![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
|
يشبه القديس يوحنا الذهبي الفم البشرية الساقطة بامرأة زانية، وقد نزل العريس السماوي مختفيًا في الجسد لكي لا تخافه فتهرب منه، بل تلتقي معه وتتمتع بالمصالحة مع الآب، وتقبل الاتحاد مع عريسها السماوي إذ تتعرف على أسراره، وتنطلق معه إلى سمواته. صار الكلمة إنسانًا ليضم البشر فيه فيتمتعوا بالإعلان الإلهي والمعرفة الإلهية عن اتحاد وقرب واختبار. من أجلنا أخلى نفسه عن مجده الإلهي المنظور، وكما يقول الرسول بولس: "الذي كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلًا لله، لكنه أخلى نفسه، أخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس" (في 2: 6-7).. هذا الإخلاء لم يسبب تغييرًا في خصائص لاهوته، لأن لاهوته المتحد بناسوته لم يمتزج معه، إنما بتأنسه صار الكلمة إنسانًا كاملًا حقيقيًا وهو العلي الإله السماوي. بهذا فتح لنا بابًا إلى الأقداس السماوية. "فإذ لنا أيها الاخوة ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع، طريقًا كرسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب، أي جسده" (عب 10: 19-20). "ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقًا". في العبارات السابقة حلق بنا الإنجيلي يوحنا في جو الإلهيات حيث نشعر بالعجز الكامل عن إدراك أسرار الكلمة الإلهي. لكنه لم يتركنا في عجز لئلا نيأس، إذ عاد فأعلن أن هذا الكلمة صار جسدًا، صار قريبًا إلينا جدًا، في متناول يدنا، نراه ونلمسه ونسمعه ونعيش معه، نشاركه حياته. نتطلع إلى ابن الإنسان فنراه وهو الكلمة الإلهي حمل الصليب فدان الخطية بالجسد، إذ قدمه ذبيحة خطية من أجل خلاص العالم ومجده. نراه على الصليب في ساعة مجده الخفي، حيث حملنا بصليبه إلى حضن أبيه أبناء مقدسين وممجدين، شركاء في الطبيعة الإلهية. هذا الجسد العجيب المصلوب القائم من الأموات هو سرّ ثبوتنا فيه ومجدنا وحياتنا أبديًا، يقدمه لنا على الدوام خلال سرّ الافخارستيا، خلاصًا من خطايانا وحياة أبدية لمن يتناول منه. |
|