خلال فترة حكم داود، وأيضًا سليمان صارت إسرائيل مملكة عظيمة تفيض بالخير والرخاء، فداود الملك العظيم حارب الشعوب المحيطة وخلَّص إسرائيل من سطوة هذه الشعوب التي طالما أذلت شعب الله واستعبدته، وسلب تلك الأمم، واكتنز ما سلبه من ذهب وفضة لبناء بيت الرب، وفي عصر سليمان استتب الأمن وساد السلام، وتعظم سليمان على سائر ملوك الأرض، فقدموا له الهدايا.
كما أنه تاجر في الخيل، وصنع سفنًا عظيمة تصل إلى ترشيش في أسبانيا بالبحر الأبيض وتصل إلى حدود الهند وجنوب إفريقيا عبر البحر الأحمر، فتاجرت هذه السفن وأحضرت الذهب والفضة إلى أورشليم "وجَعَلَ الْمَلِكُ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ فِي أُورُشَلِيمَ مِثْلَ الْحِجَارَةِ" (2أي 1: 15)، ومرت الأيام وجاء عصر أمصيا والمملكة منشقة، والحالة الاقتصادية متدهورة، ولذلك عندما أراد أمصيا أن يحارب الأدوميين جمع جيشًا قوامه ثلاث مئة ألف مقاتل، ولم يكتفِ بهذا العدد الضخم بل أرسل "واسْتَأجَرَ مِنْ إِسْرَائِيلَ مِئَةَ أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ بِمِئَةِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ"(2أي 25: 6) والوزنة تساوي 36 كجم، فهو استأجر هذا العدد الضخم من الرجال المقاتلين مقابل 3600 كجم من الفضة، سلَّمها لملك إسرائيل الذي أرسل له العدد المطلوب، على أمل أن يدخل هؤلاء الرجال الحرب وينتصرون ويعودون بأسلابهم التي سيسلبونها من الأدوميين، وهذا يفسر لنا مدى غيظ هؤلاء الجنود عندما أعفاهم أمصيا الملك من المشاركة في الحرب "فَحَمِيَ غَضَبُهُمْ جِدًّا عَلَى يَهُوذَا وَرَجَعُوا إِلَى مَكَانِهِمْ بِحُمُوِّ الْغَضَبِ" (2أي 25: 10)
فقد أضاع عليهم فرصة غنائم الحرب، ولذلك جاء رد فعلهم عنيفًا: "فَاقْتَحَمُوا مُدُنَ يَهُوذَا مِنَ السَّامِرَةِ إِلَى بَيْتِ حُورُونَ، وَضَرَبُوا مِنْهُمْ ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَنَهَبُوا نَهْبًا كَثِيرًا" (2أي 25: 13) لقد نهبوا من مملكة يهوذا ما كانوا سينهبونه من مملكة أدوم، وهكذا عندما ننظر للموضوع بجميع جوانبه ندرك أنه لا يوجد أي نوع من عدم الصحة فيما جاء في سفر الأخبار.