![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() من هو الرجل الذي بنى بيتًا جديدًا ولم يُدشِّنه، ليذهب ويرجع إلى بيته لئلاَّ يموت في الحرب فيُدشِّنه رجل آخر. ومن هو الرجل الذي غرس كرمًا ولم يبتكره، ليذهب ويرجع إلى بيته لئلاَّ يموت في الحرب فيبتكره رجل آخر. ومن هو الرجل الذي خطب امرأة ولم يأخذها، ليذهب ويرجع إلى بيته لئلاَّ يموت في الحرب فيأخذها رجل آخر. ثم يعود العرفاء يخاطبون الشعب ويقولون: من هو الرجل الخائف والضعيف القلب، ليذهب ويرجع إلى بيته لئلاَّ تذوب قلوب اخوته مثل قلبه. وعند فراغ العرفاء من مخاطبة الشعب يقيمون رؤساء جنود على رأس الشعب" [5-9]. طالبت الشريعة باستثناء أربع فئات من الاشتراك في الحرب خشية أن يحل بهم الخوف، فيرتبكون أثناء المعركة. أمَّا الفئة الرابعة وهي فئة الخائفين وضعفاء القلب فهؤلاء يلزم استبعادهم تمامًا لأنَّهم كالوباء الذي ينتشر فيهلك الآخرين. هذا ما فعله جدعون مع جيشه إذ نادى كأمر الله في آذان الشعب قائلاُ: "من كان خائفًا ومرتعدًا فليرجع وينصرف من جبل جلعاد. فرجع من الشعب اثنان وعشرون ألفًا، وبقي عشرة آلاف" (قض 7: 3). طلب من الفئات التالية حق أن ينسحبوا من المعسكر حتى لا يفسدوا نفسيَّة الجيش. أ. من بنى بيتًا جديدًا أو اشترى بيتًا جديدًا ولم يُدشِّنه بعد [5]، أي لم يقم احتفالًا مع أصدقائه بمناسبة شرائه الذين يأتون ليهنئونه به، فليرجع إلى البيت ويستريح فيه، لئلاَّ ينشغل بالبيت واحتفاله به أثناء الحرب. الجندي الحقيقي ليس له بيت ينشغل به، بل يعيش كغريبٍ على الأرض حتى يستقر في حضن الله، في بيته السماوي. ربَّما يقصد بالإنسان الذي بنى بيتًا جديدًا ولم يُدشِّنه بعد ذاك الذي ينشغل بالراحة الجسديَّة والبركات الزمنيَّة، ولم يحول بيته إلى كنيسة مقدَّسة، ولم يُدشِّنها ويحتفل بسكنى الرب في بيته، مثل هذا لا يستطيع أن يجاهد روحيًا. واضح من عنوان المزمر 30 "مزمور أو أغنية عند تدشين بيت داود"، أنَّه كان من عادة إسرائيل أن يدشِّنوا البيت الجديد لله بالصلاة والتسبيح وتقديم التشكُّرات. هذا كلُّه لتأكيد تسليم كل بيت لله ليسكن وسط كل أسرة ويباركها. فإنَّه لا يمكن لمؤمن أن يسكن في بيتٍ ويشعر بالأمان ما لم يتحقَّق من رعاية الله وحمايته له. ولا ننسى أنَّه في كثير من الأمم القديمة كانت الأسرة تخصِّص جزءً من البيت للعبادة، يقيمون فيه التماثيل. على سبيل المثال كان سكان Bonny في أفريقيا غالبًا ما يقسمون أماكن السكن إلى ثلاثة أقسام، قسم لسكن الشخص أو الأسرة، والثاني يحسب مكانًا عامًا لإضافة الغير وإطعامهم، والثالث يخصَّص لل Juju، الإلهة الثعبان serpent-god التي يعبدونها. فقد كان حتى هؤلاء الهمجيون يعتقدون بأنَّه في كل بيت يلزم أن يجد إلههم هيكلًا له. لا يزال يوجد عند كثير من الأقباط تقليد جميل، وهو ألاَّ يسكن أحد منزلًا جديدًا ما لم يستدعِ الكاهن ويجتمع مع الأسرة ليقدِّموا صلاة "تبريك المنازل"، خلالها يطلب الكل من الله أن يسكن في وسط الأسرة، ويبارك الموضع، ويتمِّم رسالة الساكنين فيها. للأسف البعض يستدعون الأقارب والأصدقاء والجيران لإقامة حفلٍ عند بناء بيت جديد أو عند شرائه، لكنَّهم ينسون الصلاة والتسبيح لله. هذا ويخصِّص كثير من المسيحيِّين، خاصة في الشرق، المنتمين للكنائس الرسوليَّة حجرة خاصة للصلاة أو زاوية من حجرة تُزيَّن بالأيقونات حتى يشعر أهل البيت بأن المنزل