد راحة قد ادركها كل طارديها بين الضيقات.
كل من رفض أن يسوده الله سيصير لهُ سادة آخرين غير الله مثل الشياطين أو الشهوات وهذه تُذل الإنسان. أما من يترك الله يسود عليه يحرره الله. ولنلاحظ ان الخطية تجلب العبودية. وهى تسكن بين الأمم الأن = فهى أى شعبها فى السبى وأورشليم نفسها محكومة ومستعبدة للأمم. وقارن هذه مع "واحدة سألت من الرب وإياها التمس أن أسكن فى بيت الرب كل أيام حياتى لكى أنظر إلى جمال الرب" (مزمور4:27) فالذى حرره الرب من عبودية الخطية يستطيع أن يرى جمال الرب ويفرح. أما من إستعبد نفسه للخطية يُذل هذا الإنسان ساكناً بين الأمم مشابهاً لهم فى أهوائهم. ولا يجد راحة. فمن عاش وسط الخطاة يتعلم طرقهم فلا يجد راحة. وبعد أن تعوَدت أورشليم أن تطرد وتهزم أعدائها ها هى قد أدركها كل طارديها بين الضيقات = أصبحت مهزومة مطاردة ممن أحبتهم. وفى ضيقات كثيرة.

أية 4:- طرق صهيون نائحة لعدم الاتين الى العيد كل ابوابها خربة كهنتها يتنهدون عذاراها مذللة و هي في مرارة.
طرق صهيون نائحة = الطرق التى إعتادت على الشعب فى الذهاب والإياب للهيكل فى أفراحهم وأعيادهم الدينية، أصبحت الأن بلا شعب وبلا أعياد "ها بيتكم يترك لكم خراباً".

أية 5:- صار مضايقوها راسا نجح اعداؤها لان الرب قد اذلها لاجل كثرة ذنوبها ذهب اولادها الى السبي قدام العدو.
صار مضايقوها راساً = أى على رأسها (تث13،44:28) وذلك بسبب خطيتها.

أية 6:- و قد خرج من بنت صهيون كل بهائها صارت رؤساؤها كايائل لا تجد مرعى فيسيرون بلا قوة امام الطارد.
هنا العدو كصياد وأورشليم هاربة من أمامه. فهؤلاء الذين أعطاهم الله كرامة بوجوده فى وسطهم فكان لهم بهاء صاروا محتقرين فى إزدراء، فالله لم يعد فى وسطهم فلم يعد لهم بهاء.

أية 7:- قد ذكرت اورشليم في ايام مذلتها و تطوحها كل مشتهياتها التي كانت في ايام القدم عند سقوط شعبها بيد العدو و ليس من يساعدها راتها الاعداء ضحكوا على هلاكها.
هذه الأية تشبه تماماً قصة الإبن الضال. فهم عاشوا فى وفرة وتنعم والأن يهلكون جوعاً. وهى فى حزنها تذكر كل ما كان لها سابقاً. والله قادر أن يجعلنا نعرف قيمة الشىء بأن نحتاج لهُ.

أية 8:- قد اخطات اورشليم خطية من اجل ذلك صارت رجسة كل مكرميها يحتقرونها لانهم راوا عورتها و هي ايضا تتنهد و ترجع الى الوراء.
هى صارت رجسة بالدم المسفوك (مرا13:4-15) وبوثنيتها (أر23:2) وظلمهم للفقراء هم جعلوا أنفسهم تافهين لذلك إحتقرهم العدو بعد أن كانوا يكرمونهم. لأنهم رأوا عورتها عموماً الخطية تفضح وتُعرى كما حدث مع آدم. وبالنسبة للمدن فهذا التعبير يشير أن العدو تجسس نقاط الضعف فى المدينة (تك11،9:42) هنا النبى يعترف بخطية المدينة وبان العدو عرف نجاساتها التى هى سبب ضعفها. وترجع إلى الوراء = تنهزم أمام أعدائها.

أية 9:- نجاستها في اذيالها لم تذكر اخرتها و قد انحطت انحطاطا عجيبا ليس لها معز انظر يا رب الى مذلتي لان العدو قد تعظم.
نجاساتها فى أذيالها:- اى ملتصقة بها من الأرض فهى لم تَعُدْ سماوية بل أرضية تدنس نفسها ولم تذكر آخرتها = هكذا كل من يخطىء يذكر لذة لحظة الخطية ولكن يجعله الشيطان ينسى آخرة الخطية وهى عبودية وذل وحزن على الأرض وهلاك أبدى بعد الموت. وقد انحطت = بسبب العبودية وليس لها مُعَز = فمنهم من لا يقدر ومنهم من لا يريد فهو شامت فيها. ولكن إذا كان الله لا يُعزى فمن يفعل. ثم دعوى لمراحم الله حتى ينظر لمذلتها.

أية 10:- بسط العدو يده على كل مشتهياتها فانها رات الامم دخلوا مقدسها الذين امرت ان لا يدخلوا في جماعتك.
أعطى الله للإنسان طاقات ومواهب وقوة ولكن بالخطية وعدم التوبة يستعبد الإنسان للشيطان فيبسط يده على كل عطايا الله التى هى مشتهيات النفس. بل يدخل الشيطان لهذه النفس التى كانت مقدساً... قارن مع حادثة شاول الملك "وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روح ردىء من قبل الرب" (1صم14:16). وبالنسبة لأورشليم فالله كان قد منع أن الأمم يدخلون للمقادس أى داخل بيت الله. ولكن الأن هم دخلوا بل خربوا البيت وهدموه. والإنسان هو هيكل الروح القدس ولكن المستعبد للخطية تتحكم فيه الشياطين وهذا ثمن الخطية فالله وحده يعطى بسخاء ولا يعير. ولأن المسيح لم يقبل أى خطية من يد إبليس قال "رئيس هذا العالم آتٍ وليس لهُ فى شىء".

أية 11:- كل شعبها يتنهدون يطلبون خبزا دفعوا مشتهياتهم للاكل لاجل رد النفس انظر يا رب و تطلع لاني قد صرت محتقرة.
مشتهياتهم = الكلمة المستخدمة تعنى الأطفال الأعزاء. فهم دفعوا أطفالهم ليحصلوا على الخبز. لأجل ردَ النفس = أى لتحيا النفس ولا تموت. ولكن " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان "مرة ثانية هذه قصة الإبن الضال. أما " الجياع والعطاش للبر فطوباهم لأنهم يشبعون".

أية 12:- اما اليكم يا جميع عابري الطريق تطلعوا و انظروا ان كان حزن مثل حزني الذي صنع بي الذي اذلني به الرب يوم حمو غضبه.
أما إليكم يا جميع عابرى الطريق = المعنى هل هو لا شىء لكم يا جميع من يشاهدون منظرى هذا. تقولها أورشليم لأصدقائها ليواسوها. ولكن خطايا يهوذا هى التى جلبت عليها هذا الحزن الذى أذلها به الرب يوم حمو غضبه. إذاً فيد الله هى السبب فى كل هذا وهو عادل فيما يصنع. وأنه لشىء مخيف أن يكون سبب الألم هو غضب الله. وهو فى غضبه يسكب ناراً. وكان هذا جزاؤهم العادل على تركهم الرب. ولكن المسيح أحنى رأسه تحت غضب الله هذا وهو البار "الذى لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" فهو رجل الأوجاع وأتصور أن المسيح يردد هذه الكلمات على الصليب. يا كل من تشاهدوننى مصلوباً أحتمل هذه النار لأجلكم اما تهتمون وتقدمون توبة فهذا يُسَكِن ألامى. ولكن من إنغمس فى خطايا العالم لا يكاد يشعر بالام المسيح ولا يشعر أنها لأجله بل هى لا تهمه فى شىء وقد قال أحد الملحدين ساخراً من ألام المسيح، لو أن هناك من يوجعه ألم فى أسنانه أثناء مرور موكب الصلب لما شعر بألام هذا المصلوب والمعنى أنه إن كان المسيح قد تألم فهذا لا يعنينى، تكفينى ألامى أنا الشخصية. ولكن هذا منطق الجاهل الذى لا يعلم ان هذه الألام هى لأجل البشرية ولنا فى تعليق شاعر الهند العظيم طاغور وهو وثنى رداً على ذلك ولكنه رد يدين كل مسيحى مستهتر فقد قال "أنا لا أعلم كيف ينام المسيحيين وهم يعلمون أن لهم إلهاً جاز كل هذه الألام لأجلهم" لقد شرب المسيح كأس غضب الله الرهيبة ليقدم لى كأس الخلاص.

أية 13:- من العلاء ارسل نارا الى عظامي فسرت فيها بسط شبكة لرجلي ردني الى الوراء جعلني خربة اليوم كله مغمومة.
ناراً إلى عظامى = فالله فى حمو غضبه يُرسِل ناراً. ومعنى نار فى العظام شىء يشبه الحمى الرهيبة، حمى غير طبيعية كما لو كانت تحرق. وفى تصوير آخر أن الله أرسل عليها شبكة كلما حاولت الخروج منها تزداد إشتباكا ًفيها. فالعدو ما كان ينجح ضدهم إن لم يبسط الرب شبكته عليهم. وهذه النار التى نزلت على المسيح كانت لتنجينا نحن من نار الأبدية.

أية 14:- شد نير ذنوبي بيده ضفرت صعدت على عنقي نزع قوتي دفعني السيد الى ايد لا استطيع القيام منها.
هذه الأية عن البشر الخطاة وهذا النير من صنع خطايانا فنحن لا نسقط تحت أى نير إن لم يَكُن من صنع خطايانا (أم22:5) وهذا نير ثقيل، أما نير المسيح فخفيف (مت30:11) والنير هو الذى يضعه على الشيطان حين أقبل الخطية من يده. اما لو رفضت وقدمت توبة يرحمنى الله من نير الخطية وأرتبط معهُ هوبنيره فأتحرر من عبودية إبليس.

أية 15:- رذل السيد كل مقتدري في وسطي دعا علي جماعة لحطم شباني داس السيد العذراء بنت يهوذا معصرة.
داسها أعدائها المتكبرين كما يدوسون معصرة عنب ولم يعطها الله قوة لتقوم فهو الذى أراد هذا. ولننظر كيف أن الخطية تضعف القوة = شبانى ومقتدرى رذلوا وتحطموا.

أية 16:- على هذه انا باكية عيني عيني تسكب مياها لانه قد ابتعد عني المعزي راد نفسي صار بني هالكين لانه قد تجبر العدو.
ما الذى جعل العدو يتجبر عليها إلا أن الله إبتعد عنها = إبتعد عنى المعزى. وهو المعزى الوحيد الذى يرد النفس ويعزيها. وحتى كهنتها وشيوخها لا يستطيعون فهم بلا تعزية أيضاً.

أية 17:- بسطت صهيون يديها لا معزي لها امر الرب على يعقوب ان يكون مضايقوه حواليه صارت اورشليم نجسة بينهم.
لطالما خلَص الله يعقوب من مضايقيه، أما الأن فكل هذا بسبب عصيان يعقوب. وهنا صهيون تمديدها لجيرانها، فى يأس تطلب عوناً ولكن إذا إبتعد الله فمن يعزى. بل إن من حواليها إعتبروها كإمرأة نجسة يخجلون من الإقتراب منها. فقد فضح الله خطيتها.

أية 18:- بار هو الرب لاني قد عصيت امره اسمعوا يا جميع الشعوب و انظروا الى حزني عذاراي و شباني ذهبوا الى السبي.
شبانها الذين كانوا أملها الوحيد أن ينقذوها. ذهبوا للسبى. ولكن ها هى تعترف بأن الله بار فى أحكامه ضدها. وتعترف بعصيانها.

أية 19:- ناديت محبي هم خدعوني كهنتي و شيوخي في المدينة ماتوا اذ طلبوا لذواتهم طعاما ليردوا انفسهم.
محبى = هم مصر وأشور. ولكن ويل لمن وضع ثقته فى إنسان. فهو كمن يضع ثقته فى سراب. أما من يضع ثقته فى الله فالله لن يخونه ولن يغشه. وكهنتها وشيوخها ماتوا فهم أيضاً قد إنفصلوا عن الله فصاروا بلا تعزية = إذ طلبوا لذواتهم طعاماً ليردوا أنفسهم المعنى أنهم هم أنفسهم يبحثون عن طريق التعزية ولكن للأسف أين يبحثون فى المدينة = هم كانوا يبحثون عن تعزيات ولذات جسدية لذلك فقدوا التعزية الحقيقية وفاقد الشىء لا يعطيه.

أية 20:- انظر يا رب فاني في ضيق احشائي غلت ارتد قلبي في باطني لاني قد عصيت متمردة في الخارج يثكل السيف و في البيت مثل الموت.
أحشائى غَلَت = أى مشاعرى وأحاسيسى إضطربت. هذا إعتراف بأن ضيقها سببه التمرد.

أية 21:- سمعوا اني تنهدت لا معزي لي كل اعدائي سمعوا ببليتي فرحوا لانك فعلت تاتي باليوم الذي ناديت به فيصيرون مثلي.
العمونيين والموأبيين أعدائها سمعوا ببليتها وفرحوا وشمتوا. وهذا موقف الشيطان من الإنسان. وسيأتى اليوم الذى يصيرون مثلى = هم يذهبون للنار الأبدية أما أولاد الله فهو يفديهم.

أية 22:- ليات كل شرهم امامك و افعل بهم كما فعلت بي من اجل كل ذنوبي لان تنهداتي كثيرة و قلبي مغشي عليه.
إعتراف بذنوبها. وطلب بعقاب أعدائها وهذه نبوة بما سيحدث لهم.


الإصحاح الثانى

فى الأيات الأولى يُظهر ان غضب الله هو المسئول عما حدث (من هنا نفهم أهمية الصليب لنا، إذ نزع غضب الله الرهيب عنا) فالله هو المسئول عن كل ما يحدث (عا6:3) إذاً ما دفع اورشليم للخراب الكلى ليس هو العدو الذى يأتى من خارج متصَرفا بوحى إرادته الذاتية، بل هو الرب نفسه الذى كان قد أقام طويلاً فى وسطها. وتابوت العهد هو موطىء قدميه.

أية 1:- كيف غطى السيد بغضبه ابنة صهيون بالظلام القى من السماء الى الارض فخر اسرائيل و لم يذكر موطئ قدميه في يوم غضبه.
قارن مع ما حدث فى مصر فكان الظلام فى كل مكان ما عدا الأرض التى يسكنها الشعب. اما الأن فالله تركهم لغضبه لذلك هم فى ظلام وهبطوا للأرض بعد أن كانوا فى السماء. ولأن الكنيسة الأن فى وسطها السيد المسيح فهى سماوية تصلى "أبانا الذى فى السموات" وسيرتها هى فى السماويات. وصهيون كانت مشرقة أولاً والأن بعد أن غطاها الظلام بطريقة مخيفة لم تعد قادرة أن ترى وجه الله. وإختفى مجدها وعظمتها. وكان قديماً الله لهم كعمود من نور ينير عليهم وتكون الظلمة على المصريين ولكنه إستدار الأن فصار ضدهم، فصاروا هم فى ظلام. وكانت عبادتهم سابقاً فى هيكلهم ترفعهم للسماء وتجعل لهم مركزاً ممتازاً فى أعين جيرانهم، كل هذا إختفى الأن فالله القاهم للأرض وخَرب هيكلهم فخر إسرائيل وموطىء قدمى الله (1اى2:28) وهذا هو نفس التهديد فى سفر الرؤيا تُبْ... وإلا فإنى آتيك عن قريب وأزحزح منارتك (رؤ5:2) ولاحظ تكرار كلمة غضب فى الأيات 6،3،2،1 لذلك فما أمامنا الأن صورة مخيفة لغضب الله وتأديبه.

أية 2:- ابتلع السيد و لم يشفق كل مساكن يعقوب نقض بسخطه حصون بنت يهوذا اوصلها الى الارض نجس المملكة و رؤساءها.
إبتلع السيد = كانوا قديماً محصنين لأن الله كان سوراً لهم أما الأن فإبتلعهم العدو فهم بلا حماية. وحصونهم نقضها. ونجس المملكة = بدخول الأمم الوثنيين فيها ودوسهم إياها.

أية 3:- عضب بحمو غضبه كل قرن لاسرائيل رد الى الوراء يمينه امام العدو و اشتعل في يعقوب مثل نار ملتهبة تاكل ما حواليها.
عَضب = قطع وأمات كل قرن = القرن رمز للقوة. فهم فى مجتمع رعاة. والرعاة يعرفون أن قرون الكبش هى قوته. رد إلى الوراء يمينه أمام العدو= اليمين رمز للقوة. فالله هو الذى أعطى للعدو سلطاناً ضد أورشليم. هكذا قال السيد لبيلاطس "لم يكن لك سلطان إن لم تكن قد أعطيت من فوق" (يو11:19). وإشتعل مثل نار ملتهبة = النار تحرق طالما وجدت وقوداً والوقود هنا هو الخطية كما إحترقت سدوم من قبل لخطيتها. ونشكر ربنا يسوع الذى أزال هذه العداوة والغضب بدمه.

أية 4:- مد قوسه كعدو نصب يمينه كمبغض و قتل كل مشتهيات العين في خباء بنت صهيون سكب كنار غيظه.
بسبب الخطية تحول الله من صديق إلى عدو يمد قوسه ضد الشعب. ولكن لاحظ قوله كعدو فالله لا يعادى للأبد، بل يؤدب ويظهر فى تأديبه كعدو. كل مشتهيات العين = خيراتها وجمالها.

أية 5:- صار السيد كعدو ابتلع اسرائيل ابتلع كل قصوره اهلك حصونه و اكثر في بنت يهوذا النوح و الحزن.
حين تصبح القصور مكانا للخطية يبتلعها الله أى يُدَمرها.

أية 6:- و نزع كما من جنة مظلته اهلك مجتمعه انسى الرب في صهيون الموسم و السبت و رذل بسخط غضبه الملك و الكاهن.
نزع كما من جنة مظلته = التشبيه هنا هو كما لو كان هناك حارس حديقة لهُ مظلة اى خيمة ولكن حين تنتهى مدة إقامته أو فى الليل ينزع خيمته من أوتادها. والخيمة هنا هى هيكل الرب وحين دنسوه فهو حرمهم منهُ. أهلك مجتمعه = ليس فقط الهيكل بل المجامع ومدارس الأنبياء والكهنة وكل نظامهم وطقوسهم. بل وكرسى داود الملك مسيح الرب. ولاحظ أن من يدنس السبوت والأعياد وأماكن الله المقدسة يحرمه الله منها.

أية 7:- كره السيد مذبحه رذل مقدسه حصر في يد العدو اسوار قصورها اطلقوا الصوت في بيت الرب كما في يوم الموسم.
حين نجسوا مذبح الله بخطاياهم كره الله مذبحة. كما كره رائحة بخورهم (أش13:1) + (عا21:5).
حصر فى يدو العدو أسوار قصورها = أى أسلمها للعدو.

