الله يطلب ختان القلب "فاختنوا غرلة قلوبكم، ولا تصَلِّبوا رقابكم بعد" [16].
واضح أن الله منذ العهد القديم لا يطلب من فرائضه ووصاياه ممارسات جسدية بحتة، بل يطلب ما يمس كياننا الداخلي. فإن كان قد وضع ختان الجسد علامة قبول الميثاق مع الله، فإن ما يطلبه هو ختان القلب والروح. لا يطلب بتر جزء من جسم الإنسان، بل بتر جذور الفساد والخطية من أعماق النفس. بختان القلب يمكن للمؤمن أن يتمم الوصية العظمى التي هي الاستماع لله والحب له من كل القلب ومن كل النفس ومن كل القوة، وبهذا يتمم كل الناموس. وكما يقول الرسول بولس: "لأن اليهودي في الظاهر ليس هو يهوديًا، ولا الختان الذي في الظاهر في اللحم ختانًا، بل اليهودي في الخفاء هو اليهودي، وختان القلب بالروح لا بالكتاب هو الختان" (رو 2: 28-29).
يربط النبي بين ختان القلب وعدم تصلب الرقبة، لأن من يقبل الختان الروحي، ويمارس بالروح الموت عن شهوات الجسد تنحني أعماقه بالطاعة لله في فرح شديد، ويكون الإنسان مستعدًا في الداخل لحمل نير المسيح بلذةٍ وشوقٍ.