منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 10 - 09 - 2025, 07:28 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,359,593

المسيحيَّة والاهتمام بالعبيد


المسيحيَّة والاهتمام بالعبيد:

عالجت المسيحيَّة مشكلة نظام الرق بطريقة موضوعيَّة، إذ لم تشأ إثارة العبيد ضد سادتهم، الذين كانوا يمثِّلون في المملكة الرومانيَّة نصف تعدادها، ويذكر بليني أن أحد الأثرياء الرومان يدعى كلوديوس أسيدورس في أيَّام أغسطس ترك بين ممتلكاته 4116 عبدًا.
لم يأتِ العهد الجديد بأمر يمنع نظام العبوديَّة، ولا أصدرت الكنيسة في بدء نشأتها قوانين تُحرِّم العبوديَّة. لكن استطاعت المسيحيَّة بما قدَّمته من مفاهيم قويَّة وحيَّة عن الحب أن تهز كيان هذا النظام وتحوِّله من نظام يتَّسم بالظلم والعنف مع المذلَّة لتحمل السادة نحو الحب والترفُّق والحنو، كما رفعت من شأن العبيد لا ليثوروا مستخدمين العنف ضد سادتهم إنَّما طالبتهم بالطاعة (أف 6: 5-8؛ كو 3: 22-25؛ 1 تي 6: 1-2؛ 1 بط 2: 18-21)، فيشهدوا للمسيح الساكن فيهم.
جاءت حياة السيِّد نفسه ثورة عمليَّة ضد نظام العبوديَّة. صار كلمة الله الخالق عبدًا، لكي يحمل العبيد إلى البنوَّة. لقد أُسلم السيِّد المسيح مقابل ثلاثين من الفضَّة، بيع كعبد، فدخل إلى زمرة العبيد ولم يأنف منهم، بل قدَّس حياة المؤمنين منهم. هكذا إذ يرى العبيد في سيِّدهم إنَّه صار شريكًا لهم، يعيش بينهم كواحدٍ منهم، لا يستسلموا في مذلَّة، بل يروا أنَّه لن يستطيع أحد مهما بلغ غناه أو سلطانه أو عنفه أن يحطِّم نفسيَّتهم، إنَّهم شركاء السيِّد المسيح في حياته وآلامه. يحملون الحرِّيَّة الداخليَّة، لن يقدر كائن ما أن يحطِّمها أو ينزعها عنهم.
وإذ قبل كثير من السادة أصحاب العبيد الإيمان بالخالق المتجسِّد، الذي بإرادته ومسرَّة أبيه صار عبدًا، أخذوا أحد موقفين إمَّا تحرير العبيد أو التعامل معهم كاخوة أحباء حتى يقتنوا كل نفس لحساب ملكوت الله. كلا الاتِّجاهين دفع العالم نحو تحرير العبيد.
جاء السيِّد المسيح يوجِّه البشريَّة كلَّها نحو العبوديَّة الداخليَّة التي حطَّمت حرِّيَّة إرادتهم، قائلًا: "وتعرفون الحق والحق يحرِّركم... إن كل من يعمل الخطيَّة هو عبد للخطيَّة... إن حرَّركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو 8: 31-36).
في اعتزاز يدعو الرسول بولس نفسه عبدًا (رو 1: 1؛ تي 1: 1)، إذ يؤمن أنَّه قد بيع لمخلِّصه، وهو يقود حياته وكل تصرًّفاته حسب إرادته الإلهيَّة، يشعر المؤمن الحقيقي أنَّه بكامل حرِّيَّته يلقي بكل كيانه بين يديّ محبوبه ليُحرِّكه كيفما يشاء.
آمنت الكنيسة بإمكانيَّة تأثير حتى العبد على سيِّده خلال الحياة المقدَّسة في الرب.
فلا نعجب إن رأينا القديس يوحنا الذهبي الفم يقول للمستمعين في اجتماعاته: [إن كل واحد منهم يُعلِم الذين في الخارج أنَّه كان في صحبة السيرافيم. فالأب يعلِّم ابنه والأم ابنتها، وأيضًا العبد سيِّده. طالب مجمع غنغرا gangra أن يخضع العبيد لسادتهم في الرب، ويشهدوا للإنجيل الحيّ فيهم، ولا يحاولوا الهروب من السادة ولا استخدام العنف معهم].
لقد أكَّد الرسول بولس أنَّه ليس عبيد ولا سادة في المسيح يسوع (غلا 3: 28). لقد طالب كل من السادة والعبيد أن يتشبَّهوا بالسيِّد المسيح (أف 6: 5-9). عالج القدِّيس بولس الرسول مشكلة العبيد بمنظار إيماني، ففي الوقت الذي فيه طالب العبيد أن يُطيعوا سادتهم في الرب، وليس على حساب إيمانهم وخلاصهم، طالب السادة أن يحملوا نظرة جديدة نحو عبيدهم، بكونهم أخوة مساوين لهم، شركاء معهم في العبوديَّة لله سيِّد الجميع. طالبنا الرسول بولس بالخضوع للنظام البشري لكن في حدود إيمانيَّة، فيحمل العبد الشجاعة للاستشهاد إن طالبه سيِّده بما يُضاد خلاصه، ويُطالب السيِّد بتقدير العبد كأخ له.