أية 8:- قصد الرب ان يهلك سور بنت صهيون مد المطمار لم يردد يده عن الاهلاك و جعل المترسة و السور ينوحان قد حزنا معا.
مد المطمار = المطمار هو أداة تستخدم فى البناء. ولكن ما معنى إستخدامها هنا فى الهدم، معناه أنه وجد البناء مائلا فهدمه، أى وجد أورشليم خاطئة فهدمها وقد تفهم الآية على أن ضربات الله محسوبة بدقة وليست عشوائية. هو لم يردد يده عن الإهلاك لأنه قصد هذا ولكننا نجد يده تحفظ أرمياء وعبد ملك الكوشى ومساكين الأرض الذين لم يكن لهم دور فى الظلم بل كانوا مظلومين. المترسة = التروس وسائل دفاع فى الحروب، وحين لا تستطيع التروس ولا الأسوار أن تدافع عن الشعب تنوح.

أية 9:- تاخت في الارض ابوابها اهلك و حطم عوارضها ملكها و رؤساؤها بين الامم لا شريعة انبياؤها ايضا لا يجدون رؤيا من قبل الرب.
تاخت فى الأرض أبوابها = أى سقطت ليس لمستوى الأرض فقط بل غاصت فى الأرض كما تغوص رجلا رجل فى الطين فلا يستطيع السير. هكذا فقدت الأبواب وظيفتها. لا شريعة = فلماذا يبقى لهم الله شريعة وهم يحتقرونها. والأنبياء لا يجدون رؤيا = فهم أعطوا أذانهم لصوت شهواتهم وتنبأوا كذباً ولذلك هم لا يسمعون صوت الله الأن. فمن إحتقر نبوات الأنبياء الحقيقيين مثل أرمياء لا يسمعه الله نبوات بعد ذلك. ومن يحتقر خدام الله يحرمه الله من خدامه.

أية 10:- شيوخ بنت صهيون يجلسون على الارض ساكتين يرفعون التراب على رؤوسهم يتنطقون بالمسوح تحني عذارى اورشليم رؤوسهن الى الارض.
قارن هذه الأية بـ (أش16:3). فالشيوخ خلعوا أرديتهم ولبسوا المسوح، خلعوا لباس القضاء وجلسوا فى التراب، لا يقضون لأحد بل هم فى حزن. وياليتهم فعلوا هذا مبكراً.

أية 11:- كلت من الدموع عيناي غلت احشائي انسكبت على الارض كبدي على سحق بنت شعبي لاجل غشيان الاطفال و الرضع في ساحات القرية.
الأحشاء تشير لمركز العواطف وكذلك الكبد، كما يقال اليوم " قلبى يئن على كذا...".
ومع أن خراب أورشليم كان فيه تحرير أرمياء ورفع مكانته إلا أنه لمحبته لشعبه لم يكف عن البكاء.

أية 12:- يقولون لامهاتهم اين الحنطة و الخمر اذ يغشى عليهم كجريح في ساحات المدينة اذ تسكب نفسهم في احضان امهاتهم.
الأطفال يسألون عن الحنطة والخمر = الحنطة ليأكلوا والخمر يداووا به جراحاتهم ولأنه لا حنطة ولا خمر فهم يموتون = تُسكَب نفسهم فى أحضان أمهاتهم. والحنطة والخمر يشيران لجسد المسيح ودمه اللذان يعطيان نمواً للأطفال روحياً وعزاءً وفرحاً وحياة للكل لذلك يقول السيد "من يأكلنى يحيا بى" (يو57:6) لا يوجد سلام وحياة سوى فى الشركة مع المسيح.

أية 13:- بماذا انذرك بماذا احذرك بماذا اشبهك يا ابنة اورشليم بماذا اقايسك فاعزيك ايتها العذراء بنت صهيون لان سحقك عظيم كالبحر من يشفيك.
بماذا أقايسك فأعزيك = كثيراً ما نعزَى إنسان حين نُلم به مصيبة بأن هناك مصائب أكبر من هذه. ولكن النبى هنا لا يجد مصيبة اكبر من مصيبة أورشليم فيعزيها بها. وهى بحسب الفكر البشرى الأن بلا أمل. فسحقها عظيم كأن البحر طغا عليها وغمرها.

أية 14:- انبياؤك راوا لك كذبا و باطلا و لم يعلنوا اثمك ليردوا سبيك بل راوا لك وحيا كاذبا و طوائح.
أنبياؤها الكذبة عوضاً عن أن يدعونها للتوبة رأوا لها طوائح = أى بنبواتهم الكاذبة طوحوا بها بعيداً للسبى. ولو كانوا قد تابوا لما ذهبوا للسبى.

أية 15:- يصفق عليك بالايادي كل عابري الطريق يصفرون و ينغضون رؤوسهم على بنت اورشليم قائلين اهذه هي المدينة التي يقولون انها كمال الجمال بهجة كل الارض.
بعد أن كان لأورشليم شكل مجيد وإسم كبير كانوا يحسدونها عليه، أصبح الأن جيرانها يشمتون فيها ويضحكون عليها ويفرحون بما غنموه منها. وهذا العار إحتمله المسيح عنا فبعد ان أخذ جسداً مخلياً ذاته فى صورة عبد صُلب وفى صليبه قيل عنه نفس هذا الكلام.
راجع (مت39:27-44). وهى كانت كمال الجمال حين كان الله فيها وهكذا كانت فى أعين الأخرين.

أية 16:- يفتح عليك افواههم كل اعدائك يصفرون و يحرقون الاسنان يقولون قد اهلكناها حقا ان هذا اليوم الذي رجوناه قد وجدناه قد رايناه.
هؤلاء الأعداء ظنوا أنهم بقوتهم أهلكوها ولم يعلموا أن السبب هو أن الله أسلمها ليدهم.
بل ظنوا أن هذا هو يومهم الذى ترجوه.

أية 17:- فعل الرب ما قصد تمم قوله الذي اوعد به منذ ايام القدم قد هدم و لم يشفق و اشمت بك العدو نصب قرن اعدائك.
قوة أعداء أورشليم كانت من الرب بل هم سيف الرب. والله سبق وحذرهم بهذا (لا16:26) + (تث 15:28).

الأيات 19،18:- صرخ قلبهم الى السيد يا سور بنت صهيون اسكبي الدمع كنهر نهارا و ليلا لا تعطي ذاتك راحة لا تكف حدقة عينك. قومي اهتفي في الليل في اول الهزع اسكبي كمياه قلبك قبالة وجه السيد ارفعي اليه يديك لاجل نفس اطفالك المغشي عليهم من الجوع في راس كل شارع.
قلب الشعب صرخ ولكنها صرخة حزن وشكوى وليست توبة. لذلك يطلب منهم النبى أن لا يكفوا عن الصلاة والإتجاه إلى الله بالتوبة فهذا طريق الشفاء. اسكبى كمياه قلبك أى صلواتك بدموع بإستمرار ليلاً ونهاراً. يا سور بنت صهيون: إسكبى الدمع هما جملتان بينهما فاصلة. والمعنى أن هدم سور أورشليم أثار عواطف النبى جداً وكأنه فى حزنه يناجيه ياسور بنت صهيون ما العمل لقد فقدنا الحماية فالسور الحقيقى الذى يحمينا هو الله وهو تركنا. فماذا نعمل؟ والرد إسكبى الدمع ليلاً ونهاراً. والله بالتأكيد سيستجيب لأجل اللجاجة. قومى إهتفى فى الليل فى أول الهزع = ساعات النهار 12 ساعة والليل 12 ساعة والليل يبدأ الساعة 6 مساء وينتهى الساعة 6 صباحاً وهو مقسم إلى 4 هزع، الهزيع الأول يبدأ من الساعة 6 إلى الساعة 9 اى ثلاث ساعات وهكذا الباقى كل هزيع 3 ساعات ويسمى الهزيع محرس لأنَ الحراسة تكون ليلاً فى نوبات المحرس الأول والثانى... ألخ.
والمعنى أنه بينما الناس تستعد للنوم إستعدوا أنتم للصلاة وطلب مراحم الله.

أية 20:- انظر يا رب و تطلع بمن فعلت هكذا اتاكل النساء ثمرهن اطفال الحضانة ايقتل في مقدس السيد الكاهن و النبي.
أسوأ ما نسمعه عن المجاعات أن تأكل الأم أطفالها ولكن العقوبة من جنس الخطية ألم يُقدموا أولادهم ضحايا حية للإله مولوك، وكانوا يلقونهم فى النيران أحياء. وكان ما حدث تحقيقاً لنبوة موسى النبى (تث53:28) وهذا ما حدث فى حصار السامرة (2مل29:6).

الأيات 22،21:- اضطجعت على الارض في الشوارع الصبيان و الشيوخ عذاراي و شباني سقطوا بالسيف قد قتلت في يوم غضبك ذبحت و لم تشفق. قد دعوت كما في يوم موسم مخاوفي حوالي فلم يكن في يوم غضب الرب ناج و لا باق الذين حضنتهم و ربيتهم افناهم عدوي.
صورة للهلاك الجماعى. الصبيان والشيوخ مقتولين على الأرض، بل فى داخل المقادس حيث التمسوا الحماية. بل حتى العذارى الذين فى كل معركة كانوا يتركوهن. ولكن هذا قتل جماعى بأمر من الله. وكانوا كذبائح فى يوم مَوْسِم من كثرتهم. فالموت نتيجة الخطية الطبيعية.


الإصحاح الثالث

أية 1:- انا هو الرجل الذي راى مذلة بقضيب سخطه.
أنا هو الرجل = قد يكون هذا الرجل هو أرمياء الذى أذله شعبه وقد يكون هو رَجل صار نموذج للأمة بأن جاءت عليه كل ألامها. ومن يكون هذا الرجل سوى السيد المسيح الذى تحمَل الألام كبديل لنا فرأى مذلة. وتحمل قضيب سخط الآب بدلاً من ان نتحمله نحن.

أية 2:- قادني و سيرني في الظلام و لا نور.
بالنسبة لأرمياء فقد وضعوه فى جُب مظلم. وبالنسبة للشعب فغضب الله عليهم حرمهم من نوره فتخبطوا فى ظلام. فهم كانوا فى مشاكل وزادت هذه المشاكل بسبب تخبطهم وحرمانهم من نور الله وهذا ما يحدث مع كل خاطىء. اما الأية بالنسبة للمسيح فهى نبوة عن دفنه فى قبر بعد موته.

أية 3:- حقا انه يعود و يرد علي يده اليوم كله.
رأى المسيح طوال مدة حياته ألام كثيرة أما يوم الصليب فهو غالباً المقصود بقوله اليوم كله.

أية 4:- ابلى لحمي و جلدي كسر عظامي.
يشبه ألامه اليهودية هنا رجل عجوز جلده مجَعدْ بلا أمل فى إصلاح، بل أن عظامه قد تكسرت فلا يستطيع القيام لمساعدة نفسه. لم يعُد هناك شىء سليم فى جسد هذه الأمة. وبالنسبة للمسيح فقد جُلد وجُرح فى كل جسمه وتألمت عظامه. حقاً لم يكسر منه عظم لكن الألام التى رآها جعلته غير قادر على أن يتحامل على نفسه فأتوا لهُ بمن يحمل معهُ الصليب (مرا13:1).

أية 5:- بنى علي و احاطني بعلقم و مشقة.
بنى علىَ = بالنسبة لأورشليم فالكلمة تعنى حاصرنى فالمدينة حوصرت حتى سقطت. وقد حاصرها الملك بالمخاوف وبأعدائها. وبالنسبة لأرمياء فقد حاصره الجميع، الملك والكهنة ورؤساء الكهنة والشعب والأنبياء الكذبة واهله فكان رمزاً للمسيح الذى أحاط به الكل يعادونه حتى صلبوه.

أية 6:- اسكنني في ظلمات كموتى القدم.
هذه أية واضحة كنبوة عن قبر المسيح (مى8:7) وبالنسبة لبنى إسرائيل فهم الذين إختاروا الظلام أولاً فحرمهم الله من نوره وهذا ما يحدث مع كل من يختار طريق الخطية.

أية 7:- سيج علي فلا استطيع الخروج ثقل سلسلتي.
حُكم الله على أورشليم كان لا رجعة فيه لخطاياها والتصوير هنا أنها مقيدة بسلاسل كمجرم حتى لا يستطيع الهرب من الحكم ضده. وهكذا إقتادهم الكلدانيين مربوطين بسلاسل سبايا إلى بابل. وبالنسبة للمسيح حمل هو عنا هذه السلاسل الأبدية أو الموت ليعطينا الحرية.

أية 8:- ايضا حين اصرخ و استغيث يصد صلاتي.
بالنسبة للخاطىء قد يطلب التوبة بدموع ولا يجدها لأنه طلبها متأخراً مثل عيسو وبعد أن يكون قرار الله بالعقوبة قد صدر وبالنسبة للمسيح فقد قال "إن أمكن تعبر عنى هذه الكأس" ولكن كان يجب أن يشربها حتى لا نشربها نحن.

أية 9:- سيج طرقي بحجارة منحوتة قلب سبلي.
بالنسبة للخاطىء الذى رفض السير فى طريق الله يعوق الله طريقه ويمنعه من الهرب من أحكامهُ.

أية 10:- هو لي دب كامن اسد في مخابئ.
الدب والأسد هما أخطر وأقوى أعداء الإنسان. والمعنى صار الله كعدو لى، يتربص بى وفى هذه الأيات نجد صدى لها فى صرخة المسيح "إلهى إلهى لماذا تركتنى" فألام المسيح كانت حقيقية.

أية 11:- ميل طرقي و مزقني جعلني خرابا.
ميل طرقى = بدد كل مشوراتى وأفسد خططى.

أية 13،12:- مد قوسه و نصبني كغرض للسهم. ادخل في كليتي نبال جعبته.
هذه تشير للموت.

الأيات 15،14:- صرت ضحكة لكل شعبي و اغنية لهم اليوم كله. اشبعني مرائر و ارواني افسنتينا.
فى الأيات (13،12) المعنى أن الله قصد موت المسيح ولكن هنا تشرح الأيات أنه كان موتاً صعباً فالشعب يهزأ به (مت39:27-44). وفى عطشه سقوه خلاً ممزوجاً بالمر.

الأيات 17:16:- و جرش بالحصى اسناني كبسني بالرماد. و قد ابعدت عن السلام نفسي نسيت الخير.
تصوير للألام الشديدة غير المحتملة وكأن الله سمح بأن يضع لهُ حصى يأكله بأسنانه والرماد يوضع على الرأس علامة الحزن على ميت. والحالة كما تصوَر فى أية (17) يائسة جداً بلا امل.

أية 18:- و قلت بادت ثقتي و رجائي من الرب.
المعنى أن لا أمل ان يسمع الرب صوتى فهو لن يستجيب لى وهو لا يشعر باى تعزية أو تشجيع من الله. هذا رأى البشر حين يقعون فى تجربة أليمة، لكن مراحم الله بلا نهاية وقلت = كنت أظن.

الأيات 20،19:- ذكر مذلتي و تيهاني افسنتين و علقم. ذكرا تذكر نفسي و تنحني في.
ذكر ألامه مر كالإفسنتين والعلقم. بل كل ما يذكر ألامه تنحنى نفسه (مز5،1:137) "هذه الأيات واضح أنها نبوءة بألام المسيح وموته لذلك تقرأ الكنيسة هذا الإصحاح فى نبوات الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة من البصخة المقدسة وهى ساعة دفن المسيح".
ومن الأية 21 حتى الأية 36 تبدأ السحب تنقشع فبعد أن ساد الجزء الأول من الإصحاح نغمة الحزن، بدأت هنا نغمة الرحمة وبدأ يوجد رجاء فيما هو آتٍ. فموت المسيح ودفنه هو بداية الرجاء وهو أعلى درجات مراحم الله وكنيستنا بطقوسها الرائعة ترتدى السواد والملابس التى تشير للحزن حتى الساعة الثانية عشرة فتبدأ فى خلع ملابس الحزن هذه.

الأيات 21-23:- اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك.
مهما كان قضيب الله شديداً فإن من إحساناته اننا لم نفن. ومهما بدت الأمور سيئة فأكيد كان هناك الأسوأ الذى نشكر الله أننا لم نصل إليه. فعلينا فى ضيقاتنا أن لا نذكر فقط ما هو ضدنا بل ان نذكر ما هو ليس ضدنا لنشكر الله عليه. وإذا إضطهدنا الناس نشكر الله الذى لم يتركنا بمراحمه. ونشكر الله على كل الضيقات فهى للتنقية ولكنها لا تحرق وتفنى. والأيات هنا تشير أنهم مازالوا فى عمق أحزانهم يختبرون رقة ومحبة المراحم الإلهية. وقد سبق وإشتكى أن الله لم يشفق (21،17:2) وها هو يُعلن أن مراحم الله لا تتوقف وهى جديدة كل صباح. هو بدأ بالألام وينتهى بالمراحم فالألام ليست نهاية كل شىء. والصليب هو قمة المراحم.

الأيات 25،24:- نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه.
نصيبى هو الرب = فنصيبى فى العالم سيزول يوماً ما أما نصيبى فى الرب فلن يزول للأبد وحينما يفشل المال والإنسان يبقى الرب دائماً (مز26:73). الله سيبقى للأبد فرح شعبه وكفايتهم لذلك علينا أن نختاره ونعتمد عليه فلو فقدت كل مالى فى العالم من أفراح وثروات بل الحياة ذاتها فلن أفقد شيئاً إذا كان نصيبى هو الرب. فعلينا أن ننتظر الرب بإيمان ونفتش عليه بالصلاة.

أية 26:- جيد ان ينتظر الانسان و يتوقع بسكوت خلاص الرب.
من يفعل ذلك يجد هذا جيد. فلنقل بإيمان "لتكن مشيئتك".

أية 27:- جيد للرجل ان يحمل النير في صباه.
النير بالنسبة للشعب هو السبى وبالنسبة لأى إنسان متألم هو ألمه وصليبه وإذا إحتمل الإنسان النير بصبر فهو يحتمل تأديب الله ويكون إبناً لهُ فيستفيد من التأديب. فوراء كل ألم وكل تأديب مراحم من الله. وعلى كل إنسان أن يبدأ فى شبابه فى حمل وصية المسيح وهذا جيد للأنسان ليشب متواضعاً وجاداً ولا يكون كثور غير مروَض على تحمل النير. وإذا سمح الله بألم يكون هذا نير على الإنسان يستفيد من بركاته لو لم يشتكى للناس بل يحتمله فى صبر.

أية 28:- يجلس وحده و يسكت لانه قد وضعه عليه.
فالشكوى للناس تضاعف الألم. فلنشتكى لله وحده فهو القادر أن يعطى عزاء وإحتمال.

أية 29:- يجعل في التراب فمه لعله يوجد رجاء.
يجعل فى التراب فمه = أى يتضع ويعترف بأن خطيته هى السبب فى ألمه ولا يبرر نفسه بل يعترف بأنه يستحق ما هو فيه ولا يستحق شيئاً حسناً من الله. بذلك نستفيد من التجربة.

