قال القديس كيرلس الكبير في شرحه لتجسد الابن الوحيد:
" الكلمة الذي من الله الآب (المولود من الآب) دعي إنسانًا رغم كونه بالطبيعة الله، لأنه أشترك في الدم واللحم مثلنا" (عب2: 14)، وهذا جعل الذين على الأرض قادرين على مشاهدته. وعندما حدث ذلك (تجسد) لم يفقد شيئًا مما له (ألوهيته). وإذ أخذ طبيعة بشرية مثلنا (مثل طبيعتنا) لكنها كاملة، ظل أيضًا الله ورب الكل، لأنه هو هكذا فعلًا وبطبيعته وبالحق مولود من الأب رغم تجسده، وهذا يرينا إياه بوضوح كاف الحكيم بولس عندما يقول "الإنسان الأول أرضي من الأرض، والإنسان الثاني الرب من السماء" (1كو15: 47)، ورغم أن العذراء مريم ولدت الهيكل (ناسوت المسيح) (يو2: 19-20) المتحد بالكلمة إلا أن عمانوئيل قيل عنه وهذا حق "من السماء لأنه من فوق، ومولود من جوهر الآب، وإن كان قد نزل إلينا عندما صار إنسانًا، إلا أنه من فوق، ومولود من جوهر الأب. وإن كان قد نزل إلينا عندما صار إنسانًا، إلا أنه من فوق. وعن هذا شهد يوحنا: "الذي يأتي من فوق هو فوق الكل" (يو3: 31). والمسيح نفسه قال لشعب اليهود "أنتم من أسفل وأما أنا فمن فوق" (يو8: 23). وأيضًا "أنا لست من هذا العالم" رغم أنه كإنسان هو في العالم إلا أنه أيضًا فوق العالم كالله، ونحن نذكر أنه قال علانية "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء ابن الإنسان الذي هو في السماء" (يو3: 13).
ولذلك نقول أن ابن الإنسان نزل من السماء وهذا تدبير أن يكون للمسيح كل صفات الناسوت في الاتحاد. لأن الكلمة وهب لجسده كل صفات مجده، وكل ما هو فائق وخالص.
وقال أيضًا "إن الله أخلى ذاته دون أن يمس هذا بطبيعته لأنه عندما أخلى ذاته لم يتغير إلى طبيعة أخرى، ولم يصبح أقل مما كان عليه لأنه لم ينقص شيئًا. هو غير متغير مثل الذي ولده (الآب). ولكن عندما صار جسدًا، أي إنسانًا جعل فقر الطبيعة الإنسانية فقره.
__________________