![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| VIP |::..
![]() |
![]() ٢. محبّة الرسول لصديقه اعتاد الرسول أن يسلك بروح السيد المسيح، لذا نجده قبل أن يأمر فليمون بشيء يفيض عليه بالحب. وكما يقول القدّيس يوحنا الذهبي الفم: [إنه يعطيه قبل أن يأخذ منه، يهبه عطفًا قبلما يطالبه بعطف أقل. وبهذا يخجّله من أن يرفض له طلبًا.] "أشكر إلهي كل حين ذاكرًا إيّاك في صلواتي، سامعًا بمحبتك والإيمان الذي لك نحو الرب يسوع ولجميع القدّيسين. لكي تكون شركة إيمانك فعّالة في معرفة كل الصلاح الذي فيكم لأجلالمسيح يسوع" [4-6]. لقد كشف له عن أعماق محبّته الداخليّة نحوه والتي تتمثّل في الآتي: 1. وسط أتعابه يتتبّع أخباره فيسمع عن إيمانه بالرب يسوع، ومحبّته لجميع القدّيسين. وهما الركيزتان اللّتان عليهما تُبني كل الحياة المسيحيّة. أي الإيمان الحيّ الفعال، الإيمان المشترك، أي إيمان الكنيسة الواحدة الجامعة الذي تتسلّمه عبر الأجيال بلا تحريف. 2. إعجابه به جعله يشكر إلهه كل حين بسببه، وهكذا تحوّل السجن بما فيه من آلام إلى خلوة يقدّم فيها الرسول التشكّرات والتسابيح لله من أجل نعمه على الكنيسة. 3. لم يفرح بولس وحده بفليمون، بل يقول: "لأن لنا فرحًا كثيرًا وتعزية بسبب محبّتك، لأن أحشاء القدّيسين قد استراحت بك أيها الأخ" [7]. يا لعذوبة حب الكنيسة ووحدتها، فإنها تفرح كثيرًا وتتعزّى بمحبّة رعاتها ورعيّتها ونموّهم الروحي. ويعلّق القدّيس يوحنا الذهبي الفم قائلاً بأن القدّيسين أشبه بأطفال مغرمين بحب والديهم، فإذ يشعرون بمحبّة أبيهم "فليمون" الذي يعمل بإيمان وحبٍ، يفرحون وتستريح أحشاؤهم به. ٣. طلب الرسول من أجل أنسيموس بعد هذه المقدّمة الملتهبة حبًا، بدأ يطلب من أجل أنسيموس، وفي طلبه يستخدم الحكمة فيقول له: "لذلك وإن كان لي بالمسيح ثقة كبيرة أن آمرك بما يليق" [8]. يبدأ الطلب بقوة، أنه بالمسيح يقدر أن يتجاسر لا ليطلب بل ليأمر، لكنه يأمر "بما يليق". فبالمسيح تُنتزع الكلفة بين البشر، لكن المؤمن لا يأمر إلا بما يليق في الرب. أما سرّ لياقة الطلب بل الأمر فهو: 1. أن المحبّة تلزم فليمون بقبول أنسيموس "من أجل المحبّة أطلب بالحري، إذ أنا إنسان هكذا نظير بولس الشيخ، والآن أسير يسوع المسيح" [9]. كلمة شيخ Presbyter هنا تحمل السلطان الكهنوتي الأبوي. قضى هذا الأب المسن حياته في خدمة الرب محتملاً الآلام من أجل الكرازة، وها هو الآن أسير الرب. لذا يتكلّم بحب كهنوتي أبوي مملوء خبرة. لا يقدر هذا الأب أن يصمت متى رأى فرصة لراعٍ أو علماني أن يعمل خيرًا بل يطلب ذلك بالحري. بهذا المعنى قال القدّيس أغناطيوس النوراني: [لا يسمح لي الحب بالصمت، لهذا وضعت على عاتقي أن أنصحكم حتى يسلك جميعكم معًا حسب إرادة اللَّه.] |
||||
![]() |
|