أية 30:- يعطي خده لضاربه يشبع عارا.
هناك أدوات لتنفيذ مشيئة الله فالباًبليين كانوا أدوات الله لتأديب الشعب وكان على الشعب أن يتضح أمامهم ويطيعهم فهم سيف الله. وبروح متسامحة يدير خدَهُ لهم. بهذا يستفيدون من النير. "والسيد المسيح صنع هذا كله فى ألامه كشاة تساق للذبح".

الأيات 32،31 :- لان السيد لا يرفض الى الابد. فانه و لو احزن يرحم حسب كثرة مراحمه.
الله سيعود بالمراحم على شعبه ويعطيه عزاء وهو لن يرفض للأبد بل هو الذى يجرح ويعصب يضرب ويجبر (هو1:6) وهو يعطى بحسب مراحمه وليس لإستحقاقنا. فلنقبل التأديب بصبر.

أية 33:- لانه لا يذل من قلبه و لا يحزن بني الانسان.
الله لا يريد أن يحزن الإنسان وإن أحزنه لا يُسر بهذا فهو ليس من قلبه. ولكن هذا لصالح الإنسان. فهو يعاقب ويؤدب من مكانه على كرسى الرحمة وهو فى كل ضيقنا تضايق.

الأيات34-36:- ان يدوس احد تحت رجليه كل اسرى الارض. ان يحرف حق الرجل امام وجه العلي. ان يقلب الانسان في دعواه السيد لا يرى.
مع أن الله يستخدم أدوات لتأديباته مثل ملك بابل الطاغية إلا أن قلبه لا يرضى بأساليبهم فملك بابل أبى أن يطلق الأسرى والله لا يسر بهذا ولكن يرى الله أن هذا هو الطريق لخلاص شعبه من وثنيتهم. مثل أب يحمل إبنه للطبيب ليجرى لهُ عملية تنقذ حياته فهو كان لا يود أن يجعله يتعذب ولكن هذا ثمناً لحياته. ومع ان وحشية هؤلاء الأشرار تحقق غرض الله فلا يفهم من هذا أن الله يشجعهم على ذلك. فهو لم يشجع اليهود على صلبه. وهو لا يرضى بأن يدوس طاغية أسراه (34) ولا أن يعتدى أحد على شعبه بإسم القانون وبإسم العدالة وهى مزيفة. وذلك معنى أن يُحرفوا حق الرجل (35) فلا يستطيع أن يعرف أحد حقوقه أو أن يصل لها. ولا يسر الله أن تُحرف قضية إنسان ويحكم عليه زوراً (36) وعلى هؤلاء الذين يظلمون ويتصورون أن السيد لا يرى أن يعرفوا أن الله فوقهم جميعاً وهو يستفيد من ظلمهم لتصحيح أو ضاع شعبه ولكنه سرعان ما سيتصرف مع الظالم ويحاسبه. والله لا يؤدب لكى يُسر. بل لنكون شركاء فى قداسته. وهو أحن من أن يضع على كاهلنا حملاً لا لزوم لهُ، ولكنه أقدس من أن يُلغى جلدة واحدة فهو لا يطيق الإثم.

أية 38،37:- من ذا الذي يقول فيكون و الرب لم يامر. من فم العلي الا تخرج الشرور و الخير.
يجب أن نرى يد الله فى كل الألام التى تقع بنا بسماح منهُ (يو11:19) فهذا يُساعد على تهدئة نفوسنا بل وتتقدس الألام فينا. فنحن لسنا فى يد إنسان بل يد الله. وأى إنسان لهُ سلطة علينا لم تكن لهُ هذه السلطة إن لم تكن من فوق ولخيرنا. فالأمور كلها تعمل للخير لمن يحبون الله.

أية 39:- لماذا يشتكي الانسان الحي الرجل من قصاص خطاياه.
علينا أن لا نتشاجر مع الله بسبب ألامنا وأن نعترف أنها بسبب خطايانا. فعلينا أن نحتمل فى صبر فالله بار ويتبرر فى كل ما يعمله. وبدلاً من الشكوى علينا ان نتوب. فعلينا إذن أن نجلس ونتساءل لماذا سمح الله بهذا الألم. فلكى يصطلح الله معنا علينا أن نقبل مشيئته المقدسة.

أيات 41،40:- لنفحص طرقنا و نمتحنها و نرجع الى الرب. لنرفع قلوبنا و ايدينا الى الله في السماوات.
لنفحص حياتنا فى نور إرشاد الروح القدس ولا نخضع لشهواتنا فى الحكم فنبرر أنفسنا وندين الله. وإذا كانت هناك كارثة عامة فلا يجب أن نلقى الذنب على الآخرين بل لنفحص ذواتنا ونعرف نصيبنا فى هذه الكارثة ولو أصلح كل واحد نفسه لإنصلح حال الجميع. ويكون الطريق الوحيد أمامنا فى الضيقة لا أن نشتكى للناس بل نرفع القلب واليدين لله ونصلى.

الأيات 42-54:- نحن اذنبنا و عصينا انت لم تغفر. التحفت بالغضب و طردتنا قتلت و لم تشفق. التحفت بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة. جعلتنا وسخا و كرها في وسط الشعوب. فتح كل اعدائنا افواههم علينا. صار علينا خوف و رعب هلاك و سحق. سكبت عيناي ينابيع ماء على سحق بنت شعبي. عيني تسكب و لا تكف بلا انقطاع. حتى يشرف و ينظر الرب من السماء. عيني تؤثر في نفسي لاجل كل بنات مدينتي. قد اصطادتني اعدائي كعصفور بلا سبب. قرضوا في الجب حياتي و القوا علي حجارة. طفت المياه فوق راسي قلت قد قرضت.
لنلاحظ أن طول مدة التجربة فيها غواية من الشيطان ان الله لا يسمع صلواتنا. فهو هنا عاد ليشتكى من ألامهم ويعترف ان ذنوبهم هى السبب. ولكن النبى هنا يسلك المسلك الصحيح فهو يشتكى لله وليس للناس ثم إنه ينسب الألم لذنوبهم. غير أن طريقة البشر غير طريقة الله. فالله غير مطالب بأن يستجيب مباشرة بعد الصلاة، فهو وحده الذى يعرف متى يكون الوقت مناسباً حتى تؤتى التجربة ثمارها وإلا أصبحت بلا فائدة. ولا يجب أن يكون طول أناة الله فى حل المشكلة ودعاة لنا أن نتصور أن الله يعبس بوجهه لنا أو أنه لا يسمع لنا أولاً يشفق علينا لأن أعدائنا مازالوا مسيطرين على حياتنا. أنت لم تغفر = الله يغفر بمجرد أن نقدم توبة ولكن لا يرفع التجربة فوراً حتى ينصلح الداخل. والأيات (45-54) فيها تصوير أليم لألامهم الناتجة عن خطاياهم وسخرية أعدائهم منهم (1كو13:4) ولكن هذه صورة واضحة أخرى لألام المسيح الذى سخر منهُ الشعب فى ألامه وهو الذى فى وسط ألامه بكى على بنات أورشليم = عينى تؤثر فى نفس لأجل كل بنات مدينتى. وهو الذى أصطاده أعداؤه كعصفور برىء بلا ذنب ثم صلبوه ودفنوه = قرضوا فى الجب حياتى. ثم فى (54) طفت المياه فوق رأسى، هذه صورة تصويرية للموت. وفى (50،49) آية تعلمنا أن لا نكف عن الصلاة حتى يستجيب الرب. أى نصلى بلا إنقطاع.

الأيات 55-66:- دعوت باسمك يا رب من الجب الاسفل. لصوتي سمعت لا تستر اذنك عن زفرتي عن صياحي. دنوت يوم دعوتك قلت لا تخف. خاصمت يا سيد خصومات نفسي فككت حياتي. رايت يا رب ظلمي اقم دعواي. رايت كل نقمتهم كل افكارهم علي. سمعت تعييرهم يا رب كل افكارهم علي. كلام مقاومي و مؤامرتهم علي اليوم كله. انظر الى جلوسهم و وقوفهم انا اغنيتهم. رد لهم جزاء يا رب حسب عمل اياديهم. اعطهم غشاوة قلب لعنتك لهم. اتبع بالغضب و اهلكهم من تحت سماوات الرب.
نلاحظ فى هذا الإصحاح صراع بين مشاعر النبى وإيمانه وهذا الصراع يعتمل فى نفسه بين ألامه ومخاوفه من ناحية ورجاؤه من ناحية أخرى. فهو كان يشتكى فى الأيات السابقة ثم هنا نجد الرجاء ينتصر وهو يعزى نفسه هنا بخبراته السابقة فى مراحم الله وصلاحه فبالرغم من الألام الحالية فهو يصلى حتى وهو فى جب سفلى وهذا حدث مع أرمياء فعلاً وحدث من يونان فى بطن الحوت. وإذا كانت الصلاة هى صلة مع الله، فالمسيح فى قبره لم تنقطع صلته بالله فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وفى (56) لا تستر أذنك عن زفرتى = أى تنفس لأننا فى صلاتنا نتنفس تجاه الله. فالصلاة هى تنفس الإنسان الجديد فينا. الإنسان الروحى الذى فى شهيقة يتنفس مراحم الله وشفقته. وزفيره تسبيح الله وشكره. وفى (57) الله يستجيب لصلاته بأن يسكت مخاوفه وفى (58) خصوماتنا هى مع إبليس. فهذه الأية بداية الوعد بالفداء بأن المسيح إلهنا هو الذى سيخاصم إبليس ويدحره ويفك حياتنا ويحررنا وفى (59) الله العادل الذى يرى ان الشياطين خدعتنا وأسقطتنا هو سيقيم دعواى كمحامى لأنهم ظلمونا. ومن (60-63) تظهر نقمة الشياطين وتعييرهم ورمز لذلك أعمال البابليين ضد شعب الله ومعهم الأدوميين والعمونيين.... الخ. وربما أن هؤلاء ألفوا أغنية هزلية تسخر من الشعب فى ألامه ولكن هذه سخرية الشيطان منا بعد أن يوقعنا فى خطية. وهنا بروح النبوة يطلب الإنتقام من الأعداء ولكن هو فى الحقيقة يشرح فعل الصليب ضد الشياطين (64-66) غشاوة قلب = أى حزن فى قلوبهم وضلال فى قلوبهم وسيحيطهم غضب الله من كل ناحية ولعنته وهلاكه ضدهم (كولوسى 15،14:2).


الإصحاح الرابع

الأيات 2،1 :- كيف اكدر الذهب تغير الابريز الجيد انهالت حجارة القدس في راس كل شارع. بنو صهيون الكرماء الموزونون بالذهب النقي كيف حسبوا اباريق خزف عمل يدي فخاري.
الذهب رمز للسماويات. وهكذا خلق الله الإنسان وهكذا أراد الله لأورشليم وشعبها أن يكون أراد الله للإنسان أن يكون صورته وأن يكون حجارة مقدسة يبنى بها هيكله. ولكن الخطية جعلت هذا الإنسان يهبط للأرض وصاروا بدلاً من الذهب، أباريق خزف. وكانوا أنقى أنواع الذهب = الإبريز الجيد فإكدروا أى دخل فيهم شوائب كثيرة من العالم بل الحجارة المقدسة ملقاة فى رأس كل شارع بعد أن خرب الهيكل. فحين يغادر الله هيكله لا عجب أن يحدث هذا كله. ونحن الأن هيكل الله وهذا معنى من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17:3) إذن لنقرأ هذه الأيات وفى أذهاننا نرثى لكل من إبتعد عن الله وليس أورشليم فقط.

الأيات 3-5:- بنات اوى ايضا اخرجت اطباءها ارضعت اجراءها اما بنت شعبي فجافية كالنعام في البرية. لصق لسان الراضع بحنكه من العطش الاطفال يسالون خبزا و ليس من يكسره لهم. الذين كانوا ياكلون الماكل الفاخرة قد هلكوا في الشوارع الذين كانوا يتربون على القرمز احتضنوا المزابل.
الله هو الذى يشبع ومن إبتعد عن الله يصبح فى مجاعة وهنا تصوير للمجاعة أن الأمهات لا يرضعن أطفالهن بينما بنات أوى يرضعن أطفالهن. أطبائها = ثدييها. فصارت الأمهات كالنعام = يترك بيضه بلا رعاية فى الصحراء (أى14:39). ولكن الأمهات لا يرضعن أطفالهن فهى ليس لهم ما يعطينه لأطفالهن. والصورة هنا هى صورة الإبن الضال الذى أصبح فى مجاعة. ولكن المجاعة الروحية أشد وأقسى حين يفتقر الناس لكلمة الله وتعزيته.
(يتربون على القرمز = أى لهم حياة الملوك، فالقرمز هو ليس الملوك).

أية 6:- و قد صار عقاب بنت شعبي اعظم من قصاص خطية سدوم التي انقلبت كانه في لحظة و لم تلق عليها اياد.
عقاب سدوم أسهل فهم هلكوا فى لحظة ولم يعانوا حصاراً ولا جوعاً. والسبب أن أورشليم كان لها ناموس هيكل وكهنة وشريعة وأنبياء والله فى وسطها لذلك عقابها كان أشد.

أية 7:- كان نذرها انقى من الثلج و اكثر بياضا من اللبن و اجسامهم اشد حمرة من المرجان جرزهم كالياقوت الازرق.
نُذرها = أى النذيرين الذين ينذرون أنفسهم لله. هؤلاء كانوا أنقياء كالثلج. وكان لهم حيوية = أجسامهم أشد حمرة = هذه مثل حبيبى أبيض وأحمر (نش10:5) فالله يعطى نقاوة وحياة (تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج). والأن هذا عمل دم المسيح (رؤ14:7) الذى يجعل أيضاً حياتنا سماوية = جرزهم كالياقوت الأزرق = اى لمعانهم. فحياة أولاد الله لها لمعان سماوى.

أية 8:- صارت صورتهم اشد ظلاما من السواد لم يعرفوا في الشوارع لصق جلدهم بعظمهم صار يابسا كالخشب.
ماذا تفعل الخطية؟ هذه صورة عكسية للآية السابقة = النور يتحول لظلمة والحياة إلى موت.

أية 9:- كانت قتلى السيف خيرا من قتلى الجوع لان هؤلاء يذوبون مطعونين لعدم اثمار الحقل.
صورة للمجاعة فالحقل لا يثمر وذلك لأنه مداس من الأمم. وأرض حياتنا أوديست من العالم تموت.

الأيات 10-12:- ايادي النساء الحنائن طبخت اولادهن صاروا طعاما لهن في سحق بنت شعبي. اتم الرب غيظه سكب حمو غضبه و اشعل نارا في صهيون فاكل اسسها. لم تصدق ملوك الارض و كل سكان المسكونة ان العدو و المبغض يدخلان ابواب اورشليم.
من قدموا أولادهم ضحايا وبخروا لملكة السماوات يصبحوا قادرين على ذلك بل هذا هو عقابهم (رو26:1) نزع الرحمة من قلوبهم وكل كرامة إنسانية تفارقهم ويكمل خرابهم بخراب أورشليم الذى كان مذهلاً لدرجة أن ملوك الأرض لم يُصدقوا إقتحام أسوار أورشليم مدينة الرب فكان ظن الملوك أن أورشليم لا يقدر أحد على دخولها لمناعة أسوارها ولأن الله القدوس ساكن فيها. ولكن الله غادرها فدمرت وهكذا سيحرق الله العالم كله لخطيته (تث22:32).

الأيات 13-20:- من اجل خطايا انبيائها و اثام كهنتها السافكين في وسطها دم الصديقين. تاهوا كعمي في الشوارع و تلطخوا بالدم حتى لم يستطع احد ان يمس ملابسهم. حيدوا نجس ينادون اليهم حيدوا حيدوا لا تمسوا اذ هربوا تاهوا ايضا قالوا بين الامم انهم لا يعودون يسكنون. وجه الرب قسمهم لا يعود ينظر اليهم لم يرفعوا وجوه الكهنة و لم يترافوا على الشيوخ. اما نحن فقد كلت اعيننا من النظر الى عوننا الباطل في برجنا انتظرنا امة لا تخلص. نصبوا فخاخا لخطواتنا حتى لا نمشي في ساحاتنا قربت نهايتنا كملت ايامنا لان نهايتنا قد اتت. صار طاردونا اخف من نسور السماء على الجبال جدوا في اثرنا في البرية كمنوا لنا. نفس انوفنا مسيح الرب اخذ في حفرهم الذي قلنا عنه في ظله نعيش بين الامم.
هذه الأيات تنظر لأحداث قريبة هى خطايا الكهنة والأنبياء الكذبة الذين سفكوا وتسببوا فى سفك دماء بريئة كثيرة وبروح النبوة تنظر لأحداث صلب الكهنة للمسيح وسفك دمه وهو البار (13) فالذى أثار الجماهير ضد المسيح كانوا هم هؤلاء الكهنة أيضاً. وصرخ الشعب دمهُ علينا وعلى أولادنا " فكان القادة عميان وقاد هؤلاء القادة العميان الشعب فهم عميان قادة عميان (14) فهم نجسوا أنفسهم بالدم البرىء دم القديسين من هابيل الصديق لدم ذكريا إبن براخيا لدم الأطفال المسفوك كذبيحة للأوثان وإنتهوا بدم المسيح نفسه. لذلك صاروا نجاسة فى العالم كله (14-16) صاروا مشتتين فى العالم كله. ورذلهم العالم كله ما يقرب من 2000 سنة تحقيقاً لهذه النبوة ولم يحترم العالم لا شيوخهم ولا كهنتهم. وكانوا سخرية العالم كله. وسيعرف العالم أن الله طردهم من كنعان كما طرد الكنعانيون قبلهم بسبب نجاساتهم هذه وهى سفك الدم البرىء. وفى (17) هم كانوا فى بليتهم يرجون عون مصر باطلاً وهم فى حصارهم كانوا ينتظرون فى أبراج المراقبة من يأتى ليخلصهم من حصار بابل ولكن بلا أمل حتى كلت أعينهم من إنتظار هذه المعونة. وهم حتى الأن ما زالوا ينتظرون المسيح ليأتى ويعينهم ولكنه إنتظار باطل فالمسيح قد أتى. وهم فى برجهم أى خلال كتبهم أى الكتاب المقدس بنبواته التى تشهد بأن المسيح آتٍ. هم لهم البرج أى الكتاب المقدس (العهد القديم طبعاً) ومن خلالهُ ينظرون وينتظرون ان يأتى المسيح الموعود به ولكن باطلاً فهو قد أتى ولذلك كلت عيونهم. وهم ينظرون أمة لا تخلص = هم الأن يتصورون أن تكوينهم دولة اى أمة سيخلصهم بدون الإيمان بالمسيح ولكنها دولة لا تخلص.
أية (18) لأنهم خدعوا أنفسهم ورفضوا المسيح الحقيقى فسيخدعهم إبليس = نصبوا فخاخاً وسيرسل لهم من يدعى أنه المسيح ولكنه هو الذى يُكمل نهاية من لم يؤمن بالمسيح إبن الله. قربت نهايتنا وكملت أيامنا = فهذه الأحداث مرتبطة بنهاية الأيام. هم خدعوا أنفسهم لذلك فمن السهل أن يخدعهم عدو الخير. ومن ينخدع ويسير وراء هذا المسيح الكاذب يكمل كأس غضب الله عليه ومن يرجع ويؤمن بالمسيح إبن الله ستكون لهُ حياة. وأما تفسير الأية على المدى القريب فالباًبليين نصبوا فخاخاً ومجانيق (قاذفات أحجار) ضد أورشيم لينهوا مقاومتها. وكانت حين تنصب هذه الأحجار يصبحون غير قادرين على السير فى ساحات المدينة. آية (19) عقب ثغر سور المدينة أنقض عليهم البابليون أسرع من النسور فلم يستطيعوا الهرب ومن هرب للجبال لحقوا به. وفى (20) حتى ملكهم الذى قالوا عنه فى ظِله نعيش. أخذ فى حفرهم = قد يعنى هذا الملك صدقيا الذى أمسك به ملك بابل وكان أملهم أن يعيشوا تحت حمايته وحكمه وسط الأمم ولكن هذا الأمل ذهب عنهم. ولكن هذه الأية تنظر أيضاً لأحداث بعيدة. فمسيح الرب تشير للمسيح إبن الله وهو نفس أنوفهم الذى كانوا ينتظرونه كملك يعطيهم ملكاً وسط العالم ولكنهم صلبوه فأخِذَ فى حفرهم. وتعبير "نفس أنوفنا" هو تعبير كنعانى فيه مبالغة يستخدم لوصف الملوك. وأيضاً هناك تعبير آخر يستخدم عن الملوك وهو الظل وقد وُجد التعبيران فى الإصطلاحات الكنعانية وأيضاً عن رمسيس الثانى فرعون مصر. ولكن المعنى أن الشعب اليهودى ينتظر المسيح المخلص بشوق يصل أن يصبح نفس أنوفهم، فهم يتنفسون هذا الإشتياق صباحاً ومساءً ولكن على المدى القريب قد يكون صدقيا هو نفس أنوفهم ليعيشوا تحت حكم بابل فى سلام.

