![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() ولكِن إِذا دُعيتَ فامَضِ إلى المَقعَدِ الأَخير، واجلِسْ فيه، حتَّى إِذا جاءَ الَّذي دَعاكَ، قالَ لكَ: قُمْ إلى فَوق، يا أَخي. فيَعظُمُ شَأنُكَ في نَظَرِ جَميعِ جُلَسائِكَ على الطَّعام. "المَقعَدِ الأَخِير" هُوَ رَمزٌ لِلتَّواضُع. إِنَّهُ النِّعمَةُ الَّتي تُذَكِّرُنا أَنَّ المَركَزَ في نَظَرِ اللهِ هُوَ الخِدمَة. فَالمَسيحُ يُعَلِّمُنا أَن نَصيرَ مِثلَهُ مُتَواضِعينَ، فَنختارَ المَكانَ الأَخِير؛ وَهُناكَ، في المُتَّكَإِ المُتَواضِع، نَجِدُ المَسيحَ حاضِرًا بِجانِبِنا، لأَنَّهُ هُوَ نَفسُهُ: "اتَّخَذَ صُورَةَ العَبد" (فيلبِّي 2: 7). إِذا دَعانا الرَّبُّ إِلى المَقعَدِ الأَخِير، فَذلِكَ لأَنَّهُ سَبَقَنا إِلَيهِ، وَيُريدُنا أَن نَحمِلَ سِماتِهِ فينا كَي نَلتَقِيَ بِهِ عَلى مِثالِهِ. فَالسَّعيُ نَحوَ المُتَّكَإِ الأَخِير لَيسَ ضُعفًا أَو شُعورًا بِالنَّقص، بَل هُوَ تَعبيرٌ عَن حُبٍّ حَقيقيٍّ لِلمَسيحِ الَّذي اختارَ الأَخِير. وَيُعَلِّقُ القِدِّيسُ يُوحَنّا الذَّهَبِيُّ الفَم قائِلًا: "رَفَضَ يَسوعُ طَلَبَ الأَماكِنِ المُرموقَة، وَإِنَّما بَحَثَ عَنِ الأَماكِنِ المُتَضِعَة". الطَّبيعَةُ البَشَرِيَّةُ تَميلُ إِلى المَراتِبِ الأُولى. وَهَذا ما ظَهَرَ بُلوغًا في مَوقِفِ الرُّسُلِ الَّذينَ: "وَقَعَ بَينَهُم جِدالٌ: مَن هُوَ الأَكبَرُ فيهِم؟" (لوقا 22: 24). فَأَجابَهُم يَسوعُ قائِلًا: "أَمَّا أَنتُم فَلَيسَ الأَمرُ فيكُم كَذلِكَ، بَل لِيَكُنِ الأَكبَرُ فيكُم كَأَنَّهُ الأَصغَر، وَالمُتَرَئِّسُ كَأَنَّهُ الخادِم" (لوقا 22: 26). وَنَجِدُ المُشكِلَةَ ذاتَها في الجَماعَةِ المَسيحيَّةِ الأُولى، إِذ يُوبِّخُ يَعقوبُ الرَّسُولُ المُؤمِنينَ قائِلًا: "إِذا دَخَلَ مَجمَعَكُم رَجُلٌ عَلَيهِ ثِيابٌ بَهِيَّة … وَدَخَلَ أَيضًا فَقيرٌ عَلَيهِ ثِيابٌ وَسِخَة … فَقُلتُم لِصاحِبِ الثِّيابِ البَهِيَّة: اجْلِسْ هُنا في الصَّدر، وَقُلتُم لِلفَقير: قِفْ أَوِ اجْلِسْ عِندَ مَوطِئِ قَدَمَيَّ» (يَعقوب 2: 1-3). |
![]() |
|