الحرب
للحرب مكانة بارزة في العهد القديم، رغم الحقيقة القائمة في كون شريعة الله تحمي الحياة وتنهى عن القتل نهياً شديداً. وسبب ذلك أن الله اتخذ له في القديم شعباً خاصاً. وقد عانى هذا الشعب ضيقاتٍ كثيرة فشد الله أزره. وبعد النجاة من مصر، قال موسى هاتفاً: "الربُّ رجل الحرب..." ثم حين كان الشعب على وشك الدخول إلى كنعان ذكرهم الله أن النصرة هي من لدنه: "لأن الرب إلهكم سائرٌ معكم لكي يحارب عنكم أعدائكم ليخلصكم". وكان واجباً أن يُباد سكان الأرض السابقون (أو "يُحرموا" أي يُقدسوا لله). فالحرب إذاً كانت "حرباً مقدسة". غير أن هدفها النهائي كان السلام والأمان. وكان على الشعب أن يطيعوا الله ويتكلوا عليه، وإلا غلبهم أعداؤهم. هذه هي الرسالة التي ينبه عليها سفر القضاة.
وغالباً ما واصل الأنبياء تأكيد هذه الرسالة. ولما كان الملوك يخوضون الحرب لأسباب سياسية متكلين على الخيل والمركبات والفرسان، فغالباً ما كانت الهزيمة تُرى باعتبارها طريقة الله في معاقبة الشعب لعدم إيمانهم.
ولكن الأحوال تغيرت بعد السبي لما رجع الشعب إلى الأرض. فإن اليهود كانوا قد كابدوا هزائم كثيرة حتى بات كثيرون يعتبرون أن الحرب من الشيطان. وقد عقدوا رجاءهم على إرسال الله ملكه المحارب ليخوض المعركة الحاسمة فينتصر ويُحِلُّ السلام لشعبه سواءٌ في هذا العالم أو في الآتي. هذا هو مدار الرجاء المسيحاني.
هذا المفهوم عن المسيّا رفضه المسيح. فهو قد جاء لإحلال السلام الإلهي. سيحصل انقسام بين الذين يؤمنون والذين لا يؤمنون، ولكن ينبغي ألا يُعد الناس أعداءً. ولا يظهر الرب يسوع بصورة المحارب إلا في سفر الرؤيا. ولكن المسيحيين يُصورون أجناداً يخوضون حرباً روحية ضد الشر. والنصر في هذه الحرب مؤكد، لن المسيح بموته وقيامته غلب الشيطان. ومن علامات انتهاء الدهر كثرة الحروب الفعلية.
خروج 15: 3؛ تثنية 20: 4؛ أشعياء 31: 1؛ 5: 25- 30، ومقاطع أخرى عديدة؛ رؤيا 19: 11؛ أفسس 6: 10- 17؛ يوحنا 12: 31