أية 21:- اطربي و افرحي يا بنت ادوم يا ساكنة عوص عليك ايضا تمر الكاس تسكرين و تتعرين.
إذا كانت أية (20) تحدثنا عن أن مسيح الرب قد دُفن فنهاية إبليس أصبحت حتمية. والأية (21) تستعمل أسلوب رمزى للحديث عن إبليس فتستخدم إسم آدوم وذلك للعداوة التقليدية بين آدوم
(عيسو) ويعقوب (شعب الله). فآدوم كانت فَرحَة فرحة شامتة فى خراب إسرائيل وأورشليم وهذا يزيد من ألام اليهود. ولكن النبى هنا بأسلوب تهكمى يقول لأدوم إطربى وإفرحى = فكأس آلامك قادم وسيخربك ملك بابل كما خرب أورشليم. وستسكر وتتعرى من هذا الكأس = أى ستتخبط فى كل مشوراتها وتفتضح مؤامراتها ضد شعب الله. وهكذا مع الشياطين فقد فضح الله كل مؤامراتهم وعداوتهم للبشر، وأفشل كل مؤامراتهم وخططهم لهلاك أولاده.

أية 22:- قد تم اثمك يا بنت صهيون لا يعود يسبيك سيعاقب اثمك يا بنت ادوم و يعلن خطاياك.
قارن مع (أش2:40) قد تم إثمك يا بنت صهيون = بالفداء سامح الله شعبه ولا يعود إبليس يسبيه فقد دفع الله الثمن من دمه ليحررنا. وسيعاقب إثمك يا بنت آدوم = أما الشيطان فسيفضحه الله ويعاقبه عقاب أبدى فى البحيرة المتقدة بالنار بلا أمل فى نجاة.


الإصحاح الخامس

أية 1:- اذكر يا رب ماذا صار لنا اشرف و انظر الى عارنا.
هذا الإصحاح إصحاح صلاة وتضرع، أحزين أحد بينكم فليصلى ويسكب شكواه أمام الله فيكون لهُ عزاء بعد أن يترك الموضوع فى يدى الله وهكذا فعل النبى هنا.

أية 2:- قد صار ميراثنا للغرباء بيوتنا للاجانب.
ميراثنا = هى أرض كنعان التى أعطاها لهم الله كنعمة (يش28:24) + (تث21:4) وعلى كل خاطىء إمتلك الشيطان منهُ جزءاً أن يصلى ويتضرع لله حتى يمحو هذا العار.

أية 3:- صرنا ايتاما بلا اب امهاتنا كارامل.
حالتهم صارت كالأيتام والأرامل = أى عاجزين عن حماية أنفسنا فالله فارقنا وملكنا فى السبى وأولادنا وشباننا قتلوا "أنظر يارب إلى ضعفى وذلى ومسكنتى ونجنى".

أية 4:- شربنا ماءنا بالفضة حطبنا بالثمن ياتي.
نقص الماء يشير لإنعدام التعزية وأفراح الروح. ولكن فلنلاحظ أنهم تركوا الله ينبوع الماء الحى وذهبوا لينقروا لأنفسهم أباراً مشققة لا تضبط ماء" هم تركوا الله الذى عنده التعزية الحقيقية وذهبوا للعالم يبحثون عنده على ملذاتهم والشيطان دائماً يقنع الإنسان بأن العيشة مع الله مكلفة وسيعيش الإنسان مع الله فى حياة جافة ويعرض الشيطان على الإنسان ملذات كثيرة تقنعه فى أول الطريق. ولكن بعد أن يفقد الإنسان كل شىء، يجد أن تكلفة ملذاته هذه كبيرة فهى كلفته كل عمره بل وأبديته. هذا معنى شربنا ماءنا بالفضة (قارن مع أر13:2).

أية 5:- على اعناقنا نضطهد نتعب و لا راحة لنا.
على أعناقنا = هذا هو نير العبودية. فمن وضع عنقه تحت يد الشيطان يشعر بثقل هذا النير. ولا يجد راحة = فلا راحة سوى مع المسيح الذى يحمل عنا أثقالنا ونيره هَين.

أية 6:- اعطينا اليد للمصريين و الاشوريين لنشبع خبزا.
عبوديتهم وذلهم للمصريين والأشوريين لأجل الخبز هى عبودية الخاطىء للشيطان.

أية 7:- اباؤنا اخطاوا و ليسوا بموجودين و نحن نحمل اثامهم.
هذه ليست مثل (أر29:31) أو مثل (حز2:18) فهؤلاء يتمردون على أحكام الله ضدهم قائلين إننا لم نخطىء بل أباؤنا أخطأوا فلماذا تعاقبنا نحن. أما قول أرمياء هذا فهو مختلف لأنه هنا يعترف بخطاياه فى أية (16) ويل لنا لأننا أخطأنا. ولكن هذه الأية هى شكوى الإنسان عموماً من ان آدم أخطأ ونحن نحمل ذنبه ولكن بعد المسيح لم يَعُد هناك مجال لهذه الشكوى فالمسيح أزال عنا عقوبة وخطية آدم. ولكن أيضاً أرمياء فى هذه الأية يعترف بأنهم هم وأباؤهم قد أذنبوا هذه تشبه صلاة دانيال (دا4:9-12).

أية 8:- عبيد حكموا علينا ليس من يخلص من ايديهم.
العبيد الذين يحكمونهم هم البابليين وحين يحكم عبد يصير حكمه أشر أنواع الحكم وبذلك لحقت لعنة كنعان بشعب يهوذا. فكانت لعنة كنعان "عبد العبيد يكون لإخوته" فمن رفض حكم الله عليه ومشورات رجالهُ من الأنبياء سيحكمهم آخرين يذلونهم. ومن رفض الخضوع لله يتسلط عليه إبليس. وهم لا يرون طريقاً للخلاص = ليس من يخلص من أيديهم.

أية 9:- بانفسنا ناتي بخبزنا من جرى سيف البرية.
هناك من يخسر حياته ليحصل على الخبز. وكان هذا فى أثناء الحصار. فمن يحاول الخروج يقتله الكلدانيون وهم هنا سيف البرية. ففى أية (6) وجدنا أنهم يمدون أيديهم ليأكلوا وهنا نجدهم يخسرون حياتهم ليأكلوا. وإذا فهمنا أن هذا يرمز لمن يمد يدهُ للشيطان ويقبل الخطايا لملذاتها فيُعرض نفسه للموت.

الأيات 10-16:- جلودنا اسودت كتنور من جرى نيران الجوع. اذلوا النساء في صهيون العذارى في مدن يهوذا. الرؤساء بايديهم يعلقون و لم تعتبر وجوه الشيوخ. اخذوا الشبان للطحن و الصبيان عثروا تحت الحطب. كفت الشيوخ عن الباب و الشبان عن غنائهم. مضى فرح قلبنا صار رقصنا نوحا. سقط اكليل راسنا ويل لنا لاننا قد اخطانا.
وصف للمجاعة (10) ولهؤلاء الذين طالما تمتعوا بالأفراح فجلودهم إسودت من الجفاف وكرامة نساؤهم إنحطت (11) ورؤساؤهم عُلقوا بعد قتلهم كما حدث مع شاول الملك (12) وفى (13) عمل الطحن هو إهانة للشباب(فهو عمل النساء فقط) مثل ما حدث مع شمشون. ولاحظ أن هذا حدث مع ظالميهم من البابليين بعد ذلك (أش6:47) وفى عبوديتهم كانوا بلا أفراح ويشير لها الرقص والغناء "كيف نسبح تسبحة الرب فى أرض غريبة" وذهب عنهم مجدهم وبهاءهم (هيكلهم وقصر ملكهم) كل هذا لأن الله فارقهم = سقط إكليل رأسنا وشيوخهم لم يعدلهم مكانة فهم إما قتلوا أو ذهبوا للسبى، وهكذا ملكهم.

الأيات 17-19:- من اجل هذا حزن قلبنا من اجل هذه اظلمت عيوننا. من اجل جبل صهيون الخرب الثعالب ماشية فيه. انت يا رب الى الابد تجلس كرسيك الى دور فدور.
هنا شكوى خاصة بخراب الهيكل وهذا ما جعل النبى يتألم بالأكثر ويكتئب قلبه. فجبل صهيون هو جبل الهيكل أى المبنى عليه الهيكل. وقد خرب الأعداء هذا الجبل حتى أن الثعالب كانت تجرى فيه. ولنلاحظ أن الإنسان هو هيكل الله فحين غادر الله هذا المكان حلَتْ فيه الثعالب أى الشياطين الماكرة المخادعة فهذه صفة الثعالب. والنبى هنا يعزى نفسه بأن ملك الله أبدى (19) وهذا يعزينا فى كل ضيقاتنا أن " الله ليس عنده تغيير او ظل دوران " وأن سلطانه أبدى لا يتغير من جيل إلى جيل. وحين تزول كل عروش الملوك الظالمين فعرش الله باقى. وقد تعنى الثعالب فى الهيكل = البابليون الذين دمروه وخربوه وداسوه بأقدامهم قارن مع (أش19:13-22) + (لا33:26).

الأيات 20-22:- لماذا تنسانا الى الابد و تتركنا طول الايام. ارددنا يا رب اليك فنرتد جدد ايامنا كالقديم. هل كل الرفض رفضتنا هل غضبت علينا جدا.
هى صلاة تضرع وإستعطاف. وأرددنا يا رب فنرتد = أى توبنا يا رب فنتوب ولا تحرمنا من أن نفرح بك مثل الأول. "والله بالتأكيد يقبل مثل هذه الصلاة وهذه التوبة".
والى اللقاء مع تفسير سفر آخر
  رد مع اقتباس
قديم 31 - 05 - 2012, 07:55 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
astavrola
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية astavrola

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 72
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 219

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

astavrola غير متواجد حالياً

افتراضي

مراثى أرمياء

مقدمة

قال الجامعة "سليمان الحكيم" الذهاب إلى بيت النوح خير من الذهاب إلى بيت الوليمة لأن ذاك نهاية كل إنسان والحى يضعه فى قلبه. الحزن خير من الضحك لأنه بكأبة الوجه يُصلح القلب. قلب الحكماء فى بيت النوح وقلب الجُهال فى بيت الفرح (جا2:7-4) وهذا الكلام هو عكس ما يؤمن به العالم، فرأى أهل العالم لنأكل ونشرب، لنفرح ونضحك لأننا غداً نموت. ولنقرأ ثانية ما قاله سليمان الحكيم ثم نأتى لقراءة هذا السفر فى حزن مقدس على خطايانا التى هى سبب ألامنا وألام الكنيسة.
1- يجب ان تكون لنا تراتيل فيها حزن مقدس على خطايانا، فيها نبكى على خطايانا وأثارها فهذا يحرك مشاعرنا وقلوبنا فنصبح مستعدين لتلقى الحقائق الإلهية. فالتوبة تصهر القلب فيكون كالشمع مستعد لأن تطبع عليه الحقائق الإلهية كالختم. أما الإنسان اللاهى الضاحك، الإنسان غير النادم الذى لا يبكى على خطاياه يكون قلبه صلباً غير مستعد لهذا.
2- فى ملخص سريع لأحداث سفر أرمياء. فقد أخطأت أورشليم خطايا بشعة كثيرة فأسلمها الله لجيش بابل بقيادة نبوخذ نصر الذى حاصرها ثم بعد أحداث أليمة من مجاعات وأوبئة سقطت فى يد ملك بابل فدمرها وأحرقها ونقض أسوارها ودمَر هيكل الرب وبيت الملك وقتل من قتل وسبا من سبا ولم يترك سوى المساكين فى الأرض. فمن يقارن بين حال أورشليم قبل سقوطها أيام مجدها وبين حالها بعد خرابها لابد وسيرثيها كما فعل النبى، ورثاء النبى على ما حدث لأورشليم يثبت صدق نبواته، ويثبت صدق مشاعره نحو بلده وأهله وأنه كان غير راغب فى تحقيق نبواته بل توبة شعبه. وحين رأى بروح النبوة ما سيحدث قال "يا ليت عينى ينبوع ماء لأبكى". والأن بعد أن حدث ما تنبأ به ها هو يبكى بمشاعر صادقة وهذا يثبت كذب الإتهامات التى وجهوها لهُ بالخيانة وأنه فى صف ملك بابل. وهو لم يفرح بأن صدقت نبواته ولا بالإنتقام ممن إضطهدوه. بل أن قلبه المملوء حباً وحناناً بكى لآلام من عذبوه فكان خيراً من يونان النبى الذى غضب حين سامح الله نينوى إذ قدَموا توبة.
3- إن بنية هذه القصيدة الرثائية جديرة بالملاحظة. فالإصحاحات 4،2،1 فى لغتها الأصلية وهى العبرية مرتبة ترتيباً أبجدياً. وكل إصحاح منها مؤلَفْ من 22 أية شعرية، تبدأ كل منها بأحد أحرف الأبجدية العبرية على التوالى أما الإصحاح الثالث، حيث نجد أوفى إعتراف بخطيتهم وحزنهم، فقوامه 66 أية، ثلاث لكل حرف أبجدى، أى أن كل واحدة من الأيات الثلاث الأولى تبتدىء بحرف الألف- وكلاً من الأيات الثلاث التوانى تبتدىء بحرف الباء.... وهكذا أما الإصحاح الخامس فهو غير ملتزم بالأبجدية ولكنه مكون من 22 آية أيضاً وكل أية نصفين مترادفين وفى الجزء الثانى إجابة أو مرادف للجزء الأول. وذلك حتى يسهل حفظها غيباً وتستعمل فى صلواتهم. وهناك ملحوظتان:
أ‌. هناك إستثناء فالأبجدية متبعة تماماً فى الإصحاح الأول ولكن فى الإصحاح الثانى والثالث والرابع سبق حرفpe حرفajin بينما هو يتبعه فى الأبجدية فلماذا؟ حرف الـpe هو الذى يستخدم للتعبير عن رقم (70) فكأن النبى يريد أن يحفر فى أذهانهم أن عودتهم من السبى ستحدث بعد 70 سنة.
ب‌. فى المزمور 119 نجد 22 قسماً كل منها مكون من 8 أيات شعرية وهى تستخدم كل حروف الأبجدية العبرية. وهذا المزمور كله يمتدح ناموس الرب الكامل وإذا فهنا أن إستخدام الحروف الأبجدية كلها فى المزمور 119 يشير أننا نستخدم كل اللغة البشرية بإمكاناتها لنمدح ناموس الرب حتى نسلك فيه فيكون لنا كل الخير، فإن المراثى تستخدم كل الحروف أيضاً لتعبر عن الأحزان المترتبة على إهمال ذلك الناموس وكسره.
4- كاتب سفر المراثى "أرمياء النبى" يرثى أورشليم ويُصور الفظائع التى إرتكبت بواسطة البابليين والآلام التى عانى منها الشعب أثناء الحصار. وبعد أن كانت المدينة كاملة الجمال بهجة كل الأرض أصبحت محروقة ومشوهة. وهى كانت كاملة الجمال لوجود الله فى وسطها أما وقد غادرها الله وفارقها بسبب الخطية فقد فقدت من يحميها فسقطت وأذلها البابليون. وملكها سقط وهكذا كهنتها وتوقفت إحتفالاتها وأعيادها وأفراحها وتسبيحها وعبادتها وأصبحت بلا أنبياء ولا رؤى وأرض يهوذا تحولت للغرباء والناس ماتوا أو أخذوا سبايا وعبيداً بل حتى من بقى فى الأرض كان عبداً لملك بابل. كل هذا بسبب الخطية. خطية الشعب والقادة ولكن هناك معنى روحى لهذا. فأورشليم هذه تشير لأدم الذى كان كامل الجمال فهو قد خُلق على صورة الله ومثاله. وكان بهجة كل الأرض وكان يرى الله ويكلمه ولكن بسقوطه فقد كل شىء ومات وسقط مسبياً للشيطان ولم يَعُد يرى الرب ولم يَعُد يسبح الرب وفقد أفراحه. فصورة أورشليم بعد خرابها هى صورة الإنسان بعد سقوطه، وهذه المراثى ترثى خراب أورشليم وترثى أيضاً خراب الإنسان وحزن الله عليه
5- يبدأ الإصحاح الثالث بـ "أنا هو الرجل الذى رأى مذلة" وقد تحيَر علماء الكتاب المقدس فى الغرب فى من هو هذا الرجل فمن قائل أنه أرمياء، ومن قال أنه شخصية إعتبارية تتكلم عن أورشليم ومن قال أنه ملك أورشليم صدقيا. ولكن كنيستنا المرتشدة بالروح القدس وجدت ان هذا الرجل هو المسيح ولذلك تقرأ الكنيسة هذا الإصحاح فى نبوات الساعة الثانية عشر من يوم الجمعة العظيمة فى أسبوع الألام. فالكنيسة رأت أن المتألم الحقيقى ليس أورشليم وليس الإنسان بل المسيح الذى حمل أحزاننا وأوجاعنا تحملها (أش4:53) وكأس غضب الله التى كانت فى يد الإنسان أخذها المسيح (أش22:51) وهو قد سبق وقال ليت على الشوك (أش4:27). بل هو الذى كمله الأب بالآلاام (عب10:2) وأرمياء هنا هو لسان الله وهكذا قال لهُ الله "فمثل فمى تكون" (أر19:15) فالنبى هنا فى إحساسه الصادق بالألم، ألام الهوان والإضطهاد ثم ألام الحزن على أورشليم كان لساناً للمسيح الذى كان حزيناً على هلاك البشر وعلى إضطهاد البشر لهُ. وكما أحب المسيح العالم هكذا أحب أرمياء شعبه فإستحق أن يكون لساناً لله. ولنلاحظ أن المسيح لم يضحك أبداً بل كان يبكى.
6- فى العبرية يسمى كل سفر بأول كلمة فيه ولذلك يسمى هذا السفر كيف. أما فى الترجمة اليونانية فتم تسميته بالمراثى. ولكن تسميته كيف معبرة جداً. والسؤال مازال للأن كيف تتحول صورة الله أى الإنسان لهذا الخراب؟ والإجابة... إنها الخطية.
7- كيف يكون النبى لساناً لله "وما معنى فمثل فمى تكون"
حتى يكون النبى لساناً لله يشعر بمشاعره يسمح الله للنبى بأن تمر به ظروف شبيهة ولنأخذ مثال لذلك. حين أراد الله أن يشرح لأبينا إبراهيم فكرة فداء المسيح طلب منهُ أن يُقدم إبنه ذبيحة وهو الإبن الوحيد المحبوب وأحس إبراهيم كأب بمشاعر رهيبة من الألم وهو يصنع هذا ولكن مشاعره هذه كانت مشاعر الآب وإبنه معلق على الصليب ورأى إبراهيم طريقة الفداء لذلك قال السيد المسيح " أبوكم إبراهيم رأى يومى وفرح" ومثال آخر ليشرح الله لهوشع كيف أنه وهو الإله القدوس يقبل أن يرتبط بشعبه وهو خاطىء طلب من هوشع أن يتزوج من إمرأة زانية. فشعر هوشع المتألم المجروح بمشاعر الله.
ولنأتى لأرمياء النبى الباكى المحب لشعبه الذى يصلى ويشفع فى شعبه والذى لم يكف عن إنذار شعبه بالألام القادمة إذا إستمروا فى خطاياهم، حتى يدفعهم للتوبة فلا تأتى هذه الألام. فماذا كان موقف هذا الشعب منهُ؟ لقد ضربوه ووضعوه فى المقطرة مربوط اليدين والرجلين والرقبة وكان هذا أمام المارة الذين يسخرون منهُ وتآمروا على قتله ووضعوه فى جب طين عميق ليموت جوعاً. بل أن أهله تآمروا عليه ليقتلوه وأثاروا ضده إشاعات رديئة وكان هذا بأوامر من رؤساء الكهنة ورؤساء الشعب والملوك والشعب، ومع كل هذا حين خربت أورشليم فمشاعر النبى الرقيقة لم تحتمل وبكى ورثى أورشليم والشعب، لقد صار أرمياء بإحتماله لألامه شريكاً فى صليب المسيح. ألم يكن أرمياء بهذا لساناً لحال المسيح الذى أحبَ شعبه حتى المنتهى وتقدم بصليبه كشفيع لشعبه بدمه فأثاروا ضده شائعات رديئة وحاولوا مرات عديدة أن يقتلوه إلى أن تمت مؤامرة الكهنة ورؤسائهم وصلبوه، وعلى صليبه ووسط ألامه سخروا منهُ. ولكنه ظلَ يشفع فيهم حتى على الصليب وقال " يا أبتاه إغفر لهم " كان المسيح باكياً دائماً ولم يشاهده أحد ضاحكاً أبداً. كان يبكى على قبر لعازر وعلى أورشليم كان رجل أحزان فكان أرمياء بخبراته فى ألامه شاعراً بنفس مشاعر المسيح فكان نطقه ومراثيه هى ما يريد الله أن يقوله. إذاً كانت هذه المراثى هى مشاعر حزن الله على شعبه وفيها نبوة عن ألام المسيح.


