خاتمة
لقد بدأ التقليد أولاً بقراءة الشيء الجوهريّ في نشيد الأناشيد، ورأى فيه نشيد حياة العماد والحوار الذي يكشف مَن هي الكنيسة ومن أيّ سرّ حبّ تُولَد وتحيا. وكان ذلك زمن القراءة التمثيلية، من دون أيّ مشاركة تقريباً: فإنّ معنى النصّ الحرفيّ، وقد فُهِم على أنّه المعنى الذي قصده الكاتب، كان مطابقاً لهذا التفسير. ثمّ جاء في العصر الحديث زمن آخر لم يشأ أن يقرأ، وبجدل كبير أحياناً، إلاّ نشيد الرجل والمرأة كما تحلم به البشريّة. فتطابق المعنى الحرفيّ مع المعنى الأنتروبولوجيّ. ثم قام زمن ثالث- قد يكون زمننا- بوضع خلاصة لهاتين القراءتين: فاعتبر أنّ النشيد يعبّر عن علاقة الحبّ القائمة بين الله وشعبه وبين المسيح والكنيسة، ويتيح لنا، في الوقت نفسه، أن نرى الرجل والمرأة ونُعجبَ بهما، إذ إنّهما أصبحا قادرين على إتمام إنسانيّتهما، الواحد في سبيل الآخر، والواحد بالآخر، في ابتهاج هادئ. ويكون معنى النشيد حركة أخذ وعطاء متبادلة بين هذين المَدَيَيْن، لأنّ بشرى الإنجيل تطال هاتين الحقيقتين الواحدة بالأُخرى.
ومهما يكن من أمر يبقى نشيد الأناشيد هو أغنية الكنيسة المفضلة، لأنه نشيد الحب الذي ينشده عريسها المسيح لها وتنشده هي العروس له وتربي أبناءها من رجال ونساء عليه. إنه تعبير عن أجمل وأصدق اتحاد في الحب، إتحاد دائم وأبدي وصادق، حب خاتمه هو على القلب، حب لا يشوب جماله عيب ولا يقوى عليه الموت.