* موسى النبي كان متألمًا وصلى بهدوء وتواضعٍ، فسمع الله له، ولهذا قال له الله: "ما لك تصرخ إليَّ" (خر 14: 15).
وحَنَّة أيضًا لما كان صوتها غير مسموع، تحقق لها كل ما أرادت. "وإذ كان قلبها يصرخ" (1 صم 1: 13).
وهابيل لم يصلِّ وهو صامت بل وهو يحتضر! وكان صراخ دمه أقوى وأشد من صوت البوق (تك 4: 10). فهل تئنون أنتم أيضًا مثل هذا القديس. أرجو ألا يكون جوابكم بالنفي. ومثلما يأمرنا النبي: "مزقوا قلوبكم لا ثيابكم" (يؤ 2: 13). عليكم أن تصرخوا من الأعماق إلى الله، لأنه مكتوب: "من الأعماق صرخت إليك يا رب" (مز 130: 1).
إذن من العمق من القلب أخرج صوتًا واجعل صلاتك سرية. ألا تعلمون أنه في قصر الملك الأرضي تسكن كل جلبة، ويرنو صمت في المكان العظيم. أنتم أيضًا، تصرَّفوا هكذا بلياقة عظيمة وأنتم تدخلون إلى قصر ليس على الأرض، بل هو مهيب أكثر، الذي هو في السماء. أجلّ، لأنكم منضمُّون إلى طغمات الملائكة ورؤساء الملائكة وتشتركون مع السيرافيم، وكل هذه الطغمات تُظهر نظامًا صالحًا جدًا، مرنمة في رعدة عظيمة ذلك اللحن السري (الصوفي) وترانيمها المقدسة لله ملك الجميع، فامتزجوا إذن مع هؤلاء حينما تصلون واقتدوا بترتيبهم السري.
لأنكم لا تصلون للناس بل إلى الله، الحاضر في كل مكان، الذي يسمع حتى قبل خروج الصوت، الذي يعرف أسرار ذهنكم. فإن صليتم هكذا، فما أعظم ما تنالونه من أجر، "فأبوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية" (مت 6: 6). ولم يقل: "سيعطيك مجانًا"، بل قال: "سيجازيك". أجل، لأنه قد جعل نفسه مدينًا لك، وبهذا كرَّمك تكريمًا عظيمًا. فلأنه هو نفسه غير منظور، سيجعل صلاتك هكذا تكون أيضًا.
القديس يوحنا الذهبي الفم