الإصحاح الأول

أية 1:- كيف جلست وحدها المدينة الكثيرة الشعب كيف صارت كارملة العظيمة في الامم السيدة في البلدان صارت تحت الجزية.
قارن مع (أش21:1) "كيف صارت القرية الأمينة زانية" ولأنها صارت زانية فهى قد صارت وحدها. فالله فارقها فلا شركة للنور مع الظلمة. ولذلك صارت كأرملة (تيطس خلدَ ذكرى إنتصاره على أورشليم بسك عملة عليها صورة إمرأة جالسة تحت نخلة ومكتوب عليها "أسر اليهودية ") بعد أن كانت عظيمة فى الأمم. فعظمتها كانت راجعة لوجود الله فيها. (زك5:2) والمدينة جلست وحدها فشعبها فى السبى أو هلك موتاً. وحتى ملكها ذهب للسبى. ولاحظ أنها فى حالة إزدهارها لم تكن تتصوَر حدوث كل هذا. هكذا كل خاطىء لا يتصوَر أن كل ما حوله سيتحول إلى خراب بل أن هذا العالم سينتهى قارن مع (أش8:47)، (رؤ7:18) ولاشك أنها وهى ملآنة من الشعب كانت فى فرح، ولكن الخطية تحول الفرح إلى حزن. تحت الجزية = مستعبدة.

أية 2:- تبكي في الليل بكاء و دموعها على خديها ليس لها معز من كل محبيها كل اصحابها غدروا بها صاروا لها اعداء.
من كل محبيها = محبيها هم الأمم الذين كانت أورشليم تنتظر منهم الحماية والذين طالما إتكلت عليهم. فملعون من يتكل على ذراع بشر. وهكذا كل من أفراحه وعزاءهُ من العالم سيَغْدر بهِ العالم ولن يكون هناك سوى البكاء فى الليل فلن يكون هناك نهار.

أية 3:- قد سبيت يهوذا من المذلة و من كثرة العبودية هي تسكن بين الامم لا تجد راحة قد ادركها كل طارديها بين الضيقات.
كل من رفض أن يسوده الله سيصير لهُ سادة آخرين غير الله مثل الشياطين أو الشهوات وهذه تُذل الإنسان. أما من يترك الله يسود عليه يحرره الله. ولنلاحظ ان الخطية تجلب العبودية. وهى تسكن بين الأمم الأن = فهى أى شعبها فى السبى وأورشليم نفسها محكومة ومستعبدة للأمم. وقارن هذه مع "واحدة سألت من الرب وإياها التمس أن أسكن فى بيت الرب كل أيام حياتى لكى أنظر إلى جمال الرب" (مزمور4:27) فالذى حرره الرب من عبودية الخطية يستطيع أن يرى جمال الرب ويفرح. أما من إستعبد نفسه للخطية يُذل هذا الإنسان ساكناً بين الأمم مشابهاً لهم فى أهوائهم. ولا يجد راحة. فمن عاش وسط الخطاة يتعلم طرقهم فلا يجد راحة. وبعد أن تعوَدت أورشليم أن تطرد وتهزم أعدائها ها هى قد أدركها كل طارديها بين الضيقات = أصبحت مهزومة مطاردة ممن أحبتهم. وفى ضيقات كثيرة.

أية 4:- طرق صهيون نائحة لعدم الاتين الى العيد كل ابوابها خربة كهنتها يتنهدون عذاراها مذللة و هي في مرارة.
طرق صهيون نائحة = الطرق التى إعتادت على الشعب فى الذهاب والإياب للهيكل فى أفراحهم وأعيادهم الدينية، أصبحت الأن بلا شعب وبلا أعياد "ها بيتكم يترك لكم خراباً".

أية 5:- صار مضايقوها راسا نجح اعداؤها لان الرب قد اذلها لاجل كثرة ذنوبها ذهب اولادها الى السبي قدام العدو.
صار مضايقوها راساً = أى على رأسها (تث13،44:28) وذلك بسبب خطيتها.

أية 6:- و قد خرج من بنت صهيون كل بهائها صارت رؤساؤها كايائل لا تجد مرعى فيسيرون بلا قوة امام الطارد.
هنا العدو كصياد وأورشليم هاربة من أمامه. فهؤلاء الذين أعطاهم الله كرامة بوجوده فى وسطهم فكان لهم بهاء صاروا محتقرين فى إزدراء، فالله لم يعد فى وسطهم فلم يعد لهم بهاء.

أية 7:- قد ذكرت اورشليم في ايام مذلتها و تطوحها كل مشتهياتها التي كانت في ايام القدم عند سقوط شعبها بيد العدو و ليس من يساعدها راتها الاعداء ضحكوا على هلاكها.
هذه الأية تشبه تماماً قصة الإبن الضال. فهم عاشوا فى وفرة وتنعم والأن يهلكون جوعاً. وهى فى حزنها تذكر كل ما كان لها سابقاً. والله قادر أن يجعلنا نعرف قيمة الشىء بأن نحتاج لهُ.

أية 8:- قد اخطات اورشليم خطية من اجل ذلك صارت رجسة كل مكرميها يحتقرونها لانهم راوا عورتها و هي ايضا تتنهد و ترجع الى الوراء.
هى صارت رجسة بالدم المسفوك (مرا13:4-15) وبوثنيتها (أر23:2) وظلمهم للفقراء هم جعلوا أنفسهم تافهين لذلك إحتقرهم العدو بعد أن كانوا يكرمونهم. لأنهم رأوا عورتها عموماً الخطية تفضح وتُعرى كما حدث مع آدم. وبالنسبة للمدن فهذا التعبير يشير أن العدو تجسس نقاط الضعف فى المدينة (تك11،9:42) هنا النبى يعترف بخطية المدينة وبان العدو عرف نجاساتها التى هى سبب ضعفها. وترجع إلى الوراء = تنهزم أمام أعدائها.

أية 9:- نجاستها في اذيالها لم تذكر اخرتها و قد انحطت انحطاطا عجيبا ليس لها معز انظر يا رب الى مذلتي لان العدو قد تعظم.
نجاساتها فى أذيالها:- اى ملتصقة بها من الأرض فهى لم تَعُدْ سماوية بل أرضية تدنس نفسها ولم تذكر آخرتها = هكذا كل من يخطىء يذكر لذة لحظة الخطية ولكن يجعله الشيطان ينسى آخرة الخطية وهى عبودية وذل وحزن على الأرض وهلاك أبدى بعد الموت. وقد انحطت = بسبب العبودية وليس لها مُعَز = فمنهم من لا يقدر ومنهم من لا يريد فهو شامت فيها. ولكن إذا كان الله لا يُعزى فمن يفعل. ثم دعوى لمراحم الله حتى ينظر لمذلتها.

أية 10:- بسط العدو يده على كل مشتهياتها فانها رات الامم دخلوا مقدسها الذين امرت ان لا يدخلوا في جماعتك.
أعطى الله للإنسان طاقات ومواهب وقوة ولكن بالخطية وعدم التوبة يستعبد الإنسان للشيطان فيبسط يده على كل عطايا الله التى هى مشتهيات النفس. بل يدخل الشيطان لهذه النفس التى كانت مقدساً... قارن مع حادثة شاول الملك "وذهب روح الرب من عند شاول وبغته روح ردىء من قبل الرب" (1صم14:16). وبالنسبة لأورشليم فالله كان قد منع أن الأمم يدخلون للمقادس أى داخل بيت الله. ولكن الأن هم دخلوا بل خربوا البيت وهدموه. والإنسان هو هيكل الروح القدس ولكن المستعبد للخطية تتحكم فيه الشياطين وهذا ثمن الخطية فالله وحده يعطى بسخاء ولا يعير. ولأن المسيح لم يقبل أى خطية من يد إبليس قال "رئيس هذا العالم آتٍ وليس لهُ فى شىء".

أية 11:- كل شعبها يتنهدون يطلبون خبزا دفعوا مشتهياتهم للاكل لاجل رد النفس انظر يا رب و تطلع لاني قد صرت محتقرة.
مشتهياتهم = الكلمة المستخدمة تعنى الأطفال الأعزاء. فهم دفعوا أطفالهم ليحصلوا على الخبز. لأجل ردَ النفس = أى لتحيا النفس ولا تموت. ولكن " ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان "مرة ثانية هذه قصة الإبن الضال. أما " الجياع والعطاش للبر فطوباهم لأنهم يشبعون".

أية 12:- اما اليكم يا جميع عابري الطريق تطلعوا و انظروا ان كان حزن مثل حزني الذي صنع بي الذي اذلني به الرب يوم حمو غضبه.
أما إليكم يا جميع عابرى الطريق = المعنى هل هو لا شىء لكم يا جميع من يشاهدون منظرى هذا. تقولها أورشليم لأصدقائها ليواسوها. ولكن خطايا يهوذا هى التى جلبت عليها هذا الحزن الذى أذلها به الرب يوم حمو غضبه. إذاً فيد الله هى السبب فى كل هذا وهو عادل فيما يصنع. وأنه لشىء مخيف أن يكون سبب الألم هو غضب الله. وهو فى غضبه يسكب ناراً. وكان هذا جزاؤهم العادل على تركهم الرب. ولكن المسيح أحنى رأسه تحت غضب الله هذا وهو البار "الذى لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه" فهو رجل الأوجاع وأتصور أن المسيح يردد هذه الكلمات على الصليب. يا كل من تشاهدوننى مصلوباً أحتمل هذه النار لأجلكم اما تهتمون وتقدمون توبة فهذا يُسَكِن ألامى. ولكن من إنغمس فى خطايا العالم لا يكاد يشعر بالام المسيح ولا يشعر أنها لأجله بل هى لا تهمه فى شىء وقد قال أحد الملحدين ساخراً من ألام المسيح، لو أن هناك من يوجعه ألم فى أسنانه أثناء مرور موكب الصلب لما شعر بألام هذا المصلوب والمعنى أنه إن كان المسيح قد تألم فهذا لا يعنينى، تكفينى ألامى أنا الشخصية. ولكن هذا منطق الجاهل الذى لا يعلم ان هذه الألام هى لأجل البشرية ولنا فى تعليق شاعر الهند العظيم طاغور وهو وثنى رداً على ذلك ولكنه رد يدين كل مسيحى مستهتر فقد قال "أنا لا أعلم كيف ينام المسيحيين وهم يعلمون أن لهم إلهاً جاز كل هذه الألام لأجلهم" لقد شرب المسيح كأس غضب الله الرهيبة ليقدم لى كأس الخلاص.

أية 13:- من العلاء ارسل نارا الى عظامي فسرت فيها بسط شبكة لرجلي ردني الى الوراء جعلني خربة اليوم كله مغمومة.
ناراً إلى عظامى = فالله فى حمو غضبه يُرسِل ناراً. ومعنى نار فى العظام شىء يشبه الحمى الرهيبة، حمى غير طبيعية كما لو كانت تحرق. وفى تصوير آخر أن الله أرسل عليها شبكة كلما حاولت الخروج منها تزداد إشتباكا ًفيها. فالعدو ما كان ينجح ضدهم إن لم يبسط الرب شبكته عليهم. وهذه النار التى نزلت على المسيح كانت لتنجينا نحن من نار الأبدية.

أية 14:- شد نير ذنوبي بيده ضفرت صعدت على عنقي نزع قوتي دفعني السيد الى ايد لا استطيع القيام منها.
هذه الأية عن البشر الخطاة وهذا النير من صنع خطايانا فنحن لا نسقط تحت أى نير إن لم يَكُن من صنع خطايانا (أم22:5) وهذا نير ثقيل، أما نير المسيح فخفيف (مت30:11) والنير هو الذى يضعه على الشيطان حين أقبل الخطية من يده. اما لو رفضت وقدمت توبة يرحمنى الله من نير الخطية وأرتبط معهُ هوبنيره فأتحرر من عبودية إبليس.

أية 15:- رذل السيد كل مقتدري في وسطي دعا علي جماعة لحطم شباني داس السيد العذراء بنت يهوذا معصرة.
داسها أعدائها المتكبرين كما يدوسون معصرة عنب ولم يعطها الله قوة لتقوم فهو الذى أراد هذا. ولننظر كيف أن الخطية تضعف القوة = شبانى ومقتدرى رذلوا وتحطموا.

أية 16:- على هذه انا باكية عيني عيني تسكب مياها لانه قد ابتعد عني المعزي راد نفسي صار بني هالكين لانه قد تجبر العدو.
ما الذى جعل العدو يتجبر عليها إلا أن الله إبتعد عنها = إبتعد عنى المعزى. وهو المعزى الوحيد الذى يرد النفس ويعزيها. وحتى كهنتها وشيوخها لا يستطيعون فهم بلا تعزية أيضاً.

أية 17:- بسطت صهيون يديها لا معزي لها امر الرب على يعقوب ان يكون مضايقوه حواليه صارت اورشليم نجسة بينهم.
لطالما خلَص الله يعقوب من مضايقيه، أما الأن فكل هذا بسبب عصيان يعقوب. وهنا صهيون تمديدها لجيرانها، فى يأس تطلب عوناً ولكن إذا إبتعد الله فمن يعزى. بل إن من حواليها إعتبروها كإمرأة نجسة يخجلون من الإقتراب منها. فقد فضح الله خطيتها.

أية 18:- بار هو الرب لاني قد عصيت امره اسمعوا يا جميع الشعوب و انظروا الى حزني عذاراي و شباني ذهبوا الى السبي.
شبانها الذين كانوا أملها الوحيد أن ينقذوها. ذهبوا للسبى. ولكن ها هى تعترف بأن الله بار فى أحكامه ضدها. وتعترف بعصيانها.

أية 19:- ناديت محبي هم خدعوني كهنتي و شيوخي في المدينة ماتوا اذ طلبوا لذواتهم طعاما ليردوا انفسهم.
محبى = هم مصر وأشور. ولكن ويل لمن وضع ثقته فى إنسان. فهو كمن يضع ثقته فى سراب. أما من يضع ثقته فى الله فالله لن يخونه ولن يغشه. وكهنتها وشيوخها ماتوا فهم أيضاً قد إنفصلوا عن الله فصاروا بلا تعزية = إذ طلبوا لذواتهم طعاماً ليردوا أنفسهم المعنى أنهم هم أنفسهم يبحثون عن طريق التعزية ولكن للأسف أين يبحثون فى المدينة = هم كانوا يبحثون عن تعزيات ولذات جسدية لذلك فقدوا التعزية الحقيقية وفاقد الشىء لا يعطيه.

