صلاة يسوع للوحدة
يَمْتَدُّ طَلَبُ يَسُوعَ فِي صَلاتِهِ الْكَهَنُوتِيَّةِ مِنَ الصَّلاةِ لِأَجْلِ ذَاتِهِ، إِلَى الصَّلاةِ مِنْ أَجْلِ تَلامِيذِهِ، وَأَخِيرًا إِلَى الصَّلاةِ مِنْ أَجْلِ الْكَنِيسَةِ الْجامِعَةِ: "لا أَدْعو لَهُمْ وَحْدَهُمْ، بَلْ أَدْعو أَيْضًا لِلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي عَنْ كَلامِهِمْ" (يُوحنا 17: 20).
يُصَلِّي يَسُوعُ إِذًا مِنْ أَجْلِ جَمِيعِ الَّذِينَ سَيُؤْمِنُونَ بِهِ عَبْرَ شَهادَةِ الرُّسُلِ وَتَلامِيذِهِمْ، بِمَنْ فِيهِمْ نَحْنُ الْيَوْمَ، طالِبًا لَهُمُ الْوَحْدَةَ وَمُعايَنَةَ مَجْدِهِ. إِنَّ أَعْظَمَ رَغْبَةٍ يَطْلُبُها يَسُوعُ لِكَنِيسَتِهِ هِيَ أَنْ تَكُونَ واحِدَةً. غَيْرَ أَنَّ هذِهِ الْوَحْدَةَ هِيَ عَطِيَّةٌ سَماوِيَّةٌ تَنْزِلُ مِنَ الآبِ، كَما وَرَدَ فِي تَعْلِيمِ يَعْقُوبَ الرَّسُولِ: "كُلُّ عَطِيَّةٍ صالِحَةٍ، وَكُلُّ هِبَةٍ كامِلَةٍ تَنْزِلُ مِنْ عَلُ، مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوارِ"(يَعقوب 1: 17). لِذا يَجِبُ أَنْ تُطْلَبَ مِنْهُ بِالصَّلاةِ. فَمِنْ عِنْدِ الآبِ السَّماوِيِّ يَطْلُبُ يَسُوعُ أَنْ يَكُونَ أَتْباعُهُ مُتَّحِدِينَ كَشَهادَةٍ حَيَّةٍ عَلى مَحَبَّةِ اللهِ. وَبِالْعَمَلِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الآبِ وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ، يَصِيرُ الْمُؤْمِنُونَ واحِدًا (رَاجِعْ أَفَسُس 3: 14–20).
وَقَدْ كانَتْ هذِهِ الْوَحْدَةُ مِنْ أَوْلَوِيَّاتِ يَسُوعَ، كَما جاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَر: "وَلِي خِرافٌ أُخْرَى لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، فَتِلْكَ أَيْضًا لا بُدَّ لِي أَنْ أَقُودَها، وَسَتُصْغِي إِلى صَوْتِي، فَيَكُونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدَةٌ وَراعٍ واحِدٌ" (يُوحنا 10: 16). وَيُضَحِّي يَسُوعُ بِحَياتِهِ مِنْ أَجْلِ هذِهِ الْوَحْدَةِ، كَما أَعْلَنَ قَيافا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ: " إِنَّ يَسُوعَ سَيَمُوتُ عَنِ الأُمَّةِ، وَلا عَنِ الأُمَّةِ فَقَط، بَلْ لِيَجْمَعَ أَيْضًا شَمْلَ أَبْناءِ اللهِ الْمُشَتَّتِينَ" (يُوحنا 11: 51–52). وَصارَ الْمَسِيحُ رَأْسًا لِلْكَنِيسَةِ، كَما يُؤَكِّدُ بُولُسُ: "لِيَجْمَعَ تَحْتَ رَأْسٍ واحِدٍ، هُوَ الْمَسِيحُ، كُلَّ شَيْءٍ، ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرْضِ" (أَفسس 1: 10).