كلُّه مكرَّس للرب. ب. من غرَس كرمًا وأنفق عليه الكثير ولم يجنِ منه ثمرًا بعد. الكلمة العبريَّة هنا تعني حقلًا أو حديقة فواكه، ليس بالضرورة أن تكون غروس عنب، بل أي نوع من الفواكه أو مزارع الزيتون. أنَّه يشتاق أن يتمتَّع بالثمر، وبحسب الشريعة كان يُمنع من أكل ثمرها لمدَّة الثلاث سنوات الأولى (لا 19: 23). مثل هذا الإنسان الذي يضع قلبه في بطنه، فيشتهي أن يأكل ويشرب متلذذًا حتى وإن كان من تعب يديه لا يصلح أن يشترك في معركة السيِّد المسيح. يليق بجندي المسيح ألاَّ تكون له كروم ولا معاصر ولا موائد تشبع شهواته، بل يأكل ويشرب ممَّا يجده عند قدميه لكي يعيش ويجاهد. أنَّه لا ينشغل بشيء سوى الاستعداد لسماع صوت البوق الذي يدعوه إلى المعركة. ج. من عقد خطبة مع فتاة واهتم أن يعد لها بيت الزوجيَّة حتى يستدعيها ويتزوَّجها، مثل هذا الإنسان إن كان قلبه مشغولًا بتهيئة البيت لعروسه لا يلتزم بالذهاب إلى المعركة. أنَّه يمثِّل الإنسان الذي لم يذق عذوبة الاتِّحاد الزيجي الروحي مع الله مخلِّصه ولم يهيِّء بعد مكان العرس السماوي ليستقر فيه، مثل هذا الإنسان لا يقدر أن يجاهد في المعركة الروحيَّة. جاء في نفس السفر: "إذا اتَّخذ رجل امرأة جديدة فلا يخرج في الجند، ولا يُحمل عليه أمر ما، حرًا يكون في بيته سنة واحدة ويسر امرأته التي أخذها" (تث 24: 5). اتَّفق الكُتَّاب اليهود أن هذه التجاوزات سمح بها فقط في الحروب التي تُثار بحريَّة إرادة إسرائيل، أمَّا التي ألزمهم بها الرب مثل محاربة عماليق والكنعانيِّين فيلتزم بها كل الرجال دون استثناء. إذ يُنزع الخائفون وضعيفو القلب يقيم العرفاء رؤساء قادة مملوئين شجاعة ويقين في عمل الله معهم. يليق بنا هنا أن نميِّز بين الإنسان الذي يشعر بضعفه وعجزه، لكنَّه يثق في إمكانيَّات الله معه وبه، وبين الإنسان الخائر والضعيف القلب. فإن الله يعمل بقوَّة في الضعفاء، لكنَّه لا يسند من لا يثق فيه ويتَّكئ عليه. هذا الخوف ينبع عن فساد في الضمير، لذا قيل: "قدِّسوا رب الجنود فهو خوفكم وهو رهبتكم" (إش 8: 13). إن خطورة الخائرين تكمن في أنَّهم إذ يحتلُّون مراكز قياديَّة يبثُّون روح الإحباط في غيرهم، ويتسرَّب مرضهم إلى غيرهم، فلا يعملون عمل الرب ولا يتركون الآخرين يعملون. خطورة الخائرين أمَرّ وأقسى من الأعداء المقاومين للحق ولكنيسة المسيح، فعن الآخرين قيل أن الله يحكم عليهم بقضيب من حديد، أمَّا الخائرون فينزعون نعمة الله عن كثيرين ويحجبون قوَّته عنهم. يطالبنا السيِّد المسيح بأن نحسب النفقة قبل الدخول في أيَّة معركة، "وأي ملك إن ذهب لمقاتلة ملك آخر في حربٍ لا يجلس أولًا ويتشاور هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي عليه بعشرين ألفًا، وإلاَّ فما دام ذلك بعيدًا يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلح" (لو 14: 31-32). لقد أدرك إليشع النبي أن الذي معه أعظم من الذين عليه. وأخطأ داود النبي خطيَّة عظمى حينما حسب النفقة بحسابات بشريَّة، متجاهلًا عنصر الإيمان فقام بعمل تعداد لشعبه (2 صم 24: 2 إلخ.). غاية شريعة الحرب هذه هو تأكيد أنَّنا ننتسب لله، فما يحبُّه نحبُّه نحن، وما لا يطيقه من ظلمة وفساد ودنس يصير بالنسبة لنا عدوًا. ليس لنا شيء في ذواتنا. معاركنا هي معركة الله مع الظلمة. نحن لسنا طرفًا فيها، إنَّما نختفي في الله ليحارب هو بنا وفينا معلنًا نصرته الفائقة. |
![]() |
|