أية 20:- انظر يا رب فاني في ضيق احشائي غلت ارتد قلبي في باطني لاني قد عصيت متمردة في الخارج يثكل السيف و في البيت مثل الموت.
أحشائى غَلَت = أى مشاعرى وأحاسيسى إضطربت. هذا إعتراف بأن ضيقها سببه التمرد.

أية 21:- سمعوا اني تنهدت لا معزي لي كل اعدائي سمعوا ببليتي فرحوا لانك فعلت تاتي باليوم الذي ناديت به فيصيرون مثلي.
العمونيين والموأبيين أعدائها سمعوا ببليتها وفرحوا وشمتوا. وهذا موقف الشيطان من الإنسان. وسيأتى اليوم الذى يصيرون مثلى = هم يذهبون للنار الأبدية أما أولاد الله فهو يفديهم.

أية 22:- ليات كل شرهم امامك و افعل بهم كما فعلت بي من اجل كل ذنوبي لان تنهداتي كثيرة و قلبي مغشي عليه.
إعتراف بذنوبها. وطلب بعقاب أعدائها وهذه نبوة بما سيحدث لهم.


الإصحاح الثانى

فى الأيات الأولى يُظهر ان غضب الله هو المسئول عما حدث (من هنا نفهم أهمية الصليب لنا، إذ نزع غضب الله الرهيب عنا) فالله هو المسئول عن كل ما يحدث (عا6:3) إذاً ما دفع اورشليم للخراب الكلى ليس هو العدو الذى يأتى من خارج متصَرفا بوحى إرادته الذاتية، بل هو الرب نفسه الذى كان قد أقام طويلاً فى وسطها. وتابوت العهد هو موطىء قدميه.

أية 1:- كيف غطى السيد بغضبه ابنة صهيون بالظلام القى من السماء الى الارض فخر اسرائيل و لم يذكر موطئ قدميه في يوم غضبه.
قارن مع ما حدث فى مصر فكان الظلام فى كل مكان ما عدا الأرض التى يسكنها الشعب. اما الأن فالله تركهم لغضبه لذلك هم فى ظلام وهبطوا للأرض بعد أن كانوا فى السماء. ولأن الكنيسة الأن فى وسطها السيد المسيح فهى سماوية تصلى "أبانا الذى فى السموات" وسيرتها هى فى السماويات. وصهيون كانت مشرقة أولاً والأن بعد أن غطاها الظلام بطريقة مخيفة لم تعد قادرة أن ترى وجه الله. وإختفى مجدها وعظمتها. وكان قديماً الله لهم كعمود من نور ينير عليهم وتكون الظلمة على المصريين ولكنه إستدار الأن فصار ضدهم، فصاروا هم فى ظلام. وكانت عبادتهم سابقاً فى هيكلهم ترفعهم للسماء وتجعل لهم مركزاً ممتازاً فى أعين جيرانهم، كل هذا إختفى الأن فالله القاهم للأرض وخَرب هيكلهم فخر إسرائيل وموطىء قدمى الله (1اى2:28) وهذا هو نفس التهديد فى سفر الرؤيا تُبْ... وإلا فإنى آتيك عن قريب وأزحزح منارتك (رؤ5:2) ولاحظ تكرار كلمة غضب فى الأيات 6،3،2،1 لذلك فما أمامنا الأن صورة مخيفة لغضب الله وتأديبه.

أية 2:- ابتلع السيد و لم يشفق كل مساكن يعقوب نقض بسخطه حصون بنت يهوذا اوصلها الى الارض نجس المملكة و رؤساءها.
إبتلع السيد = كانوا قديماً محصنين لأن الله كان سوراً لهم أما الأن فإبتلعهم العدو فهم بلا حماية. وحصونهم نقضها. ونجس المملكة = بدخول الأمم الوثنيين فيها ودوسهم إياها.

أية 3:- عضب بحمو غضبه كل قرن لاسرائيل رد الى الوراء يمينه امام العدو و اشتعل في يعقوب مثل نار ملتهبة تاكل ما حواليها.
عَضب = قطع وأمات كل قرن = القرن رمز للقوة. فهم فى مجتمع رعاة. والرعاة يعرفون أن قرون الكبش هى قوته. رد إلى الوراء يمينه أمام العدو= اليمين رمز للقوة. فالله هو الذى أعطى للعدو سلطاناً ضد أورشليم. هكذا قال السيد لبيلاطس "لم يكن لك سلطان إن لم تكن قد أعطيت من فوق" (يو11:19). وإشتعل مثل نار ملتهبة = النار تحرق طالما وجدت وقوداً والوقود هنا هو الخطية كما إحترقت سدوم من قبل لخطيتها. ونشكر ربنا يسوع الذى أزال هذه العداوة والغضب بدمه.

أية 4:- مد قوسه كعدو نصب يمينه كمبغض و قتل كل مشتهيات العين في خباء بنت صهيون سكب كنار غيظه.
بسبب الخطية تحول الله من صديق إلى عدو يمد قوسه ضد الشعب. ولكن لاحظ قوله كعدو فالله لا يعادى للأبد، بل يؤدب ويظهر فى تأديبه كعدو. كل مشتهيات العين = خيراتها وجمالها.

أية 5:- صار السيد كعدو ابتلع اسرائيل ابتلع كل قصوره اهلك حصونه و اكثر في بنت يهوذا النوح و الحزن.
حين تصبح القصور مكانا للخطية يبتلعها الله أى يُدَمرها.

أية 6:- و نزع كما من جنة مظلته اهلك مجتمعه انسى الرب في صهيون الموسم و السبت و رذل بسخط غضبه الملك و الكاهن.
نزع كما من جنة مظلته = التشبيه هنا هو كما لو كان هناك حارس حديقة لهُ مظلة اى خيمة ولكن حين تنتهى مدة إقامته أو فى الليل ينزع خيمته من أوتادها. والخيمة هنا هى هيكل الرب وحين دنسوه فهو حرمهم منهُ. أهلك مجتمعه = ليس فقط الهيكل بل المجامع ومدارس الأنبياء والكهنة وكل نظامهم وطقوسهم. بل وكرسى داود الملك مسيح الرب. ولاحظ أن من يدنس السبوت والأعياد وأماكن الله المقدسة يحرمه الله منها.

أية 7:- كره السيد مذبحه رذل مقدسه حصر في يد العدو اسوار قصورها اطلقوا الصوت في بيت الرب كما في يوم الموسم.
حين نجسوا مذبح الله بخطاياهم كره الله مذبحة. كما كره رائحة بخورهم (أش13:1) + (عا21:5).
حصر فى يدو العدو أسوار قصورها = أى أسلمها للعدو.

أية 8:- قصد الرب ان يهلك سور بنت صهيون مد المطمار لم يردد يده عن الاهلاك و جعل المترسة و السور ينوحان قد حزنا معا.
مد المطمار = المطمار هو أداة تستخدم فى البناء. ولكن ما معنى إستخدامها هنا فى الهدم، معناه أنه وجد البناء مائلا فهدمه، أى وجد أورشليم خاطئة فهدمها وقد تفهم الآية على أن ضربات الله محسوبة بدقة وليست عشوائية. هو لم يردد يده عن الإهلاك لأنه قصد هذا ولكننا نجد يده تحفظ أرمياء وعبد ملك الكوشى ومساكين الأرض الذين لم يكن لهم دور فى الظلم بل كانوا مظلومين. المترسة = التروس وسائل دفاع فى الحروب، وحين لا تستطيع التروس ولا الأسوار أن تدافع عن الشعب تنوح.

أية 9:- تاخت في الارض ابوابها اهلك و حطم عوارضها ملكها و رؤساؤها بين الامم لا شريعة انبياؤها ايضا لا يجدون رؤيا من قبل الرب.
تاخت فى الأرض أبوابها = أى سقطت ليس لمستوى الأرض فقط بل غاصت فى الأرض كما تغوص رجلا رجل فى الطين فلا يستطيع السير. هكذا فقدت الأبواب وظيفتها. لا شريعة = فلماذا يبقى لهم الله شريعة وهم يحتقرونها. والأنبياء لا يجدون رؤيا = فهم أعطوا أذانهم لصوت شهواتهم وتنبأوا كذباً ولذلك هم لا يسمعون صوت الله الأن. فمن إحتقر نبوات الأنبياء الحقيقيين مثل أرمياء لا يسمعه الله نبوات بعد ذلك. ومن يحتقر خدام الله يحرمه الله من خدامه.

أية 10:- شيوخ بنت صهيون يجلسون على الارض ساكتين يرفعون التراب على رؤوسهم يتنطقون بالمسوح تحني عذارى اورشليم رؤوسهن الى الارض.
قارن هذه الأية بـ (أش16:3). فالشيوخ خلعوا أرديتهم ولبسوا المسوح، خلعوا لباس القضاء وجلسوا فى التراب، لا يقضون لأحد بل هم فى حزن. وياليتهم فعلوا هذا مبكراً.

أية 11:- كلت من الدموع عيناي غلت احشائي انسكبت على الارض كبدي على سحق بنت شعبي لاجل غشيان الاطفال و الرضع في ساحات القرية.
الأحشاء تشير لمركز العواطف وكذلك الكبد، كما يقال اليوم " قلبى يئن على كذا...".
ومع أن خراب أورشليم كان فيه تحرير أرمياء ورفع مكانته إلا أنه لمحبته لشعبه لم يكف عن البكاء.

أية 12:- يقولون لامهاتهم اين الحنطة و الخمر اذ يغشى عليهم كجريح في ساحات المدينة اذ تسكب نفسهم في احضان امهاتهم.
الأطفال يسألون عن الحنطة والخمر = الحنطة ليأكلوا والخمر يداووا به جراحاتهم ولأنه لا حنطة ولا خمر فهم يموتون = تُسكَب نفسهم فى أحضان أمهاتهم. والحنطة والخمر يشيران لجسد المسيح ودمه اللذان يعطيان نمواً للأطفال روحياً وعزاءً وفرحاً وحياة للكل لذلك يقول السيد "من يأكلنى يحيا بى" (يو57:6) لا يوجد سلام وحياة سوى فى الشركة مع المسيح.

أية 13:- بماذا انذرك بماذا احذرك بماذا اشبهك يا ابنة اورشليم بماذا اقايسك فاعزيك ايتها العذراء بنت صهيون لان سحقك عظيم كالبحر من يشفيك.
بماذا أقايسك فأعزيك = كثيراً ما نعزَى إنسان حين نُلم به مصيبة بأن هناك مصائب أكبر من هذه. ولكن النبى هنا لا يجد مصيبة اكبر من مصيبة أورشليم فيعزيها بها. وهى بحسب الفكر البشرى الأن بلا أمل. فسحقها عظيم كأن البحر طغا عليها وغمرها.

أية 14:- انبياؤك راوا لك كذبا و باطلا و لم يعلنوا اثمك ليردوا سبيك بل راوا لك وحيا كاذبا و طوائح.
أنبياؤها الكذبة عوضاً عن أن يدعونها للتوبة رأوا لها طوائح = أى بنبواتهم الكاذبة طوحوا بها بعيداً للسبى. ولو كانوا قد تابوا لما ذهبوا للسبى.

أية 15:- يصفق عليك بالايادي كل عابري الطريق يصفرون و ينغضون رؤوسهم على بنت اورشليم قائلين اهذه هي المدينة التي يقولون انها كمال الجمال بهجة كل الارض.
بعد أن كان لأورشليم شكل مجيد وإسم كبير كانوا يحسدونها عليه، أصبح الأن جيرانها يشمتون فيها ويضحكون عليها ويفرحون بما غنموه منها. وهذا العار إحتمله المسيح عنا فبعد ان أخذ جسداً مخلياً ذاته فى صورة عبد صُلب وفى صليبه قيل عنه نفس هذا الكلام.
راجع (مت39:27-44). وهى كانت كمال الجمال حين كان الله فيها وهكذا كانت فى أعين الأخرين.

أية 16:- يفتح عليك افواههم كل اعدائك يصفرون و يحرقون الاسنان يقولون قد اهلكناها حقا ان هذا اليوم الذي رجوناه قد وجدناه قد رايناه.
هؤلاء الأعداء ظنوا أنهم بقوتهم أهلكوها ولم يعلموا أن السبب هو أن الله أسلمها ليدهم.
بل ظنوا أن هذا هو يومهم الذى ترجوه.

أية 17:- فعل الرب ما قصد تمم قوله الذي اوعد به منذ ايام القدم قد هدم و لم يشفق و اشمت بك العدو نصب قرن اعدائك.
قوة أعداء أورشليم كانت من الرب بل هم سيف الرب. والله سبق وحذرهم بهذا (لا16:26) + (تث 15:28).

الأيات 19،18:- صرخ قلبهم الى السيد يا سور بنت صهيون اسكبي الدمع كنهر نهارا و ليلا لا تعطي ذاتك راحة لا تكف حدقة عينك. قومي اهتفي في الليل في اول الهزع اسكبي كمياه قلبك قبالة وجه السيد ارفعي اليه يديك لاجل نفس اطفالك المغشي عليهم من الجوع في راس كل شارع.
قلب الشعب صرخ ولكنها صرخة حزن وشكوى وليست توبة. لذلك يطلب منهم النبى أن لا يكفوا عن الصلاة والإتجاه إلى الله بالتوبة فهذا طريق الشفاء. اسكبى كمياه قلبك أى صلواتك بدموع بإستمرار ليلاً ونهاراً. يا سور بنت صهيون: إسكبى الدمع هما جملتان بينهما فاصلة. والمعنى أن هدم سور أورشليم أثار عواطف النبى جداً وكأنه فى حزنه يناجيه ياسور بنت صهيون ما العمل لقد فقدنا الحماية فالسور الحقيقى الذى يحمينا هو الله وهو تركنا. فماذا نعمل؟ والرد إسكبى الدمع ليلاً ونهاراً. والله بالتأكيد سيستجيب لأجل اللجاجة. قومى إهتفى فى الليل فى أول الهزع = ساعات النهار 12 ساعة والليل 12 ساعة والليل يبدأ الساعة 6 مساء وينتهى الساعة 6 صباحاً وهو مقسم إلى 4 هزع، الهزيع الأول يبدأ من الساعة 6 إلى الساعة 9 اى ثلاث ساعات وهكذا الباقى كل هزيع 3 ساعات ويسمى الهزيع محرس لأنَ الحراسة تكون ليلاً فى نوبات المحرس الأول والثانى... ألخ.
والمعنى أنه بينما الناس تستعد للنوم إستعدوا أنتم للصلاة وطلب مراحم الله.

أية 20:- انظر يا رب و تطلع بمن فعلت هكذا اتاكل النساء ثمرهن اطفال الحضانة ايقتل في مقدس السيد الكاهن و النبي.
أسوأ ما نسمعه عن المجاعات أن تأكل الأم أطفالها ولكن العقوبة من جنس الخطية ألم يُقدموا أولادهم ضحايا حية للإله مولوك، وكانوا يلقونهم فى النيران أحياء. وكان ما حدث تحقيقاً لنبوة موسى النبى (تث53:28) وهذا ما حدث فى حصار السامرة (2مل29:6).

الأيات 22،21:- اضطجعت على الارض في الشوارع الصبيان و الشيوخ عذاراي و شباني سقطوا بالسيف قد قتلت في يوم غضبك ذبحت و لم تشفق. قد دعوت كما في يوم موسم مخاوفي حوالي فلم يكن في يوم غضب الرب ناج و لا باق الذين حضنتهم و ربيتهم افناهم عدوي.
صورة للهلاك الجماعى. الصبيان والشيوخ مقتولين على الأرض، بل فى داخل المقادس حيث التمسوا الحماية. بل حتى العذارى الذين فى كل معركة كانوا يتركوهن. ولكن هذا قتل جماعى بأمر من الله. وكانوا كذبائح فى يوم مَوْسِم من كثرتهم. فالموت نتيجة الخطية الطبيعية.


الإصحاح الثالث

أية 1:- انا هو الرجل الذي راى مذلة بقضيب سخطه.
أنا هو الرجل = قد يكون هذا الرجل هو أرمياء الذى أذله شعبه وقد يكون هو رَجل صار نموذج للأمة بأن جاءت عليه كل ألامها. ومن يكون هذا الرجل سوى السيد المسيح الذى تحمَل الألام كبديل لنا فرأى مذلة. وتحمل قضيب سخط الآب بدلاً من ان نتحمله نحن.

أية 2:- قادني و سيرني في الظلام و لا نور.
بالنسبة لأرمياء فقد وضعوه فى جُب مظلم. وبالنسبة للشعب فغضب الله عليهم حرمهم من نوره فتخبطوا فى ظلام. فهم كانوا فى مشاكل وزادت هذه المشاكل بسبب تخبطهم وحرمانهم من نور الله وهذا ما يحدث مع كل خاطىء. اما الأية بالنسبة للمسيح فهى نبوة عن دفنه فى قبر بعد موته.

أية 3:- حقا انه يعود و يرد علي يده اليوم كله.
رأى المسيح طوال مدة حياته ألام كثيرة أما يوم الصليب فهو غالباً المقصود بقوله اليوم كله.

أية 4:- ابلى لحمي و جلدي كسر عظامي.
يشبه ألامه اليهودية هنا رجل عجوز جلده مجَعدْ بلا أمل فى إصلاح، بل أن عظامه قد تكسرت فلا يستطيع القيام لمساعدة نفسه. لم يعُد هناك شىء سليم فى جسد هذه الأمة. وبالنسبة للمسيح فقد جُلد وجُرح فى كل جسمه وتألمت عظامه. حقاً لم يكسر منه عظم لكن الألام التى رآها جعلته غير قادر على أن يتحامل على نفسه فأتوا لهُ بمن يحمل معهُ الصليب (مرا13:1).

أية 5:- بنى علي و احاطني بعلقم و مشقة.
بنى علىَ = بالنسبة لأورشليم فالكلمة تعنى حاصرنى فالمدينة حوصرت حتى سقطت. وقد حاصرها الملك بالمخاوف وبأعدائها. وبالنسبة لأرمياء فقد حاصره الجميع، الملك والكهنة ورؤساء الكهنة والشعب والأنبياء الكذبة واهله فكان رمزاً للمسيح الذى أحاط به الكل يعادونه حتى صلبوه.

أية 6:- اسكنني في ظلمات كموتى القدم.
هذه أية واضحة كنبوة عن قبر المسيح (مى8:7) وبالنسبة لبنى إسرائيل فهم الذين إختاروا الظلام أولاً فحرمهم الله من نوره وهذا ما يحدث مع كل من يختار طريق الخطية.

أية 7:- سيج علي فلا استطيع الخروج ثقل سلسلتي.
حُكم الله على أورشليم كان لا رجعة فيه لخطاياها والتصوير هنا أنها مقيدة بسلاسل كمجرم حتى لا يستطيع الهرب من الحكم ضده. وهكذا إقتادهم الكلدانيين مربوطين بسلاسل سبايا إلى بابل. وبالنسبة للمسيح حمل هو عنا هذه السلاسل الأبدية أو الموت ليعطينا الحرية.