لقد بدأ نظام الرق ينهار من جذوره، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسيَّة لهياج الدولة الرومانيَّة على الكنيسة المسيحيَّة، أمَّا سرّ اِنهياره فيكمن في الأسباب التالية:
أ. ألزمت الكنيسة أولادها أن يعاملوا العبيد كأخوة لهم (1 كو 7: 21-22؛ فل 1: 16؛ كو 3: 11).
ب. قدَّم لنا الرسول بولس مثلًا عمليًّا في رسالته إلى تلميذه فليمون، فقد ردَّ العبد الهارب أنسيمُس إلى سيِّده فليمون. وبعث معه رسالة تعتبر أروع ما يمكن أن يُكتب من رسول بخصوص عبدٍ هاربٍ سارقٍ، حيث اعتبر العبد الهارب اللص أنسيمُس بعد توبته أخاه، وابنه الذي ولده في القيود، وأحشاءه، ونظيره، والمعين له في الخدمة، كما سيم أسقفًا. كما جاء في الرسالة: "لأنَّه ربَّما لأجل هذا افترق عنك إلى ساعة لكي يكون لك إلى الأبد، لا كعبد في ما بعد بل أفضل من عبد أخًا محبوبًا ولا سيما إليَّ".
ج. إذ عاش بعض السادة بروح الإنجيل التزموا بتحرير عبيدهم بوازعٍ داخلي، دون وجود أمر صريح بذلك.
د. كثيرون ممَّن كانوا عبيدًا نالوا رتبًا عالية أو كرامة كنسيَّة سامية، من هؤلاء من هم شهداء مثل بلاندينا وبإبليس وفليكتاس، الذين تذكرهم الكنيسة كأبطال إيمان. ومن العبيد أيضًا سيم أساقفة مثل أنسيموس تلميذ القدِّيس الرسول بولس، إذ صار أسقفًا على Borea بمكدونيَّة؛ وكالستوس أسقف روما في القرن الثالث.
ه. شجَّعت الكتابات الكنسيَّة الأولى على اِنهيار هذا النظام. نذكر على سبيل المثال ما جاء في الديداكية: [لا تنتهر (بمرارة) عبدك أو أَمَتك اللذين يترجَّيان الله إلهك، لئلاَّ يفقدا مخافة الله، الذي هو فوق الكل، وليس عنده محاباة الوجوه].
يقول القدِّيسأكليمندس الإسكندري: [العبيد هم أناس مثلنا].
ويقول الأب لاكتانتيرس: [العبيد ليسوا عبيدًا لنا، لكنَّنا نحسبهم اخوة في الروح، وهم عبيد شركاء معنا في الدين].
كما جاء في كتابات القدِّيس أغناطيوس الأنطاكي: [لا تحتقر العبيد، ولا تدعهم ينتفخون في كبرياء، بل بالأحرى يتَّضعون لأجل مجد الله(165)].
واعتبر القديس أغسطينوسأن ظهور العبوديَّة إنَّما هو ثمرة الخطيَّة، فإن المقاصد الإلهيَّة لا تقبل أن يملك إنسان على زميله الإنسان ويسيطر عليه. ونادى القديس يوحنا ذهبي الفم بذات الفكرة، حيث قال: [إن العبوديَّة ظهرت فقط حينما سقط كنعان تحت اللعنة (تك 9: 25)].
حثَّ القديس يوحنا الذهبي الفم، وهو معاصر القديس غريغوريوس أسقف نيصص، المسيحيِّين ألاَّ يقتني أحد أكثر من عبدين لخدمة بيته وليس لإذلالهما.
لقد تحدَّث القديس يوحنا الذهبي الفم عن عشرات السادة الذين اقتنوا ألفًا من العبيد، وبعض السادة في إنطاكيَّة لديهم المئات منهم. ويوضِّح القديس يوحنا الذهبي الفم أن العبوديَّة ليست في خطَّة الله الأصليَّة.
يُعلن اللاهوتي الكبادوكي القدِّيس غريغوريوس النزينزي أن العبوديَّة هي تمييز أثيم، ومع ذلك فهي جزء من الواقع الحاضر.
وبنفس الروح يقول القدِّيس باسيليوس الكبير: [إنَّه ليس أحد بالطبيعة عبدًا. لكنَّه في نفس الوقت لم يطلب مقاومة نظام المجتمع، إذ يقول: [وإن كان إنسان ما يُجعل سيِّدا والآخر عبدًا، مع هذا فخلال نظرتنا الخاصة بالمساواة في الرتبة، نحن جميعًا قطيعًا لخالقنا، اخوة عبيد].

رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أعطني ذهبا جديدا هب ليا فكرا يليق بالبنين لا بالعبيد
في العَنْصَرة المسيحيَّة مع العنصرة اليهودية
تقليد الجماعة المسيحيَّة الأولى
كان الأغنياء يحتفظون بالعبيد والجواري في بيوتهم لخدمتهم
ما هو مضمون الدَيْنونَة في المسيحيَّة؟


الساعة الآن 01:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025