الحياة اليوميَّة
عاش دائماً في الأرض التي يتحدث عنها الكتاب المقدس بدوٌ رُحل (متنقلون من مكان إلى آخر) وقومٌ حضر (حلوا في مواطن مستقرة).
ولما دعا الله إبراهيم إلى ترك موطنه، استبدل بحياته المتحضرة والمستقرة في أور الواقعة بين النهرين نمط حياة شبه بدوي. فسكن في خيام من شعر المعزى. وكانت شُقق هذه الخيام ذات الخطوط السوداء والبنية تنسج من شعر المعزى بعد جزه، وذلك على نولٍ يُدقُ في الأرض بأوتاد. وكانت حلقات من خشب تثبت على طول الحافة وفي الوسط لتعلق على تسع دعائم في ثلاثة صفوف. وصف الدعائم الوسطي يرتفع نحو مترين، فيما يبلغ ارتفاع الصفيف المتطرفين أقل من ذلك قليلاً.
كانت الخيمة تُصنع بنصب شقة طويلة من شعر الماعز بعرضٍ يناهز المترين. وكانت النساء يقمن بعمل شاق إذ ينصبن الخيمة ويثبتن الدعائم بحبال مشدودة. أما جوانب الخيمة العمودية فكانت تُسد بشقق من شعر المعزى أو حصر القش الصفيقة، ثم تقسم الخيمة إلى "حجرتين"، إحداهما عبارة عن رواقٍ مفتوح يُستقبل فيه الزوار، والأخرى تشكل خباءً مستوراً للنساء ومكاناً تُحفظ فيه المخزونات. ولم يكن مسموحاً أن يدخل هذا الخباء من الذكور الراشدين أحدٌ غير رب الأسرة. أما أرضية الخيمة فكانت تُفرش أحياناً بالحصر والبسط، ولكنها في الغالب كانت تترك أرضاً عارية. وكانت الخيام تُنصب مجموعات طلباً للأمان. وقلما خُصصت للنساء خيمة كاملة، إلا إذا كانت الأسرة غنية جداً.
عاشت ذرية إبراهيم في خيام طوال مئاتٍ من السنين، أولاً في كنعان، ثم في مصر، ثم في البرية (الصحراء). ولما فتحوا كنعان، استولوا على المدن الكنعانية ورمموا خرائبها وقلدوا أهلها في أسلوب البناء.