أية 8:- ايضا حين اصرخ و استغيث يصد صلاتي.
بالنسبة للخاطىء قد يطلب التوبة بدموع ولا يجدها لأنه طلبها متأخراً مثل عيسو وبعد أن يكون قرار الله بالعقوبة قد صدر وبالنسبة للمسيح فقد قال "إن أمكن تعبر عنى هذه الكأس" ولكن كان يجب أن يشربها حتى لا نشربها نحن.

أية 9:- سيج طرقي بحجارة منحوتة قلب سبلي.
بالنسبة للخاطىء الذى رفض السير فى طريق الله يعوق الله طريقه ويمنعه من الهرب من أحكامهُ.

أية 10:- هو لي دب كامن اسد في مخابئ.
الدب والأسد هما أخطر وأقوى أعداء الإنسان. والمعنى صار الله كعدو لى، يتربص بى وفى هذه الأيات نجد صدى لها فى صرخة المسيح "إلهى إلهى لماذا تركتنى" فألام المسيح كانت حقيقية.

أية 11:- ميل طرقي و مزقني جعلني خرابا.
ميل طرقى = بدد كل مشوراتى وأفسد خططى.

أية 13،12:- مد قوسه و نصبني كغرض للسهم. ادخل في كليتي نبال جعبته.
هذه تشير للموت.

الأيات 15،14:- صرت ضحكة لكل شعبي و اغنية لهم اليوم كله. اشبعني مرائر و ارواني افسنتينا.
فى الأيات (13،12) المعنى أن الله قصد موت المسيح ولكن هنا تشرح الأيات أنه كان موتاً صعباً فالشعب يهزأ به (مت39:27-44). وفى عطشه سقوه خلاً ممزوجاً بالمر.

الأيات 17:16:- و جرش بالحصى اسناني كبسني بالرماد. و قد ابعدت عن السلام نفسي نسيت الخير.
تصوير للألام الشديدة غير المحتملة وكأن الله سمح بأن يضع لهُ حصى يأكله بأسنانه والرماد يوضع على الرأس علامة الحزن على ميت. والحالة كما تصوَر فى أية (17) يائسة جداً بلا امل.

أية 18:- و قلت بادت ثقتي و رجائي من الرب.
المعنى أن لا أمل ان يسمع الرب صوتى فهو لن يستجيب لى وهو لا يشعر باى تعزية أو تشجيع من الله. هذا رأى البشر حين يقعون فى تجربة أليمة، لكن مراحم الله بلا نهاية وقلت = كنت أظن.

الأيات 20،19:- ذكر مذلتي و تيهاني افسنتين و علقم. ذكرا تذكر نفسي و تنحني في.
ذكر ألامه مر كالإفسنتين والعلقم. بل كل ما يذكر ألامه تنحنى نفسه (مز5،1:137) "هذه الأيات واضح أنها نبوءة بألام المسيح وموته لذلك تقرأ الكنيسة هذا الإصحاح فى نبوات الساعة الثانية عشرة من يوم الجمعة العظيمة من البصخة المقدسة وهى ساعة دفن المسيح".
ومن الأية 21 حتى الأية 36 تبدأ السحب تنقشع فبعد أن ساد الجزء الأول من الإصحاح نغمة الحزن، بدأت هنا نغمة الرحمة وبدأ يوجد رجاء فيما هو آتٍ. فموت المسيح ودفنه هو بداية الرجاء وهو أعلى درجات مراحم الله وكنيستنا بطقوسها الرائعة ترتدى السواد والملابس التى تشير للحزن حتى الساعة الثانية عشرة فتبدأ فى خلع ملابس الحزن هذه.

الأيات 21-23:- اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك.
مهما كان قضيب الله شديداً فإن من إحساناته اننا لم نفن. ومهما بدت الأمور سيئة فأكيد كان هناك الأسوأ الذى نشكر الله أننا لم نصل إليه. فعلينا فى ضيقاتنا أن لا نذكر فقط ما هو ضدنا بل ان نذكر ما هو ليس ضدنا لنشكر الله عليه. وإذا إضطهدنا الناس نشكر الله الذى لم يتركنا بمراحمه. ونشكر الله على كل الضيقات فهى للتنقية ولكنها لا تحرق وتفنى. والأيات هنا تشير أنهم مازالوا فى عمق أحزانهم يختبرون رقة ومحبة المراحم الإلهية. وقد سبق وإشتكى أن الله لم يشفق (21،17:2) وها هو يُعلن أن مراحم الله لا تتوقف وهى جديدة كل صباح. هو بدأ بالألام وينتهى بالمراحم فالألام ليست نهاية كل شىء. والصليب هو قمة المراحم.

الأيات 25،24:- نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه.
نصيبى هو الرب = فنصيبى فى العالم سيزول يوماً ما أما نصيبى فى الرب فلن يزول للأبد وحينما يفشل المال والإنسان يبقى الرب دائماً (مز26:73). الله سيبقى للأبد فرح شعبه وكفايتهم لذلك علينا أن نختاره ونعتمد عليه فلو فقدت كل مالى فى العالم من أفراح وثروات بل الحياة ذاتها فلن أفقد شيئاً إذا كان نصيبى هو الرب. فعلينا أن ننتظر الرب بإيمان ونفتش عليه بالصلاة.

أية 26:- جيد ان ينتظر الانسان و يتوقع بسكوت خلاص الرب.
من يفعل ذلك يجد هذا جيد. فلنقل بإيمان "لتكن مشيئتك".

أية 27:- جيد للرجل ان يحمل النير في صباه.
النير بالنسبة للشعب هو السبى وبالنسبة لأى إنسان متألم هو ألمه وصليبه وإذا إحتمل الإنسان النير بصبر فهو يحتمل تأديب الله ويكون إبناً لهُ فيستفيد من التأديب. فوراء كل ألم وكل تأديب مراحم من الله. وعلى كل إنسان أن يبدأ فى شبابه فى حمل وصية المسيح وهذا جيد للأنسان ليشب متواضعاً وجاداً ولا يكون كثور غير مروَض على تحمل النير. وإذا سمح الله بألم يكون هذا نير على الإنسان يستفيد من بركاته لو لم يشتكى للناس بل يحتمله فى صبر.

أية 28:- يجلس وحده و يسكت لانه قد وضعه عليه.
فالشكوى للناس تضاعف الألم. فلنشتكى لله وحده فهو القادر أن يعطى عزاء وإحتمال.

أية 29:- يجعل في التراب فمه لعله يوجد رجاء.
يجعل فى التراب فمه = أى يتضع ويعترف بأن خطيته هى السبب فى ألمه ولا يبرر نفسه بل يعترف بأنه يستحق ما هو فيه ولا يستحق شيئاً حسناً من الله. بذلك نستفيد من التجربة.

أية 30:- يعطي خده لضاربه يشبع عارا.
هناك أدوات لتنفيذ مشيئة الله فالباًبليين كانوا أدوات الله لتأديب الشعب وكان على الشعب أن يتضح أمامهم ويطيعهم فهم سيف الله. وبروح متسامحة يدير خدَهُ لهم. بهذا يستفيدون من النير. "والسيد المسيح صنع هذا كله فى ألامه كشاة تساق للذبح".

الأيات 32،31 :- لان السيد لا يرفض الى الابد. فانه و لو احزن يرحم حسب كثرة مراحمه.
الله سيعود بالمراحم على شعبه ويعطيه عزاء وهو لن يرفض للأبد بل هو الذى يجرح ويعصب يضرب ويجبر (هو1:6) وهو يعطى بحسب مراحمه وليس لإستحقاقنا. فلنقبل التأديب بصبر.

أية 33:- لانه لا يذل من قلبه و لا يحزن بني الانسان.
الله لا يريد أن يحزن الإنسان وإن أحزنه لا يُسر بهذا فهو ليس من قلبه. ولكن هذا لصالح الإنسان. فهو يعاقب ويؤدب من مكانه على كرسى الرحمة وهو فى كل ضيقنا تضايق.

الأيات34-36:- ان يدوس احد تحت رجليه كل اسرى الارض. ان يحرف حق الرجل امام وجه العلي. ان يقلب الانسان في دعواه السيد لا يرى.
مع أن الله يستخدم أدوات لتأديباته مثل ملك بابل الطاغية إلا أن قلبه لا يرضى بأساليبهم فملك بابل أبى أن يطلق الأسرى والله لا يسر بهذا ولكن يرى الله أن هذا هو الطريق لخلاص شعبه من وثنيتهم. مثل أب يحمل إبنه للطبيب ليجرى لهُ عملية تنقذ حياته فهو كان لا يود أن يجعله يتعذب ولكن هذا ثمناً لحياته. ومع ان وحشية هؤلاء الأشرار تحقق غرض الله فلا يفهم من هذا أن الله يشجعهم على ذلك. فهو لم يشجع اليهود على صلبه. وهو لا يرضى بأن يدوس طاغية أسراه (34) ولا أن يعتدى أحد على شعبه بإسم القانون وبإسم العدالة وهى مزيفة. وذلك معنى أن يُحرفوا حق الرجل (35) فلا يستطيع أن يعرف أحد حقوقه أو أن يصل لها. ولا يسر الله أن تُحرف قضية إنسان ويحكم عليه زوراً (36) وعلى هؤلاء الذين يظلمون ويتصورون أن السيد لا يرى أن يعرفوا أن الله فوقهم جميعاً وهو يستفيد من ظلمهم لتصحيح أو ضاع شعبه ولكنه سرعان ما سيتصرف مع الظالم ويحاسبه. والله لا يؤدب لكى يُسر. بل لنكون شركاء فى قداسته. وهو أحن من أن يضع على كاهلنا حملاً لا لزوم لهُ، ولكنه أقدس من أن يُلغى جلدة واحدة فهو لا يطيق الإثم.

أية 38،37:- من ذا الذي يقول فيكون و الرب لم يامر. من فم العلي الا تخرج الشرور و الخير.
يجب أن نرى يد الله فى كل الألام التى تقع بنا بسماح منهُ (يو11:19) فهذا يُساعد على تهدئة نفوسنا بل وتتقدس الألام فينا. فنحن لسنا فى يد إنسان بل يد الله. وأى إنسان لهُ سلطة علينا لم تكن لهُ هذه السلطة إن لم تكن من فوق ولخيرنا. فالأمور كلها تعمل للخير لمن يحبون الله.

أية 39:- لماذا يشتكي الانسان الحي الرجل من قصاص خطاياه.
علينا أن لا نتشاجر مع الله بسبب ألامنا وأن نعترف أنها بسبب خطايانا. فعلينا أن نحتمل فى صبر فالله بار ويتبرر فى كل ما يعمله. وبدلاً من الشكوى علينا ان نتوب. فعلينا إذن أن نجلس ونتساءل لماذا سمح الله بهذا الألم. فلكى يصطلح الله معنا علينا أن نقبل مشيئته المقدسة.

أيات 41،40:- لنفحص طرقنا و نمتحنها و نرجع الى الرب. لنرفع قلوبنا و ايدينا الى الله في السماوات.
لنفحص حياتنا فى نور إرشاد الروح القدس ولا نخضع لشهواتنا فى الحكم فنبرر أنفسنا وندين الله. وإذا كانت هناك كارثة عامة فلا يجب أن نلقى الذنب على الآخرين بل لنفحص ذواتنا ونعرف نصيبنا فى هذه الكارثة ولو أصلح كل واحد نفسه لإنصلح حال الجميع. ويكون الطريق الوحيد أمامنا فى الضيقة لا أن نشتكى للناس بل نرفع القلب واليدين لله ونصلى.

الأيات 42-54:- نحن اذنبنا و عصينا انت لم تغفر. التحفت بالغضب و طردتنا قتلت و لم تشفق. التحفت بالسحاب حتى لا تنفذ الصلاة. جعلتنا وسخا و كرها في وسط الشعوب. فتح كل اعدائنا افواههم علينا. صار علينا خوف و رعب هلاك و سحق. سكبت عيناي ينابيع ماء على سحق بنت شعبي. عيني تسكب و لا تكف بلا انقطاع. حتى يشرف و ينظر الرب من السماء. عيني تؤثر في نفسي لاجل كل بنات مدينتي. قد اصطادتني اعدائي كعصفور بلا سبب. قرضوا في الجب حياتي و القوا علي حجارة. طفت المياه فوق راسي قلت قد قرضت.
لنلاحظ أن طول مدة التجربة فيها غواية من الشيطان ان الله لا يسمع صلواتنا. فهو هنا عاد ليشتكى من ألامهم ويعترف ان ذنوبهم هى السبب. ولكن النبى هنا يسلك المسلك الصحيح فهو يشتكى لله وليس للناس ثم إنه ينسب الألم لذنوبهم. غير أن طريقة البشر غير طريقة الله. فالله غير مطالب بأن يستجيب مباشرة بعد الصلاة، فهو وحده الذى يعرف متى يكون الوقت مناسباً حتى تؤتى التجربة ثمارها وإلا أصبحت بلا فائدة. ولا يجب أن يكون طول أناة الله فى حل المشكلة ودعاة لنا أن نتصور أن الله يعبس بوجهه لنا أو أنه لا يسمع لنا أولاً يشفق علينا لأن أعدائنا مازالوا مسيطرين على حياتنا. أنت لم تغفر = الله يغفر بمجرد أن نقدم توبة ولكن لا يرفع التجربة فوراً حتى ينصلح الداخل. والأيات (45-54) فيها تصوير أليم لألامهم الناتجة عن خطاياهم وسخرية أعدائهم منهم (1كو13:4) ولكن هذه صورة واضحة أخرى لألام المسيح الذى سخر منهُ الشعب فى ألامه وهو الذى فى وسط ألامه بكى على بنات أورشليم = عينى تؤثر فى نفس لأجل كل بنات مدينتى. وهو الذى أصطاده أعداؤه كعصفور برىء بلا ذنب ثم صلبوه ودفنوه = قرضوا فى الجب حياتى. ثم فى (54) طفت المياه فوق رأسى، هذه صورة تصويرية للموت. وفى (50،49) آية تعلمنا أن لا نكف عن الصلاة حتى يستجيب الرب. أى نصلى بلا إنقطاع.

الأيات 55-66:- دعوت باسمك يا رب من الجب الاسفل. لصوتي سمعت لا تستر اذنك عن زفرتي عن صياحي. دنوت يوم دعوتك قلت لا تخف. خاصمت يا سيد خصومات نفسي فككت حياتي. رايت يا رب ظلمي اقم دعواي. رايت كل نقمتهم كل افكارهم علي. سمعت تعييرهم يا رب كل افكارهم علي. كلام مقاومي و مؤامرتهم علي اليوم كله. انظر الى جلوسهم و وقوفهم انا اغنيتهم. رد لهم جزاء يا رب حسب عمل اياديهم. اعطهم غشاوة قلب لعنتك لهم. اتبع بالغضب و اهلكهم من تحت سماوات الرب.
نلاحظ فى هذا الإصحاح صراع بين مشاعر النبى وإيمانه وهذا الصراع يعتمل فى نفسه بين ألامه ومخاوفه من ناحية ورجاؤه من ناحية أخرى. فهو كان يشتكى فى الأيات السابقة ثم هنا نجد الرجاء ينتصر وهو يعزى نفسه هنا بخبراته السابقة فى مراحم الله وصلاحه فبالرغم من الألام الحالية فهو يصلى حتى وهو فى جب سفلى وهذا حدث مع أرمياء فعلاً وحدث من يونان فى بطن الحوت. وإذا كانت الصلاة هى صلة مع الله، فالمسيح فى قبره لم تنقطع صلته بالله فلاهوته لم يفارق ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين. وفى (56) لا تستر أذنك عن زفرتى = أى تنفس لأننا فى صلاتنا نتنفس تجاه الله. فالصلاة هى تنفس الإنسان الجديد فينا. الإنسان الروحى الذى فى شهيقة يتنفس مراحم الله وشفقته. وزفيره تسبيح الله وشكره. وفى (57) الله يستجيب لصلاته بأن يسكت مخاوفه وفى (58) خصوماتنا هى مع إبليس. فهذه الأية بداية الوعد بالفداء بأن المسيح إلهنا هو الذى سيخاصم إبليس ويدحره ويفك حياتنا ويحررنا وفى (59) الله العادل الذى يرى ان الشياطين خدعتنا وأسقطتنا هو سيقيم دعواى كمحامى لأنهم ظلمونا. ومن (60-63) تظهر نقمة الشياطين وتعييرهم ورمز لذلك أعمال البابليين ضد شعب الله ومعهم الأدوميين والعمونيين.... الخ. وربما أن هؤلاء ألفوا أغنية هزلية تسخر من الشعب فى ألامه ولكن هذه سخرية الشيطان منا بعد أن يوقعنا فى خطية. وهنا بروح النبوة يطلب الإنتقام من الأعداء ولكن هو فى الحقيقة يشرح فعل الصليب ضد الشياطين (64-66) غشاوة قلب = أى حزن فى قلوبهم وضلال فى قلوبهم وسيحيطهم غضب الله من كل ناحية ولعنته وهلاكه ضدهم (كولوسى 15،14:2).


الإصحاح الرابع

الأيات 2،1 :- كيف اكدر الذهب تغير الابريز الجيد انهالت حجارة القدس في راس كل شارع. بنو صهيون الكرماء الموزونون بالذهب النقي كيف حسبوا اباريق خزف عمل يدي فخاري.
الذهب رمز للسماويات. وهكذا خلق الله الإنسان وهكذا أراد الله لأورشليم وشعبها أن يكون أراد الله للإنسان أن يكون صورته وأن يكون حجارة مقدسة يبنى بها هيكله. ولكن الخطية جعلت هذا الإنسان يهبط للأرض وصاروا بدلاً من الذهب، أباريق خزف. وكانوا أنقى أنواع الذهب = الإبريز الجيد فإكدروا أى دخل فيهم شوائب كثيرة من العالم بل الحجارة المقدسة ملقاة فى رأس كل شارع بعد أن خرب الهيكل. فحين يغادر الله هيكله لا عجب أن يحدث هذا كله. ونحن الأن هيكل الله وهذا معنى من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17:3) إذن لنقرأ هذه الأيات وفى أذهاننا نرثى لكل من إبتعد عن الله وليس أورشليم فقط.

الأيات 3-5:- بنات اوى ايضا اخرجت اطباءها ارضعت اجراءها اما بنت شعبي فجافية كالنعام في البرية. لصق لسان الراضع بحنكه من العطش الاطفال يسالون خبزا و ليس من يكسره لهم. الذين كانوا ياكلون الماكل الفاخرة قد هلكوا في الشوارع الذين كانوا يتربون على القرمز احتضنوا المزابل.
الله هو الذى يشبع ومن إبتعد عن الله يصبح فى مجاعة وهنا تصوير للمجاعة أن الأمهات لا يرضعن أطفالهن بينما بنات أوى يرضعن أطفالهن. أطبائها = ثدييها. فصارت الأمهات كالنعام = يترك بيضه بلا رعاية فى الصحراء (أى14:39). ولكن الأمهات لا يرضعن أطفالهن فهى ليس لهم ما يعطينه لأطفالهن. والصورة هنا هى صورة الإبن الضال الذى أصبح فى مجاعة. ولكن المجاعة الروحية أشد وأقسى حين يفتقر الناس لكلمة الله وتعزيته.
(يتربون على القرمز = أى لهم حياة الملوك، فالقرمز هو ليس الملوك).

أية 6:- و قد صار عقاب بنت شعبي اعظم من قصاص خطية سدوم التي انقلبت كانه في لحظة و لم تلق عليها اياد.
عقاب سدوم أسهل فهم هلكوا فى لحظة ولم يعانوا حصاراً ولا جوعاً. والسبب أن أورشليم كان لها ناموس هيكل وكهنة وشريعة وأنبياء والله فى وسطها لذلك عقابها كان أشد.

أية 7:- كان نذرها انقى من الثلج و اكثر بياضا من اللبن و اجسامهم اشد حمرة من المرجان جرزهم كالياقوت الازرق.
نُذرها = أى النذيرين الذين ينذرون أنفسهم لله. هؤلاء كانوا أنقياء كالثلج. وكان لهم حيوية = أجسامهم أشد حمرة = هذه مثل حبيبى أبيض وأحمر (نش10:5) فالله يعطى نقاوة وحياة (تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج). والأن هذا عمل دم المسيح (رؤ14:7) الذى يجعل أيضاً حياتنا سماوية = جرزهم كالياقوت الأزرق = اى لمعانهم. فحياة أولاد الله لها لمعان سماوى.

أية 8:- صارت صورتهم اشد ظلاما من السواد لم يعرفوا في الشوارع لصق جلدهم بعظمهم صار يابسا كالخشب.
ماذا تفعل الخطية؟ هذه صورة عكسية للآية السابقة = النور يتحول لظلمة والحياة إلى موت.

أية 9:- كانت قتلى السيف خيرا من قتلى الجوع لان هؤلاء يذوبون مطعونين لعدم اثمار الحقل.
صورة للمجاعة فالحقل لا يثمر وذلك لأنه مداس من الأمم. وأرض حياتنا أوديست من العالم تموت.

الأيات 10-12:- ايادي النساء الحنائن طبخت اولادهن صاروا طعاما لهن في سحق بنت شعبي. اتم الرب غيظه سكب حمو غضبه و اشعل نارا في صهيون فاكل اسسها. لم تصدق ملوك الارض و كل سكان المسكونة ان العدو و المبغض يدخلان ابواب اورشليم.
من قدموا أولادهم ضحايا وبخروا لملكة السماوات يصبحوا قادرين على ذلك بل هذا هو عقابهم (رو26:1) نزع الرحمة من قلوبهم وكل كرامة إنسانية تفارقهم ويكمل خرابهم بخراب أورشليم الذى كان مذهلاً لدرجة أن ملوك الأرض لم يُصدقوا إقتحام أسوار أورشليم مدينة الرب فكان ظن الملوك أن أورشليم لا يقدر أحد على دخولها لمناعة أسوارها ولأن الله القدوس ساكن فيها. ولكن الله غادرها فدمرت وهكذا سيحرق الله العالم كله لخطيته (تث22:32).

الأيات 13-20:- من اجل خطايا انبيائها و اثام كهنتها السافكين في وسطها دم الصديقين. تاهوا كعمي في الشوارع و تلطخوا بالدم حتى لم يستطع احد ان يمس ملابسهم. حيدوا نجس ينادون اليهم حيدوا حيدوا لا تمسوا اذ هربوا تاهوا ايضا قالوا بين الامم انهم لا يعودون يسكنون. وجه الرب قسمهم لا يعود ينظر اليهم لم يرفعوا وجوه الكهنة و لم يترافوا على الشيوخ. اما نحن فقد كلت اعيننا من النظر الى عوننا الباطل في برجنا انتظرنا امة لا تخلص. نصبوا فخاخا لخطواتنا حتى لا نمشي في ساحاتنا قربت نهايتنا كملت ايامنا لان نهايتنا قد اتت. صار طاردونا اخف من نسور السماء على الجبال جدوا في اثرنا في البرية كمنوا لنا. نفس انوفنا مسيح الرب اخذ في حفرهم الذي قلنا عنه في ظله نعيش بين الامم.
هذه الأيات تنظر لأحداث قريبة هى خطايا الكهنة والأنبياء الكذبة الذين سفكوا وتسببوا فى سفك دماء بريئة كثيرة وبروح النبوة تنظر لأحداث صلب الكهنة للمسيح وسفك دمه وهو البار (13) فالذى أثار الجماهير ضد المسيح كانوا هم هؤلاء الكهنة أيضاً. وصرخ الشعب دمهُ علينا وعلى أولادنا " فكان القادة عميان وقاد هؤلاء القادة العميان الشعب فهم عميان قادة عميان (14) فهم نجسوا أنفسهم بالدم البرىء دم القديسين من هابيل الصديق لدم ذكريا إبن براخيا لدم الأطفال المسفوك كذبيحة للأوثان وإنتهوا بدم المسيح نفسه. لذلك صاروا نجاسة فى العالم كله (14-16) صاروا مشتتين فى العالم كله. ورذلهم العالم كله ما يقرب من 2000 سنة تحقيقاً لهذه النبوة ولم يحترم العالم لا شيوخهم ولا كهنتهم. وكانوا سخرية العالم كله. وسيعرف العالم أن الله طردهم من كنعان كما طرد الكنعانيون قبلهم بسبب نجاساتهم هذه وهى سفك الدم البرىء. وفى (17) هم كانوا فى بليتهم يرجون عون مصر باطلاً وهم فى حصارهم كانوا ينتظرون فى أبراج المراقبة من يأتى ليخلصهم من حصار بابل ولكن بلا أمل حتى كلت أعينهم من إنتظار هذه المعونة. وهم حتى الأن ما زالوا ينتظرون المسيح ليأتى ويعينهم ولكنه إنتظار باطل فالمسيح قد أتى. وهم فى برجهم أى خلال كتبهم أى الكتاب المقدس بنبواته التى تشهد بأن المسيح آتٍ. هم لهم البرج أى الكتاب المقدس (العهد القديم طبعاً) ومن خلالهُ ينظرون وينتظرون ان يأتى المسيح الموعود به ولكن باطلاً فهو قد أتى ولذلك كلت عيونهم. وهم ينظرون أمة لا تخلص = هم الأن يتصورون أن تكوينهم دولة اى أمة سيخلصهم بدون الإيمان بالمسيح ولكنها دولة لا تخلص.
أية (18) لأنهم خدعوا أنفسهم ورفضوا المسيح الحقيقى فسيخدعهم إبليس = نصبوا فخاخاً وسيرسل لهم من يدعى أنه المسيح ولكنه هو الذى يُكمل نهاية من لم يؤمن بالمسيح إبن الله. قربت نهايتنا وكملت أيامنا = فهذه الأحداث مرتبطة بنهاية الأيام. هم خدعوا أنفسهم لذلك فمن السهل أن يخدعهم عدو الخير. ومن ينخدع ويسير وراء هذا المسيح الكاذب يكمل كأس غضب الله عليه ومن يرجع ويؤمن بالمسيح إبن الله ستكون لهُ حياة. وأما تفسير الأية على المدى القريب فالباًبليين نصبوا فخاخاً ومجانيق (قاذفات أحجار) ضد أورشيم لينهوا مقاومتها. وكانت حين تنصب هذه الأحجار يصبحون غير قادرين على السير فى ساحات المدينة. آية (19) عقب ثغر سور المدينة أنقض عليهم البابليون أسرع من النسور فلم يستطيعوا الهرب ومن هرب للجبال لحقوا به. وفى (20) حتى ملكهم الذى قالوا عنه فى ظِله نعيش. أخذ فى حفرهم = قد يعنى هذا الملك صدقيا الذى أمسك به ملك بابل وكان أملهم أن يعيشوا تحت حمايته وحكمه وسط الأمم ولكن هذا الأمل ذهب عنهم. ولكن هذه الأية تنظر أيضاً لأحداث بعيدة. فمسيح الرب تشير للمسيح إبن الله وهو نفس أنوفهم الذى كانوا ينتظرونه كملك يعطيهم ملكاً وسط العالم ولكنهم صلبوه فأخِذَ فى حفرهم. وتعبير "نفس أنوفنا" هو تعبير كنعانى فيه مبالغة يستخدم لوصف الملوك. وأيضاً هناك تعبير آخر يستخدم عن الملوك وهو الظل وقد وُجد التعبيران فى الإصطلاحات الكنعانية وأيضاً عن رمسيس الثانى فرعون مصر. ولكن المعنى أن الشعب اليهودى ينتظر المسيح المخلص بشوق يصل أن يصبح نفس أنوفهم، فهم يتنفسون هذا الإشتياق صباحاً ومساءً ولكن على المدى القريب قد يكون صدقيا هو نفس أنوفهم ليعيشوا تحت حكم بابل فى سلام.

أية 21:- اطربي و افرحي يا بنت ادوم يا ساكنة عوص عليك ايضا تمر الكاس تسكرين و تتعرين.
إذا كانت أية (20) تحدثنا عن أن مسيح الرب قد دُفن فنهاية إبليس أصبحت حتمية. والأية (21) تستعمل أسلوب رمزى للحديث عن إبليس فتستخدم إسم آدوم وذلك للعداوة التقليدية بين آدوم
(عيسو) ويعقوب (شعب الله). فآدوم كانت فَرحَة فرحة شامتة فى خراب إسرائيل وأورشليم وهذا يزيد من ألام اليهود. ولكن النبى هنا بأسلوب تهكمى يقول لأدوم إطربى وإفرحى = فكأس آلامك قادم وسيخربك ملك بابل كما خرب أورشليم. وستسكر وتتعرى من هذا الكأس = أى ستتخبط فى كل مشوراتها وتفتضح مؤامراتها ضد شعب الله. وهكذا مع الشياطين فقد فضح الله كل مؤامراتهم وعداوتهم للبشر، وأفشل كل مؤامراتهم وخططهم لهلاك أولاده.

أية 22:- قد تم اثمك يا بنت صهيون لا يعود يسبيك سيعاقب اثمك يا بنت ادوم و يعلن خطاياك.
قارن مع (أش2:40) قد تم إثمك يا بنت صهيون = بالفداء سامح الله شعبه ولا يعود إبليس يسبيه فقد دفع الله الثمن من دمه ليحررنا. وسيعاقب إثمك يا بنت آدوم = أما الشيطان فسيفضحه الله ويعاقبه عقاب أبدى فى البحيرة المتقدة بالنار بلا أمل فى نجاة.


الإصحاح الخامس

أية 1:- اذكر يا رب ماذا صار لنا اشرف و انظر الى عارنا.
هذا الإصحاح إصحاح صلاة وتضرع، أحزين أحد بينكم فليصلى ويسكب شكواه أمام الله فيكون لهُ عزاء بعد أن يترك الموضوع فى يدى الله وهكذا فعل النبى هنا.

أية 2:- قد صار ميراثنا للغرباء بيوتنا للاجانب.
ميراثنا = هى أرض كنعان التى أعطاها لهم الله كنعمة (يش28:24) + (تث21:4) وعلى كل خاطىء إمتلك الشيطان منهُ جزءاً أن يصلى ويتضرع لله حتى يمحو هذا العار.

أية 3:- صرنا ايتاما بلا اب امهاتنا كارامل.
حالتهم صارت كالأيتام والأرامل = أى عاجزين عن حماية أنفسنا فالله فارقنا وملكنا فى السبى وأولادنا وشباننا قتلوا "أنظر يارب إلى ضعفى وذلى ومسكنتى ونجنى".

أية 4:- شربنا ماءنا بالفضة حطبنا بالثمن ياتي.
نقص الماء يشير لإنعدام التعزية وأفراح الروح. ولكن فلنلاحظ أنهم تركوا الله ينبوع الماء الحى وذهبوا لينقروا لأنفسهم أباراً مشققة لا تضبط ماء" هم تركوا الله الذى عنده التعزية الحقيقية وذهبوا للعالم يبحثون عنده على ملذاتهم والشيطان دائماً يقنع الإنسان بأن العيشة مع الله مكلفة وسيعيش الإنسان مع الله فى حياة جافة ويعرض الشيطان على الإنسان ملذات كثيرة تقنعه فى أول الطريق. ولكن بعد أن يفقد الإنسان كل شىء، يجد أن تكلفة ملذاته هذه كبيرة فهى كلفته كل عمره بل وأبديته. هذا معنى شربنا ماءنا بالفضة (قارن مع أر13:2).

أية 5:- على اعناقنا نضطهد نتعب و لا راحة لنا.
على أعناقنا = هذا هو نير العبودية. فمن وضع عنقه تحت يد الشيطان يشعر بثقل هذا النير. ولا يجد راحة = فلا راحة سوى مع المسيح الذى يحمل عنا أثقالنا ونيره هَين.

أية 6:- اعطينا اليد للمصريين و الاشوريين لنشبع خبزا.
عبوديتهم وذلهم للمصريين والأشوريين لأجل الخبز هى عبودية الخاطىء للشيطان.

أية 7:- اباؤنا اخطاوا و ليسوا بموجودين و نحن نحمل اثامهم.
هذه ليست مثل (أر29:31) أو مثل (حز2:18) فهؤلاء يتمردون على أحكام الله ضدهم قائلين إننا لم نخطىء بل أباؤنا أخطأوا فلماذا تعاقبنا نحن. أما قول أرمياء هذا فهو مختلف لأنه هنا يعترف بخطاياه فى أية (16) ويل لنا لأننا أخطأنا. ولكن هذه الأية هى شكوى الإنسان عموماً من ان آدم أخطأ ونحن نحمل ذنبه ولكن بعد المسيح لم يَعُد هناك مجال لهذه الشكوى فالمسيح أزال عنا عقوبة وخطية آدم. ولكن أيضاً أرمياء فى هذه الأية يعترف بأنهم هم وأباؤهم قد أذنبوا هذه تشبه صلاة دانيال (دا4:9-12).

أية 8:- عبيد حكموا علينا ليس من يخلص من ايديهم.
العبيد الذين يحكمونهم هم البابليين وحين يحكم عبد يصير حكمه أشر أنواع الحكم وبذلك لحقت لعنة كنعان بشعب يهوذا. فكانت لعنة كنعان "عبد العبيد يكون لإخوته" فمن رفض حكم الله عليه ومشورات رجالهُ من الأنبياء سيحكمهم آخرين يذلونهم. ومن رفض الخضوع لله يتسلط عليه إبليس. وهم لا يرون طريقاً للخلاص = ليس من يخلص من أيديهم.

أية 9:- بانفسنا ناتي بخبزنا من جرى سيف البرية.
هناك من يخسر حياته ليحصل على الخبز. وكان هذا فى أثناء الحصار. فمن يحاول الخروج يقتله الكلدانيون وهم هنا سيف البرية. ففى أية (6) وجدنا أنهم يمدون أيديهم ليأكلوا وهنا نجدهم يخسرون حياتهم ليأكلوا. وإذا فهمنا أن هذا يرمز لمن يمد يدهُ للشيطان ويقبل الخطايا لملذاتها فيُعرض نفسه للموت.

الأيات 10-16:- جلودنا اسودت كتنور من جرى نيران الجوع. اذلوا النساء في صهيون العذارى في مدن يهوذا. الرؤساء بايديهم يعلقون و لم تعتبر وجوه الشيوخ. اخذوا الشبان للطحن و الصبيان عثروا تحت الحطب. كفت الشيوخ عن الباب و الشبان عن غنائهم. مضى فرح قلبنا صار رقصنا نوحا. سقط اكليل راسنا ويل لنا لاننا قد اخطانا.
وصف للمجاعة (10) ولهؤلاء الذين طالما تمتعوا بالأفراح فجلودهم إسودت من الجفاف وكرامة نساؤهم إنحطت (11) ورؤساؤهم عُلقوا بعد قتلهم كما حدث مع شاول الملك (12) وفى (13) عمل الطحن هو إهانة للشباب(فهو عمل النساء فقط) مثل ما حدث مع شمشون. ولاحظ أن هذا حدث مع ظالميهم من البابليين بعد ذلك (أش6:47) وفى عبوديتهم كانوا بلا أفراح ويشير لها الرقص والغناء "كيف نسبح تسبحة الرب فى أرض غريبة" وذهب عنهم مجدهم وبهاءهم (هيكلهم وقصر ملكهم) كل هذا لأن الله فارقهم = سقط إكليل رأسنا وشيوخهم لم يعدلهم مكانة فهم إما قتلوا أو ذهبوا للسبى، وهكذا ملكهم.

الأيات 17-19:- من اجل هذا حزن قلبنا من اجل هذه اظلمت عيوننا. من اجل جبل صهيون الخرب الثعالب ماشية فيه. انت يا رب الى الابد تجلس كرسيك الى دور فدور.
هنا شكوى خاصة بخراب الهيكل وهذا ما جعل النبى يتألم بالأكثر ويكتئب قلبه. فجبل صهيون هو جبل الهيكل أى المبنى عليه الهيكل. وقد خرب الأعداء هذا الجبل حتى أن الثعالب كانت تجرى فيه. ولنلاحظ أن الإنسان هو هيكل الله فحين غادر الله هذا المكان حلَتْ فيه الثعالب أى الشياطين الماكرة المخادعة فهذه صفة الثعالب. والنبى هنا يعزى نفسه بأن ملك الله أبدى (19) وهذا يعزينا فى كل ضيقاتنا أن " الله ليس عنده تغيير او ظل دوران " وأن سلطانه أبدى لا يتغير من جيل إلى جيل. وحين تزول كل عروش الملوك الظالمين فعرش الله باقى. وقد تعنى الثعالب فى الهيكل = البابليون الذين دمروه وخربوه وداسوه بأقدامهم قارن مع (أش19:13-22) + (لا33:26).

الأيات 20-22:- لماذا تنسانا الى الابد و تتركنا طول الايام. ارددنا يا رب اليك فنرتد جدد ايامنا كالقديم. هل كل الرفض رفضتنا هل غضبت علينا جدا.
هى صلاة تضرع وإستعطاف. وأرددنا يا رب فنرتد = أى توبنا يا رب فنتوب ولا تحرمنا من أن نفرح بك مثل الأول. "والله بالتأكيد يقبل مثل هذه الصلاة وهذه التوبة".
والى اللقاء مع تفسير سفر آخر
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم الأصحاح السادس عشر تفسير سفر اللاويين
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم الأصحاح الثالث عشر تفسير سفر اللاويين
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم الأصحاح الحادى عشر تفسير سفر اللاويين
تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم الاصحاح العاشر تفسير سفر اللاويين
تفسير الاصحاح الاول من سفر التكوين لابونا انطونيوس فكرى


الساعة الآن 09:44 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025